أخيرا أعلنت حكومة «د. حازم الببلاوي» أن جماعة الإخوان جماعة إرهابية مع حظر جميع أنشطتها وتوقيع العقوبات المقررة قانونا على من ينضم إلى الجماعة أو التنظيم أو استمر عضوا فيها بعد صدور القرار، فضلا عن إخطار الدول العربية المنظمة لاتفاقية مكافحة الإرهاب لعام 1998 بهذا القرار. ويأتى القرار تنفيذا لمطالب العديد من القوى السياسية والمنظمات الحقوقية بعد تزايد جرائم الجماعة فى حق الشعب وبعد حالات الاغتيالات الأخيرة والتفجيرات.. وأيضا بعد رفع عدد من الدعاوى القضائية التى تطالب بإدراج الجماعة على قائمة التنظيمات الإرهابية محليا ودوليا ومنها الدعوى التى رفعها حزب التجمع ضد حازم الببلاوى الذى تباطأ فى اتخاذ هذا القرار وكذلك الدعاوى التى رفعها حمدى الفخرانى وخالد الدسوقى المحامي. والسؤال الذى نريد أن توجهه إلى حكومة «د. الببلاوي» هو: هل هذا القرار وحده كاف لمواجهة إرهاب الجماعة المتصاعد؟ وما هى آليات تنفيذه على أرض الواقع؟ وهل قامت وزارة الخارجية بمخاطبة الدول العربية والأجنبية وطالبتهم بملاحقة كل من ينتمى إلى هذه الجماعة أو يمولها؟ وما هو المخرج القانونى فى حالة عدم قبول القرار من قبل الدول الأجنبية؟! جماعة إرهابية أكد الفقيه الدستورى «عصام الإسلامبولي» أن قرار مجلس الوزراء تأخر كثيرا فرغم أن الجماعة استندت إلى أساليب الإرهاب ضد الشعب بكل طوائفه وجرائمها كانت لا تحتاج إلى دليل وكانت هناك رغبة من جميع طوائف الشعب لإدراجها كجماعة إرهابية إلا أن القرار تأخر كثيرا. وأشار إلى أن القرار استند إلى المادة 86 من قانون العقوبات المصرى التى تعرف الإرهاب بأنه كل من استخدم العنف أو القوة أو التهديد أو الترويج الذى يلجأ إليه الجانى تنفيذا لمشروع إجرامى فردى أو جماعى بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع إلى الحظر أو إيذاء الأشخاص أو تعريض حرياتهم وأمنهم للخطر.. وفى المادة (86) تم النص على أن أى تنظيم قائم بطريقة غير قانونية وقام بالأعمال التى سبق ذكرها فى المادة 86 يتم تصنيفه على إنه جماعة إرهابية. آليات المواجهة وحول آليات مواجهة جماعة الإخوان الإرهابية بعد صدور القرار قال «الإسلامبولي» إن قانون العقوبات به من النصوص الكافية لمواجهة الإرهاب لافتا إلى أن قرار مجلس الوزراء يمنح الحق للدولة بمواجهة هذا التنظيم بكل حسم ويجرم أى إنسان ينتمى إلى هذه الجماعة وأى شخص يخضع لهذا التنظيم يعتبر منضما لجماعة إرهابية ويخضع للقانون ويتم الحكم عليه بخمس سنوات سجن أما إذا تورط فى أحد أعمال العنف فتكون العقوبة بالسجن المشدد وتصل إلى الإعدام وفقا لقانون العقوبات. وأوضح «عصام الإسلامبولي» أنه وفقا للقرار تتم مصادرة أموال الجماعة وقياداتها وحظر عملهم بالسياسة مشيرا إلى أن القرار سليم من الناحية القانونية لأنه يستند إلى نص المادة 86 فضلا عن حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة الذى نص بحل جمعية الإخوان. غير ملزم أما السفير «رضا حسن رضا» – عضو المجلس المصرى للشئون الخارجية – فقال: إن هذا القرار جعل الجماعة خارجة عن إطار الشرعية وحظر على أعضائها ممارسة العمل السياسى أو القيام بالتظاهرات ويطبق على كل عضو ينتمى إلى هذا التنظيم مواد القانون الجنائى حتى من يرفع إشارة الماسونية «رابعة». وأشار «رضا حسن» إلى أن القرار غير ملزم للدول العربية أو الأجنبية حتى الدول العربية التى وقعت اتفاقية مكافحة الإرهاب فهو غير ملزم لها ولكن على الحكومة المصرية أن تتخذ كل الإجراءات التى يتم بها إدراج الإخوان كجماعة إرهابية دوليا مؤكدا أهمية دور وزارة الخارجية فى مخاطبة الدول العربية الموقعة على الاتفاقية لحظر التعامل مع قيادات وأعضاء هذه الجماعة وعدم مساعدتهم ماديا وأن تقوم الحكومة المصرية بتوثيق كل انتهاكات وجرائم الإخوان الإرهابية التى ارتكبتها فى حق الشعب المصرى وتتقدم بها إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن لإقناعهم بشرعية هذا القرار، خاصة أن تاريخ الجماعة ملئ بالعنف والاغتيالات والتفجيرات. مذكرة تفصيلية وانتقد حجاج نايل – مدير البرنامج العربى لنشطاء حقوق الإنسان – حكومة «د. الببلاوي» التى أصدرت قرارا بأن الجماعة الإرهابية دون أن تصدر مذكرة تفصيلية لهذا القرار توضح كيف سيتم تنفيذه على أرض الواقع؟ بعيدا عن الكلام الذى نسمعه فى الإعلام من مصادرة أموالها ومعاقبة كل من ينتمى إليها.. فهذا كلام مرسل وغير قانوني. وانتقد «نايل» القرار الحكومى من زاوية أنه لا ينبغى التعميم ووصف كل من ينتمى إلى الجماعة بأنه إخوانى أو إرهابى وحرمانهم من العمل السياسى لأن هذا سوف يدفعهم للنزول تحت الأرض من جديد خاصة أن الجماعة تمتلك السلاح وهو الأمر الذى ينذر بمزيد من العنف. إرهاب منظم وأكد «نايل» أن عنف الجماعة هو بالفعل إرهاب منظم يستهدف الجميع وبالفعل الجماعة ارتكبت العديد من الجرائم الإنسانية ولكن هذا العنف كان يمكن مواجهته بالعديد من الطرق منها ما هو قانونى أو اقتصادى أو سياسى مشيرا إلى أن التحسن فى الوضع الاقتصادى والسياسى يساهم فى مكافحة الإرهاب، وعندما تكون لدينا قوانين ناجزة تطبق على الجميع وتحترم مبدأ سيادة القانون يمكن وقتها التصدى للإرهاب فالإرهاب سيتطلب مواجهته اقتصاديا وسياسيا وأمنيا وليس مجرد إصدار قرار بأن الجماعة إرهابية. تعاطف الجماعات الإرهابية وأوضح «نايل» أن هذا القرار أدى إلى تعاطف الجهادية السلفية والعديد من تيارات الإسلام السياسى مع جماعة الإخوان مثل تنظيم بيت المقدس وكل القوى الإرهابية وهو الأمر الذى أدى إلى مزيد من العنف ويتوقع نايل أن تشهد مصر مزيدا من العمليات الإرهابية. وطالب بأن تتم مواجهة الإرهاب من خلال مشاركة المجتمع ككل خاصة ونحن فى لحظة فارقة تتطلب دعوة الأحزاب والنقابات والجمعيات إلى مشاركة مجتمعية واسعة، وطالب أيضا بالابتعاد عن العقلية التى حكمت مصر فى عهد مبارك والتى كانت تتعامل مع الإرهاب من منظور أمنى فحسب مؤكدا أن التعامل الأمنى لن ينهى العنف. تفعيل القرار أما د. «طارق فهمي» – أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة – فأكد أن هناك فرقا كبيرا بين التعامل الرسمى أو الحكومى مع الجماعة واعتبارها جماعة إرهابية داخل مصر استنادا على نص المادة 86 من قانون العقوبات وبين آليات التنفيذ مؤكدا أن آليات التنفيذ ليست مجرد خيارات أمنية بمعنى ملاحقة قيادات الجماعة والمنتمين إليها أو الحزب والجريدة الخاصة بهم، أو المنافذ الإعلامية والسياسية مشيرا إلى أن هذه الأمور ترتكز على البعد الأمنى أكثر من البعد السياسي. وأوضح «د. طارق فهمي» أن المشكلة الآن هى تفعيل نص القرار بمعنى أن ينتقل من الداخل إلى الخارج فنحن نتعامل مع الجماعة بأنها إرهابية وصدرت ضدها دعاوى قضائية ولكن العالم يتكلم معها بلغة مختلفة، فالغرب ينظر إلى ما نسميه الأسانيد القانونية لإثبات صحة إرهاب الجماعة. وقال "د. طارق" كان يجب أن يصدر القرار من النائب العام الذى ينوب عن المجتمع المصرى الآن خاصة أنه لا يوجد حكم قضائى واحد يقضى بأن الجماعة إرهابية وبالتالى نحن ننتظر الأحكام القضائية التى تقضى بذلك مشيرا إلى وجود عدد من الدعاوى القضائية التى تطالب بإدراج الجماعة كتنظيم إرهابى ونحن ننتظر الحكم فى هذه الدعاوى كبداية أولية للتعامل مع الجماعة كحركة إرهابية. كيان خارجي وعلى المستوى الخارجى أكد "د. طارق فهمي" أن المجتمع الدولى يتعامل مع الجماعة بأنها لاتزال موجودة وهذا يسبب لنا مشكلة حقيقية خاصة أن التنظيم الخارجى للإخوان يتواجد فى عواصم أوروبية وفى الولاياتالمتحدة وربما يمثل هذا الموقف دعوة مفتوحة للإخوان المسلمين بتشكيل كيان خارج مصر ويروج بأن ما جرى فى مصر ليس تحولا سياسيا وديمقراطيا ولكنه خروج عن الشرعية. وأضاف أن رفض الاتحاد الأوروبى والولاياتالمتحدة للقرار المصرى يصب فى خدمة الإخوان ويدفعهم إلى الاتجاه فى هذا الإطار ويعتقد "د. طارق" أن ترحيب الدوائر الأوروبية خاصة لندن وباريس بالتعامل مع الجماعة وعناصرها وقيادتها ورفضهم الاقتراب من مصادر أموالهم وما إلى ذلك سوف يسبب مشكلة لحكومة "د. الببلاوي". وحول الخروج من هذا المأزق أكد "د. طارق فهمي" إما بصدور قرار من النائب العام كما ذكرت لأنه ينوب عن الشعب بأن الإخوان جماعة إرهابية وهذا حل مؤقت إلى أن تصدر أحكام قضائية تقضى بذلك وتعتبر هذه الأحكام بمثابة أسانيد قانونية ترتكز عليها عند مخاطبة الغرب.