انتهت لجنة الخمسين من صياغة مسودة الدستور الجديد فى الموعد المقرر لها، وبإحالته إلى رئيس الجمهورية المؤقت، تبدأ عملية الاستفتاء عليه بإعلان موعد محدد للاستفتاء، والواقع أن مشاركة أكبر عدد من المواطنين فى الاستفتاء، بصرف النظر عن النتيجة، يعتبر مؤشرا لاهتمام المصريين بإتمام مراحل خارطة المستقبل التى وضعت فى يوليو 2013، ويتكون مشروع الدستور من ديباجة وخمسة أبواب مقسمة إلى فصول ويبلغ عدد مواد الدستور 247 مادة، موزعة على أبوابه الخمسة الباب الأول عن الدولة والثانى عن المقومات الأساسية للمجتمع والثالث عن الحقوق والحريات والرابع عن سيادة القانون والخامس عن نظام الحكم. وأود أن يتوقف القارئ العزيز معى عند آخر فقرتين فى الديباجة، لما لهما من دلالة كبيرة، نص الفقرتين: «نحن الآن نكتب دستورا يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة حكمها مدني وليؤكد أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع كما جاء فى الأحكام المطردة للمحكمة الدستورية العليا وهى الجهة المختصة وحدها بتفسير مواد الدستور فى أحكامها، نكتب دستورا يصون حرياتنا، ويحمى الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدتنا الوطنية، نحن المواطنات والمواطنين، نحن الشعب المصرى السيد فى الوطن السيد، هذه إرادتنا وهذا دستور ثورتنا». كثيرة هى المواد التى تحتاج إلى مناقشة، ولكنى سأتوقف اليوم عند ثلاث مواد فقط، لأنها أساس تكوين المواطن أو الشعب حتى يكون سيدا فى وطن سيد كما جاء فى الديباجة، المادة 18 تنص على أن «لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة..» وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج الإجمالى تتصاعد تدريجيا لتوافق مع المعدلات العالمية، ونسبة ال 3% قد تكون مقبولة كبداية إذا أخذنا فى الاعتبار أن نصيب الصحة من الناتج الإجمالى فى موازنة 2013/2014 أقل من 2% ورفعها إلى 3% كما جاء بالدستور يعتبر نقلة كبيرة، وإن كانت متواضعة بالمعدلات العالمية. المادة 19 تنص على أن التعليم حق لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج الإجمالي، وجدير بالذكر أن ما خصص للتعليم فى موازنة 2013/2014 يبلغ 4%، وبالتالى فإن الدستور لا يغير من هذا الوضع تغييرا جذريا، حتى وإن نصت المادة 19 على رفع. هذه النسبة تدريجيا، بصراحة، لم أتوقع من دستور الثورة أن يستهدف ما هو قائم بالفعل والذى هو دون المطلوب بكثير ويرتبط بالتعليم قضية الأمية، وهنا تنص المادة 25 على أن تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء عليها خلال مدة زمنية محددة، هذا نفس الكلام الذى ورد بالدساتير السابقة، وليس فيه جديد وأخشى أن تبقى الأمية كما هي، عار وطنى بكل المقاييس، وللحديث عن الدستور بقية.