تفاقمت مشاكل التعليم بمصر في مستوياته المختلفة، التعليم الأساسي والثانوي العام والفني والجامعي، وتآكلت مجانية التعليم أمام هجوم التعليم الخاص والأجنبي، والأقسام المتميزة واللغات في الجامعات الحكومية، وأصبحت شعارات العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص التعليمية في خبر كان، وتحول التعليم إلي حقل تجارب تتغير أنظمته مع كل وزير جديد وكل حكومة جديدة، فقد خاطب المجلس الأعلي للجامعات وزارة التربية والتعليم لزيادة درجات الثانوية العامة لتصبح 4 آلاف درجة بدلا من 400 درجة، هذا المقترح طرح من قبل في أثناء وزارة الدكتور مصطفي مسعد وزير التعليم العالي والدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم بزيادة درجات الثانوية العامة إلي 2000 درجة، وذلك بناء علي اقتراح من الدكتور أحمد فرحات المشرف علي تنسيق القبول بالجامعات، وذلك بهدف الحد من اشتراك الطلاب في الحد الأدني للقبول بالجامعات وتقليل عدد الملتحقين بالجامعات، وكانت هذه حلقة جديدة من خطة القضاء علي مجانية التعليم، إلا أن الوقت لم يسعفهم لتطبيق هذا المقترح، يعيد الدكتور أحمد فرحات إنتاج هذه الخطة، من جديد عن طريق المجلس الأعلي للجامعات، ولكن وزير التربية والتعليم يري أن مقترح الأعلي للجامعات تم دون دراسة وأنه لن يصدر رأيا منفردا حول هذا المقترح، وسيشكل لجنة من خبراء التربية لدراسة هذا المقترح والوقوف علي سلبياته وإيجابياته، مشيرا إلي أن هناك مشروعا للثانوية العامة كان قد قام بإعداده منذ كان رئيسا لقطاع التعليم الفني سابقا، موضحا أن المشروع يتضمن إلغاء التشعيب في الثانوية العامة، وتقسيمها إلي مجموعات «طبية وهندسية وفنية وأدبية»، علي أن يدرس الطالب 6 مواد في الثانوية العامة بالإضافة إلي مادتين مؤهلتين لكل مجموعة للالتحاق بالكلية، ويحق للطالب أن يختار مجموعتين ل 4 مواد مؤهلة يذاكرهما خلال شهرين، والمشروع يتضمن الربط المشترك بين التعليم العام والفني، وربط التخصصات والمواد الدراسية بسوق العمل، بالإضافة إلي أن الشهادة منتهية الصلاحية بعد خمس سنوات، وتكون الثانوية مرحلة واحدة لا مرحلتين، مع الإبقاء علي مكتب التنسيق مشيرا إلي أنه سيعرض المشروع علي الحكومة بعد استقرار أوضاع البلاد. فهل رفع الدرجات قرار شكلي لتقليل أعداد الطلاب الملتحقين بالجامعات؟ وهل هذا المقترح يمس من قريب أو بعيد تطوير العملية التعليمية؟ وهل الدولة لديها هدف واستراتيجية لتطوير التعليم؟ خبراء التعليم يجيبون عن هذا التساؤل.. التعليم لعبة كل وزير د. محمد سكران الأستاذ بكلية التربية جامعة الفيوم يشير إلي أن مشاريع تطوير التعليم في مصر مليئة بالبدع وأصبحت لعبة كل وزير ولو كان في حكومة مؤقتة، ولذلك يقترح ولاة أمور تعليمنا زيادة عدد الدرجات الامتحانية للطلاب كنوع من العلاج النفسي للطالب الذي لا يلتحق بالكلية التي يرغب فيها بسبب نقص نصف درجة، فقالوا نرفع الدرجات الامتحانية حتي يصل الفرق حوالي 5 درجات بدلا من درجة وساعتها سوف لا يشعر الطالب بالحزن أو الغضب. الحد من التعليم الجامعي ويتساءل د. سكران هل يدخل رفع الدرجات ضمن تطوير التعليم الجامعي أو ما قبل الجامعي، وهل يؤدي إلي تطوير المناهج وطرق التدريس وتوفير الوسائل الحديثة.. لا إجابة؟ بالضبط كما حدث أيام الوزارة الإخوانية واقتراح مواد مؤهلة للقبول بالجامعات وغيرها من البدع التي لا تستهدف سوي الحد من القبول بالجامعات، ولو كان عن طريق تزييف الوعي والضحك علي الدقون، كما كان يفعل النظام قبل ثورة 25 يناير. باختصار التعليم بحاجة إلي تحديد أهدافه واستراتيجيته ووضع خطط واضحة للتطوير بإشراك خبراء التربية، وبحاجة إلي توفير الأموال لذلك، وإلي إرادة في التغيير والتطوير من أجل بناء مصر، بدلا من البحث بكل السبل للقضاء علي مجانية التعليم، وحرمان الفقراء من حقهم في فرص تعليمية متكافئة وقيام الدولة بدورها في رعاية هذا الحق. ويري د. شبل بدران – الأستاذ بكلية التربية جامعة الإسكندرية – أن زيادة الدرجات لن تؤثر علي درجات الطلاب، لأن المادة إذا كانت من 50 درجة وتمت زيادتها إلي 100 أو 500 درجة فهي، لأن السؤال الذي كان من 5 درجات سوف يصبح من 20 أو 30 درجة، وتقليل الرقم أو زيادته من عدمه لا فرق، وأنا غير فاهم في الحقيقة الحكمة من وراء هذه الزيادة غير المبررة في مجموع الثانوية العامة، فهناك عدد معروف وثابت لطلبة الثانوية يزيد أحيانا، وهناك أماكن في الجامعات كما هي في الأعوام السابقة، وهذا يعني أن تقليل الدرجات أو زيادتها لن يؤثر علي عدد الطلاب المقبولين بالجامعات، واحتمال أنهم يقصدون الحد من المجموع التكراري للطلبة، ولنفرض أن هناك ألف طالب يشتركون في المجموع التكراري سواء في المجموع الأعلي أو الأقل وهم يريدون الحد من ذلك احتمال، لأن الطالب الذي كان سيحصل علي 95% أو 80% أو 70% سوف يحصل عليها لأنه كما قلت ليس هناك أي فرق فدرجة السؤال بدلا من 5 درجات سوف تصبح 50 مثلا، ولنفرض أنه بهذه الزيادة أصبح أعلي مجموع في الثانوية هو 80% مثلا فسوف تكون كليات القمة طبقا لهذا المجموع، وأتمني أن يوضح لنا المجلس الأعلي للجامعات الحكمة من هذه الزيادة والهدف منها. قلة الأماكن في الجامعات ويؤكد د. بدران أن أي مشاريع جديدة لتطوير الثانوية العامة لن تؤدي إلي حل، وسيظل التطاحن والتناحر والطلب علي الدروس الخصوصية من أجل الحصول علي المجموع الأعلي للالتحاق بالجامعات، طالما ظلت الفرص المتاحة بالجامعات لا تلبي الطلب المتزايد علي التعليم الجامعي، وطالما لم تتوسع الدولة في التعليم العالي بما يتوازي مع عدد الطلبة، ببناء جامعات جديدة تكفي لاستيعاب الطلاب، وأي كلام عن تطوير دون ذلك فهو مجرد مهاترات. وأضاف د. بدران أن الوزير أعلن أنه سيشكل لجنة من الخبراء لدراسة مقترح الأعلي للجامعات، ويتساءل هو لماذا لم يستعن بأي خبراء سوي أساتذة جامعة عين شمس مع أن هناك 30 كلية تربية في مصر وبها خبراء تعليم فلماذا؟