ولحكايتي مع صفية زغلول حكاية قررت أن أرويها ليس لمجرد التسلية دائما لإيضاح حقيقة موقف المتأسلمين من المرأة وقضية تحريرها فقد كانوا وعلي الدوام أعداء للمرأة وأعداء لحقوقها وأعداء لقادة معركة تحريرها. وفي مؤتمر دولي لبحث العلاقة بين علم التاريخ والإنترنت كان هناك رأي يري أن الإنترنت قد أجهز علي علم التاريخ حيث يستطيع الباحث بلمسة من إصبعه علي مواقع الإنترنت أن يستجمع ما يشاء من معلومات تاريخية تكفيه عناء البحث في الكتب والصحف والوثائق، أما أنا فقد قدمت ورقتين ورقة عن تاريخ صفية زغلول ونضالها ومعاركها ودورها وورقة أخري دسها متأسلم علي الإنترنت عن تاريخ صفية زغلول وفيها معلومات خاطئة ومكذوبة وتحليلات تستثير القرف، وقارنت بين الورقتين وكيف أن الإنترنت قد يحمل بل هو يحمل في كثير من الأحيان معلومات تاريخية خاطئة ويبقي دور المؤرخ أبديا ليحمي علم التاريخ من غزوات المغرضين والمتأسلمين، وحسمت هذه المساهمة المعركة وانتحت بالمؤتمر ناحية جديدة وهي ضرورة تفعيل دور المؤرخ في إنقاذ علم التاريخ من سقطات الإنترنت حيثما وجدت. أما ورقة المتأسلم عن صفية زغلول فسوف أقدم للقارئ نماذج منها لتوضح مدي عداء المتأسلمين لقضية تحرير المرأة.. ووضاعة الأسلوب الذي استخدمته وتبدأ «صفية زغلول مرات سعد زغلول وبنت مصطفي فهمي باشا الأرستقراطي وفور زواجها تسمت باسم زغلول التزاما بالتقليد الغربي، ويمكن القول إنها مؤسسة حركة تحرير المرأة وهي حركة علمانية نشأت في مصر أولا ثم انتشرت في أرجاء البلاد الإسلامية لتدعو إلي تحرير المرأة من الآداب الإسلامية والأحكام الشرعية الخاصة بها مثل الحجاب وتقييد الطلاق، ومنع تعدد الزوجات والمساواة في الميراث وتقليد المرأة في كل أمر، ونشرت دعوتها من خلال الجمعيات والاتحادات النسائية في العالم العربي، وقبل أن تتبلور هذه الحركة في شكل دعوة منظمة لتحرير المرأة ضمن جمعيتها التي أسمتها الاتحاد النسائي كان لها تأسيس نظري وفكري ظهر من خلال كتب ثلاثة ومجلة وكلها صدرت في مصر. وأول هذه الكتب كتاب المرأة في الشرق تأليف مرقص فهمي المحامي النصراني الديانة والذي دعا في كتابه إلي القضاء علي الحجاب وإباحة الاختلاط وتقييد الطلاق وإباحة الزواج بين النساء المسلمات والنصاري. أما الكتاب الثاني فهو تحرير تأليف قاسم أمين والذي نشره في عام 1899 بدعم من الشيخ محمد عبده وسعد زغلول وأحمد لطفي السيد وزعم فيه أن حجاب المرأة السائد ليس من الإسلام، وقال إن الدعوة للسفور ليست خروجا علي الدين، ثم الكتاب الثالث فهو المرأة الجديدة لقاسم أمين أيضا ونشره عام 1900 ويتضمن نفس أفكار الكتاب الأول ويستدل علي أقواله وادعاءاته بآراء الغربيين، أما المجلة فهي مجلة السفور وقد صدرت أثناء الحرب العالمية الأولي من قبل أنصار السفور ونركز علي الدعوة للسفور وإباحة الاختلاط. وقد سبق سفور المرأة مشاركة النساء بقيادة هدي شعراوي «زوجة علي شعراوي» في ثورة 1919 وبدأت حركتهن بمظاهرة قمن بها صباح يوم 20 مارس 1919 أما أول مرحلة للسفور الفعلي فقد كانت عندما عاد سعد زغلول من المنفي فدعا النساء الحاضرات في استقباله إلي إزاحة النقاب خلال استقباله بالإسكندرية تم تقدم ونزع الحجاب عن وجه هدي شعراوي بنفسه واتبعتها النساء ونزعن الحجاب عن رءوسهن، وقد قامت هدي شعراوي بتأسيس الاتحاد النسائي في أبريل 1924 بعد عودتها من مؤتمر الاتحاد النسائي الدولي المنعقد في روما، ونادي الاتحاد بجميع المبادئ التي نادي بها مرقص فهمي المحامي النصراني وقاسم أمين وقد مهد هذا الاتحاد لانعقاد الاتحاد النسائي العربي في عام 1944 والذي رحب به الغرب وخاصة بريطانيا وأمريكا حتي أن حرم الرئيس الأمريكي ابرقت مؤيدة للمؤتمر. ونمضي مع الموقف المتأسلم علي الإنترنت وهو يتحدث عن صفية زغلول ونقرأ تحت عنوان «أبرز شخصيات حركة تحرير المرأة» وعلي رأس هذه الشخصيات الشيخ محمد عبده فقد تبنت أفكار كتاب «تحرير المرأة» في حديقة أفكار الشيخ محمد عبده، وتطابقت مع كثير من أفكار الشيخ التي عبر فيها عن حقوق المرأة من وجهة نظره وتحدث عنها في مقالاته في الوقائع المصرية وفي تفسيره لآيات أحكام النساء وقد رد عليه د. السيد أحمد فرج في كتاب «المؤامرة علي المرأة المسلمة» (دار الوفاء 1985) وكتاب عودة الحجاب للدكتور محمد أحمد بن إسماعيل المقدم، وسعد زغلول وكذلك أحمد لطفي السيد الذي أطلقوا عليه أستاذ الجيل وظل يروج لحركة تحرير المرأة علي صفحات الجريدة لسان حال حزب الأمة وعلي يديه تتلمذت درية شفيق عميلة السفارة البريطانية، ومن أهم أفكار ومعتقدات أنصار تحرير المرأة، تحرير المرأة من كل الآداب والشرائع الإسلامية – الدعوة للسفور والقضاء علي الحجاب الإسلامي – الدعوة إلي اختلاط الرجال والنساء في كل المجالات في المدارس والجامعات والمؤسسات الحكومية – تقييد الطلاق والاكتفاء بزوجة واحدة – المساواة في الميراث مع الرجل – الدعوة إلي العلمانية الغربية أو اللادينية بحيث لا يتحكم الدين في مجال الحياة الاجتماعية – أوروبا والغرب هم القدوة في كل الأمور التي تتعلق بالمرأة كالعمل والحرية الجنسية، وبعد تبلور حركة تحرير المرأة أصبحت اللادينية أو ما يسمونه بالعلمانية هي الأساس الفكري والعقيدي لحركة تحرير المرأة المسلمة لإخراجها من دينها أولا وإفسادها خلقيا واجتماعيا، وبفسادها يفسد المجتمع الإسلامي وتنتهي حماسة العزة الإسلامية التي تقف في وجه الغرب الصليبي وجميع أعداء الإسلام وبهذا الشكل يسهل السيطرة عليه. ونواصل مطالعة الموقف المتأسلم من قضايا المرأة..