لا يوجد خطأ في العنوان.. الذكري الأربعون وليس ذكري الأربعين هي ما أتحدث عنه، إنها ذكري أهم إنجازاتنا العسكرية والمجتمعية في العصر الحديث – حرب أكتوبر 1973، الشهر القادم يكون قد مضي أربعون عاما علي هذا الحدث الجلل، الذي زلزل أركان المنطقة والعالم، نعم، فبعد أقل من شهر يهل علينا 6 أكتوبر – يوم العبور العظيم، في ذلك اليوم عبر جنودنا البواسل قناة السويس وحطموا خط بارليف، المسألة ليست مجرد عبور حاجز مائي وتدمير تحصينات العدو، فالموضوع أهم وأخطر، جغرافيا، هو انطلاق من أفريقيا إلي آسيا وإعادة سيناء إلي أحضان الوطن الأم، وتاريخيا، هو عبور من عار الهزيمة والانكسار إلي فخار العزة والانتصار. الذكري الأربعون لحرب 1973 تأتي في ظرف خاص وحساس بعدما جري في المحروسة يوم 30 يونيو و3 يوليو 2013، وأنا أكتب هذه الكلمات، هناك حرب شرسة يخوضها جيشنا الوطني ضد عصابات الإرهاب والعنف في سيناء، وبالتوازي، هناك حرب يخوضها الشعب المصري ضد قوي الظلام في ربوع الوادي وكل الأنحاء، مصر الآن منهمكة في حماية ثورة 25 يناير، وعبور المرحلة الانتقالية الجديدة إلي بر الأمان. والمطلوب منا أن نستلهم روح العبور في أكتوبر 1973 لكي ننجز عبورا جديدا إلي مستقبل يحقق فيه كل المصريين أحلامهم في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. كيف نحقق ذلك؟ من خلال تأكيد الانتماء لمصر الوطن والشعب، الأرض والعرض، وهنا أري من الضروري إنعاش الذاكرة الوطنية، فلابد أن أعترف بقلق شديد يساورني من ضعف تلك الذاكرة لدي عموم المصريين، خصوصا الجيل الجديد، ولم يعد كثيرون يعرفون عن 6 أكتوبر غير الكوبري الشهير الذي أصبح أهم محاور الحركة المرورية في القاهرة الكبري! 6 أكتوبر عندهم معناه الكوبري، ويكاد الجميع ينسون الملحمة الرائعة التي تمر الآن ذكراها الأربعون! وكيف ننسي الولاء للوطن والتفاني في سبيله؟ كيف ننسي التخطيط المحكم والتنفيذ السليم؟ كيف ننسي العرق، والدموع والدماء الزكية وأرواح الشهداء الأبرار؟ آن الأوان لنتذكر كل هذا وأكثر! وبالمناسبة، أرجو أن نعيد النظر في أسلوب احتفالنا بذكري أكتوبر، جميل أن تقدم القوات المسلحة عرضا أو تحيي حفلا، لكن هذا لا يكفي، مطلوب تحويل الاحتفال بذكري أكتوبر إلي مناسبة شعبية تشارك فيها جموع المصريين كفاعلين لا كمتفرجين، محافظات مصر المختلفة قدمت شهداء، نقابات مصر وجمعياتها، مدارسها وجامعاتها، شباب ثورة 25 يناير، الأحزاب المختلفة القديم منها والجديد، إنه تاريخنا وحاضرنا ومستقبلنا علي المحك في لحظة فارقة. هل من الوارد مثلا أن نشكل حائطا بشريا من المصريين يوم 6 أكتوبر بامتداد مجري قناة السويس التي تتعرض الآن للتهديد؟ ولماذا لا يقوم المصريون بوضع أكاليل الزهور، أو حتي وردة واحدة، علي قبر الجندي المجهول في ذلك اليوم؟ وأنت عزيزي القارئ، مؤكد أن لديك أفكارا أخري، فهلم بها.