إذ تتداعي الأحداث منذرة بإجهاض الموجة الثورية الثانية أتوجه بنداء إلي الثوار,و أصحاب القرار للمبادرة بمواجهة ما يحدق بها من أخطار أولها يتعلق باحتفال الثوار بالنصر بمجرد الإطاحة برئيس الجمهورية؛ و لما يتحقق بعد هدف واحد من أهدافها.و هو عين ما حدث عقب خلع الرئيس الأسبق؛ بما يؤكد عدم استيعاب درس اخفاق موجتها الأولي.و ثانيها؛ هو اللجاج بصدد الإعلان الدستوري, والخلاف حول بعض مواده الخاصة بهوية الدولة و الشريعة الإسلامية و ما شابه؛ دون إدراك و وعي للمشروعية الثورية التي تضع حداً للشرعية الدستورية.و الأهم؛ ما جري من دعوة للمصالحة مع القوي الإسلاموية؛ خصوصاً مع جماعة الإخوان المسلمين التي تآمرت مع الولاياتالمتحدةالأمريكية لإجهاض الموجة الثورية الأولي.و ها هي الآن تتآمر مع العدو نفسه لإجهاض الموجة الثورية الثانية. و في هذا الصدد؛ أذكر الثوار بإعلان"أوباما"عشية خلع الرئيس الأسبق بأنه لن يسمح بوجود نظام ثوري في مصر يشكل خطراً علي إسرائيل و الدول العربية"المعتدلة".و هذا يعني بداهة أنه لن يدخر وسعاً في إجهاض الموجة الثورية الثانية بعد عزل الرئيس الإخواني السابق.بل يعني أيضاً مؤازرة جماعة الإخوان المسلمين لعودته. من أجل ذلك؛ لم تعترف بالأمر الواقع-جرياً علي سياستها البراجماتية المعهودة-علي الرغم من قناعتها بأن ما جري كان ثورة شعبية كبري و ليس إنقلاباً عسكرياً؛ كما صرح بعض مسئوليها.و صرح بعضهم الآخر بأن ما جري يمثل خروجاً علي الشرعية,و انتهاكاً للديموقراطية.و البعض الثالث أعلن عن عدم انحيازه لأي من أطراف الصراع؛ إنتظاراُ لما يسفر عنه؛ و عندئذ ستنحاز الولاياتالمتحدة لإرادة الشعب المصري. لم تكن تلك المواقف"المائعة"إلا محاولة"لكسب الوقت"اللازم لتنفيذ مخطط"المؤامرة"بين الإخوان المسلمين و الولاياتالمتحدة لإجهاض الموجة الثورية الثانية علي النحو التالي: ((أولاً)) حض الإخوان و مناصريهم من التيارات الإسلاموية المتطرفة علي التظاهر المستمر,و الاعتصام الدائم,و المطالبة بالشرعية الدستورية,و إعادة الرئيس المعزول إلي السلطة. ((ثانياً)) إنتهاز فرصة خفوت الحشد الجماهيري الثوري؛ للمزيد من الحشد و التجييش بجميع السبل و الوسائل"الرخيصة"-كبذل الأموال لشراء الذمم,و اتباع سياسة"الوعد و الوعيد"مع اللاجئين العرب المقيمين بمصر من الفلسطينيين و العراقيين و السوريين و غيرهم؛ و حتي من اللصوص و قطاع الطرق؛ فضلاً عن الفقراء و المعوزين من المصريين-بهدف إظهار انقسام الشعب المصري علي نفسه-بين مؤيدين و معارضين-بما ينذر باندلاع حرب أهلية تهدد مصالح الغرب في الشرق الأوسط.و إيهام الدول الأوروبية-خصوصاً-باحتمال توقف الملاحة في قناة السويس.و لعل ذلك كان من أهم أسباب اتخاذ تلك الدول مواقف ضد الثورة و الثوار,و اعتبار ما جري انقلاباً عسكرياً ليس إلا. ((ثالثاً)) تحول الاعتصام في الميادين إلي مسيرات تجوب شوارع القاهرة و بعض المحافظات"الموالية"للتنديد بالجيش و الشرطة.و توجه بعضها إلي قصور الرئاسة و وزارة الدفاع و مقر الحرس الجمهوري في القاهرة,و مقرات المحافظين في المدن الأخري؛ بهدف التحرش.و منها ما توجه إلي مقار السفارات الأجنبية للمطالبة بالتدخل لمساندة الشرعية و دحض الانقلاب العسكري؛ باسم الحفاظ علي الديمقراطية الوليدة. لم يخل الأمر من افتعال مناوشات مع قوات الجيش و الشرطة,و لم يتورع قادتهم عن قتل أفراد من الجماعة-خصوصاً من الشابات و حتي الأطفال-و إلقاء التبعية بالباطل علي حراس المؤسسات العسكرية,و مناشدة المنظمات و المراكز الدولية لحقوق الإنسان للتدخل لحمايتهم !! ((رابعاً)) تحريض الجماعات الموالية من الإرهابيين و التكفيريين في سيناء علي شن هجمات علي كمائن الجيش و أقسام الشرطة؛ بهدف التغطية علي مخططاتهم في العاصمة.هذا فضلاً عن تشتيت قوي الأمن و الجيش لضمان تنفيذ تلك المخططات بنجاح.و في هذا الصدد؛ دأبوا علي قطع الطرق و تعويق وسائل المواصلات و مهاجمة بعض مراكز الشرطة في العاصمة و المحافظات؛ فضلاً عن شن الإغارات علي تجمعات الثوار في الميادين العامة.إذ استهدفوا من وراء ذلك إدخال البلاد في حالة من الفوضي العارمة؛ بما يتيح الفرصة للتدخل الأجنبي المباشر سياسياً؛ بل عسكرياً إن أمكن. في الوقت ذاته؛ عقد التنظيم العالمي لجماعة الإخوان مؤتمراً في تركيا لمراقبة مجريات الأحداث في مصر أولاً بأول,و إعداد الخطط المناسبة لإدارتها.هذا فضلاً عن القيام بنشاط دعائي لاستنفار دول الغرب-شعوباً و حكومات-لتدويل"المسألة المصرية"؛ بل و استحثاث مجلس الأمن لعقد اجتماع طارئ و استصدار قرار بالتدخل العسكري لاسترداد و حماية"الشرعية".تلك هي خيوط المؤامرة التي أثبتت الأحداث الشروع في تنفيذ مخططها علي النحو التالي: بالأمس-23/7/2013-وقعت وقائع تشي في مجملها بتأكيد ما نذهب إليه.منها؛ إعلان المعتصمين-في رابعة العدوية-تشكيل وزارة من الجماعة-يتولي فيها عصام العريان وزارة الدفاع-و إعلان أحد قيادات الإخوان-محمد البلتاجي-رئيساً مؤقتاً للجمهوية؛ ريثما يتم الإفراج عن الرئيس الشرعي"المخطوف".و كذا استئناف مجلس الشوري"المنحل"جلساته-في مكان الاعتصام-بحضور أعضائه من جماعة الإخوان.ثم عقد مؤتمر صحفي-في عين المكان-لأبناء الرئيس"المعزول"يناشدون فيه"العالم الحر""لتحرير"الرئيس"الشرعي"من براثن قادة العسكر الانقلابيين. في اليوم التالي؛ أعلن المتحدث الرسمي في البيت الأبيض ما يشي بضلوع الولاياتالمتحدةالأمريكية في نسج خيوط تلك المؤامرة.ناهيك عن الاتصالات"المكوكية"المحمومة بقيادات الجماعة.و لا غرو؛ فقد تباري بعضهم -بالأمس-في إلقاء الخطب"الواثقة"-علي منصة المعتصمين-بالتبشير في ثقة بعلامات النصر الموعود.بل منهم من حدد يوم الجمعة القادم-26/7/2013-موعداً للاحتفال بحمل الرئيس"المحرر"علي الأكتاف. حصاد تلك الوقائع لا يدع مجالاً للشك في أن تلك"المؤامرة"تستهدف إيهام الرأي العام العالمي برجحان كفة معسكر الرئيس المعزول؛ بما يوجب التدخل العسكري الغربي لمؤازرته حفاظاً علي الشرعية,و ضماناً للديموقراطية. لذلك؛ أناشد الثوار و أصحاب القرار للتصدي و مواجهة قوي الثورة المضادة؛ في الداخل و الخارج علي السواء.و أدعوهم للتخلي عن دعوي"المصالحة"الجوفاء.فالعار كل العار علي حكومة تدعي الثورية؛ و في الوقت ذاته تخصص وزارة لعقد تلك المصالحة المزعومة.و من أسف أن يعلن وزيرها "الهمام"أنه لن يدخر وسعاً في العمل الجاد لإنجاحها.بدعوة شيخ الأزهر,و بطريرك الأقباط,و صفوة النخبة الممثلة لكافة القوي الوطنية المدنية و الإسلامية. يحق لي-و لغيري – يدركون خطورة الموقف أن نتساءل في أسي:ماذا جري لحكومة الثورة-مجازاً-التي تجمع الكثيرين من الساسة؛ حتي تلوذ بالصمت إزاء ما جري و لايزال يجري؟ و إلي متي الانتظار و الصبر علي عبث العابثين الذين يهددون بإجهاض الثورة؟ ألم يدركوا أن إخفاقها يعني احتزاز رؤوسهم؟أولم يفكروا-و لو للحظة-في إمكانية وأد الفرحة في صدور شعب بأكمله؟ ألم يسمعوا نحيب أمهات الشهداء و هن يطالبن بالقصاص؟ أن أولئك الخصوم لا و لن يستجيبوا لدعوي"المصالحة"إنهم يعتبرونكم علمانيين و ليبراليين و يساريين"كفرة"و"مارقين"يجب استعراضهم بالسيف.فأنتم"أهل الضلالة"-في معتقدهم-و هم"الفئة القليلة الناجية".هلا قرأتم شيئاً عن تاريخ الثورات,أو بالأحري"علم الثورة"؟ أهم قوانين هذا العلم هو قانون"الفرز"الفاصل بين"الثوري"و بين أعداء الثورة؛ فبحق السماء أسألكم:لماذا تهادنون جند"الثورة المضادة"؛ و هم شراذم من الإرهابيين لا يتجاوز عددهم مليون نسمة؟ هل تعلمون أن قرابة تسعين مليون نسمة قادرون علي إغراقهم في بصاقهم؟..فلماذا تحجمون و معكم الجيش و الشرطة و القضاء و الإعلام وكل مؤسسات الدولة؟ أتخشون الأمريكان و الصهاينة؟ أمريكا ما عادت أمريكا التي كانت تسوس العالم بعصاها الغليظة,و إمبراطوريتها تترنح مستسلمة لمصيرها الحتمي؛ تلفظ أنفاسها الأخيرة.فهلا تجاسرتم و تصديتم للمواجهة لتكون نهايتها علي أرضكم الطيبة؟ إن شعوب العالم معكم تتلهف لرؤية راعي البقر"اليانكي"و هو يلقي حتفه المحتوم علي أيدي"خير أجناد الأرض",كما تتشوق لرؤية خفافيش الظلام المتدثرة-زيفاً-برداء الإسلام-و الإسلام منها براء-و هي مذعورة أمام أضواء شمس"آتون"المبهرة.ّ!! فهلا فعلتموها؟ و إلا فلن يرحمكم التاريخ..!!