كالعادة - في كل أزمة تظهر في مصر غالبا - ما تكون الحلول مجرد رد فعل لما حدث دون اعتماد أي إجراءات أو خطط سواء علي المدي القصير أو المتوسط أو حتي علي المدي الطويل لمنع تكرار الأزمة وخلال الأشهر الماضية وقع في مصر العديد من الأحداث كان التعامل الحكومي معها من قبل الوزارات أو الجهات الحكومية المعنية هو نفس التعامل منذ ربع قرن من الزمان أي أنه رد فعل وقتي فقط. وما يحدث في الأسواق العامة هو خير دليل علي ذلك عندما ارتفعت أسعار كل السلع والخدمات دون تدخلات أو حتي إجراءات حكومية لمواجهة تلك الأزمات. لكن ربما كان الأمر بالنسبة للسلع الغذائية والأسواق العامة هو خير دليل علي فشل آليات السوق الحر في التعامل مع الأزمات بدعوي أن أي تدخلات - كما يراها المسئولون في الحكومة تعتبر تشويها لآليات السوق الحر وكأن المواطنين وجمهور المستهلكين محرومون من آليات الحكومة وإجراءاتها لحمايتهم من جشع التجار والقطاع الخاص. ويكفي أن هناك فارقا كبيرا بين تعامل الحكومات في أزمات بعينها وسلوكها مع الأسواق العامة، عندما سرقت زهرة الخشخاش - خرجت الحكومة بآليات جديدة لصيانة المتاحف وحماية ما تبقي من تراث فني.. وعندما تقع حوادث القطارات تعلن الحكومة عن خطة لتطوير جميع المحطات والمزلقانات والإشارات وإذا ما حدث اعتداء علي سائح تقوم الدنيا ولا تقعد إلا بإعلان الحكومة اتخاذ مجموعة من التدابير لحماية السائحين. لكن في حالة الأسواق العامة وارتفاع الأسعار في جميع السلع الغذائية أضعافا مضاعفة، فإن أي تدخل يبدو غير سليم ومعوق لآليات السوق وحرية التجارة الداخلية وقد يكون في نظر البعض ممارسات تعسفية ضد التجار والقطاع الخاص. خلال الأسابيع الماضية اجتاحت الأسواق موجة شديدة من ارتفاعات الأسعار في كل السلع.. ويكفي أن سعر الطماطم قفز خلال أيام إلي 8 جنيهات للكيلو.. واستقر حاليا عند خمسة جنيهات.. كما ارتفع سعر الخضراوات في المقابل بأكثر من 100% خلال نفس الفترة، حيث وصل سعر الفلفل الأحمر إلي 4 جنيهات والباذنجان إلي خمسة جنيهات والبامية إلي 10 جنيهات بعد أن هبط سعرها من 16 جنيها للكيلو. وقد أدي ارتفاع أسعار الخضراوات الأساسية - كما قال أحد المسئولين في قطاع التموين بوزارة التضامن - إلي ارتفاع أسعار العديد من السلع الغذائية التي يعتمد في استهلاكها علي الخضراوات مثل الأرز والمكرونة.. وقالت المصادر :إن هناك نوعا من التحول في الأنماط الاستهلاكية للهروب من ارتفاع الأسعار في هذه السلع مؤكدا أن أسعار الصلصة الآن قد ارتفعت بنسبة 75% خلال الأسابيع الأخيرة بعد أن تزايد الإقبال عليها للهروب من أسعار الطماطم. وكشفت المصادر أن استمرار موجة ارتفاع الأسعار قد تنذر بعواقب خطيرة.. خاصة وأن التبريرات كانت تقول إن فترة العيد كانت سببا في ارتفاع الأسعار لكن انتهي العيد وبدأت المدارس ومازالت الأسعار مستمرة في الارتفاع. وهو ما يعني أن هناك أخطاء في الأسواق العامة.. منها عدم وجود آليات، لن نقول لفرض أسعار ولكن للالتزام بأسعار استرشادية مثل جميع الدول، وقالت: إن كل الدول الرأسمالية التي تتبع السوق الحر غالبا، ما تعلن عن أسعار استرشادية لجميع السلع.. أي متوسطات للأسعار بل وهناك ارتباط بين أداء البورصات فيها.. وأسعار السلع والخدمات. لكن الغريب - في هذه الأزمة - أن الحكومة في أي من اجتماعاتها لم تتطرق من قريب أو بعيد إلي هذه الأزمة. لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل تصريحات البعض حول الأزمة قد أدت إلي تفاقمها.. خاصة عندما بدأ بعض المسئولين التركيز علي أن الموجة الحارة قد لعبت دورا في ارتفاع أسعار الخضراوات والفاكهة، حيث وصل سعر الموز إلي 10 جنيهات للكيلو والتفاح المصري إلي 15 جنيها والكمثري إلي 10 جنيهات والسؤال.. هل كانت الموجهة في مصر فقط دون بقية دول العالم؟! من جانب آخر أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء علي العمل بمعايير جديدة لقياس أسعار السلع الغذائية والخدمات اعتبارا من الشهر الحالي.. حيث سيتم حساب التضخم والأسعار علي أساس متوسطات أسعار يناير 2010 وليس - كما كان في الشهور الماضية يناير 2007، علي أساس أن هناك سلعا يتطلب الأمر رصدها أسبوعيا وليس مرة واحدة في الشهر.. كما كان في السابق، حيث أكد اللواء أبوبكر الجندي أن واقع الأسواق يفرض علينا مراقبة وتتبع حركة أسعار العديد من السلع مرة أسبوعيا خاصة السلع الغذائية مثل الخضراوات والفواكه.