كان قاضيا وفقيها يؤمن دوما بأن إصلاح المجتمع يبدأ بإصلاح الحاكم، عرف أهمية العلم ووضع له قواعد وشروطا للعالم والمتعلم، من أشهر مؤلفاته «أدب الدنيا والدين» وهو كتاب يجمع منهجه الأخلاقي، الأحكام السلطانية والولايات الدينية، وقوانين الوزارة، وكتاب «الحاوي» وهو من أضخم كتب الفقه علي المذهب الشافعي. إنه علي بن محمد بن حبيب والملقب ب «أبو الحسن الماوردي» ولد بالبصرة سنة 334ه وتعلم بها، ورحل إلي بغداد لاستكمال تعليمه ودرس الفقه وتبحر في المذهب الشافعي واشتغل بالقضاء في العديد من البلدان كما ذكر عنه ابن خلكان في «وفيات الأعيان».. نال العقل عند الماوردي أهمية كبيرة في بحوثه العلمية، حيث قال في كتابه «أدب الدنيا والدين»: «العقل أس الفضيلة وينبوع الأدب والأخلاق»، وتميز بنزعته العقلية في الأمور الشرعية واجتهاده في الدين.. وعلي الرغم من كثرة الفتن في عصره ظل الماوردي ثابتا يجمع بين العلم والعمل، ومن مواقفه الشجاعة رفضه لإفتاء بمنح جلال الدولة البويهي «عضد الدولة» لقب ملك الملوك «شاهنشاه» رغم ما كان بينهما من صلة حميمة، وقد استطاع «عضد الدولة» الحصول علي إجازة اللقب من الخليفة العباسي وفقهاء عصره، لكن الماوردي ظل رابطا علي موقفه بعدم جواز اللقب إلا علي الله عز وجل.. وقد ذاعت شهرة الماوردي السياسية بالرغم من كونه عالما أخلاقيا من الطراز الأول وله نظرية أخلاقية تربط بين الخير والفضيلة والمساواة والعدالة والحق والواجب.