واصل العاملون بهيئة الأبنية التعليمة الإضراب عن العمل بجميع فروع الهيئة بالمحافظات وبالمقر الرئيسي بالقاهرة. ردد العاملون الهتافات المطالبة بإقالة د. أحمد زكي بدر وزير التعليم احتجاجاً علي الاهانات والإساءة للعاملين بالهيئة ووصفهم بأنه «شوية حرامية» في أحاديث الوزير المتعددة. وطالبوا بعدم المساس بالحقوق المالية المكتسبة وصرف المكافأة السنوية التي قرر الوزير حرمان العاملين منها لأول مرة منذ إنشاء الهيئة. يتجمع العاملون صباح كل يوم بفناء المقر الرئيسي بمدينة نصر. ينضم إليها العاملون ببعض الفروع في اعتصام جماعي وإضراب عن العمل. حمل المتظاهرون نعشاً مكتوباً عليه «مراقبو الثانوية العامة ضحايا زكي بدر» و«الهيئة لن تموت يا بدر». رفع العاملون بالفروع لافتات تؤيد زملاءهم المعتصمين بالمقر الرئيسي. فيما تم تعليق لافتات علي الجدران تحمل عنوان «الاحتلال» وصورة لهيئة الأبنية مكتوباً تحتها «أحمد زكي بدر» بجوارها صورة للقدس مكنوباً تحتها اليهود، وصورة لخريطة العراق تحتها «چورچ بوش» .. وعبارة هل هناك فرق ، اتصل علي الوزارة. حاصرت سيارات الأمن المركزي مقر الهيئة لمنع العاملين من الخروج إلي الشارع. تسود جميع قطاعات الهيئة حالة من الارتباك والفوضي، وشلل تام في جميع الإدارات بما يؤدي إلي تجميد كامل لأنشطة الهيئة وأعمالها. لجأ العاملون لجمع توقيعات علي «مذكرة جماعية» لمطالب الرئيس مبارك بالتدخل لإنقاذهم من قبضة وزير التعليم والانحياز لأبناء الهيئة البسطاء الذين أقاموا القلاع والمنارات التعليمية علي كل بقعة من أرض الوطن والتزموا بتنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس بإنشاء 3500 مدرسة في 5 سنوات بدلاً من 6 سنوات. قطع الأرزاق ساهم في تفاقم الأزمة عدم تجاوب الوزير مع مجموعة من العاملين بالهيئة حضروا جانباً من لقاء الوزير مع الصحفيين الأسبوع الماضي لمطالبته بصرف المكافأة السنوية لعدم مسئوليتهم عن أي انحرافات بالهيئة وإحالة المنحرفين للتحقيق وعدم اتهام الجميع. إلا أن الوزير تحدث إليهم بجفاء وعنف بما يشبه التهديد، ورفض تدخل مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الذي كان يجلس بجواره علي المنصة. عبر الوزير عن غضبه واستيائه من الهتافات واللافتات التي امتلأت بها هيئة الأبنية تطالب بسقوطه وتحوي سباباً وشتائم ، ورفض اقتراح نقيب الصحفيين بتقديم اعتذار من العاملين قائلاً: الاعتذار يجب أن يكون بحجم الإساءة وليس داخل جدران نقابة الصحفيين. أمام إصرار الوزير ونظراته الحادة للعاملين قال له النقيب: «بلاش تكون قاطع أرزاق» . الغريب أن الوزير كان قد وافق علي صرف مكافأة شهرين للعاملين الأقل من درجة مدير عام بعد لقائه مع مدير الهيئة ورئيس اللجنة النقابية للعاملين الذي قدم للوزير اعتذاره واعتذار العاملين عن أي إساءة بحسب البيان الصادر عن الوزارة. الأمر الذي يعني قبوله للاعتذار مما يتنافي مع مطالبته مجدداً للعاملين بالاعتذار. المفاجأة أن الوزير رفض اعتماد كشوف صرف مكافأة الشهرين التي أعلن عنها بعد إعدادها وإرسالها لمكتبه وتتضمن أسماء المستحقين للصرف بالمقر الرئيسي للهيئة وفروعها ال 29 بالمحافظات. بل أقدم الوزير علي إعادة مبلغ 12.5 مليون جنيه إلي وزارة المالية وهو المبلغ الفائض في بند الأجور والرواتب بالهيئة الذي يتم صرف المكافأة السنوية منه ويتوافر نتيجة لحصول بعض العاملين علي إجازات دون راتب والعمل نصف الوقت ونسبة من مقابل أعمال الهيئة للغير. أكد مسئول كبير بمكتب مدير الهيئة وصول إخطار من وزارة المالية بسحب مبلغ الفائض في بند الأجور والرواتب من ميزانية الهيئة إلي وزارة المالية بناء علي طلب السيد وزير التعليم طبقاً لنص خطاب المالية. تصاعد الأزمة جعل ورزير التعليم يسعي لسحب جميع اختصاصات الهيئة لدرجة محاولة صرف مستحقات المقاولين المتأخرة عن طريق الوحدة الحسابية بوزارة التعليم بعيداً عن هيئة الأبنية. حيث خصصت الوزارة مبلغ 90 مليون جنيه لسداد مستحقات المقاولين وطلب الوزير من مدير الهيئة مستخلصات الصرف لمراجعتها عن طريق الشئون المالية بالوزارة وتتولي الوزارة الصرف لمن يستحق فقط. الأمر الذي يعني فقدان الثقة في الهيئة وعدم جدارتها مما دفع اللواء خالد كامل مدير الهيئة الذي تولي منصبه منذ أسابيع قليلة إلي رفض طلب الوزير والإصرار علي الصرف عن طريق الهيئة. اضطر الوزير في ضوء توتر العلاقات ولعدم التصعيد، للموافقة، وإرسال الشيك بمبلغ ال90 مليون جنيه للهيئة بتأشيرة بخط يده تحمل سخرية لاذعة: «أوافق علي الصرف عن طريق العاملين بالهيئة علي أن يقوموا بتسوية الشيك في أوقات فراغهم». عقاب جماعي يعتقد الوزير أن جميع العاملين بالهيئة يتحملون المسئولية لوجود عجز في ميزانية الهيئة مقداره حوالي 760 مليون جنيه لم تسدد كمستحقات للمقاولين علي مدار الأعوام الثلاثة الماضية بحسب بيان صادر عن الوزارة. في حين تشير البيانات من داخل الهيئة إلي حدوث تخفيض حاد في الميزانية في الأعوام الماضية ترتب عليه عدم القدرة علي الوفاء بمديونيات الهيئة للمقاولين، إلا أن الوزير يري أن العجز يرجع لعدم اتباع الإجراءات القانونية ووجود مخالفات مالية وإدارية حددتها التقارير المحاسبية والرقابية. تقدمت الوزارة ب 7 بلاغات للنائب العام للتحقيق في المخالفات والتجاوزات بالهيئة، وجار فحص باقي المخالفات تمهيداً لإحالتها للنيابة. غير أن قواعد العدالة والتعقل تقتضي الانتظار لحين انتهاء التحقيقات وظهور الحقيقة ومعاقبة المخالفين وليس العقاب الجماعي لجميع العاملين دون ذنب ارتكبوه. يؤكد يسري محمد عبد الدايم بإدارة الصيانة بفرع الهيئة بالمنوفية عدم صرف أي مكافآت حتي الشهرين المكافأة، لم يتم صرفها حتي الآن رغم معاناة غالبية العاملين من الظروف المعيشية الصعبة. يشير طارق أحمد موظف بفرع الهيئة بالقاهرة إلي اعتماد العاملين علي المكافآت السنوية في سداد الأقساط أو المدينويات أو حتي للذهاب للمصايف مثل باقي البشر متسائلا: لماذا يعاملنا الوزير بهذه القسوة؟. يلفت خالد عبد العظيم بإدارة النظم والمعلومات إلي عدم حصول العاملين بالهيئة علي مكافأة امتحانات أو علي حوافز وليس لهم سوي المكافأة السنوية التي قرر الوزير حرمان العاملين منها . يري سامي أحمد بصيانة الكمبيوتر بالمنوفية أن الحرمان من المكافأة يفرض أعباء علي العاملين الذين لا يحصلون علي «بدل انتقالات» وكانت المكافأة السنوية تساعد في التعويض عن ذلك.