يستمد العلويون قواعدهم وأصولهم وتنظيماتهم وأحكامهم من القرآن الكريم والشريعة الإسلامية ومن تعاليم آل بيت النبي. تستوطن جماعات «العلويين» أو «النصيرية»- كما يحلو للبعض تسميتهم – وسط سورية عموما وبجبال العلويين بوجه خاص، فضلا عن بقاع مبعثرة تمتد إلي حدود قيليقية التركية، كما تسكن جماعات منهم :خارج الوطن العربي- جنوبي تركيا وألبانيا وبلاد اليونان وأمريكا الجنوبية وخصوصا في البرازيل. كما هو الحال بالنسبة للدروز، أثير ولايزال يثار جدل شديد حول أصول هذه الجماعات- التي اعتبرها البعض شعبا والبعض الآخر أمة- حول معتقداتها الدينية التي اعتبرها البعض «حلة» متهرطقة وثنية، والبعض الآخر «ملة» قائمة بذاتها تستمد قوامها من معتقدات مسيحية ممتزجة بديانات فينيقية ولاهوتيات أسطورية يهودية. ويرجع هذا اللبس والخلط- فيما نري- إلي معطيات تاريخية امتزجت خلالها عبر قرون طويلة عناصر مختلفة وإثنيات شتي، عربية وفارسية وتركية وكردية. لكن هذا الامتزاج في حد ذاته لا ينهض دليلا عن أن «العلويين» شعب أو أمة، فظاهرة التعريب- أي امتزاج دماء العرب بماء شعوب البلاد المفتوحة- ظاهرة شهدها التاريخ الإسلامي العام، وتعد في كل الأحوال ظاهرة أتت أكلها فيما عرف بالحضارة الإسلامية. أما اللبس والإبهام الذي غلف عقيدة «العلويين» فمرده- حسبما نري – إلي عوامل سياسية تمتد جذورها إلي قاع التاريخ الوسيط لتزهر وتثمر خلال التاريخ الحديث، وتستهدف هذه العوامل إثارة «الطائفية» و«العشائرية» لفصم وحدة العالم الإسلامي حضاريا. وليس جزافا أن يستثمر الاستشراق الفرنسي مقولات أهل السنة الأوائل المعادية للفرق المعارضة- وخصوصا للشيعة- فضلا عن كتابات بعض المنشقين عن «العلويين» لخدمة أغراض استعمارية في المحل الأول. ناهيك عما أدت إليه الفرقة السياسية في العالم العربي المعاصر من استخدام «الايديولوجية» كسلاح «معرفي» يوظفه الفرقاء المتصارعون في المؤامرات والمناورات السياسية. وأحسب أن تلك القوي قد استغلت «العداء التاريخي» بين السنة والشيعة، وما انطوي عليه تاريخ التشيع من خلط وغموض لتأكيد مقولاتها المعرفية المسيسة، ومن أسف أنها تجد أصداء عميقة في أوساط عريضة من المؤرخين العرب المبهورين بالاستشراق أو بالنزعات السلفية سواء بسواء. وتزداد المشكلة حدة بالنسبة «للعلويين النصيرية» لأن كتبهم لا تزال مخطوطة ومستورة إلي اليوم. إن الخلاف حول تاريخ وعقائد هذه الجماعات يكشف بجلاء عن تلك الحقيقة، يساعد علي ذلك أن هذه الجماعات التي اتخذت من جبال «العلويين» – أو جبل النصير- «دار هجرة» لم تقم بدور علي مسرح التاريخ الإسلامي الوسيط، كما كان الحال بالنسبة للفرق الشيعية الأخري. ناهيك عن معطيات المكان من ناحية الجغرافيا السياسية التي قررت وحسمت هذا الدور المتضائل تاريخيا، فمقر الإقامة في جبال مرتفعة بمنطقة «رهوية» شهدت صراعات دامية بين كل القوي الكبري في المنطقة علي مر التاريخ سواء أكانت إسلامية- سنية وشيعية- أم كانت نصرانية بيزنطية وصليبية واستعمارية فرنسية حديثا، وخلال معارك تلك الحروب وصراعات القوي ابتلي العلويون النصيرية بمزيد من المحن والإحن التي تركت بصماتها علي فكرهم العازف عن السياسة، أو نمط حياتهم الذي اكتسي طابعا عشائريا. وليس أدل علي صدق ما نذهب إليه أن الخلاف حول مجرد التسمية – علويون أم نصيرية- يعكس إشكالية معرفة حقيقة مذهبهم ومعتقداتهم. لدينا في هذا الصدد اتجاهان: الأول: يؤكد التسمية «بالنصيرية» تأسيسا علي نسبة هذه الجماعات إلي شخص يقال له محمد بن نصير الذي كان داعية للإمام الحادي عشر للشيعة «الإثنا عشرية» وهو الحسن العسكري، وأن تسميتهم بالعلويين إنما هي تسمية حديثة ارتبطت بالاحتلال الفرنسي لسوريا، ويستهدف هذا الاتجاه الحيلولة بين هذه الجماعات وبين انتمائها للشيعة «الإثنا عشرية». هذا فضلا عن «دافع العداوة المذهبية كذريعة لاضطهادهم والفتك بهم دون رحمة أو هوادة»، كما ذكر كاتب علوي معاصر. أما الاتجاه الثاني: فيعول علي إطلاق اسم «العلويين» استنادا إلي أنهم كانوا علي المذهب الشيعي «الإثنا عشري» منذ وقت مبكر، وأن التسمية الأولي حدثت فيما بعد أثر اعتصامهم بالمرتفعات السورية تحت وطأة الاضطهاد الذي حل بالعلويين علي يد بني أمية، خاصة أن معظم هؤلاء الهاربين كانوا من «الأنصار» الذين انحازوا إلي علي بن طالب عقب بيعة الرسول (ص) له بالخلافة عند «غدير الخم». ويؤخذ علي هذا الاتجاه تجنيه علي الواقع التاريخي من ناحيتين: الأولي: أنه من الخطأ الحديث عن «علويين إثنا عشرية» في المرتفعات السورية في وقت لم يكن فيه المذهب «الإثنا عشري» قد ظهر بعد. والثانية: محاولة المؤرخين العلويين المعاصرين رفض حقيقة الداعية محمد بن نصير باعتباره وهما تاريخيا، وأن الانتماء إلي المذهب العلوي قديم منذ ارتبط بشخص علي بن ابي طالب منذ عهد النبوة، هذا فضلا عن حرص هؤلاء المؤرخين علي تأكيد الأصول العربية لجماعتهم متناسين أن مذاهب الشيعة جميعا لا تقيم وزنا للانتماء العنصري. وحسبنا أن جل أتباعهم كانوا من الموالي. وتدليلا علي خطئهم نذكر أن منهم من ذهب إلي أن الكثيرين من هؤلاء «الأنصار» كانوا من البرامكة الذين نزحوا إلي جبال سورية هم وأشياعهم علي أثر نكبتهم علي يد الرشيد. ومهما يكن من أمر، فالصواب – فيما نري- أن نجمع بين التسميتين في صيغة واحدة، فنقول «العلويين النصيرية». حجتنا في ذلك وجود مذاهب أخري علوية لها أشياعها في كل أرجاء العالم الإسلامي قبل وبعد ظهور المذهب «الإثنا عشري» الذي تنتمي إليه هذه الجماعات فضلا عن كون تلك الجماعات، قد جمعت بين التشيع «الإثنا عشري» والتصوف، فشكلت بذلك فرقة جديدة تميزها عن «الإثنا عشرية». وهذا يقودنا إلي الاشكالية الكبري، وهي حقيقة عقيدة هذه الجماعات، وفي هذا الصدد لا عبرة لما ذهب إليه البعض من أنهم كانوا مسلمين علي المذهب الإسماعيلي، أو ما يذهب إليه فيليب حتي من أنهم كانوا وثنيين تحولوا فجأة إلي المذهب الإسماعيلي. ومناط الخطأ في هذا القول إن الوثنية كانت قد انقرضت تماما من بلاد الشام بعد الفتوحات الإسلامية. كما أنه خلط – وغيره- بين الفرق الشيعية في الشام واعتبرها نتاجا للمذهب الإسماعيلي. ولا مجال كذلك لتصديق الرواية القائلة بأن «النصيرية» نحلة من نحل المسيحية، تأسيسا علي أن الكثير من أسماء «النصيريين» – مثل متي ويوحنا وهيلانة- مسيحية أصلا فمن خطأ الرأي التعويل علي اللغة وحدها في حسم قضايا مهمة ومعقدة تتعلق بالملل والنحل. وبالمثل يمكن دحض الزعم ذاته انطلاقا من احتفال «النصيرية» ببعض أعياد النصاري- كأعياد الميلاد والفصح والقيامة- كما ذهب جولد تسهير. فالمسلمون في صدر الإسلام كانوا يحتفلون ببعض أعياد المجوس، كالنيروز والمهران، والمسلمون المعاصرون يشاركون النصاري في الكثير من أعيادهم ومواسمهم الدينية، بل يشاركون اليهود في بعض الأعياد والموالد المتعلقة ببعض الشخصيات التي كانت يهودية ثم أسلمت مثل عبد الله بن سلام. تأثير مسيحي إن القول بنصرانية «النصيرية» مبعثه خطأ وقع فيه المحدثون الذين وقفوا علي كتابات نصيري ارتد عن الإسلام واعتنق المسيحية، وانبري في التحامل المقذع علي عقيدتهم، ولعل جولد تسهير نفسه لم يتورع عن الاعتراف بأنهم «موحدون»، فهم «المترجمون الحقيقيون للفكر الحقيقي القويم». وما نراه أن التأثير النصراني في «النصيرية» لم يتعد بعض الطقوس إلي جوهر العقدية، تلك الطقوس الاحتفالية ذات الطابع المتقارب بين الكثير من العقائد والديانات. وثمة ادعاءات أخري تري في عقيدة «العلويين النصيرية» ضربا من الهرطقة والإلحاد، وأن ذلك ناتج عن تأثيرات فارسية قديمة مثل الحلول والتناسخ. وفي هذا الصدد ذكرأحد الباحثين أن هذه المؤثرات انتقلت عن طريق محمد بن نصير الفارسي الذي ادعي الربوبية بعد أن جحد إمامة الحسن العسكري وأباح المحارم، حتي أن الأخير أصدر براءته من ابن نصير وأتباعه. والأمر لا يعدو محض رموز ومصطلحات وكرامات تتصل بالفكر الشيعي العام الذي يميز بين الظاهر والباطن، ويخيل إلينا أن امتزاج الفكر الشيعي «الإثنا عشري» بالتصوف هو الذي يفسر تلك الظاهرة، فإذا كانوا قد اتهموا بإيمانهم العميق بالحجب والأشباح والأظلة، فقد كانت في اصطلاحهم ذات دلالات في مراتب نظامهم السري، فالحجب هم الائمة، والأشباح هم النقباء والأظلة هم الأتباع المخلصون. لذلك تسقط دعاوي بعض الدارسين – مثل فيليب حتي- حين زعم أن «النصيرية» يساومون حول نبوة محمد وقداسة الرب». وفي الاتجاه ذاته مضي جولد تسهير حين قال بأنهم «حافظوا علي الوثنية في إطار إسلامي شكلاني.. وأن عقيدتهم مزيج غريب من الوثنية والغنوصية وهي نزعة فلسفية نشأت بتأثير الديانات اليهودية والبوذية والمجوسية والصينية والإسلام». ولعل هذا التضارب في أحكام الدارسين السابقين يفند منطقيا سفه وخطل أحكامهم ودعاويهم، خاصة إذا ما علمنا أن كتابات حتي جولد تسهير لا تخلو من روح التعصب ضد الإسلام بوجه عام، كما أن صاحب كتاب «تاريخ الشيعة» سني تصدي بالباطل للتحامل علي الشيعة عموما. وما نراه – حتي ولو افترضنا حسن نواياهم- أنهم جاوزوا الصواب في فهم منزلة الأئمة العلويين عند شيعتهم، فخلطوا بين تبجيلهم لعلي وآل بيته وبين الآراء «العرفانية» والأفلاطونية المحدثة. ولا مجال للخوض في ذلك، والأولي أن نوضح مكانة علي بن أبي طالب وآل البيت عموما عند المسلمين سنة وشيعة، تلك المكانة التي وصلت إلي حد الغلو أحيانا كنتيجة منطقية للمصير التراجيدي الذي آل إليه مصير آل البيت عموما عبر عصور التاريخ الإسلامي، هذا فضلا عن اختصاص الشيعة تحت تأثير حملة العلم من أئمتهم بالآراء الحكمية والفلسفية والعلوم الطبيعية أكثر من غيرهم. لذلك حظي شخص علي وخلفه من الائمة العلويين من بعده بمكانة جلية في نظر الشيعة، وأحيطوا بهالة من الإجلال ، كالاعتقاد بعصمتهم. ولا يعد ذلك فيما أري ضربا من الهرطقة، خصوصا أن القرآن الكريم قد اختصهم بمكانة سامية، قال تعالي : «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا»، فالشيعة عموما يميزون بين النبوة والإمامة، فالأولي- في نظرهم- انقطعت بعد محمد (ص)، أما الأئمة المعصومون المطهرون فهم «مصدر الإرادة الإلهية دون وحي لا واسطة مصداقا للآية الكريمة «وكل شيء أحصيناه في إمام مبين». قصدنا من هذا الاستطراد نفي المزاعم التي تصور العلويين النصيرية كعقيدة خارجة عن الإسلام ، وما نراه أنهم مسلمون شيعة «إثنا عشرية». وليسوا إسماعيلية كما اعتقد البعض خطأ أو عمدا. والقرائن علي ذلك وفيرة. نسوق منها اعتراف خصومهم بأن محمد بن نصير النميري الذي نسبت الفرقة إليه كان من أتباع الإمام «الإثنا عشري» الحسن العسكري، وهو أمر يقره مؤرخو الفرقة أنفسهم، كما أن تاريخ العلويين النصيرية عموما يتسق وطابع الاعتدال الذي يميز «الإثنا عشرية». فالثابت عزوفهم عن السياسة لأسباب مذهبية، فحواها أن الإمام المهدي الثاني قد غاب ولا سبيل لدعوة سياسية إلا بعد ظهوره، لذلك انصرف ائمتهم الأول إلي العلم والزهد وعزفوا عن القيام بثورات ضد العباسيين كما فعل الزيدية. كما لم يشاركوا الإسماعيلية سياسة الدعوة السرية المنظمة لإقامة دولة علوية، يشهد بذلك ما رواه الشهرستاني عن جعفر الصادق الذي تنسب إليه فرقة «الإثنا عشرية» بأنه «ذو علم غزيز في الدين وأدب كامل في الدنيا.. وكان يفيض علي الموالين له بأسرار العلوم.. دخل العراق وأقام بها مدة، ما تعرض للإمامة قط ولا نازع أحدا في الخلافة». ومنذ عام 300 ه تقريبا والشيعة الإمامية يحاولون عقد مصالحات مع الفرق الأخري، وفي هذا الصدد ظهر تأثر التشيع بالتصوف، وتضافرا معا علي شجب العصبية الإثنية والسخائم الطائفية. لذلك فلا غرابة أن يتأثر المذهب «الإثنا عشري» خصوصا بالتصوف إلي حد الامتزاج عند بعض فرق «الإثنا عشرية»، منها فرقة العلويين النصيرية التي امتزجت بالطريقة الجنبلانية الصوفية في الشام، وعول أتباعها علي الدعوة للتقارب بين جميع الطوائف.. بل وحتي مع اليهود والنصاري. لذلك لم يخطئ أحد الدارسين في الحكم بأن هذه الجماعات «تستمد قواعدها وتنظيماتها وأصولها وأحكامها من القرآن الكريم والشريعة الإسلامية، ومن التعاليم والارشادات التي جاء بها الأئمة من آل بيت النبي الأطهار». وشأنهم شأن الشيعة عموما كانوا يأخذون الأحاديث النبوية عن أئمتهم فقط، وكان من رواتهم المفضل بن عمر الجعفي وجابر بن يزيد الجعفي ومحمد بن نصير النميري البصري. وللسبب نفسه اتسمت كتبهم- التي اطلع علي بعضها الدكتور مصطفي غالب- بالكثير من الكرامات والمعجزات والخوارق الخاصة بالائمة. ونعتقد أن امتزاج مذهبهم بالتصوف قد فتح الباب علي مصراعيه لتفشي تلك الظاهرة. وربما يرد ذلك أيضا إلي تقوقعهم في جبل العلويين، وما يفضي إليه ذلك من تحجر في الأفكار والمعتقدات التي تشبثوا بها نتيجة تعرضهم لأخطار القوي المعادية المجاورة. تأصيل العشائرية إذ أن غياب «المشروع السياسي» عند «العلويين النصيرية» أفضي إلي تأصيل العشائرية بينهم، وقد ساعد علي ذلك ما حل بهم من محن علي يد العباسيين والسلاجقة، ولم يتنفسوا الصعداء إلا في ظل الإمارة الحمدانية في حلب التي كان امراؤها شيعة إثنا عشرية». لذلك لم يتقاعس العلويون النصيرية عن مناصرتهم ضد البيزنطيين. ولم يسلموا كذلك من أخطار الصليبيين، فقد بطشوا بهم، وزاد الطين بلة تعرضهم لاضطهادات الأكراد والاسماعيلية، ومع ذلك لم يتقاعسوا عن مناجزة الصليبيين حتي دحرهم صلاح الدين. وبقيام دولة المماليك تحالف «العلويون النصيرية» مع سلاطينهم لمواجهة أخطار الصليبيين والمغول، وقد كافأهم السلطان برسباي علي ذلك بمنحهم استقلالا ذاتيا في جبلهم. لكنهم لن ينعموا بالاستقلال طويلا فقد داهمهم الخطر العثماني بعد قضائه علي الدولة الصوفية في إيران والعراق، وأمعن السلطان سليم العثماني في رؤسائهم قتلا، وفي بلادهم نهبا وسلبا، وحاول فل شوكتهم بأن اقطع بلادهم لبني جلدته من الأتراك. ولم تنجل المحنة طوال العصر العثماني إلا بعد استقلال محمد علي بمصر وتوجيه حملة إلي الشام وآسيا الصغري بقيادة ابنه ابراهيم باشا. والحق أن الأخير جند «العلويين النصيرية» إلي جانب الدروز في حروبه مع العثمانيين، لكنهم تلقوا الجزاء رادعا بعد انسحاب محمد علي من الشام، ومع ذلك ظلوا مصدر قلاقل للإدارة العثمانية التي عولت علي أسلوب المهادنة والملاينة درءا لخطرهم، فمنحهم مدحت باشا استقلالا إداريا بجبلهم علي غرار ما فعله مع الدروز. وفي الوقت ذاته دأب الأتراك علي إثارة الشحناء والبغضاء بين السنة والشيعة، وناصروا السنة ضد «العلويين النصيرية» فنهبوا ممتلكاتهم وتحكموا في مقدرات بلادهم إداريا واقتصاديا. وظل الحال علي هذا المنوال حتي قيام الحرب العالمية الأولي وانتصار الحلفاء وتوزيع ممتلكات «الرجل المريض» بين المظفرين، كانت بلاد سوريا ولبنان من نصيب الفرنسيين، واندلعت الثورات التحررية التي أسهم فيها «العلويون النصيرية» بدور بارز، لكن ثوراتهم قمعت بقسوة، فعمل الفرنسيون علي قتلهم وتشريدهم وجردوا فلولهم من حمل السلاح، وأدي ذلك إلي تدهورهم ومزقهم شيعا وطوائف وعشائر. وبعد الاستقلال أسهم «العلويون النصيرية» في بناء سورية المعاصرة بدور بارز.