«لحمة إيه وكلام فاضي إيه.. هو احنا لاقيين العيش الحاف».. «الناس تعبانة وشاربة المر».. «ربنا يرحمنا برحمته.. لا ثورة نافعة.. ولا حتي رئيس جديد». هذه العبارات وغيرها الكثير تكررت علي ألسنة المواطنين بعدما انفلتت الأسعار وأصاب الغلاء كل شيء وارتفعت أسعار اللحوم بشكل جنوني، وأصبح المواطن في مهب الريح يصارع من أجل البقاء في ظل معادلة غير عادلة تتمثل في أجور متدنية وثابتة إلي حد كبير وأسعار مرتفعة.. وسط هذه الدوامة يهل علينا ثاني عيد أضحي بعد ثورة 25 يناير، وأول عيد بعد انتخاب رئيس جديد وللأسف لم يتغير حال المصريين.. نفس المشاهد التي تعودنا عليها في مثل هذه المواسم حيرة وصرخات من ارتفاع الأسعار وعجز عن شراء كيلو لحم في العيد. في جولة ل «الأهالي» في الأسواق وبعض محلات الجزارة لمعرفة مدي معاناة المواطنين في رحلة البحث عن كيلو لحم بسعر معقول رصدنا بدون مبالغة علامات الاكتئاب والأسي علي وجوه المواطنين فضلا عن أن محلات الجزارة التي كانت دائما مزدحمة بالمواطنين خاصة في مثل هذه الأيام تعاني من انخفاض القوة الشرائية. لجأ أغلب المواطنين إلي تقليل كميات اللحوم التي اعتادوا علي شرائها في عيد الأضحي ولجأ البعض الآخر إلي منافذ بيع اللحوم المستوردة بالمجمعات أو الشوادر المنتشرة بأنحاء الجمهورية لشراء ما يحتاجون إليه من لحوم بأسعار أقل من اللحوم البلدية التي تباع في محلات الجزارة. أما الأسر محدودة الدخل فرفعت شعار «لا لحمة في العيد» واستبدلتها بالدواجن والأسماك. اشتعال أسعار اللحوم وفي محلات الجزارة ارتفعت أسعار اللحوم بجميع أنواعها ارتفاعا ملحوظا هذه الأيام فوصل سعر اللحم الكندوز إلي 65 جنيها للكيلو ووصل سعر كيلو الضأن إلي 70 جنيها ويباع كيلو البتلو ب 90 جنيها ويتراوح سعر كيلو الجملي ما بين 45 و50 جنيها وأرجع المعلم «محمد خليل» – جزار بالظاهر – ارتفاع أسعار اللحوم إلي زيادة أسعار الأعلاف مؤكدا أن حجم المبيعات تراجع عن الأعوام السابقة. وأشار إلي أن الزبائن قللوا كميات شرائهم هذا العام فمن كان يشتري 5 كيلو أصبح يشتري كيلو أو اثنين ومن يشتري 2 كيلو يشتري الآن كيلو واحد. وأضاف أن معظم المواطنين يشترون اللحوم الجملي هذه الأيام نظرا لانخفاض أسعارها موضحا أن سعر اللحوم الضأن ارتفع بنسبة 15% لأنها لحوم موسمية لا يقبل عليها الزبون إلا في هذه الأيام وأكد أن هناك لحم «وقيع» وهي اللحمة الكبيرة يقبل عليها محدودو الدخل ويتراوح سعرها ما بين 45 و50 جنيها حسب القطعية. بدائل أخري وهذا الارتفاع الرهيب في الأسعار جعل العديد من المواطنين يبحثون عن بدائل أخري بدلا من لحوم الأضحية منهم من يشتري الدواجن والأسماك والبعض الآخر يكتفي بالخضار هذا ما أكدته «نرمين إبراهيم» – موظفة – قائلة إن الحكومة الجديدة لاتهتم بالمواطنين الغلابة، وللأسف الثورة لم تغير شيئا فالأسعار مولعة وأكدت أنها سوف تكتفي بشراء كيلو لحمة علشان أول يوم العيد، أما باقي أيام العيد سوف تقوم بشراء خضراوات وطبخها كغذاء لأطفالها بدون لحم. ابتسام أحمد – معاش مبكر – تساءلت عن سر ارتفاع الأسعار في المواسم وقالت كنا نأمل أن الرئيس مرسي يرحمنا من الغلاء ويراعي أصحاب الدخول البسيطة ولكن اللي حصل العكس فكل حاجة غالية مش اللحمة وبس. ربنا يرحمنا برحمته هكذا قالت «مي عبدالتواب» – ربة منزل – عندما سألتها عن لحمة العيد مشيرة إلي أن الجزارين يقومون برفع الأسعار وخلط اللحم البلدي بالمجمد ووضع الجلد في اللحوم المفرومة لأنهم يعرفون أن الناس مضطرة للشراء في هذه الأيام ولذلك أنا مش هاشتري لحمة في العيد وكفاية علينا السمك والفراخ بدلا من اللحم في العيد. كفاية العظم أما الحاجة فوزية – ربة منزل وزوجها أرزقي وعندها أربع أولاد – فنقول إحنا مانقدرش علي ثمن اللحمة كفاية علينا العظم نعمل شوية شوربة وحبة خضار وخلاص. «وجدي أمين» – علي المعاش – أكد أن أصحاب المعاشات يعانون معاناة حقيقية فكل حاجة غالية من أول رغيف العيش حتي كيلو اللحمة اللي وصل إلي 80 جنيها، والطبخة الوحدة بتكلف الواحد فوق ال 100 جنيه، والمفروض أن الدولة تدعم اللحمة وتبعها علي بطاقة التموين للمواطن الغلبان زي الأنابيب بدل مانتحرم منها حتي في العيد. اللحوم المستوردة ولأن ست البيت هي المسئولة عن ميزانية الأسرة وشراء ما يلزمها فهي دائما تبحث عن الأرخص ولذلك وجدنا بعض السيدات يقاطعن محلات اللحوم لارتفاع أسعارها ويلجأن إلي المجمعات الاستهلاكية ومنافذ بيع اللحوم المستوردة. تقول أم محمد «ربة منزل » زوجي يعمل بوابا ولا نقدر علي أسعار اللحمة من عند الجزارين وهانشتري لحمة من الجمعية ب 45 جنيها وكويسة ولكن من عند الجزار ب 70 و75 جنيها ومليانة بالدهن وبعدين إحنا هانشتري كيلو واحد وخلاص. ويشير عم «سيد» – علي المعاش – أن سعر اللحوم المستوردة قريب من سعر البلدي، فأنا ذهبت لشراء كيلو أنا وزوجتي وجدت أن سعرها في الجمعية ب 40 جنيها ولكنها مليئة بالدهن أما القطعية الكويسة فيزيد سعرها 10 جنيهات وتباع ب 50 جنيها. ويقول «علي محمد» – موظف بأحد مجمعات النيل بالظاهر – إن هناك إقبالا علي اللحوم المستوردة خاصة من محدودي الدخل نظرا لارتفاع أسعار اللحوم البلدية مشيرا إلي أن سعر كيلو البفتيك 45 جنيها والموزة 40 جنيها والمفروم ب 38 جنيها. وأوضح أن المواطنين انقطعوا عن شراء اللحوم المستوردة الأيام السابقة بعد شائعة السرطنة ولكن بعد استغلال الجزارين هذه الشائعات وقيامهم برفع أسعار اللحوم تزايد الإقبال علي اللحوم المستوردة مرة أخري ويتوقع أن يستمر البيع حتي وقفة العيد. وانتقد «محمد فضل» – موظف – غياب الرقابة علي محلات بيع اللحم والمنافذ والمجمعات مشيرا إلي أن بعض الجزارين يرفعون السعر حسب جودة القطعية فتباع القطعة الكويسة ب 75 جنيها والملئ بالدهن ب 60 و65 جنيها والناس مجبرة علي الشراء. وأكد أن اللحوم المستوردة كل كيلو جرام يتضمن حوالي ربع كيلو دهون وتستغرق وقتا طويلا للطهي. ويعاني معظم الأزواج في هذه الأيام من طلبات زوجاتهم التي لا تنتهي وتتزايد الخلافات الزوجية.. هذا ما أكده «محمد عبداللطيف» – حداد – الذي لجأ إلي قرية طوخ بالقليوبية لشراء ما تحتاجه زوجته من اللحوم بأسعار مخفضة حيث يباع كيلو اللحم ب 45 جنيها. أما عم «عبده» الكناس – 57 سنة – يقف تحت لفحة الشمس وعندما سألته عن شراء اللحمة في العيد قال لحمة إيه يا بنتي أنا نسيت طعم اللحمة، هو حد بياكل لسه لحمة في الزمن الأغبر ده، والعيد زي باقي الأيام حتة جبنة ولقمة عيش والسلام ولو ربنا بيحبني هايرزقني بحتة لحمة من أي حد دبح وادي الدنيا ماشية. أسعار الأضاحي نار أما أسعار الأضاحي فشهدت هي الأخري ارتفاعا ملحوظا قبل عيد الأضحي بأيام فيتراوح سعر كيلو الضأن الحي من 30 إلي 35 جنيها ويتراوح سعر الخروف ما بين 1700 إلي 2200 جنيه وسعر كيلو البقري الحي ب 30 جنيها بعد أن كان ب 28 جنيها. فيقول المعلم «علاء مختار» – صاحب مزرعة مواشي بالفيوم أن سبب ارتفاع الأضاحي هو قلة المعروض حيث لجأ المربون إلي أصحاب المواشي من السوق منذ أكثر من شهرين للحصول علي أعلي سعر مع بداية الموسم، غير ارتفاع أسعار العلف ولذلك تزايد سعر كيلو اللحم للخراف الحية ليصل إلي 35 جنيها وهناك أنواع يصل سعر الكيلو إلي 33 جنيها وذلك حسب النوع والجودة والجحم. وأكد أن سوق الأضاحي يشهد ركودا لعزوف العديد من المواطنين الذين اعتادوا علي شراء الأضحية في العيد عن الشراء نتيجة ارتفاع الأسعار. صك الأضحية ولجأ البعض الآخر إلي شراء الخراف الحية بغرض الأضحية من المجمعات الاستهلاكية لأنها عادة ويحبون ألا تنقطع فيؤكد هاني مصطفي – تاجر بسوق غزة – أنا قمت بشراء خروف العيد من الجمعية لأن سعر الكيلو أرخص من عند التجار فيباع ب 28 جنيها وهو خروف بلدي. وليد إبراهيم – صاحب محل ملابس بحلوان – اضطر إلي شراء الخروف من سوق السيدة عائشة مؤكدا أن الأسعار ارتفعت بشكل جنوني فالخروف وصل سعره إلي 1900 جنيه ولكن الواحد اضطر للشراء لأنها عادة وإحياء لسنة الرسول «عليه الصلاة والسلام». ولجأ بعض المواطنين إلي صك الأضحية هربا من ارتفاع الأضاحي فيقول «عصام محمد» – صاحب محل بقالة – أن دار الإفتاء المصرية أجازت صك الأضحية وأنا قمت بشراء الصك من بنك الطعام بألف جنيه للأضحية البلدي علشان أريح نفسي من جشع التجار. ونتيجة لارتفاع أسعار اللحوم بشكل جنوني طالبت بعض جمعيات حماية المستهلك بمقاطعة اللحم هذا العام. أكدت «سعاد الديب» – رئيس مجلس إدارة الجمعية الإعلامية لحماية المستهلك والبيئة – أن الحل الوحيد أمام ارتفاع الأسعار الرهيب هو الامتناع عن الشراء واللجوء إلي البدائل الأخري كالسمك والدواجن.. وطالبت المواطنين الذين يقبلون علي شراء اللحم في هذه الأيام بضرورة الشراء من جزار أمين والتأكد من سلامة اللحم.