من الصعب التحلي بالحكمة الصافية في ظل ارتفاع صوت طلقات الرصاص، ومن الصعب التحلي بها في ظل تعقد وتشابك القضية الفلسطينية كما هي الآن، حيث الغلبة لعنف إسرائيلي غير مسبوق، يستهدف دك غزة على رؤوس أصحابها من الشعب الفلسطيني، أو دفعهم للفرار، وتهجيرهم قسرياً وتوطينهم في سيناء المصرية وتنفيذ مخطط صفقة القرن التي رفضها الشعب الفلسطيني وقيادته، ورفضها الشعب المصري وقيادته. لكن من غير الحكمة الاستجابة العاطفية وحدها وتناسي التاريخ، أو تناسي الهدف، سواء هدف حماس بتصدر المشهد أو هدف إسرائيل العدواني الذي ستكون نتيجته تصفية القضية الفلسطينية. يأتي تعقد الموقف الراهن من عدة مصادر: 1- وجود حماس في العملية الراهنة. 2- العنف الإسرائيلي العدواني الهمجي ضد الشعب الفلسطيني في غزة. 3- وجود مخطط تهجير قسري وتوطين سكان غزة – أو جزءٍ منهم – في سيناء المصرية وتحويلها لوطن بديل. 4- الوقوف على حافة تفجير المنطقة عن طريق توسيع الحرب مع لبنان وسوريا ومصر باسم الدفاع عن الشعب الفلسطيني ضد العنف الصهيوني. وتصنع هذه العناصر عملية تعقيد في التحليل السياسي وإطلاق الشعارات بين الراغبين في استثمار هذا الوضع الجديد. فحماس تريد الاستمرار في تصدر المشهد بأي صورة، إن حرباً مشتعلة متسعة أو التفاوض معها حول الأسرى، والسلطة الفلسطينية ومصر والأردن يريدون وقفاً للحرب وهدنة وحقنا لسيل الدم الفلسطيني يتبعها إعادة إحياء للقضية الفلسطينية وفقاً للشرعية الدولية وحل الدولتين، و نتنياهو وحكومته اليمينية الصهيونية يريدون نصراً داخلياً بالانتقام والقتل ودك غزة وتصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري، وبايدن يريد نصراً صهيونيا مزينا بالوعود لحل القضية الفلسطينية وإعادتها إلى الثلاجة لكي يحقق نصرا داخليا يفيده في الانتخابات الأمريكية. ووسط هذه الطموحات الحمساوية والإسرائيلية والأمريكية تظل القضية الفلسطينية مهددة بخطر التصفية عبر سيناريو الحرب أو سيناريو التهجير القسري أو سيناريو عفى الله عما سلف، ويظل الأمن القومي العربي والأمن القومي المصري في خطر. وتظل المسألة الواضحة في ظل هذا المشهد المعقد هي التضامن مع الشعب الفلسطيني الصامد والمقاوم، ودعمه على طريق الحصول على حقوقه الوطنية وعلى رأسها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، ومدخل هذا التضامن هو الوقوف الآن بقوة وصلابة في وجه مخططات تصفية القضية الفلسطينية وبصفة خاصة مخطط التهجير القسري والوطن البديل.