استعادت سوريا، اليوم الأحد، مقعدها في جامعة الدول العربية بعد تبني القرار في اجتماع مغلق لوزراء الخارجية العرب بعد غياب دام 12 عاما. وقال المتحدث باسم الأمين العام للجامعة العربية جمال رشدي إن الجامعة تبنت قرار عودة سوريا لمقعدها. وخلال جلسة وزراء الخارجية العرب، قال وزير الخارجية سامح شكري إن السبيل الوحيد لتسوية الأزمة السورية هو الحل السياسي دون تدخلات خارجية، مضيفا: "لا حل عسكريا للأزمة السورية". وأوضح: "يجب القضاء على جميع صور الإرهاب في سوريا". وعلقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا في عام 2011 مع اندلاع الحرب الأهلية فيها. وفي الآونة الأخيرة عادت بعض الدول العربية ومن بينها السعودية ومصر والإمارات إلى التعامل مع سوريا عبر الزيارات والاجتماعات رفيعة المستوى. وتحاول الدول العربية التوصل إلى توافق في الرأي بشأن احتمال دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور قمة الجامعة العربية في 19 مايو في الرياض لمناقشة خطى استئناف العلاقات وشروط السماح لسوريا بالعودة…. وهذا نص كلمة وزير الخارجية سامح شكري لهذا الشأن .. توجه معالي وزير الخارجية بخالص الشكر والتقدير للسادة الوزراء، ورؤساء وفود الدول العربية الشقيقة، ولجامعة الدول العربية، على عقد هذا الاجتماع الهام، قائلاً: هذا الاجتماع يتيح المجال للتشاور والتنسيق حول تطورات الأوضاع في الجمهورية العربية السورية، وتجديد دعمنا لأشقائنا في سوريا في سبيل سعيهم للخروج من أزمتهم المستمرة في أقرب الآجال .. هذه الأزمة التي امتدت تبعاتها السلبية من إرهاب، ودمار، ونزوح، ولجوء، إلى سائر دول المنطقة والعالم، وصولا إلى فقدان شعب شقيق له اسهامات تاريخية في الحضارة العربية لمفهوم الوطن الآمن، وبكل أسف .. فقد استمرت معاناة أشقائنا السوريين عاماً تلو الآخر، بل وتفاقمت نتيجة تعثر التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة، وتعدد التدخلات الخارجية فيها، وانصراف انتباه المجتمع الدولي إلى قضايا أخرى، مما أنتج حالة من الجمود التام طالت لسنوات، وهو أمر كان ال يمكن لنا كدول عربية السكوت عنه، بعدما بات مصير الشعب السوري بكافة أطيافه مرتبطاً بالمواءمات على الساحة الدولية، والتي تشهد حالة من الاستقطاب غير المسبوق، وأصبح رهينة للجماعات الإرهابية التي زجت إلى الساحة السورية بواسطة دول وتنظيمات لتحقيق أغراض سياسية بحيث كرست وجودها على الأراضي السورية، وبقى الشعب السوري بمفرده في مواجهة تحديات عديدة ومتراكمة أثقلت كاهله، وصار التساؤل المشروع في هذا السياق عما حققته نتائج تدويل أزمة دولة عربية شقيقة، وعن حقوق ومستقبل أبناء شعبها. وتولي الدول العربية أولوية كبيرة لأن يكون لها إسهاماتها الملموسة والمباشرة في صياغة حلول أزماتنا، وهو الأمر الذي يحظى باهتمام خاص في مصر انطلاقا من إيماننا بمبدأ الحلول العربية للقضايا العربية، وبضرورة تكاتف وتضامن الأشقاء في تجاوز التحديات، وبأهمية تفعيل الدور العربي القيادي لتسوية قضايانا بأنفسنا، والنأي بها عن التعقيدات الدولية والإقليمية الأخرى حفاظاً على مصالحنا المشتركة، وأوطاننا، وأمننا ، واستقرارنا ، ومقدرات شعوبنا. وأضاف شكري قائلاً: لقد أثبتت جميع مراحل الأزمة السورية أنه لا حلا عسكرياً لها، وأنه لا غالب ولا مغلوب في هذا الصراع، بل حذرت مصر على مدار السنوات الماضية ومنذ بداية الأزمة من تداعيات الصراع المسلح في سوريا ومحاولة الحسم العسكري، ولم تلق هذه التحذيرات آذان صاغية. من ثم، فإننا علي اقتناع تام بأن السبيل الوحيد للتسوية هو الحل السياسي بملكية سورية خالصة دون إملاءات خارجية، واستيفاء الإجراءات المرتبطة بتحقيق التوافق الوطني بين الأشقاء السوريين، وبناء الثقة، ومواصلة اجتماعات اللجنة الدستورية، على نحو يتماشى مع المرجعيات الدولية وقرار مجلس الأمن رقم 2254، وبما يلبي تطلعات الشعب السوري ويحقق آماله المشروعة في غد أفضل، ويضمن الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها وسالمتها الإقليمية وعروبتها، وينهي كل مظاهر التدخلات الخارجية في شئونها بما في ذلك الاعتداءات على أراضيها، ويفضي إلى القضاء على جميع صور الإرهاب وتنظيماته والفكر المتطرف دون استثناء، ويوفر البيئة المناسبة للعودة الطوعية والآمنة للاجئين والنازحين، ويفتح المجال أمام البناء والتنمية مما سيعزز من عناصر الاستقرار في الوطن العربي والمنطقة. ومن هذا المنطلق، واصلت مصر جهودها، بالتعاون مع أشقائها العرب، والدول الصديقة، والمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، من أجل الإسهام في تحقيق هذه الأهداف. وجاءت الاجتماعات العربية الأخيرة التي استضافتها كل من المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، في إطار تفعيل الدور العربي في حل الأزمة السورية من خلال مقاربة تنفيذية وفق منهجية "خطوة مقابل خطوة" وبما يهدف لمعالجة جميع تبعات الأزمة السياسية والأمنية والإنسانية. ومما لا شك فيه أن انضمام الجمهورية العربية السورية إلى البيان الختامي لاجتماع عمان يوم الأول من مايو الجاري هو تطور إيجابي وخطوة هامة على صعيد إثبات حسن النوايا وتنفيذ التعهدات وتعزيز التعاون العربي / العربي لحل الأزمة السورية. ونتطلع في هذا السياق إلى مواصلة اتخاذ الخطوات التنفيذية للتطبيق الكامل لمخرجات اجتماع عمان، ودعم المجتمع الدولي لها. وبهذه المناسبة، ففي الوقت الذي تضطلع به الدول العربية بمسئولياتها في دفع الحل السياسي للأزمة في سياق الجمود الدولي الحالي، فإننا نشدد أن على الحكومة السورية المسئولية الرئيسية في الوصول لهذا الحل، وتنفيذ الالتزامات ذات الصلة، ونجدد كذلك التأكيد على ضرورة وفاء الدول المعنية بالأزمة والمجتمع الدولي بالتزاماتهم تجاه الشعب السوري. ومن هذا المنبر، فإننا نعيد التأكيد على ضرورة إعلاء مفهوم الوطن الجامع الآمن، ووفاء كل من الحكومة السورية، والقوى الوطنية والمكونات السورية، والمجتمع الدولي، والدول المعنية بالأزمة، بالتزاماتها كل تجاه الآخر، لكي تعود سوريا إلى السوريين موحدة، ومستقرة، ومستقلة، كما نحب أن نراها، فال يستقيم أن يكون من بين أبناء أمتنا العربية من هو الجئ أو نازح أو متضرر من ويلات الإرهاب والاختطاف والحروب والكوارث. وختاماً، نتطلع اليوم إلى المزيد من النقاش وتبادل وجهات النظر بين الدول أعضاء الجامعة حول جهودنا في الشأن السوري، ومسارات تفعيل آليات العمل العربي المشترك من أجل رفع معاناة الشعب السوري العزيز، إذ أن علينا جميعاً مسئولية تاريخية لنقف إلى جواره، ومساعدته على طي صفحة حزينة وطويلة من تاريخه وتاريخ الشعوب العربية. وشكراً،