ضد التيار دفاع عن استبداد قيس سعيد أمينة النقاش ما يجرى فى تونس من مظاهرات احتجاجية، ومناكفات شبه يومية ضد ما يسمى الاستبداد الرئاسى والديكتاتورية والإنقلاب على الديمقراطية والمطالبة برحيل الرئيس " قيس سعيد"، هو محض مسرحية هزلية من النوع الردئ والمفضوح الأهداف .فالمحتجون يرفعون شعارات خادعة تزعم الدفاع عن الحريات العامة، وهم فى الحقيقة عالقين فى فخ الدفاع عن حركة النهضة، الفرع التونسى لجماعة الإخوان وتنظيمها الدولى. المثل الشعبى الحكيم لدينا يقول "إذا كنتوا نسيتوا إللى جرى، هاتو الدفاتر تنقرا " وفى تلك الدفاتر ما يوثق أن عقدا كاملا بات يسمى فى القاموس السياسى التونسى بالعشرية السوداء، حكمت فيه حركة النهضة بشكل مباشر، أو بالمشاركة مع أخرين من أنصارها، قادت تونس إلى أزماتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الراهنة، وإلى خراب بدد موارها وامكانياتها البشرية والمالية على صراعات الاستحواذ والهيمنة. والمعادلة التى يسعى المحتجون للترويج لها والمطالبة بعودتها للحياة، هى ديمقراطية الصندوق الانتخابى ونظام حكم برلمانى، لم يسفر خلال العقد الماضى، إلا عن سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة التونسية وتغيير هويتها، التى كانت فى السابق محلا لمباهاة العرب بحداثتها واستنارتها وتقدمها الاجتماعى. معادلة تفتقر إلى الصدق وتفتقد للوعى، ولا تصب سوى فى إضعاف الدولة ومؤسساتها، الذى يسعى الرئيس "قيس سعيد" بجهود شاقة، وأجواء داخلية وخارجية مناوئة، لاستعادتها لصالح الشعب التونسى، بعدما اختطف الإسلاميون دولته وحولوها إلى غنيمة لصالح مشروعهم الظلامى الضحل والفاشل. وتحفل الاحتجاجات على حملة الاعتقالات الأخيرة التى طالت قياديين فى حركة النهضة ومسئولين سابقين ورجال أعمال، وإعلاميين وقضاة مرتبطين بها ومتهمين بالفساد الإدارى والتربح من المال العام وممارسة العنف والإرهاب والقتل، وأعضاء فى جبهة الخلاص المعارضة، التى تزعم أنها تجمع لقوى مستقلة، بينما تقودها حركة النهضة، تحفل بالتضليل وخلط الأوراق، والرغبة اليائسة فى تثبيت أجواء الفوضى وعدم الاستقرار فى البلاد، باسم الدفاع عن القيم الديموقراطية وحقوق الإنسان، تلك القيم التى باتت فزاعة غربية للتدخل الخارجى فى شئون الدول الصغيرة. وفى تلك الدفاتر، ما يثبت كشف السلطات التونسية قبل سنوات عن تنظيم سرى مسلح لحركة النهضة، وجهت إليه هيئة الدفاع عن المناضلين المعارضين شكرى بالعيد ومحمد البراهمى، تهمة إغتيالهما، وأثبتت قيادة "راشد الغنوشى " بنفسه لهذا التنظيم، وأن قيادات من جماعة الإخوان المصرية هى من دربت أعضاء الحركة على تأسيس تنظيمها السرى، الذى تبين حيازته لكشوف بأسماء قيادات أمنية فى الجيش والشرطة، وشخصيات عامة، وعناوين مقار إقامتهم، فضلا عن خطط لمواصلة التدريب ووضع تعليمات لكيفية صناعة القرار السياسيى فى البلاد، فضلا عن فتح معسكرات لتدريب متطوعين للمشاركة فى الحرب الأهلية داخل سوريا وليبيا . تمكنت حركة النهضة بتسيسها للقضاء، من إغلاق هذا الملف، برغم أن الرئيس "قايد السبسى " كان قد أكد قبل رحيله، أن قضية الجهاز السرى لحركة النهضة ستبقى مفتوحة، وسوف تخضع للمساءلة القانونية والقضائية .وتسرى فى أوساط بعض النخب السياسية فى تونس شكوك جدية حول طرق غير شرعية تم استخدامها للتعجيل بإنهاء حياة الرئيس "السبسى ". وبفضل العشرية السوداء وزيادة حدة العنف فى المجتمع، والتلاعب الذى اتقنته النهضة بآليات الديمقراطية الشكلية، الخالية من أى مضمون اقتصادى أو اجتماعى فقد الشعب التونسى الثقة فى أن الديمقراطية، هى الوسيلة المثلى لإنهاء أزمات بلدهم المتفاقمة .ولهذا حظيت إجراءات الرئيس " قيس سعيد" لاستعادة أواصر الدولة الوطنية، وتعديل النظام السياسى من برلمانى إلى رئاسى، والملاحقة القضائية لكل من أتهم بالقتل والفساد وتشكيل جماعات مصالح للاستيلاء على الأموال العامة، وممارسة أعمال العنف والإرهاب، بتأييد قطاعات شعبية واسعة بعيدة عن الأوساط الحزبية المتناقضة المصالح . اعتراض "قيس سعيد " على دخول حقوقيين أجانب لدعم مظاهرات داخلية، وطرد بعضهم للمشاركة بها، ليس اعتداء على الحقوق والحريات، بل تصويب لمسلك العمل الديمقراطى السلمى، وبين شروطه عدم الاستقواء بالخارج . وتخلى الاتحاد التونسى العام للشغل عن دوره النقابى، للانخراط فى العمل السياسى، لا يخدم الديمقراطية ولايحقق مصالح التونسيين. إنه نوع من المراهقة السياسية والتوجه الشعبوى الذى يخصم من رصيده النقابى وينعش آمال حركة النهضة بالعودة إلى المشهد السياسى وعفا الله عما سلف . وما سلف هو عقد شائن من الخراب يسعى "قيس سعيد" لتخليص شعبه ووطنه من آثاره المضرة، فلاتخذلوه.