سعد نصار: لا يمكن تطوير التعاونيات دون تطوير البنية التشريعية جمال صيام: الوضع الحالى للجمعيات الزراعية سييء للغاية أوصى المؤتمر الاقتصادى فى أكتوبر الماضى بإصلاح التعاونيات للقيام بدور فاعل فى التنمية الزراعية، بحيث لا يقتصر دورها على توزيع الأسمدة ويمتد إلى تحقيق تنمية زراعية دائمة فى توفير المستلزمات الزراعية وتنظيم الدورة الزراعية والجمعيات الزراعية والتسويق، إضافة لدورها مع المصنعين والتجار وتوفير الميكنة لصغار المزارعين ومكافحة الآفات والإرشاد الزراعي. ويسمح القانون 204 لسنة 2014 للتعاونيات بإقامة مشروعات استثمارية بالتعاون مع القطاع الخاص بحيث لا يزيد رأس المال الخاص على 25% والمشاركة مع الحكومة فى رسم السياسات الزراعية. وبدأ مجلس الشيوخ فى دراسة كيفية تطوير التعاونيات بناء على توصية المؤتمر الاقتصادى واقترحت وزارة الزراعة تشكيل فريق عمل لدراسة تعزيز دور التعاونيات وإعادة الهيكلة فنيا وإداريا، بمشاركة ممثلين من كل التخصصات الزراعية، وطالبت الدولة أيضا بتحسين وإعادة الهيكلة للتعاونيات. عقدت الجمعية المصرية للاقتصاد الزراعى ورشة عمل عن الإصلاح التعاونى طُرحت خلالها بعض الأوراق البحثية، بالإضافة لعصف ذهنى للخروج ببعض التوصيات لتقديمها إلى وزارة الزراعة والبرلمان تختص بتبسيط وشرح دور التعاونيات وإعادة هيكلتها، وإعادة النظر فى التشريعات الحالية. تعتبر الحركة التعاونية فى مصر من أقدم الحركات وأنشئت أول تعاونية 1910 على يد"عمر لطفى" ويضم الهيكل التعاونى 12 ألف منظمة تعاونية و18 مليون عضو، ويشمل الاتحاد العام للتعاونيات خمسة أنواع تعاونية نوعية النوعية هى: (الزراعى – الاستهلاكى – الاسكان – الصيد والثروة السمكية – الانتاجى) يعلوهم المجلس الأعلى للتعاون برئاسة رئيس الوزراء ويشكل أعضاؤه رؤساء الاتحادات النوعية والاتحاد العام، والوزراء المعنيون يمثلون الجهة الإدارية وهم وزير الزراعة والتموين والإسكان والتضامن الاجتماعى، ثم بعض الخبراء. الحركة التعاونية تبدأ من الجمعيات متعددة الإنتاج (جمعيات ائتمان – استصلاح – إصلاح زراعى) وتعاونيات نوعية بساتين محاصيل انتاج حيوانى ميكنة) تضم الجمعية القروية ثم المشتركة ثم المركزية ثم العامة ثم الاتحاد العام. وأشار دكتور سعد نصار عضو المجلس الأعلى للتعاونيات ومستشار وزير الزراعة خلال الورشة الى أن الدستور يحمى الحركة التعاونية ويضمن استقلالها فى المادة 12 التى تنص على أن الملكية فى مصر ثلاثة أنواع: ملكية عامة وخاصة وتعاونية، وفى مادة أخرى تضمن الدولة استقلالها ورعايتها، ويمنع الدستور حل التعاونيات إلا بحكم قضائى. وينص الدستور على أن تشترك التعاونيات فى رسم السياسة الزراعية، وتحديد أسعار مستلزمات الإنتاج لضمان المحاصيل الإستراتجية بالتشاور وليس بشكل مركزى بناء على دراسات محددة على تكاليف الإنتاج وهامش ربح الأسعار العالمية والدورات المماثلة. وقال نصار أن التعديلات التى تمت على قانون التعاونيات فى 2016 كانت عملية ترقيعات ولم تمس الأساس الجوهرى لعيوب القانون، حيث سمحت بإنشاء شركات استثمارية، وأعطى للجمعيات تحديد قيمة السهم ومجلسها وتحدد رأس مالها بحيث يكون اقتصاديا، وان يكون نسبة أعضاء مجلس الإدارة البالغة 80% من صغار الفلاحين الحائزين اقل من 10 أفدنة و20% الباقية من كبار الحائزين أو الفئات، بشرط أن يكون أدى الخدمة العسكرية ويجيد القراءة والكتابة . وأكد نصار أن فلسفة التعديلات التشريعية لابد أن تقوم على انه لا يمكن تطوير التعاونيات بدون تطوير البنية التشريعية، والتى تحتاج إلى ادخال 22 تعديلا فى القانون الحالى تتعلق بالوظائف، وبالهيكل الإدارى وعلاقة الحكومة بالتعاونيات على ان تتمتع التعاونيات بالإدارة الذاتية والاستقلالية، بحيث يقتصر دور الحكومة على الدعم الفنى، وضمان تنفيذ القانون بدون فرض سلطة أو هيمنة على الحركة التعاونية الشعبية الديمقراطية. المجتمع المدنى والتعاونيات وذكر دكتور سيد خليفة نقيب الزراعيين أن التعاونيات ليس لها وجود على الأرض، وان الكيانات الحالية تركت الأرض فارغة وتحولت الى تحالفات مجتمع مدنى حلت مكان الفراغ التعاونى، لذلك كان تقييمها أفضل من التعاونيات، وحققت نجاحا بنسبة 90% فى أدائها بينما لا يتجاوز فى التعاونيات 20% ما يعكس أن ثقة المواطن فى التعاونيات معدوم. وقال الدكتور محمد حسن عبدالعال أستاذ الإرشاد الزراعى بجامعة القاهرة وخبير الفاو: إن التحول التدريجي للأراضي الزراعية إلى حيازات صغيرة الحجم انعكس على تشكيل الجمعيات التعاونية الزراعية، والتي يشكل صغار المزارعين أعضاءها الرئيسيين والذين يعملون في أنشطة زراعية، مبينا تدهور أداء التعاونيات الزراعية نتيجة لوجود سلسلة من القيود التنظيمية، والفجوات المعرفية في جميع وحدات البنيان التعاوني، ما يتطلب استعادة الدور المؤثر للتعاونيات للمساهمة بفعالية في التنمية المستدامة والحد من الفقر وتعزيز النمو الشامل. لا يزال التشريع بحاجة إلى الإصلاح، حيث لا يزال هناك نقص في المعرفة والخبرة والقدرات للمجالات التي أبرزها التشريع الأخير والذي لا يزال يضع الحركة التعاونية في حاجة إلى المساعدة . وذكر عبدالعال خلال الورشة: الحكومة المصرية طلبت في عام 2015، مساعدة منظمة الأغذية والزراعة، في إطار برنامج التعاون الفني لمساعدة التعاونيات على اغتنام الفرص المتاحة من خلال هذه البيئة التمكينية الجديدة والاستفادة من تبادل الخبرات وتحديد أفضل الممارسات من المنظمات المهنية الناجحة في البلدان الأخرى يهدف المشروع بصفة عامة إلى المشاركة الاستراتيجية فيما بين ممثلي التعاونيات الزراعية وممثلي الحكومات والأطراف المعنية الاخرى، وذلك لدعم تنفيذ إصلاح التعاونيات الزراعية في مصر. بهدف بناء الأساس المنطقي للبرنامج والاستراتيجية حول الحاجة إلى تعزيز الأدوار الاقتصادية والاجتماعية التى تلعبها التعاونيات الزراعية على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية، والحد من الفقر الريف. أيضا تطوير بيئة مواتية للتعاون الزراعي لتحسين دعم الحيازات الزراعية الصغيرة والزراعة الأسرية في مصر، وتقييم احتياجات وقدرات أصحاب المصلحة من أجل معالجتها في سياق إصلاح القانون، ونشر المعرفة حول أفضل الممارسات في ضوء إصلاح التعاونيات الزراعية في مصر حتى تصبح كفؤة وفعالة ومنصفة. وأكد عبدالعال ان القطاع يعانى من تفكك وضعف كيانات التعاون وغياب الرؤية، وانشغال التعاونين بأعمالهم الخاصة، والحكومة غير معنية بالتعاونيات، والقطاع الخاص يستغل غياب البنية الأساسية التعاونية وغياب الكوادر التعاونية الشعبية القادرة على النهوض إضافة لضعف الوضع المالي. وقالت الدكتورة حنان رجائى أستاذ التنمية الزراعية بمعهد التخطيط القومى إن التعاونيات تقوم بدور هام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في خلق فرص عمل إضافة لمساهمتها في الحد من الفقر وتحقيق الاندماج الاجتماعى، ويظهر دورها الفاعل في اقتصادات العديد من دول العالم. وتعتبر التعاونيات الزراعية فى رأى رجائى من أكثر أشكال التعاونيات نجاحا فى العالم فهى تستحوذ على حصة سوقية تبلغ من 50-60 % من إجمالى إيرادات القطاع الزراعى في الاتحاد الأوروبى، و33% من عمليات التصنيع والتسويق وتوريد المدخلات في الولاياتالمتحدةالأمريكية، أما في أستراليا ونيوزلندا فتستحوذ التعاونيات التسويقية في مجال الألبان على حصة سوقية تزيد على 60%، 90%على التوالي. وذكرت رجائى أن عدد التعاونيات الزراعية فى مصر يبلغ حوالى 6 آلاف جمعية يساهم فيها أكثر من 5 ملايين عضو برأس مال بلغ 376 مليون جنيه، وعلى الرغم من قدم نشأة التعاونيات الزراعية في مصر وانتشارها الجغرافي الكبير وأهميتها الكبيرة سواء في المجال الاقتصادي أو الاجتماعي، فإنها تعانى من تراجع أوضاعها في ضوء تراجع دور الدولة وانسحابها من دعم المنتجين في الأنشطة المختلفة أصبحت مجرد كيانات حكومية موجودة عاجزة عن القيام بدورها فى خدمة القطاع الزراعي والنهوض به بما يتوافق مع متطلبات التنمية الزراعية المستدامة. متطلبات إصلاح التعاونيات وعن اصلاح التعاونيات ذكرت رجائى خلال الورشة أنه لابد من اعتراف الدولة بالتعاونيات الزراعية، كشريك ثالث مستقل إلى جانب القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، وإدراكها أنها أنسب أشكال المنظمات الأهلية القادرة على تحقيق أهداف التنمية الزراعية والريفية، وأن على الدولة رعايتها، وحمايتها، وحماية ممتلكاتها ودعمها، والاستجابة لكل ما يساندها في القيام بدورها، لانها تعمل بمعزل عن الدولة وأجهزتها، بدور مباشر، أو غير المباشر، شرط ان لا يتحول هذا الدعم كمبرر لتهميشها، والسيطرة عليها، والتدخل في شؤونها. مشاركة الدولة لاتحاد التعاوني الزراعي المركزي، ماليا وفنيا في إجراء تقييم شامل، واحترافى للتعاونيات بأنواعها على كافة المستويات، من اجل استكشاف اوضاعها الحالية، وقدرتها، المادية، والمالية، والمؤسسية، والادارية، والبشرية، ورصد ما لديها من نقاط القوة والضعف ومدى التزامها بمبادئ وآليات العمل التعاوني وإعادة الصياغة والعلاقة بين الجهاز الإداري للدولة، والتعاونيات الزراعية للحد من تدخله في أعمالها، والتأكيد على استقلاليتها، مما يتيح لها القيام بدورها. التأكيد على دور الاتحاد التعاوني الزراعي المركزي في وضع إستراتيجية العمل التعاوني، وخططه التنفيذية، والإشراف، والمتابعة، والرقابة، والتقييم الذاتي لوحداته، ومجالس إدارتها، وضمان فاعلية الجمعيات العمومية للتعاونيات في ممارسة دورها الرقابي، والمشاركة في وضع السياسة العامة للقطاع الزراعي. منع التعددية في أجهزة الرقابة الحكومية، وتوحيد الجهة الإدارية الحكومية المختصة بالرقابة والإشراف على التعاونيات، على أن يقتصر دورها على تسجيل وإشهار الجمعيات، والتأكد من التزامها بتطبيق القوانين واللوائح، الادارية والمالية الخاصة بها، وكذلك التأكد من التزامها بالسياسة الزراعية للدولة. ضرورة وجود كيان مصرفي متخصص للقطاع التعاوني الزراعي، والسماح للتعاونيات بإنشاء بنك تعاوني متخصص يتيح إنشاء الصناديق التعاونية للادخار والاستثمار والمساهمة في البنك الزراعي المصري. التأكيد على أهمية التعليم، والتدريب الفني، والإداري، في التعاونيات الزراعية، والأخذ بنظام الحوكمة، ونشر الثقافة التعاونية، بأساليب ومتطلبات التطور التكنولوجي "الرقمنة"، والمساهمة في إنشاء منظومة قادرة على توفير حماية الزراعة من المخاطر. الكفاءة الذاتية وأشار دكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعى جامعة القاهرة إلى أن "التعاونية الزراعية" هي أحد صور العمل الجماعي كمنظمة للمزارعين من شأنها المساهمة فى رفع معدلات كفاءة الأداء فى القطاع الزراعى ورفع النمو الاقتصادي وتحسين الأمن الغذائى ومحاربة الفقر فى الريف. واضاف خلال الورشة ان التعاونية فاعلة ومهمة فى جميع سلاسل القيمة الزراعية والمحاصيل والمنتجات الحيوانية فى توريد مستلزمات الإنتاج الحديثة والتعاقد عليها مع مصادر موثوقة وبأسعار تنافسية وتنظيم عملية الإنتاج الزراعي وتطبيق الدورة الزراعية والتجميع الزراعي والزراعة التعاقدية وتسويق المنتجات الزراعية بأسعار تنافسية وتنويع الأسواق للمصدرين، والمصنعين. وقال صيام ان الوضع الحالي للجمعيات الزراعية مزرٍ للغاية، فأغلبها خاوية من الكوادر البشرية ولا تقوم بأعمال ذات شان خدمات الإرشاد الزراعي المتوقفة، فالكليات والمعاهد الزراعية والطب البيطري تقوم بتخريج أكثر من 20 ألف خريج سنويا، لا يتم الاستفادة منهم فى التعاونيات أو في جهاز الإرشاد الزراعي، كما أن الزراعة التعاقدية يجري تطبيقها فى أضيق نطاق وتواجه صعوبات جمة فى ظل انعدام دور الجمعيات، وان المؤسسة البحثية الزراعية تعانى قصورا شديدا فى المخصصات المالية (أقل من 0.1% من قانون التكافل "التأمين" الزراعي المعطل منذ إصادره فى 2014). ويرى صيام ضرورة قيام التعاونيات بتنفيذ مشروعات ريفية صغيرة كمصدر مهم للدخل لحساب أعضائها، وقانون 204 يسمح لها بذلك إقامة شركات واعتبارها خطوة مهمة لتدعيم الثقة بين التعاونية من جانب وأعضائها من جانب آخر، وتحقيق أرباح تقوى مركزها المالى. وأشار إلى أهمية ان يقوم متخصصون من أعضاء هيئة التدريس بكليات الزراعة في المحافظات المختلفة بالتعاون مع مجالس الإدارة بتحديد عدد من 3-4 مشروعات يمكن للتعاونيات تنفيذها، وإجراء دراسات الجدوى لها على أن تكون في حدود 5 ملايين جنيه لكل جمعية يبلغ التمويل الكلى المطلوب للمشروعات حوالى مليار جنيه يمكن توفيره في إطار مبادرة البنك المركزى للمشروعات الصناعية والزراعية (200 مليار) وهى بفائدة 5% تقوم التعاونيات بتنفيذ المشروعات الممولة بإشراف ودعم فنى. واوضح دكتور محمد الخشن أستاذ الاقتصاد الزراعى ان تقسيم البنيان التعاونى الزراعى أفقيا الى أربعة مجالات (الانتاج النباتى – الانتاج الحيوانى – الاصلاح الزراعى – استصلاح الاراضى) جعل لكل مجال من هذه المجالات بنيانا تعاونيا مستقلا، وان التقسيم الرأسى الادارى جغرافيا جعل الجمعيات التعاونية الزراعية ليست فى حاجة اقتصادية وجعل منها مؤسسات شبه حكومية تتسم بالبيروقراطية وتدعم المركزية المالية والادارية وهذا مخالف للمبدأ الرابع لمبادئ التعاون الدولية، وكذا الدستور المصري الذى يكفل لها الاستقلال والإدارة الذاتية، كما انه لم يعد مناسبا اعتبار مزارعى الإصلاح الزراعى كيانا مختلفا عن باقي المزارعين، وإذا أضفنا إلى ذلك الضوابط الخاصة بجمعيات استصلاح الاراضى، والتى وضعت فى ظل سياسة الدولة الأرض لمن يزرعها أصبحت اقل فاعلية بعد تجريم وضع اليد. وقال الخشن خلال الورشة ان الحوافز التى يمكن تقديمها للأعضاء الحاليين للاستثمار فى التعاونيات فى الفصل الخاص بتوزيع الفائض به أربعة مواد من المادة 21 الى 24 ينص على ان يوزع احتياطي الفائض البالغ 43% فى صورة خدمات خيرية وعامة وتدريب وعمال الزراعة والعاملين و10% توزع حافز على مجلس الإدارة، معتبرا هذه القواعد غير جاذبة لتعامل الأفراد مع الجمعيات فى تحقيق التنمية المستدامة