الدولار خلال إجازة شم النسيم.. أسعار العملات في البنك الأهلي والمركزي وموقف السوق السوداء    أسعار اللحوم اليوم الأحد 5 مايو 2024.. كم سعر كيلو اللحمة في مصر    الأرصاد تحذر من انخفاض درجات الحرارة وتساقط الأمطار على هذه المناطق (تفاصيل)    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    حملة ترامب واللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تجمعان تبرعات تزيد عن 76 مليون دولار في أبريل    مصر على موعد مع ظاهرة فلكية نادرة خلال ساعات.. تعرف عليها    روسيا تصدر مذكرة اعتقال للرئيس الأوكراني زيلينسكي    أول تعليق من مدرب سيدات طائرة الزمالك بعد التتويج ببطولة إفريقيا أمام الأهلي    نجم الأهلي السابق يوجه طلبًا إلى كولر قبل مواجهة الترجي    قصواء الخلالي: العرجاني رجل يخدم بلده.. وقرار العفو عنه صدر في عهد مبارك    بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ والبيض اليوم الأحد 5 مايو 2024 بعد الارتفاع    هل ينخفض الدولار إلى 40 جنيها الفترة المقبلة؟    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    علي معلول: تشرفت بارتداء شارة قيادة أعظم نادي في الكون    العمايرة: لا توجد حالات مماثلة لحالة الشيبي والشحات.. والقضية هطول    بعد معركة قضائية، والد جيجي وبيلا حديد يعلن إفلاسه    تشييع جثمان شاب سقط من أعلي سقالة أثناء عمله (صور)    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    كريم فهمي: لم نتدخل أنا وزوجتي في طلاق أحمد فهمي وهنا الزاهد    تامر عاشور يغني "قلبك يا حول الله" لبهاء سلطان وتفاعل كبير من الجمهور الكويتي (صور)    حسام عاشور: رفضت عرض الزمالك خوفا من جمهور الأهلي    ضياء رشوان: بعد فشل إسرائيل في تحقيق أهدافها لا يتبقى أمام نتنياهو إلا العودة بالأسرى    عمرو أديب ل التجار: يا تبيع النهاردة وتنزل السعر يا تقعد وتستنى لما ينزل لوحده    الزراعة تعلن تجديد اعتماد المعمل المرجعي للرقابة على الإنتاج الداجني    حسب نتائج الدور الأول.. حتحوت يكشف سيناريوهات التأهل للبطولات الأفريقية    كاتب صحفي: نتوقع هجرة إجبارية للفلسطينيين بعد انتهاء حرب غزة    احتجاج مناهض للحرب في غزة وسط أجواء حفل التخرج بجامعة ميشيجان الأمريكية    مصرع شاب غرقا أثناء الاستحمام بترعة في الغربية    إصابة 8 مواطنين في حريق منزل بسوهاج    رئيس قضايا الدولة من الكاتدرائية: مصر تظل رمزا للنسيج الواحد بمسلميها ومسيحييها    اليوم.. قطع المياه عن 5 مناطق في أسوان    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    محافظ الغربية يشهد قداس عيد القيامة بكنيسة مار جرجس في طنطا    البابا تواضروس يصلي قداس عيد القيامة في الكاتدرائية بالعباسية    مكياج هادئ.. زوجة ميسي تخطف الأنظار بإطلالة كلاسيكية أنيقة    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    عاجل.. مفاجأة كبرى عن هروب نجم الأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    عبارات تهنئة بمناسبة عيد شم النسيم 2024    تساحي هنجبي: القوات الإسرائيلية كانت قريبة جدا من القضاء على زعيم حماس    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    نميرة نجم: حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها غير موجود لأنها دولة احتلال    سعاد صالح: لم أندم على فتوى خرجت مني.. وانتقادات السوشيال ميديا لا تهمني    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    صيام شم النسيم في عام 2024: بين التزام الدين وتقاطع الأعياد الدينية    بعد الوحدة.. كم هاتريك أحرزه رونالدو في الدوري السعودي حتى الآن؟    عوض تاج الدين: تأجير المستشفيات الحكومية يدرس بعناية والأولوية لخدمة المواطن    لطلاب الثانوية العامة 2024.. خطوات للوصول لأعلى مستويات التركيز أثناء المذاكرة    محافظ بني سويف يشهد مراسم قداس عيد القيامة المجيد بمطرانية ببا    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    نجل «موظف ماسبيرو» يكشف حقيقة «محاولة والده التخلص من حياته» بإلقاء نفسه من أعلى المبنى    شديد الحرارة ورياح وأمطار .. "الأرصاد" تعلن تفاصيل طقس شم النسيم وعيد القيامة    المنيا تستعد لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    مهران يكشف أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي في التأمين    من القطب الشمالي إلى أوروبا .. اتساع النطاق البري لإنفلونزا الطيور عالميًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع جمال حسانين..الكاريكاتير لغة الفن التي لا تكذب أبداً
نشر في الأهالي يوم 16 - 02 - 2022

الراحل جمال حسانين فنان كاريكاتير صاحب تجربة طويلة مع هذا الفن، الذي يعتبره أحد الوسائط الفنية المهمة للمقاومة والمواجهة، بما يمتلكه هذا الفن من إمكانيات تعبيرية تقترب من هموم المواطن البسيط. وقد تجلى ذلك في رسومه التي زينت جريدة "الأهالي" لسنوات طويلة.
كانت من منطلقات حسانين الفنية أن الكاريكاتير هو فن المقاومة بالسخرية، لذا لا بد للفنان أن تكون عنده خلفية ثقافية متفردة تجعله قادرا على قراءة اللحظة بتجلياتها المختلفة.
وعبر رحلة زمالة وصداقة طويلة كانت لي معه جلسات طويلة، تحدث معي خلالها عن رؤيته لهذا الفن الصحفي المهم. فتحدث معي عن بداياته ودخوله إلى عالم الكاريكاتير بفضاءاته المختلفة قائلا:
– المسألة في البداية جاءت بالصدفة، ففي بداية الثمانينيات كنت أريد أن أعمل في الصحافة وتحديدا "قسم الأخبار"، فذهبت إلى مجلة "روز اليوسف"، وكان وقتها صلاح حافظ هو رئيس تحرير المجلة.
وانتظرت في صالة الاستقبال، وكان يجلس فيها شيخ فناني الكاريكاتير زهدي العدوي، الذي أسس "جمعية الكاريكاتير"، ووضع تصورا لمجلتها واسماها وقتها "النحلة".
وقد وجدني زهدي أرسم في الصالة منتظرا صعودي إلى رئيس التحرير، فلفت نظره ما أرسمه، وقال لي: "على فكرة أنت ترسم بشكل جديد" وأجبته لكنني لست رساما، وإنما أحب فقط الرسم، فأنا قادم هنا لكي أعمل في قسم الأخبار، فسألني معك شغل مجهز، قلت له: نعم، هذه نماذج سأقدمها عبارة عن "فرخ دبلكس" مقسم إلى أربعة أجزاء، وكاتب في كل جزء خبرا كنت نقتله من مجلة "روز اليوسف"، وكان هذا اعتقادي في النشر، إنها تصغر وتنشر كما كنت أقرأها بالبنط الذي تكتب به، فنظر لي زهدي، نظرة لم أفهمها وقال لي: هائل، وقال: اصعد إلى هذا السلم وستجد بابا فادخل منه والشخص الموجود على المكتب قدم له هذه الأخبار، وهو سوف يضمك إلى العمل بالمجلة فورا.
سررت طبعا بهذا التشجيع وجريت على فوق ودخلت، بعد أن طرقت الباب، وجدت صلاح حافظ، وكنت لا أعرفه وقتها، فقال تفضل، قلت له أريد أن أعمل في قسم الأخبار، فسألني عن الشغل الذي معي، فقدمته له، فوجدته هو أيضا يندهش، وأنا لا أعرف لماذا وانفجر في الضحك، وكنت مستغربا لأني لم أكتب شيئا مضحكا، وجاء آخر من داخل المطبعة، حيث كان باب المكتب يمر بباب المطبعة، وانفجر هو أيضا في الضحك، وشعرت بعدها بحرج، فوقفت وطلبت منه أن يعطيني أعمالي لأغادر مبنى المجلة، وقلت له: لا أريد أن أعمل هنا مادمت تضحك على شغلي، ونزلت وأنا ثائر إلى أسفل حيث كان ينتظر الأستاذ زهدي الذي لا أعرفه أيضا، وسحبت من يده الرسومات حيث كنت أريد أن أغادر فقال لي: انتظر، قلت له: إنهم لا يريدون أحدا جديدا يعمل عندهم، فقام بتهدئتي، وقال: تعال معي، وكنا في شهر "طوبة" وسرت معه في الطريق من مجلة "روز اليوسف"، حيث يسكن في 25 شارع شريف، وكل هذا لا أعرف من هذا الشخص!! وصعدنا إلى العمارة حيث الشقة التي يسكن بها فوق السطوح، وفتح الباب وقال لي: ادخل، وأجلسني داخل المكتب على كرسيه، في مكتب مليء بالأوراق والألوان وكأنه "أرشيف".
ولفت نظري "برواز" توجد به صورة للفنان الذي كنت أعشقه "زهدي" ولم أعرفه كشخص وكان معي وقتها ملف لأعماله الكاريكاتيرية، كنت قد أرشفتها.
فقلت له: من هذا الشخص؟ ولم يرد، وبعد أن أحضر لي "ساندوتش" من الجبنة وكوبا من الشاي باللبن، قال لي: أفكر، وتركني وذهب ليغير ملابسه، وجاء وهو يرتدي روبا دون كاسكتة على رأسه فظهرت ملامحه لي، فعرفت أنه الفنان الذي أبحث عنه، فنهضت على فوري وقلت له: أنت الأستاذ زهدي؟ وظللت في حالة ذهول لفترة.
دخلت "جامعة زهدي" لكي أتخرج فيها صحافيا شامل، ورسام كاريكاتير كيف يصنع الفكرة، وكيف يقوم بتحبيرها.
أهم ملامح تلك المدرسة أن التثقيف عند زهدي، كان أهم من الرسم، كان يؤمن بأن الموهبة إذا لم تثقل بالمعرفة فلا تستطيع أن تنتج رساما يكون في المقدمة أثناء المعارك.
وكان "حسانين" يرى أن الفن هو نوع من المقاومة، حيث يقول:
– المقاومة متعددة الأوجه، ومنها المقاومة بالسخرية، بالرسم، بالكتابة، بالنكتة، كلها أساليب من أساليب المقاومة، في الحياة، فن رسم الكاريكاتير وهو للأسف لا يوجد له قسم في كلية الفنون الجميلة، ولكن هناك من البشر تركيبة للشخص الذي يريد أن يغير كل ما هو سلبي إلى إيجابي، فصناعة الفكرة تأتي من تعمقك في القضية التي تريد أن تختصرها في أقل خطوط بالرسم دون أن تقوم بكتابة تعليق، وهذا يسمى "عمل بدون تعليق" وهو أصل الكاريكاتير، لأن الكاريكاتير له لغة عالمية متعارف عليها لدى كل الرسامين الذين يستخدمون الرموز في أعمالهم.
ويسهل هذا للمتلقي قراءة ما ينتقده "الرسام" أيا كان في بلده، أو في عمل دولي، فالكاريكاتير على الفور يجب أن يعرف ما الذي يريد أن يوصله أو يقوله الرسام والكاريكاتير أيضا هو بالضبط مثل النحلة التي تلسع وتؤلم، وكذلك تعطي عسلا. إذن هو: ليس مهاجما من أجل الهدم ولكن من أجل البناء.
– رسام الكاريكاتير إن لم يكن مهموما بقضية الوطن بما يجعله من معانٍ تخص هموم شعبه فلن يكون هناك قدرة على الاستمرارية، إلا بشعور بقضية شعب مطلوب من يدافع عن قضاياهم عند النظام وعند الحاكم.
فلسفة الصورة
وكان "حسانين" يرسم وفق فلسفة فنية تخصه، حيث كان يرى أن فن الكاريكاتير تكمن ورائه فلسفة عميقة، يمكن أن نسميه بفيلسوف الصورة .
يقول "حسانين": النقد في حد ذاته فلسفة حياة، وحياة كل رسام في بلده سوف تختلف في فلسفتها تماما، ولكن جوهر الفلسفة أن نجد فكرة نستطيع أن نلخص فيها كل مرة قضية ما فالاختصار في حد ذاته فن من فنون الفلسفة.
وبالنسبة لي فإن لي قضية لا يعلمها إلا أنا ولكن لست في عزلة عن المجتمع، فأنا أتفاعل معه بكل ما أملك من رسوم أو تعليقات بالكتابة حتى يصل بنا المجتمع إلى مرحلة يكون فيها الوطن عاملا مشتركا، وبما أننا الآن في هذه المرحلة التي تنتقل فيها السلطة الزمنية إلى زمن قادم يلزمه تحضيرا مجتمعيا لينقل أجيال هذه المرحلة إلى الصف الأول، حيث يقومون بمواجهة مصاعب التحديات المفروضة على الجميع شبابا وشيوخا، وإلى أن توضع مصر في موقعها السياسي مرة أخرى فيجب أن نحارب قوى ظلامية، وقوى عظمى وجميعها الآن في تحدٍ مع جموع الشعب المصري، من أجل مصالح تخص الغرب، وكأننا نعود إلى مرحلة الستينيات مرة أخرى، حيث التحرر الوطني والاستقلال والسيادة التي بدونها لن يكون هناك شعب.
البعد الشعبي
وعن دور البعد الشعبي في توجيه فنان الكاريكاتير فيما يرسم يقول "حسانين":
المواطن البسيط هو الصانع الأول للفكرة، هو الذي يعطيني "الإفيه" هو الذي يضحكني، ويبكيني، ببساطة، البسطاء هم أكثر قدرة ممن يدعون الثقافة مقاومة لمصاعب الحياة بالسخرية من الواقع الذي نتعلمه منهم، بالضحك أحيانا من صعوبة الحياة التي يعيشونها، وكلها مفردات للمقاومة.
المقاومة هي عندي مبدأ في الفن وإن اختلفت صورها، فعدم وجود ثقافة مقاومة، تعني انهيار منظومة الديمقراطية، لن يكون هناك ديمقراطية بلا مقاومة، وكي نصل إليها علينا أن نواجهه أي استبداد.
وأيضا "الصورة" التي قال عنها دائما إنها أبلغ من أي كلام، وجعلت من "الرسوم" مواقف تؤلم البسطاء، والعجيب في هذه الثورة أن أكثر من تفاعلوا مع فن الكاريكاتير كانوا البسطاء في الحواري والأزقة.
الشعب المصري بحكم جينات وراثية له أذن موسيقية ويرى بعينه، بشكل جيد ويميز كل ما هو جميل ويلفظ دائما القبيح من المسموع أو المرئي، ولا توجد طبقات لدى هذا الشعب في هذا التصنيف، متعلم أو غير متعلم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.