"جودة عبدالخالق": رفع قدرات المواطن ضرورية وخلق فرص عمل "شريف الدمرداش: الاستثمار في البشر أولوية "عالية المهدى": حياة كريمة تهيئ حياة أفضل للفقراء ولكنها غير كافية
اتبعت الحكومة عدة سياسات للتخفيف من حدة نتائج برنامج الاصلاح الاقتصادي على الفقراء, ومن ضمن هذه السياسات مبادرة "حياة كريمة", وتهدف المبادرة الى تطوير القرى الأكثر إحتياجاً وتوفير كافة المرافق, تعتمد المبادرة على تنفيذ مجموعة من الأنشطة الخدمية والتنموية التى من شأنها ضمان "حياة كريمة" لتلك الفئة وتحسين ظروف معيشتهم, وركزت المبادرة على إصلاح بنية تحتية (سكن كريم): بناء أسقف ورفع كفاءة منازل، ومد وصلات مياه ووصلات صرف صحي ومشروع تبطين الترع…وستشهد المبادرة زواج اليتيمات, والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة يوميا للمواطنين فى القرى والنجوع, تقديم سلات غذائية للأسر الفقيرة, توفير البطاطين والمفروشات لمواجهة برد الشتاء, ومشروعات لجمع القمامة وإعادة تدويرها, وتركيب القطع الموفرة للمياه بحنفيات المساجد, بالإضافة إلى توفير فرص عمل بالمشروعات التى تتم بهذه القرى . كما أن المبادرة بها شق للرعاية الصحية، يشمل تقديم خدمات طبية وعمليات جراحية، وصرف أجهزة تعويضية, بدأت المبادرة باختيار 377 قرية الأكثر إحتياجاً والأكثر تعرضا للتطرف والإرهاب الفكري، والتي تتراوح نسبة الفقر فيها 70% فأكثر، بإجمالي عدد أسر 756 ألف أسرة (3 ملايين فرد), 11 محافظة. تبلغ التكلفة التقديرية المتوقعة للمشروع قرابة 700 مليار جنيه، وذلك بعدما قدرت الحكومة في بداية المبادرة حجم التمويل بقرابة 600 مليار جنيه, وحسب تقديرات الحكومة، فإن قرابة 60% من المواطنين المصريين في القرى من المقرر أن يستفيدوا بتلك المبادرة.. تنمية منقوصة رغم إن نسب تنفيذ مشروعات المبادرة ببعض القرى وصلت إلى 70 و80%، ومحور سكن كريم وصل فيه نسب التنفيذ إلى 90% فى كثير من القرى لكن معظم المواطنين بالقرى الأكثر فقرا ما زالوا يفتقدون أدنى الحقوق الإنسانية، وأهمها "الحق فى الحياة الكريمة "والحياة الكريمة تحمل معانى عديدة أهمها توفير فرص عمل لائقة بأجر لائق, وتوفير الغذاء الصحى لكل للمواطنين .. وتوفير التعليم الجيد والمنصف والشامل وتقديم النظام الصحي الشامل ..وليس فقط الاهتمام بالبنية التحتية .. رفع القدرات من جانبه اوضح د"جودة عبدالخالق" رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع ووزير التضامن الأسبق أنه ممكن توفير منزل للانسان الفقير، ولكن فى حالة عدم تطوير الشخص نفسه سيتدهور المنزل ويرجع كما كان, بسبب السلوك أو الفقر, نفس الشيء سيحدث إذا كان الاهتمام قاصرا على البنية التحيتية, فلابد من رفع قدرات المواطن اولا حتى يستطيع تنمية هذه الخدمات والاستفادة منها, ولا يتم إهدارها بمرور الزمن وتذهب ما تقدمه المبادرة من خدمات واصلاح لشبكات الصرف الصحى والمنازل أدراج الرياح, ورغم تصريحات الحكومة المستمرة بان "حياة كريمة" هى الأمل والحل لكل مشكلات المواطنين الأ ان الواقع الاجتماعى للمواطنين لم يتغير, فمثلا بعد تنمية الريف وعمل شبكات الصرف الصحى وطرق ..وغيرها من أهداف المبادرة سوف تصبح تحت رحمة الوحدات المحلية وهذه الوحدات بوضعها الحالى مليئة بالفساد ولا يجوز ان تتولى الإشراف على ما تم إنجازه من مشروعات البنية الأساسية, وبالتالى فان ما يتم على أرض الواقع سيظل ناقصا ما لم يعزز برفع قدرات الناس وسنظل غير قادرين على مواجهة الفقر, كما انه بمثابة إهدار للموارد وبعد فترة اذا بقى الواقع الاجتماعى والمادى للموطنين كما هو كل ما تم بناؤه سوف تتدمر هذه المشروعات. وأشار د"جودة عبدالخالق" تنمية القرى الأكثر فقرا تبدأ من قضة الأمية التى تكاد تكون قضية منسية, رغم أن الدستور ينص على أن الحكومة تلتزم بالقضاء على الأمية من خلال خطة محددة, فنحن نهتم ببناء الكبارى والطرق ولم نفكر أن نرى الى أين وصلنا فى مواجهة امية المواطنين سياسة الإفقار وحول برامج الحماية الاجتماعية التى اتخذتها الحكومة لحماية الفقراء من اثار برنامج الاصلاح الاقتصادي قال د"جودة : أن الحكومة تتبع مجموعة من السياسات تؤدى إلى مزيد من إفقار المواطنين, فمثلا عن تطبيق ما يسمى بالاصلاح الاقتصادى وقرار الحكومة بتعويم الجنيه ارتفعت الاسعار مما ادى الى زيادة معدلات الفقر فهذه السياسات زادت من افقار الناس، ثم قامت الحكومة بتقديم دعم نقدي مشكوك فى قدرته على انتشالهم من الفقر, كان من الافضل أن يتم اتخاذ اجراءات تصب فى مصلحة الفقراء ,وتتراجع الحكومة عن السياسات التى تنتج الفقر حتى لا تحتاج الى مد مظلة الحماية الاجتماعية ,مشيرا الى أن هذه البرامج الحمائية ممكن أن تفلح فى ازالة جزء من الضررولكنها لم تفلح فى أن تكون آلية لمواجهة الفقر,فالوقاية خير من العلاج ,وعلى الحكومة أن تعدل سياساتها وتأخذ البعد الاجتماعى والعدالة الاجتماعية فى الاعتباروقتها نستطيع الاستغناء عن البرامج الحمائية مثل تكافل وكرامة,ولابد رفع المستوى التعليمى والتدريبى للمواطنين فى هذه القرى و خلق فرص عمل ,وان يتوجه النمو الاقتصادى الى القرى الاكثر فقرا خاصة فى ريف الصعيد لان معدلات الفقر بها تصل الى أكثر من 50% ,يجب اتخاذ اجراءات صارمة لتوجيه الاستثمارات للانتاج فى هذه المناطق البائسة ,وتابع:من الضرورى اعادة النظر فى سياسة الاستثمار ,والتركيز على الاستثمار المباشر فبدلا من الاستثمار فى البورصة تحقيق الارباح ,او الاستثمار فى العقاراتخاصة ان الحكومة ترفع شعار العقارات وتتجاهل الصناعة ,علينا التركيز على الزراعة والصناعة التحويلية حيث أن خمس السكان يعملون بالزراعة وتطويرها يعنى رفع مستوى هذه الفئة ,وفى حالة الاهتمام بالزراعة سوف نتخطى مشكلة الامن الغذائى خاصة واننا نستورد اكثر من 50% من غذائنا . عمل لائق اما د"علياء المهدى"أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة،فأكدت أن مبادرة حياة كريمة مهمة لتنمية الريف ولكنها غير كافة,فهى تتضمن مشروعات عديدة مثل تبطين الترع ورصف الشوارع وبناء اسقف للمنازل..وتوصيل المياة وشبكات الصرف الصحى كلها امورتهيئ ظروف أ فضل للانسان و تساهم فى ان يعيش حياة أفضل ولكن هذا ليس مفهوم الحياة الكريمة,فالحياة الكريمة تعنى تأهيل وتدريب وتشغيل ,وخلق فرص عمل مدرة لدخل مناسب حتى تستطيع الاسر الانفاق على المأكل والمسكن والتعليم والصحة .رة الى ان المشروعات فى هذه القرى ممكن ان توفر فرص عمل لكثير من الشباب فى البناء ,الا انورغم أهميتها الأ أن هذه الفرص مؤقته غير دائمة سوف تنتهى بانتهاء المشروع,نحتاج الى فرص عمل مستدامة وشددت على أن تحسين وضع الانسان يتطلب تعليمه وتدريبه وخلق فرص عمل لائقه له, مشيرة الى أن دور الدولة لا ينتهى بمجرد اتمام البنية الاساسية, ولكن التطوير وتنمية الانسان لابد أن يندرج تحت مفهوم الحياة الكريمة, والاهتمام بالانسان وفقا لهذا المنظور سيؤدى الى تقليل معدلات الفقر فى مصر تلقائيا. الاستثمار فى البشر أما د"شريف الدمرداش"الخبير الاقتصادى فأكد أن الاستثمار فى العنصر البشرى يقوم على أولا: الاهتمام بتعليمه, ثانيا: والاهتمام بالرعاية الصحية المقدمة له، ثم بعد ذلك تغطية الاحتياجات الاساسية له (المأكل والمسكن والملبس) وكل خطوة لها علاقة بتلبية الاحتياجات الاساسية للانسان فهي خطوة ايجابية ولكنها ليست متعلقة بصناعة الانسان، فالتنميه الحقيقية والاولوية لبناء الانسان ومحورا بناء الانسان هما التعليم والصحة . واضاف "الدمرداش "ان مبادرة حياة كريمة هي مبادرة لتلبيه الاحتياجات الاساسية للانسان وليست لتنميته. وتابع: أتمنى ان تهتم هذه المبادرة بتوفير البنية الاساسية، اى توصيل مياه الشرب النقية والصرف الصحى, وليس مجرد تأسيس منزل وطلاء الجدران, لافتا إلى ان اصلاح البنية التحتية لا شك انها خطوة لتلبية احتياجات الانسان الاساسية وهو توفير المسكن الملائم ولكنها، غير كافية, فهى لا تحقق توفير المأكل والملبس والرعاية الصحية والتعليم, فالمواطن يحتاج الى عمل حتى يستطيع تحسين مستوى معيشته, وحتى اذا استطاعت الدولة توفير سلع غذائية باسعار معقولة, وملبس فى متناول يده, هنا الدولة تحاول الارتقاء بمستوى المعيشة لانها تغطى الاحتياجات الاساسية, ولكنها لا تزال بعيدة عن الاستثمار فى البشر. واشار الى أن اغلب الدول الافريقية اعتمدت فى التنمية على تدريب البشر والتشغيل فى مشروعات صغيرة لتوفير فرص عمل مستدامة ودخول عادلة, ولكن اساس النهضة التى حدثت فى اغلب هذه الدول كان نتيجة للاهتمام بالتعليم الحكومى والصحة. المشروعات الانتاجية وانتقدت د"كريم كريم" استاذ الاقتصاد بجامعة الازهر تركيز الحكومة فى الفترة الاخيرة مشروعات البنية التحتية على حساب المشروعات الإنتاجية فى قطاعى الزراعة والصناعة التى كانت يجب أن تتصدر أجندة الأولويات، خصوصاً أن هناك مصانع كثيرة مغلقة لأسباب مختلفة, موضحة انه كان يجب البدء بتشغيل هذه المصانع لأن هذا يعنى مزيداً من الإنتاج، وزيادة فى التصدير, وتقليل الاستيراد وبالتالى تقليل الضغط على العملة الوطنية، وهذا سوف يقابله انخفاضاً فى الأسعار, وتحسناً فى مستوى المعيشة. خطة متكاملة فيما أوضح د"صلاح أحمد هاشم" استاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم أن المبادرة التى كلف بها الرئيس الحكومة خطة متكاملة تتضمن محورين هما المحور الأول: البنية التحتية للريف, والثانى التنمية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية, وفيما يخص تطوير البنية التحتية يتم تطوير الطرق وانشاء شبكات صرف صحى, مشيرا الى أنه قبل ست سنوات كان نحو 80%من القرى المصرية ليس بها صرف صحى, وأكثر من 40% من القرى لم يكن بها وصلات مياه نقية للشرب, وهذا المشروع القومى سوف يساهم فى وجود الصرف الصحى لكل التجمعات البشرية ريف وحضر, وتوصيل مياه الشرب النقية، وهذا ضمن برامج الحماية الاجتماعية التى تهدف الى تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار "هاشم"الى أن عمل شبكات الصرف الصحى سوف يضمن أن الاراضى الزراعية لن تروى بمياه الصرف الصحى, الامر الذى سيترتب عليه حصولنا على غذاء نظيف وآمن, وبالتالى سوف يقلل من معدلات الاصابة بالامراض وعلى رأسها الفشل الكلوى الذى كان يصاب به المصريون وخاصة أهالينا فى الريف. اما فيما يخص المحور الثانى: التنمية الاقتصادية والاجتماعية سوف يتم عمل تجمعات انتاجية داخل القرى, وسيتم القضاء على الفجوة التعليمية بانشاء مدارس جديدة وتطوير المدارس الحالية, وكذلك الفجوة الصحية سيتم اعادة تأهيل المستشفيات والوحدات الصحية .فضلا على القضاء على الامية ومحاربة الزيادة السكانية ببرامج التوعية, وسوف ترتكز خطة التنمية الاقتصادية على الاستثمار فى البشر .