«كلنا فاسدون» لا أستثني أحدا حتي المواطن بصمته العاجز.. هكذا حاول بعض شباب شبكة التواصل الاجتماعي الاحتفال بذكري رحيل عاطف الطيب علي طريقتهم الخاصة.. في ذكراه السابعة عشرة، فضل الشباب الذي تعلم منه الكثير أن يستعيد أهم لقطات أفلامه ويسقطها بشكل ما علي الواقع المصري الحالي، والمشهد السابق كان في فيلم «ضد الحكومة» والذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا عند عرضه علي الشاشة الصغيرة فهو المحامي الذي يعيش علي قضايا «التعويضات» وغيرها من العمل الحقوقي المثمر، والذي يصدمه حادث بماض مهم بالنسبة له يستيقظ عليه ويندم علي كل شيء.. «كلنا فاسدون» كتبها الشباب بلغة الفيس بوك معلقين علي أزمة انتخابات الرئاسة والقوي السياسية التي تلعب لصالحها، في حين فضل البعض أن يستعيد مشاهد في فيلم «البريء» لعاطف الطيب وأغنيته المؤثرة «الدم اللي في ايديا بالليل يشهد علينا ويقولي قتلتني»، وبعد حكم المؤبد علي مبارك الرئيس المخلوع قام البعض باقتطاع جزء من فيلم «جبر الخواطر» داخل عنبر المجانين للسيدات تعليقا علي الحدث وحدوث ثورة داخل العنبر من إحدي النساء والتي تعلن «من هنا ورايح احنا اللي هانتولي الإدارة» ممثلة في ثورة جديدة توزع من خلالها مهام العنبر علي النزيلات في حين تصل إحداهن قابعة في سريرها لا تتحرك وأخري تشاهدها من بعيد وهي تعلم علتها وتخاطبها زميلتها قائلة «الدنيا بتتحرك حواليكي والثورة قامت» لينتهي المشهد بعودة الثائرة علي سرير متحرك بعد جلسة كهربة وتنتهي الثورة. وكثيرا ما يعود جيلنا إلي بعض الأغنيات الجادة التي احتوت عليها أفلام الطيب منها «حبيبتي من ضفايرها طل القمر» من فيلم «كتيبة الإعدام» وهي أغنية معبرة عن حب الوطن، أيضا الكثير من أفلام الطيب مثل «الهروب، ناجي العلي، الدنيا علي جناح يمامة، كشف المستور، سواق الأتوبيس» جميعها أفلام عبرت عن واقع عاشه المواطن المصري ومازالت تعزف بمشاهدها علي جروح تنزف في بلدنا.. وفي الذكري السابعة عشرة للطيب ذلك الرجل صاحب الجذور الجنوبية العتيقة من جزيرة الشورانية بمركز المراغة بسوهاج، المولود في 26 ديسمبر 1947 والذي جاءت فترة تأديته للخدمة العسكرية أكثر فترات حرجة وعصيبة بمصر بعد نكسة 1967 منذ (1971 – 1975) والتي شهدت حرب أكتوبر ليخرج بعدها إلي الواقع ويفضل التعبير عنه ليصنف من جيل المدرسة الواقعية التالي لصلاح أبوسيف ويعمل الطيب مساعدا لشادي عبدالسلام في «جيوش الشمس» و«ابتسامة واحدة لا تكفي» ويعمل مساعدا أيضا ليوسف شاهين في «اسكندرية ليه؟» ومساعدا لمخرجين عالميين أيضا منهم «لويس جيلبرت» و«فيليب ليلوك» ليظل مشواره السنيمائي «الصغير» 15 عاما فقط يحمل 21 فيلما من روائع السينما المصرية اختتمها بفيلم «ليلة ساخنة» سنة 1995 والذي حذر فيه من سوء معاملة الشرطة للمواطن المصري وتأثيراته. ليظل عاطف الطيب «كاتبا» سينمائيا مهما كلما مرت علينا مواقف وأحداث وسنوات نفتحه لنجده حدثنا فيها من قبل ولكننا لم ننتبه أو لم نسترق السمع إليه، وتظل تجربته الفنية الفريدة «البريء» والتي تحدث خلالها عن جنود الأمن المركزي وغسيل المخ الذي يجري لهم لتنفيذ الأوامر وهو ما اعتبره البعض تجاوزا وقتها استلزم لجنة خاصة من وزير الداخلية ووزير الثقافة لإجازة الفيلم للعرض بشرط تغيير النهاية لتصبح صرخة أحمد زكي في حين أنها نهاية مأساوية لجندي يمسك سلاحه ويثأر من الجميع «ضباطا وجنودا» بعدما يكتشف حقيقة أوهامه.. وهي النهاية التي مازالت غائبة عن المشاهد المصري حتي الآن ولا يتم عرضها وينتهي بك المطاف أنك لا تستطيع أن تعرف السجان من السجين..!!