برزت تركيا كلاعبٍ مهم لكنه محيِّر فى منطقة الشرق الأوسط وما بعده, وتأرجحت سياساتها مع توسّع دورها، وباتت اليوم تؤدّى دوراً مهماً فى القرن الأفريقى وفى الدول المجاورة لها, كل تلك التغيّرات المتلاحقة والسريعة فى سياسة تركيا الخارجية وتفسير كيف تتفاعل سياسات البلاد الداخلية, وطموحات نظام أردوغان مع الحقائق الاستراتيجية الأوسع التى تواجهها البلاد, نُشرت تلك الكلمات فى بدايةً مقالة ” زاك فيرتين” فى مجلّة ” لوفييرLawfare ” بعد أن حرّرها “دانيال بايمان”. وتتحرك الحكومة التركية لاستغلال النفط والغاز وآفاق التعدين في كل من إثيوبيا والصومال, من خلال إنشاء آلية تسمح لكل من الشركات الخاصة والمملوكة للدولة باستكشاف فرص الطاقة في البلاد، والتي تتمتع بموقع استراتيجي في القرن الإفريقي, وتمت الموافقة على مذكرة تفاهم بين تركياوالصومال, حول التعاون الشامل في مجال الطاقة والتعدين تم توقيعها في عام 2016 م من قبل لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي, بعد أسبوع من إصدار الرئيس رجب طيب أردوغان بيانًا بناءً على دعوة من الحكومة الصومالية لإجراء عمليات الحفر والاستكشاف قبالة سواحلها. وفقًا لنص الاتفاقية التي عرضها موقعNordic Monitor ، ستركز مذكرة التفاهم للتعاون في مجال الطاقة بين تركياوالصومال على مشاريع لاستكشاف وإنتاج وتكرير الهيدروكربونات؛ معالجة الغاز الطبيعي وتخزينه ونقله وتسويقه وتوزيعه؛ علوم الأرض وهندسة المكامن؛ البتروكيماويات والمنتجات المشتقة وتطوير وصيانة البنية التحتية والتكنولوجيات المرتبطة بها فيما يتعلق بالهيدروكربونات. وتنص المادة الأولى على أن مذكرة التفاهم تهدف إلى ” إقامة تعاون شامل ووضع مبادئ معينة للتعاون بين الطرفين في مجالات الطاقة والتعدين، بهدف تطوير وتعزيز قطاعات البترول والغاز والكهرباء والمعادن والفلزات, التعدين، وكذلك البتروكيماويات “. أما فيما يخص التعاون فى مجال الطاقة مع أثيوبيا, نجد أن تركيا وإثيوبيا ستنفذان مشاريع مشتركة لتطوير وتعزيز التنقيب عن النفط والغاز واستغلالهما, تخزين وتسويق ونقل وتوزيع المشتقات النفطية, بناء وصيانة البنية التحتية للنفط والغاز, وتطبيق تكنولوجيا الغاز. وفي اجتماعها في 5 فبراير 2020 م، وافقت لجنة الشؤون الخارجية على اتفاقيات تعاون شاملة في مجال الطاقة والتعدين مع الدول المجاورة الصومال وإثيوبيا, بعد أسبوع من بيان الرئيس رجب طيب أردوغان بشأن دعوة الحكومة الصومالية لإجراء عمليات التنقيب عن الطاقة واستكشافها السواحل. تكشف التطورات الأخيرة والإجراءات البرلمانية أن تركيا قد وضعت بالفعل الأساس القانوني لتصبح فاعل رئيسي في مجال الطاقة في القرن الأفريقي. وقال الرئيس أردوغان الشهر الماضي إن الصومال قد دعا تركيا إلى إجراء عمليات الحفر والتنقيب في مياهها, ” كان لدينا عرض من الصومال, إنه كما في ليبيا يمكننا إجراء نفس عمليات الحفر في الصومال”, كما قال أردوغان للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية العائدة من مؤتمر حول ليبيا في برلين في 19 يناير 2020 م, هناك هي خطوات سنتخذها هناك, وأكد أن هذا شيء مفيد لنا. جاءت تصريحات أردوغان بعد موافقة البرلمان الصومالي على قانون البترول الجديد، الذي يهدف إلى توفير إطار تنظيمي من شأنه أن يساعد على جذب الاستثمار في التنقيب من قبل شركات النفط الكبرى، والتي على أساسها عجّل حزب العدالة والتنمية الحاكم برئاسة أردوغان (AKP) , موافقة البرلمان على اتفاق التعاون في مجال الطاقة بين تركياوالصومال, فالتطورات الأخيرة ونص الاتفاق يكشف كيف تخطط تركيا لمتابعة عرض الصومال. يُذكر أن الرئيس “أردوغان” بيّن أنه زار 27 دولة إفريقية بصفته رئيس للوزراء والجمهورية، ومعظمها تُعد الأولى من نوعها فى تاريخ تركيا, وهذا مؤشر إلى أن “أردوغان” يريد اقتحام أفريقيا سياسياً واقتصادياً من أجل خلق إطار جديد فى ميزان المنافع والمصالح المتبادلة مع الغرب, ولفت إلى أن تركيا عززت حضورها فى القارة من خلال مؤسسات تركية تلعب دوراً بارزاً فى تنمية الوجود التركى فى إفريقيا، وأبرزها الوكالة التركية للتعاون والتنسيق ” تيكا “، ومعهد يونس أمره، ووقف المعارف، ووكالة الأناضول، والخطوط الجوية التركية، وجمعية الهلال الأحمر, بالإضافة إلى السفارات والبعثات الدبلوماسية. وفى إطار خطة التنفيذ المشتركة للفترة بين عامى 2015 و2019م، وضعت تركيا خارطة طريق للمشاريع التى تعتزم تنفيذها فى القارة السمراء, وخلال العام الحالى فقط، زار ” أردوغان”كلاً من السنغال وموريتانيا ومالى، فيما استقبل فى أنقرة رئيسى غامبيا وبنين, كما حضر مراسم تنصيب أردوغان رئيساً للبلاد في يوليو الماضى بعد الانتخابات الأخيرة من الزعماء الأفارقة، رؤساء كل من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا، إلى جانب تشاد وغينيا الاستوائية، وغانا، وغينيا بيساو، وغينيا كوناكري، وموريتانيا وزامبيا. ولا شك بأن زيادة عدد السفارات بين تركيا والبلدان الإفريقية، ساهم بشكل كبير، فى تطور العلاقات بين الجانبين، وشكل قوة دافعة لها, ففى الوقت الذى كانت تمتلك فيه تركيا 12 سفارة فى القارة السمراء خلال عام 2009 م، وصل هذا العدد فىالوقت الحالى إلى 41 سفارة, في المقابل وصل عدد سفارات البلدان الإفريقية فى أنقرة إلى 34 سفارة عام 2018، بعد أن كان 10 سفارات فقط عام 2008 م. وأكد أردوغان على أن المستثمرين الأتراك يركزون ليس على بيع منتجاتهم وحسب، بل على مشاريع تُسهِم فى خلق فرص عملوتنمية القارة الإفريقية, وهذا حتى الآن لم يحدث بل العكس, فأردوغان يريد فتح سوق جديدة لمنتجاته وذلك بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية فى تركيا وانهيار قيمة الليرة وزيادة حجم البطالة, يّذكر أن حجم الصادرات التركية إلى إفريقيا عام 2018 م قُدّرت بحوالى 11.7 مليار دولار، هذا بالإضافة إلى تطرّقها إلى المقاولات التركية، حيث أن القطاع حقق انتشاراً كبيراً فىإفريقيا، ويحتل المقاولون الأتراك الدور الأهم فى مشاريع البنى التحتية والفوقية بالقارة. وذكرت “بكجان” وزيرة التجارة التركية أن شركات المقاولات التركية أنجزت حتى اليوم نحو ألف و300 مشروعاً فى إفريقيا بقيمة 65 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذا الرقم يعادل نحو 20 بالمائة من إجمالى قيمة مشاريع الإنشاءات التركية فى باقىأرجاء العالم, كما وقّعت تركيا اتفاقيات تعاون تجارى واقتصادىمع 45 دولة إفريقية، فضلاً عن توقيعها اتفاقيات لتحفيز الاستثمارات المتبادلة مع 29 بلدا بالقارة السمراء. كما زوّدت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق ” تيكا”، مستشفى”هرجيسا” الحكومى الواقع فى منطقة “صومالى لاند” ذاتية الحكم شمالى الصومال، بمعدات وأجهزة طبية مختلفة, وأفاد بيان صادر عن الوكالة أنها قدمت مساعدات طبية على شكل أجهزة ومعدات، بلغ عددها 216, وشملت أجهزة الموجات فوق الصوتية، والتخدير، وتخطيط صدى القلب، بالإضافة إلى جهازىتركيز الأوكسجين، والتهوية, كما وزّعت الوكالة التركية أيضاً 18 ألف غطاء على نازحين فى إثيوبيا, الوكالة وزعت الأغطية على مقيمين فى مخيم نزوح بمدينة “جيجيجا” (شرق)، الذى يفتقر إلى مقومات إنسانية أساسية. وخلال مشاركتها بجلسة عن المرأة فى القارة السمراء، على هامش اجتماعات الدورة ال73 للجنعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك, طالبت زوجة الرئيس التركى ” أمينة أردوغان”بتحسين أوضاع النساء فى القارة الإفريقية وتعزيز دورهن، مشيرة إلى أن غالبيتهن تعرضن لكثير من الأضرار الاجتماعية والاقتصادية, جاء ذلك فى كلمة ألقتها خلال جلسة بعنوان “تعزيز النساء والفتيات فى إفريقيا: نُهُج لبناء مجتمعات دائمة ومستدامة وعادلة”، عقدتها الممثلية التركية الدائمة لدى الأممالمتحدة, وشاركت العديد من زوجات الرؤساء الأفارقة، إلى جانب عدد كبير من ممثلى بعض الدول، فى الجلسة التى أكدت فيها عقيلة الرئيس التركى أن “إفريقيا منطقة جغرافية يرى فيها الشعب التركي أخوة وصداقة”. وكشفت تقارير صحفية عن أن تركيا تحاول الحصول على عقود الاستثمار فى النفط الصومالى بمناطق متعددة، وخصوصا فى وسط البلاد لتغطية عجزها في الطاقة من خلال حصول الشركات المملوكة للدولة مثل شركة الوطنية للنفط في أنقرة على عقود للاستثمار في النفط الصومالي وعقد شراكات مع كبار المسؤولين الصوماليين لتسهيل الحصول على العقود الاستثمارية. ووصف الخبراء ما يجرى بين تركياوالصومال بعلاقة حب عاصفة, فالأعلام التركية التى ترفرف فى مقديشو تفوق الأعلام الوطنية, والأتراك مستثمرون ومدراء وعمال، هم فى كل الإدارات والمرافق، من المطارات والموانئ والمستشفيات وفى كل المشاريع، من المدارس والمساجد والطرقات، حيث يتراءى حضور المؤسسات التركية بشكل كبير وهى تعمل إما على بناء الإنشاءات الضخمة، أو على رفع النفايات التى خلفتها الحرب. عدد كبير من ممثلى بعض الدول، فى الجلسة التى أكدت فيها عقيلة الرئيس التركى أن “إفريقيا منطقة جغرافية يرى فيها الشعب التركي أخوة وصداقة”. وكشفت تقارير صحفية عن أن تركيا تحاول الحصول على عقود الاستثمار فى النفط الصومالى بمناطق متعددة، وخصوصا فى وسط البلاد لتغطية عجزها في الطاقة من خلال حصول الشركات المملوكة للدولة مثل شركة الوطنية للنفط في أنقرة على عقود للاستثمار في النفط الصومالي وعقد شراكات مع كبار المسؤولين الصوماليين لتسهيل الحصول على العقود الاستثمارية. ووصف الخبراء ما يجرى بين تركياوالصومال بعلاقة حب عاصفة, فالأعلام التركية التى ترفرف فى مقديشو تفوق الأعلام الوطنية, والأتراك مستثمرون ومدراء وعمال، هم فى كل الإدارات والمرافق، من المطارات والموانئ والمستشفيات وفى كل المشاريع، من المدارس والمساجد والطرقات، حيث يتراءى حضور المؤسسات التركية بشكل كبير وهى تعمل إما على بناء الإنشاءات الضخمة، أو على رفع النفايات التى خلفتها الحرب.