مجلس الوزراء: تحريك الأسعار ليس تنصلا من دعم المواطنين    بلينكن: أمريكا سوف تتكيف مع تحرك أوكرانيا لشن ضربات داخل روسيا    بولندا توقف متهمين بإشعال حرائق لصالح روسيا    الصليب الأحمر: إنقاذ 67 مهاجرًا في المتوسط خلال 24 ساعة    البيت الأبيض يعترف بانخراطه في "صيغة السلام" التي تروج لها كييف    ياسين بونو أفضل حارس في الدوري السعودي    المنتخب يخوض مرانه الأول استعدادا لمواجهة بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    مصرع شخصين وإصابة آخر إثر انهيار خط الصرف الصحي بالشيخ زويد    الأرصاد: طقس الخميس حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 31    مصرع ربة منزل صعقا بالكهرباء داخل منزلها في كوم أمبو    نقيب الإعلاميين: قناة القاهرة الإخبارية فرضت تواجدها وسط كبريات القنوات العربية والدولية    تفاصيل مؤتمر الكشف عن مشروع رقمية ذكريات الفنانين بالذكاء الاصطناعي| صور    مدير مستشفيات بنى سويف الجامعي: استقبال 60 ألف مريض خلال 4 أشهر    أزمة جديدة في حراسة مرمى مدريد بعد إصابة لونين    البيت الأبيض: إسرائيل لم تنفذ أي عملية واسعة في رفح الفلسطينية    عدوية شعبان عبد الرحيم: رضا البحراوي شايف نفسه نجم وبيتنطط عليا    نفاد تذاكر حفل عمرو دياب في بيروت بعد طرحها بساعة (تفاصيل)    تأجيل محاكمة متهم في قضية أحداث اقتحام قسم كرداسة لجلسة 29 يونيو    رئيس جامعة كفر الشيخ: قافلة طبية وتوعوية لقرية برج مغيزل ضمن حياة كريمة    بدء حملة لمكافحة القوارض عقب حصاد المحاصيل الشتوية في شمال سيناء    واجبات العمرة والميقات الزماني والمكاني.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    موعد صرف معاشات شهر يونيو 2024 مع الزيادة الجديدة    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعقد ورشة عمل إقليمية بعنوان "استكشاف آفاق المستقبل"    قيادى بالوفد يكشف مصير المذكرة المقدمة ضد حمدي قوطة لرئيس الحزب    القوات المسلحة تنظم مؤتمر الروماتيزم والمناعة بالمجمع الطبي بالإسكندرية    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    طريقة زراعة الأرز.. مباشر من غيطان كفر الشيخ.. فيديو وصور    معدل التضخم يرتفع مجددا في ألمانيا    فيلم "تاني تاني" يحقق إيرادات ضئيلة في الأسبوع الأول من عرضه    هانز فليك.. هل أنت مستعد لتغيير الحمض النووي لبرشلونة؟    محافظ شمال سيناء يستقبل مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر (صور)    فيلم الحَرَش لفراس الطيبة يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان روتردام للفيلم العربي    انعقاد الملتقى الفقهي الخامس بحضور وكيل الأزهر    رسميًا موعد عطلة عيد الأضحى بالسعودية 2024 وعدد أيام الإجازة    مواعيد عيد الأضحى 2024: تفاصيل الإجازات والاحتفالات    رئيس جامعة المنوفية يعلن اعتماد 5 برامج بكلية الهندسة    جامعة بني سويف تكرم الطلاب الفائزين في مهرجان إبداع 12    وزير إسرائيلي: تحقيق الاستقرار في رفح قد يستغرق 5 سنوات    «الطلاب فقدوا وعيهم بسبب الحر».. درجات الحرارة تتخطى 52 في هذه المدينة    زعماء المعارضة الإسرائيلية يتفقون على خطوات لتبديل حكومة «نتنياهو»    الفرق بين التكلفة الفعلية والنمطية لتوصيل التغذية الكهربائية    حبس المتهم بالشروع في قتل عامل ديلفري بالعياط 4 أيام    قبل الانطلاق في رحلتك.. اعرف مستلزمات الحج للرجال والنساء    قرار جديد من اتحاد الكرة بشأن تحصيل بدلات الحكام من الأندية    تأييد قرار النائب العام بالتحفظ على أموال «سفاح التجمع»    البابا تواضروس الثاني يستقبل وفدا وزاريا فلسطينيا    شوبير يشن هجومًا لاذعًا على الحكم الدولي جهاد جريشة: ذاكر القانون كويس بعد إذنك    هيئة الدواء: تسعيرة الدواء الجبرية تخضع لآليات محددة ويتم تسعير كل صنف بشكل منفرد بناء على طلب الشركة المنتجة    مواجهة مرتقبة تجمع الأهلي وأهلي جدة في أكتوبر وديًا    مساعد وزيرة الهجرة يستعرض جهود الوزارة في ملف دعم المصريين بالخارج    رئيس قطاع الآثار الإسلامية يعلن اكتشافات أثرية بجامع المادراني    رئيس جهاز أكتوبر يوجه بالاستعانة بشركات متخصصة في إدارة وصيانة محطات الشرب    «مصايف الإسكندرية» ترفع الرايات الثلاث على الشواطئ.. احذر البحر في هذه الحالة    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل.. تعرف على الأوراق المطلوبة    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    صعود مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    الفرق بين التحلل من العمرة والحج.. الإفتاء تشرح    مواعيد مباريات اليوم.. نهائي دوري المؤتمر الأوروبي.. وكأس مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإحباط واليأس وفقدان الأمل …أهم أسباب الانتحار
نشر في الأهالي يوم 13 - 12 - 2019

*دراسة لوزارة الصحة : 21,5% من طلبة الثانوية العامة يفكرون في الانتحار
*مركز السموم بجامعة القاهرة : تزايد أعداد الشباب المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة
*د”مها غانم” : المبيدات الحشرية وسم الفئران وحبوب الغلة وأدوية الضغط والسكر أبرز الوسائل
*د”ثريا عبد الجواد:الفقر وتدنى مستوى معيشة الأسر المصرية وراء تزايد الحالات
*د”نسرين البغدادى”:العمليات الانتحارية ضد النفس وسيلة الجماعات الإرهابية للنيل من الدولة
*د”جمال فرويز”: التواصل أفضل سبل الوقاية
*د:سامية خضر:مطلوب توعية الأسرة بدورها فى احتواء الأبناء وتربيتهم تربية سليمة
تحقيق: نجوى ابراهيم
حين يزداد معدل الاحباطات المتتالية وفقدان الامل بين الشباب بسبب البطالة التى تغتالهم يوميا ..وحين يفشل البعض فى تحقيق آماله والوصول لأهدافه ينقلب تفكير كل هؤلاء من التركيز فى المستقبل الى البحث عن طريقة للتخلص من حياتهم ..وتهون عليهم الحياة وتبدأ رحلة انتحار بعض المصريين التى اصبحت مسلسلا كئيبا يجب أن نبحث له عن نهاية..
أحدث مقطع فيديو انتحار الشاب نادر محمد، خريج كلية الهندسة، بإلقاء نفسه من فوق برج القاهرة الذي يبلغ طوله 187 متراً, صدمة كبيرة لدى الكثيرين, وأثار مشاعر حزن ويأس شديدين تتجلى في تعليقات المواطنين في الشوارع والأماكن العامة، وكذلك على مواقع التواصل الاجتماعي, وربط الكثير بين انتحار هذا الشاب وحالات أخرى مشابهة والظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة التى يعيشها قطاع عريض من المواطنين والبطالة والفقر والغلاء الفاحش وشيوع حالة اليأس وفقدان الأمل فى المستقبل.
فحول خط الفقر يعيش نحو ثلث السكان ما بين فقر مدقع ..وفقر, وحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فإن نسبة الفقر فى مصر بلغت 32,5% ,ونسبة الفقر المدقع بلغت 6,5 %,وبمعنى أدق فهناك أكثر من 39% من المصريين يعانون من تدنى مستوى معيشتهم ولا يجدون الطعام الكافى, بالاضافة الى ارتفاع نسبة الشباب العاطلين عن العمل فبلغ معدل البطالة بين الذكور 10%,وبين الإناث 47,2 %,ونتج عن البطالة الكثير من الامراض الاجتماعية مثل زيادة نسب الجرائم حيث أن 90% من الجناه عاطلون عن العمل ,وزيادة الهجرة غير الشرعية الى الدول الاوروبية ..ولعل هذا ما دفع البعض النظر الى اغلب المنتحرين على انهم ضحايا الاوضاع الاقتصادية المتردية وبالتالى ليس كل المنتحرين مرضى نفسيين.
ظاهرة عالمية
الانتحار ظاهرة عالمية ..فقد كشفت منظمة الصحة العالمية فى احدث احصائياتها النقاب عن تزايد معدلات الانتحار فى العالم لتصل الى حالة انتحار كل 40 ثانية ,وتؤكد الارقام أن النسبة الاكبر تأتى من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما مقارنة بكبار السن الذين لا يشكلون نسبة كبيرة..المزعج حقا ان المنظمة ذكرت فى تقريرها الذى نشر فى العاشر من سبتمبر الماضى، اليوم العالمى لمنع الانتحار، أن مصر تتصدر قائمة البلدان العربية من حيث أعداد المنتحرين لعام 2016، حيث شهدت 3799 حالة انتحار.
وتشير دراسة حديثة لوزارة الصحة والسكان صدرت عام 2018 الى ان 21,5% من طلبة الثانوية العامة يفكرون في الانتحار. فالطلاب يشعرون أن مستقبلهم بالكامل يعتمد على الدرجة التي يحصلون عليها، ويواصل الاباء ممارسة الضغط عليهم للحصول على أعلى الدرجات، حتى يصل الأمر إلى الانتحار.
وتحدثت دراسة اجراها مركز السموم التابع لجامعة القاهرة عن تزايد أعداد الشباب المصريين المنتحرين بسبب العنوسة والبطالة، حيث تقدم حوالي 2700 فتاة على الانتحار سنويًا بسبب العنوسة، فضلا عن إقدام العديد من الشباب على الانتحار أيضا بسبب البطالة وصعوبة الزواج، خصوصًا ممن يعيشون قصصا غرامية.
أما الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء،فأشار في نشرته التي حملت عنوان «مصر في أرقام»الى ارتفاع اعداد المنتحرين في مصر من 1160 شخصًا عام 2005 إلى 3700 في 2007، ليصل إلى 4200 في عام 2008، ثم يرتفع إلى 5 آلاف حالة عام 2009,اما وزارة الداخلية فتشير فى تقاريرها الأمنية أن معدلات الانتحار الموثقة رسميًا في مصر لم تتجاوز حاجز ال 310 حالة سنويًا…ورغم تضارب الاحصائيات المصرية بشأن اعداد المنتحرين سنويا الا ان اللافت أن عدد المنتحرين بدأ يتزايد خلال السنوات الماضية الأمر الذى يحذرنا من خطر قادم اسمه الانتحار ..
اذن ما هو الانتحار ؟!
من وجهة نظر د”جمال فرويز”، استشاري الطب النفسي أن الانتحار فى حد ذاته هو نوع من انواع العنف الذى يمارسه الشخص ضد نفسه بعض اصابته باليأس والاحباط وفقدان الأمل نتيجة عجزه عن تحقيق ذاته وطموحاته فى الحياة مما يدخله فى دائرة الاكتئاب والاحباط حيث تبدو الحياة مظلمة فى نظر الفرد معتقدا أنها نهاية المشوار فى الحياة .
واضاف أن الانتحار فى مصر لم يصل الى حد الظاهرة ,لافتا الى أن الظاهرة تتطلب أن اكثر من 25% من شبابنا يمارسون نفس الفعل اى نحو 15 مليون شاب يحاولون الانتحار,ولكن المخيف فى الامر هو ان حالات الانتحار بدأت تتزايد ,خاصة ان الانتحار مرفوض دينيا واجتماعيا فى المجتمع المصرى .
وتابع أن المنتحر اما أن يكون مريضا نفسيا بمرض كالانفصام،أوالاكتئاب الحادّ,او مراهق او شخص تعرض لصدمة جعلته يصل الى حد الاكتئاب العميق الذى يؤدى الى الانتحار مثل مريض السرطان او مريض الايدز ,واخير شخص يتعرض لضغوط حياتية لا يستطيع مواجهتها خاصة فى ظل الظروف المادية الصعبة التى يتعرض لها المواطن وعجز الكثيرين عن توفير احتياجاتهم واحتياجات اسرهم .
وأكد استشارى الطب النفسى أن هناك مواصفات او خصائص للشخص الذى يمكن ان يقدم على الانتحار منها الميل للحزن والعزلة ,قليل التفكير, شارد الذهن ,غير قادر على التركيز ,مستوى الرغبات لديه قليل ,لا يبدى اهتماما بأى شئ,يتزايد على لسانه عبارات مثل الحمدلله ,ربنا يستر..كل شئ انتهى ,مفيش فايدة..
وتابع :أن المشكلة الحقيقية هى انتحار المراهقين,فهولاء لا نستطيع تحديد متى يقدمون على الانتحار ,حيث ان محالات انتحارهم تأتى فجأة فمثلا عند ظهور نتيجة الثانوية العامة فتاة اخيها ابلغها بانها رسبت فقامت على الفور بقطع شرايينها,وايضا قصص الفشل العاطفى تجعل المراهق او المراهقة يقدمون على الانتحار فجأة ,فأحد الاولاد عمره 17 سنة اقدم على الانتحار وقام بالقاء نفسه من الدور السابع لمجرد ان والد البنت التى يحبها عنفه وحذره من محاولة الحديث معها مرة اخرى …ومحاولات الانتحار فى سن صغيرة تشكل خطورة بالغة ,تأتى بعد ذلك محاولات الانتحار بسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعية والخلافات العائلية ..
واشار د”جمال فرويز”الى ان هناك حالات انتحار يكون الانتحار لا يقصد به الموت ولكن هى محاولة انتحار بهدف لفت الانتباه أو توجيه رسالة لمن حوله بانه غير قادر على الاحتمال.
واضاف ان الاحباط وفقدان الامل يجعلنا عرضة للاكتئاب ,والاشخاص الذين تميل شخصياتهم للاستسلام يصبحون فريسة سهلة للانتحار.
واكد ان الحوار والتواصل بين افراد الاسرة و المدرس وتلاميذه واستاذ الجامعة وطلابه اهم سبل الوقاية ,كما ان الدولة عليها دور مهم وهو محاولة استبدال المناخ التشاؤمى السائد فى البلد والذى يدفع الناس الى الاحباط ,وفقدان الامل فى المستقبل,فالناس غير مستوعبة ما يحدث فى البلاد ,فرغم تزايد معدلات النمو الاقتصادى الا أن ضغوطات الحياة تتزايد ,فالدولة لا تستطيع عرض ما تفعله من مشروعات وعرض المكتسبات التى تعود على الناس فالجميع يسأل اين اشيائى؟!
وتعليقا على إنشاء مركز للدعم النفسي بجامعة القاهرة ، للتصدي لحالات الانتحار بين الشباب، أكد د”جمال فرويز أن التواصل والتفاعل بين الاساتذة والطلاب هو الاساس لحماية الشباب من الانتحار ,لافتا أن التواصل يعنى ان يكون الاستاذ بمثابة الاب البديل للطلاب ,يعرف مشاكلهم ويعمل على حلها .
وسائل الانتحار
محاولات الانتحار فى تزايد مستمر خاصة فى المرحلة العمرية من13الى 20 سنة حسب كلام د”مها غانم” المشرف على مركز السموم التابع إلى كلية الطب جامعة الإسكندرية، فأكدت أن المركز يستقبل شهريا 900 حالة أغلبها مقدمين على الانتحار الذين يشكلون من 30 : 40% من محافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والبحيرة ومطروح ،فى عام 2017 كانت نسبة المنتحرين نحو 37% من حالات التسمم التى استقبلها المركز ,وفى اواخر عام 2018 كانت اعداد محاولات الانتحار التى جاءت للمركز حوالى 1321 حالة حوالى 33% من اجمالى الحالات ,موضحة أن أغلب أسباب الإقبال على الانتحار تتمثل في الإصابة بمشكلات نفسية، أو نتيجة الضغط والتعرض المستمر إلى مشكلات أسرية .
واضافت ان أكثر المواد السامة استخداما فى الانتحار هى الادوية والعقاقير خاصة الادوية النفسية ,مثل مضادات الاكتئاب ,يلى ذلك المبيدات الحشرية وذلك لسهولة الحصول عليها خاصة أن سعرها رخيص ايضا ,وخطورة المبيدات الحشرية انها سريعة المفعول ,ويتم امتصاصها فى جميع اجزاء الجسم وتؤثر على الجهاز العصبى وعلى التنفس ,وهناك محاولات انتحار عن طريق استخدام سم الفئران ,والاخطر من ذلك اقراص الغلة لافتة الى أن عدد الحالات التي تصل إلى المركز نتيجة التسمم باستخدام أقراص الغلة تبلغ نحو 200 حالة سنويا، جميع الحالات يتم تناولها بغرض الانتحار، لسرعة وصول السم إلى القلب مما يؤدي إلى توقفه وحدوث الوفاة سريعا,وتابعت د”مها غانم”:أن محافظة البحيرة تحتل المركز الأول تليها الاسكندرية في حالات الانتحار من قرص الغلة,وهناك حالات تأتى من مناطق أبو المطامير، والدلنجات، وكفر الدوار، مشيرة إلى الإقبال عليه كوسيلة للانتحار من الرجال، حيث يشكلون نسبة 23%، ، واوضحت أن أعمار من يتناولون قرص الغلة بغرض الانتحار تتراوح بين 17: 29 من الشباب والفتيات الصغار..
واشارت الى ان اغلب الشباب يتناولون القرص لشعورهم بالاكتئاب، أو التوتر، أو وجود ضائقة مالية، أو مشكلات أسرية يتعرض لها الشخص، أو سقوط في الامتحانات.. وقرص الغلة هو قرص مكون من فوسفيد الألومونيوم تلك المادة التي تطلق غاز الفوسفين السام عند اختلاطها بالرطوبة، أو الماء الحامض المعدي، ويستخدم لمنع تسوس الغلال والأثاث، ومن المفترض أن يستخدمه المزارعون، حيث يغلق المستخدم الحجرة التي يتواجد بها الغلال جيدا، ويضع تلك الحبوب بداخلها، حتى تتفاعل مادة فوسفيد الألومونيوم المكونة للقرص مع الرطوبة بالجو، ويتصاعد غاز الفوسفين السام فيمنع الحشرات والقوارض من الاقتراب من الغلال، ومن ثم يقضي على حشرة متواجدة وتسمى تلك العملية بالتبخير.
وأكدت أن عملية التسمم تحدث عند استنشاق غاز الفوسفين عن طريق التواجد في أماكن التبخير، أو تسريب الغاز من حجرة التبخير، أو عن طريق تناول أقراص الغلة بغرض الانتحار، وفي تلك الحالة يؤدي إلى هبوط في الدورة الدموية وارتفاع شديد بحموضة الدم مما يؤدي إلى الوفاة.
وحذرت د”مها غانم ” ايضا من زيادة حالات الانتحار الواردة للمركز بتناول أقراص “لانوكسين”، والتى يتسبب تناولها توقف ضربات القلب مما يؤدى إلى الوفاة،وقالت :على الرغم من ارتفاع سعر أنبول ال”لا نوكسين” والذى يصل إلى 30 ألف جنيه، إلا أن حالات الانتحار عن طريق تناوله بقصد زادت مؤخرًا بشكل ملحوظ,ويصل معدل حالات الانتحار التي يتسبب بها تناول ال”لانوكسين”، حالتين أسبوعيا تقريبا.
وأكدت ان هناك حالات تتوفى قبل وصولها الى المركز ,كما ان هناك حالات خطيرة تستدعى نقلها الى الرعاية المركزة ,وهناك حالات تقدم على خطوة الانتحار بوسائل اخرى ,وبالتالى فان العدد الحقيقى لمحاولات الانتحار سواء بالسموم أو غيرها غير معروف على وجه التحديد
وتكمن مشاكل محاولات الانتحار فى علاجها لان تكلفة بعض هذه المحاولات احيانا كثيرة يكون باهظا فهناك حالات الانتحار باقراص اللانوكسين يتم إنقاذ الحالات في حال توافر “ديجيفاب” الدواء المضاد فقط،و تصل تكلفة علاج الحالة الواحدة الى 62 الف جنيه وهذا سعر الامبول الواحد وهو غير متوفر ,ويأتى للمركز نتيجة تبرع بعض الاطباء وفي حالة عدم توافره تتوفى الحالة بعد دخولها العناية المركزة لافتة الى أن العلاج الذى توفره الكلية هو لحالات الانتحار ببعض انواع المبيدات الحشرية وسعر العلبة حوالى 1800 جنيه لعلاج الحالة الواحدة
عنف ذاتى
ويرى د”نبيل عبد المقصود”مدير مركز علاج السموم بمستشفى القصر العيني أن تكرار محاولات الانتحار يتطلب دراسة الاسباب التى تؤدى الى ارتكاب الشخص هذا العنف الذاتى لافتا الى أن الانتحار يمارسه الشباب والكبار والسبب الاساسى هو فقدان الامل وغياب التوعية الدينية .واكد ان المشاكل الاجتماعية اهم الاسباب المؤدية الى الشعور بالاحباط وفقدان الأمل.
فتش عن اليأس وفقدان الحيلة
يرتبط الانتحار بعدة مظاهر ومتغيرات داخل المجتمع هذا ما اكدته د” ثريا عبد الجواد”استاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية قائلة : ان معدلات الانتحار تتزايد فى البلدان التى تشهد الثورات ,ورغم انها فى مصر لا تصل الى حد الظاهرة ,ولكنها بدأت تكتسب خصائص جديدة واشارت الى ان تزايد معدلات الانتحار بين الشباب يرجع الى اسباب شخصية مثل الفشل فى الدراسة ,الا انه فى احيان كثيرة يرتبط باسباب اقتصادية واجتماعية وسياسية ,فهناك ظروف صعبة تحيط بالغالبية العظمى من الشباب منها البطالة وفقدان القدرة على تأسيس اسرة ,وعدم وجود اى وعاء سياسى يحتوى هؤلاء الشباب فى هذه المرحلة العمرية ..وهو الامر الذى يؤدى اى عدم احتمال البعض لتلك الاوضاع ,وشعورهم باليأس وفقدان الحيلة ,وبالتالى يصبح الكثير من شبابنا عرضة للمرض النفسى او الاحباط وبالتالى الانتحار ,فهى مجموعة من الظروف المجتمعية تدفع بالشاب الى حالة من العجز عن مواجهة هذه الظروف .
دور الأسرة والمجتمع
واضافت د”ثريا عبد الجواد”ان حماية ابنائنا من من الانتحار ليس عملا فرديا ولا يقع على الاسرة وحدها ولكنه عمل مجتمعى يرتبط بسياسات الدولة التى تنعكس على الاسرة وبالتالى تنعكس على الابناء ,فيجب العمل على تحسين اوضاع الاسرة المصرية ,والاهتمام بالفئات المهمشة والشباب وعمل مشروعات حقيقية تساهم فى تقليل معدلات البطالة ,اما الحديث المستمر عن ضرورة احتواء الاسرة لابنائها ,وحماية الابناء مسئولية الاسرة فهذا الامر طبيعيا فالشغل الشاغل لاغلب الاسر المصرية هو رعاية ابنائها والكل يبذل جهدا من اجل ذلك ,ولكن الواقع الاجتماعى والسياسى والاقتصادى الذى تعيشه الاسرة صعب جدا لدرجة تجعلها لا تستطيع القيام بدورها,فالاب والام يعملون طوال اليوم من اجل تلبية احتياجات الابناء فى ظل للغلاء الفاحش الذى سيطر على كل شئ حولنا ,وبالتالى فان الاساس هو تغيير السياسات التى تنفذ فى المجتمع وجعلت الاسر المصرية تعانى وبالتالى يعانى ابناؤها .
وتشير د”ثريا” الى أن اغلب الاسر المصرية تعانى من الفقر ,ويصعب على اغلب الاسر أن تجد دخلا يساعدها على الحياة الكريمة ,لافتة الى ان لدينا حالات انتحار آباء لعدم قدرتهم على توفير احتياجات المعيشة لأبنائهم، وحالات قتل فيها الآباء أبنائهم للسبب ذاته .
غياب الترابط الاسرى
اما د”سامية خضر”، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس فتؤكد أن انعدام الترابط الاسرى وعدم احتواء الشاب والفتاة داخل المنزل نتيجة لانشغال الاب والام طوال الوقت يدفعه للانطوائية والاكتئاب ,ومن ثم النفكير في الانتحار هربًا من مشكلة ما أو لعدم قدرته على تحقيق هدف أو حلم معين.
واضافت “خضر”أن التربية غير السوية ,والتغيرات التى طرأت على المجتمع ودخول التكنولوجيا فى حياتنا وترك ابناءنا طوال الوقت امام الانترنت وعدم تربية الأطفال على تحمل المسئولية ومواجهة الأزمات والمشكلات وتحدى الصعاب،وغياب القدوة الحسنة كل هذا يجعل الشاب يهرب من الواقع ,وتجعله غير قادر على المواجهة وتضطره للإقدام على الانتحار.
وطالبت أستاذ علم الاجتماع بضرورة إقحام الشباب في الحياة المجتمعية، وكذلك التوعية الإعلامية، من خلال بث روح الحياة ومحاولة انتشال البعض من اليأس الذى يحيط به ومد يد العون للجميع، فدور الإعلام الأكبر في التوعية المجتمعية والأسرية، وكذلك توعية الأسرة بدورها في بناء الأجيال وتربيتهم تربية سليمة بدلا من قصر برامج المراة على التجميل والطبخ ، وأكدت على دور وزارة التعليم فى احياء القدوة الحسنة ,ودور رجال الدين في تحفير الشباب على التحلى بروح التسامح ومواجهة الشدائد والصعاب.
الإساليب الإرهابية
وتربط د”نسرين البغدادى”استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية وعضو المجلس القومى للمراة – بين تكرار محاولات الانتحار بين الشباب فى الاونة الاخيرة و التجديد الدائم للاساليب الارهابية ,واستخدام الوسائل المؤدية دائما الى اشاعة الاحباط والكآبة واليأس ..وفقدان الامل ,واستغلال الوقائع للنيل من الدولة .
وتابعت:اتصور ان استبدال طريقة العمليات الانتحارية التى يقوم بها البعض وتفجير العديد من الضحايا التى تثير السخط المجتمعى ,جعلتهم يقومون باستغلال هشاشة بعض النفوس حتى يقوموا بارتكاب العمليات الانتحارية ضد انفسهم ,فلم تكن الصدفة هى التى جمعت بين من قام بالقفز من على البرج ,أو من رمى نفسه تحت عجلات القطار ,أو من قفز فى النيل ..أو من تناول السم ,أومن شنق نفسه ,لم تكن صدفة ان يكون الموت واحدا ,بينما تعددت الاساليب والوسائل الا انهم جميعا ضحية زين لها الموت .
وتوضح استاذ علم الاجتماع انه من خلال الملاحظة لتقسيم الشرئح العمرية نجد ان نسب الانتحار تعلو بين من هم فى سن خمسة عشرة عاما الى سن الثلاثين ,وتقل بين الشرائح دون ذلك ,ويعد عامل اليأس والتقليد من اشد العوامل المحفزة للفعل,وربما تحدث بعض حالات الانتحار فى الاعمار الصغيرة نتيجة التقليد,وانعدام الرقابة الاسرية .
وانتقدت د”نسرين”اشارة بعض رجال الدين الى أن المنتحر ليس بكافر لافتة الى أن الوازع الدينى من أشد العوامل الرادعة والتى يتم غرسها منذ الصغر من خلال مفهوم قتل النفس محرم فى جميع الشرائع.
وانتقدت ايضا تصوير مشاهد حالات الانتحار الواقعية وعرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعى مشيرة الى أن هذا الامر محفزا لخوض المغامرة ,وكذلك تناول بعض الصحف والبرامج للعديد من التفاصيل ,كما تلعب الدراما دورا واسعا فى تحفيز هذا الفعل ,وتجعله مثيرا ومرغوبا لدى الشرائح العمرية الصغيرة التى تتوحد مع ابطال العمل ولا تدرك الفرق بين الواقع والخيال,وتريد فى كثير من الاحيان التقليد مادامت النتيجة غير مفجعة .
وحول سبل الوقاية وحماية ابنائنا من براثن الانتحار اوضحت أن الاسرة هى المسئول الاول والاخير عن حماية أفرادها ,وبث الوعى لديهم ,فيما يخص حماية النفس ,ومسئولة عن مراقبة الافعال التى قد تؤدى الى إلحاق الأذى بالنفس ,فضلا عن ضرورة تأكيد الخطاب الدينى على حرمة قتل النفس ,اما دور وسائل الاعلام والدراما فهى منوطة بعرض الضرر الذى يلحق بالمجتمع جراء هذا الفعل وعليها تجنب عرض تفاصيل هذه الحوادث.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.