لا أفهم لماذا يقوم بعض الكتاب بتأليب فئات الشعب على بعضها، وما الغرض من تحريض كاتب فى صحيفة مرموقة فقراء الشعب على سكان بعض المناطق ؟ هذا بالضبط ما خرجت به بعد قراءة مقال د. طارق عباس المنشور بجريدة "المصرى اليوم " صباح الجمعة 24-11-2017 تحت عنوان "دولة الكومباوندات ". المقال تحريض صارخ ضد سكان "الكومباوندات"، واتهام لهم جميعا بأنهم لصوص سرقوا أموال الشعب و اشتروا بها لأنفسهم فيلات و شقق فاخرة على حد قول الكاتب. غاب عن السيد الكاتب أن الأغلبية العظمى من سكان الكومباوندات المغضوب عليهم هم الفنانون و الاعلاميون و أساتذة الجامعات ورجال الأعمال و رجال السياسة. هم كريمة المجتمع، الفئة التى تسرى فى شرايينه و تغذيه بالفكر و الإبداع، و تحتاج أن تعيش فى جو نظيف بعيد عن التلوث السمعبصرى الذى ابتليت به أغلب أحياء القاهرة القديمة. و لو أنفق سيادته بعض الوقت فى التجول فى حى المهندسين على سبيل المثال فلن يتحمل لمدة ساعة واحدة ما به من اختناق مرورى و ضوضاء مرعبة و أبواق سيارات زاعقة، و عن الزمالك و الدقى و المعادى و مصر الجديدة حدث و لاحرج. نسبة ضئيلة من شوارع هذه الأحياء التى كانت راقية تتمتع بما حرمت منه بقية أحياء القاهرة الكبرى. فما العيب فى أن ينفق بعض المواطنين ما كسبوه بالجهد و العرق و العمل المتواصل فى شراء سكن جديد فى تجمعات تحوطها حدائق و يلفها الهدوء و السكينة و يشيع فى أرجائها الجمال و التناسق. لقد باع بعض سكان الكومباوندات كل ما يملكون من أجل شراء وحدة سكنية فيها عوضا عن انفاقها فى المسستشفيات و عيادات الأطباء للعلاج من الأمراض النفسية و العصبية التى تهددهم فى الأحياء القديمة. و قد أدت الفوضى الأمنية التى استشرت فى السنوات الماضية الى أن يتحوط سكان بعض التجمعات و يحموها بأسوار و بوابات و حراس، و هذا ما حدث أيضا فى أغلب عمارات الأحياء القديمة. المطلوب أن تعم هذه الصفات فى جميع أحياء مصر لا أن نعاقب سكانها و نقذفهم بالتهم الباطلة، أن تكون هذه الكومباوندات البداية و يتبعها الباقون. إن الأحياء الراقية و الأحياء المتوسطة و الفقيرة توجد فى كل بلاد العالم، حتى الشيوعية، و لا أدرى لماذا يرى سيادته أن الكومباوندات "تكريس غير مسبوق للطبقية فى مصر وتمزيق لشرايين المجتمع…و جناية على المجتمع وتقسيم لأفراده بين: «أبناء البطة البيضاء وأبناء البطة السوداء»!! هل المطلوب أن يعيش كل سكان «مصر المائة مليون نسمة» فى أحياء تعم فيها القذارة والضوضاء والزحام والفوضى المرورية "وسط العشوائيات وبين أكوام القمامة وعلى نغمات نباح الكلاب" !! لقد خلط الكاتب متعمدا بين الكومباوندات الساحلية التى أكثر من نصفها لا يستعمل فعليا إلا لفترات محدودة طوال السنة،، والتجمعات السكنية الفاخرة الموجودة فى المدن وزعم أنها لم تحل أزمة السكن، وهذا غير صحيح بدليل ما أصاب المدن الجديدة من ازدحام مرورى و تكدس . إن مقالات كهذه هى التى قد تؤدى لنشر الحقد والكراهية بين المصريين و مازلنا نذكر جريمة قتل الفتاتين فى كومباوند "الندى" و قتل مديرة البنك فى فيلتها و غيرها. و مقال د. طارق عباس اتهام ظالم و باطل لكل سكان هذه التجمعات و تحريض للرعاع و اللصوص للتهجم على مساكنهم "و نهب ما بها باعتبارها حقا مشروعا ينبغى استعادته ممن اغتصبوه".