نماذج إجابة امتحان العلوم الصف الثالث الإعدادي محافظة القليوبية 2024 .. اعرف الإجابات    حقوق الإنسان بالبرلمان تناقش تضمين الاستراتيجية الوطنية بالخطاب الديني    جامعة العريش تشارك في اللقاء السنوي لوحدة مناهضة العنف ضد المرأة ببورسعيد    شعبة الاقتصاد الرقمي: المشاركة في قمة FDC تعكس رؤيتنا لتطوير البنية التحتية الرقمية    ارتفاع قياسي للأسهم خلال تعاملات البورصة اليوم، خبيرة أسواق مال تكشف التفاصيل    تفاصيل تأجير شقق الإسكان الاجتماعي المغلقة 2024    وكالة تسنيم: سيارات الإنقاذ تواجه صعوبات في الوصول لموقع حادث طائرة الرئيس الإيراني    المنظمات الأهلية الفلسطينية تؤكد أهمية دور مصر الرائد فى دعم الفلسطينيين    البحرية الأوكرانية تعلن عن إغراق كاسحة الألغام الروسية كوفروفيتس    فياريال ضد الريال.. خوسيلو يقود هجوم الميرنجى فى ختام الدورى الإسبانى    فودين يسجل ثنائية ويقرب مانشستر سيتي من التتويج بالدوري الإنجليزي (فيديو)    مصرع وإصابة 6 أشخاص في حادث تصادم بأسيوط    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    سرقة جواهرجي شهير بالهرم على يد 3 سيدات ورجل    هشام عبدالخالق يكشف كواليس فيلم «اللعب مع العيال».. تفاصيل بالصور    الخميس.. احتفالية بعنوان "المتاحف والتعليم والبحث" في مكتبة الإسكندرية    قصف مدفعي.. مراسل القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسع عملياته العسكرية شمال غزة    وزير الصحة: الإرادة السياسية القوية حققت حلم المصريين في منظومة التغطية الصحية الشاملة    الكشف على 927 مواطنا خلال قافلة جامعة المنصورة المتكاملة بحلايب وشلاتين    مانشستر يونايتد يسعى لضم لاعب يوفنتوس بعد نهاية عقده    «مراسم دندرة للرسم والتصوير» في معرض فني لقصور الثقافة بالهناجر الأربعاء    تحذير ل5 فئات من متحور «flirt» الجديد.. مضاعفات خطيرة    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    ميسرة صلاح الدين: الشعر كائن عنيد ومتمرد    الأربعاء.. عرض فيلمي «فن القلة» و«فن العرايس» بمركز الثقافة السينمائية    محافظ قنا: تمويل 2144 مشروعا صغيرا ومتناهي الصغر ب102 مليون جنيه    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    ما هو الحكم في إدخار لحوم الأضاحي وتوزيعها على مدار العام؟    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    نصائح وزارة الصحة لمواجهة موجة الطقس الحار    محافظ الدقهلية يتابع الموقف التنفيذي لأعمال ممشى السنبلاوين الجديد    مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية يوضح أنواع صدقة التطوع    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    رئيس هيئة الدواء يشارك في احتفالية إنجازات المرحلة الأولى من التأمين الصحي الشامل    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    بالصور.. كواليس آخر أيام تصوير فيلم "اللعب مع العيال"    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    استاد القاهرة : هناك تجهيزات خاصة لنهائي الكونفدرالية    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    تعليق غريب من مدرب الأهلي السابق بعد التعادل مع الترجي التونسي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وقائع وظواهر غير مسبوقة فى انتخابات الرئاسة الأمريكية.. الدولة العميقة تتحرك لتغيير مسار قطار ترامب.. لماذا انتظرت جماعة الإخوان فوز هيلارى؟
نشر في الأهالي يوم 15 - 11 - 2016

عندما نقول إن ما حدث فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، هذه المرة، غير مسبوق.. فأننا لا نبالغ أو نتجاوز الحقيقة. فقد احتشدت الشركات الكبري العملاقة كافة، وكذلك البنوك، وتجار الأسلحة وأجهزة المخابرات والبنتاجون، وكل ما يطلق عليه اسم "الدولة العميقة" إلى جانب جميع وسائل الاعلام الكبري، والحزب الديمقراطي الامريكي بكامله، بل وقيادات الحزب الجمهوري الرئيسية، وخاصة المحافظين الجدد، لدعم مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون. ووقف إلى جانب هيلاري أربعة رؤساء أمريكيين على قيد الحياة، بينهم اثنان من الديمقراطيين هما بيل كلينتون وباراك اوباما، واثنان من الجمهوريين هما جورج بوش الأب وجورج بوش الابن ووجه أربعمائة من رجال الاقتصاد الامريكي رسالة مفتوحة لتحذير الناخبين من المرشح الجمهوري المنافس دونالد ترامب.
وقبل الانتخابات الرئاسية باسبوع كانت ميزانية الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون قد تجاوزت 1.3 مليار دولار، بينما لم تتجاوز ميزانية حملة دونالد ترامب 795 مليون دولار.
دور المال
وتردد أن حملة هيلاري حققت رقما قياسيا من حيث الاموال التي حصلت عليها فى هذا السباق الانتخابي، لأن اثرياء الولايات المتحدة واصحاب المصالح الكبري يريدون ان تكون كلينتون هي الرئيسة.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الامريكية ان جماعات الضغط قدمت 11 مليون دولار لكلينتون حتي شهر سبتمبر الماضي، بينما لم يحصل ترامب على دولار واحد من هذه الجماعات فى نفس الفترة.
وكتب "مايكل مونيتا"، مؤسس جمعية "وول باك" التي تدعو إلى فرض قيود على المال السياسي، انه عندما يتم السماح للمال بالدخول فى السياسة، فإن رجال الاعمال والشركات يمكن أن يسيطروا على السياسيين.
وثمة تاريخ طويل من الفساد الناشئ عن دخول المال السياسي فى حلبة الانتخابات الرئاسية الامريكية، ولا يمكن إغفال الدعم المالي الكبير لشركات تمارس نشاطها كجماعات ضغط من جانب السعودية وقطر من أجل إعادة النظر فى قانون "جاستا" (العدالة ضد رعاة الإرهاب).
شهادة مهمة
واعتبر مؤسس موقع "ويكيليكس"، جوليان اسانج، أن الحكومتين السعودية والقطرية تقومان بتمويل تنظيم داعش الارهابي، مؤكدا أن الاشخاص الذين يمنحون الاموال لصندوق هيلاري كلينتون هم ذاتهم الذين قاموا بدعم داعش.
وقال "جوليان اسانج" انه لم توجد أي مؤسسة تقف إلى جانب دونالد ترامب.
وبذلت هيلاري كلينتون وكل وسائل الإعلام جهودا خارقة على مدار الساعة ل "شيطنة" دونالد ترامب وتقديمه فى صورة ساخرة وهزلية.
الأخطر من ذلك أن أجواء المكارثية أخذت تخيم على أجواء المعركة الانتخابية بعد أن وجهت هيلاري كلينتون والمحافظون الجدد إلى ترامب تهمة منافية للعقل هي انه "عميل سري للكرملين"!
أنها التهمة التي تذكرنا بالسناتور مكارثي الذي كان يستخدمها وهي "ممارسة نشاط عدائي لأمريكا" لكل من لا يلتزم بالسياسة الرسمية الأمريكية المعادية للاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي فى الخمسينيات.
لقد عادت تلك التكتيكات البغيضة والاتهامات الكريهة (التي تبعث على الغثيان) إلى الحياة لكي تستخدمها المؤسسة الحاكمة والإعلام "الليبرالي"(!)
والسبب فى ذلك كله أن رجلا من خارج "المؤسسة السياسية الفاسدة" تحدث بلغة جديدة وقدم تصورات ووعودا لم يسبق لأي سياسي أو مرشح للرئاسة فى الولايات المتحدة أن تجرأ على التفوه بها.
ماذا قال دونالد ترامب؟
"أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكثر قدرة من رئيسنا أوباما – الذي يفتقر إلى صفات بوتين القيادية-. وكان أكثر دهاء وحيلة فى كل جبهة وخاصة فى الشرق الأوسط، ومن المفيد إقامة علاقة جيدة جدا معه".
"إذا قمتم بالاطاحة ببشار الاسد.. فقد ينتهي بنا المطاف إلى شخص أسوأ منه فى سوريا، والضربات التي قامت بها روسيا لدعم حليفها السوري.. ايجابية ".
"لا أؤيد إشعال حرب عالمية ثالثة حول سوريا، وإذا أرادت روسيا محاربة داعش فى سوريا، فإن على الولايات المتحدة أن تدعها تفعل ذلك؟".
"هيلاري كلينتون هي السبب فى سقوط مدينة حلب، بينما الأسد أكثر ذكاء منها.. ومن أوباما".
"التدخل الأمريكي فى العراق جري بناء على أكذوبة وجود أسلحة الدمار الشامل هناك بينما لم تكن هناك أية أسلحة من هذا النوع، ولم يكن يصح أن نذهب إلى العراق ولم تكسب أمريكا شيئا من تدخلها هناك، والآن إيران تسيطر على العراق".
"هيلاري نشرت الفوضي فى الشرق الأوسط".
"أوباما وهيلاري هما المؤسسان الحقيقيان لتنظيم داعش".
"لماذا لا نتعاون مع روسيا لمواجهة الإرهاب، وهناك حاجة إلى خطة طويلة الأمد لوقف تمدد وانتشار التطرف الديني".
"حلف الاطلنطي عفى عليه الزمن".
"لماذا ندفع الأموال للدفاع عن أوربا، بينما لم يعد هناك خطر سوفيتي منذ وقت طويل، ولم يعد للتهديد السوفيتي وجود".
" لقد كنا سببا فى تقويض الاستقرار فى الشرق الأوسط".
"أرفض الدور الذي تلعبه أمريكا كشرطي عالمي".
"الدعم الأمريكي للمنظمات المسلحة فى سوريا يخاطر باشعال حرب مع سوريا وروسيا. ولماذا ندعم هؤلاء بينما ليست لدينا فكرة عنهم ومن يكونون؟".
"الولايات المتحدة فى حاجة إلى التركيز على محاربة الإرهاب والحاق الهزيمة ب"داعش".
وعلينا أن نتذكر الآن كيف أعرب دونالد ترامب عن دعمه الكامل لمصر وللرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اللقاء الذي تم بينهما فى نيويورك فى سبتمبر الماضي على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وقد أعلن مستشار ترامب عقب اللقاء أنه فى حالة فوز ترامب، فإنه سيضع جماعة "الإخوان المسلمين" فى قائمة المنظمات الإرهابية.
مواجهة مع موسكو
هذا ما قاله ترامب، بينما قامت هيلاري كلينتون بحملتها الانتخابية وسط صيحات هيستيرية تدعو إلى حرب باردة جديدة مع روسيا وتصعيد الحرب ضد النظام الحاكم فى سوريا، وإقامة منطقة حظر جوي – مما يهدد بصدام مع روسيا- وطالبت بدعم وتقوية حلف الاطلنطي استعدادا لمواجهة مع موسكو.
كانت هيلاري تخلق المجالات لاستثمار ضخم يقوم به المجمع الصناعي- العسكري الأمريكي.
وهذا ما يتفق مع كل مواقفها السابقة منذ ساندت العمليات التي قام بها زوجها- الرئيس الاسبق بيل كلينتون- لقصف صربيا وكوسوفا فى يوغوسلافيا السابقة، وتأييدها للغزو الأمريكي للعراق فى عهد جورج بوش، وتشجيع أوباما على استخدام حلف الاطلنطي لتدمير ليبيا وإسقاط الدولة الليبية واغتيال القذافي.
ويقول الكاتب الأمريكي "ايفان ايلاندر" انه لو كانت هيلاري قد فازت، فأنها لم تكن تتردد فى توريط القوات الامريكية فى حرب أخري خاسرة لا تختلف عن حربي افغانستان والعراق.
إحياء الحرب الباردة
وتنتمي هيلاري إلى المجموعة التي تعتبر أن الولايات المتحدة ينبغي أن تكون جديرة بما اعلنته عن نفسها من أنها "القوة الأعظم الوحيدة على سطح الكوكب وأنها دولة استثنائية".
كذلك تنتمي هيلاري إلى جماعة دعاة التدخل الأمريكي فى الخارج، الذين يحذرون مما يسمي ب "التهديدات العسكرية الروسية لأوربا الشرقية"، ويروجون لفكرة "ان السلام مستحيل مع بوتين"، وأن حلف الاطلنطي ينبغي أن يلتزم بانفاق عسكري أكبر لكي يتعامل مع "روسيا الداعية للانتقام"!!
والمعروف انه منذ عام 1996، قام "بروس جاكسون"، مدير شركة لوكهيد مارتن (ريثيون)، بتأسيس اللجنة الأمريكية لحلف الاطلنطي وسط حملة لتصوير روسيا باعتبارها "مصدرًا للتهديد" بقيادة عناصر تم تمويلها من رجال الصناعات الحربية. وقد انضم إلى هذه اللجنة جميع الصقور من المحافظين الجدد. وفى عام 1998 نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن أقطاب صناعة الأسلحة الأمريكيين، الذين يتوقعون أن يكسبوا مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة وأنظمة الاتصالات وغيرها من المعدات الحربية بعد توسيع حلف الاطلنطي، خصصوا استثمارات هائلة لمراكز الضغط فى الكونجرس وأروقة الإدارة الأمريكية، وقدموا مساهمات مالية فى الحملات الانتخابية للدفاع عن قضيتهم فى واشنطن، وكانت الشركات الثمانية والأربعون التي تنتج الأسلحة تغرق المرشحين بملايين الدولارات.
ثمة طموح لدي تجار الأسلحة فى الولايات المتحدة لتنفيذ أكبر برنامج منفرد لإنتاج الأسلحة فى التاريخ.
ولوحظ أن "بنك الأفكار"، الذي يحمل اسم "معهد ليكسينجتون"، يقف أيضًا وراء حملة الدعاية لإحياء الحرب الباردة ضد روسيا وتبرير برنامج الأسلحة الجديدة، الذي يشمل طائرات (اف-35) المتطورة، التي تنتجها "لوكهيد مارتن" بتكلفة تتجاوز تريليون دولار.
وتقول صحيفة "انترسبت" الأمريكية، فى دراسة كتبها "لي فانج"، أن تصعيد اللهجة المناهضة لروسيا فى حملة الانتخابات الرئاسية الامريكية على يد هيلاري كلينتون، جاءت وسط ضغوط قوية وجهود كبيرة من جانب أقطاب الصناعات العسكرية الأمريكية.
وصية ايزنهاور
ألا يذكرنا ذلك كله بما جاء فى خطاب الوداع الشهير للأمة الأمريكية الذي اطلق عليه "وصية ايزنهاور" (الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت ايزنهاور)، وكانت كلمات تلك الوصية كالآتي:
"يجب أن نأخذ حذرنا إزاء اكتساب نفوذ غير مسموح به، ولا مبرر له، وسواء مطلوبا أو غير مطلوب من جانب المجمع العسكري- الصناعي، ذلك أن احتمال الصعود الكارثي لسلطة فى غير موضعها- أو فى موضع لا تستحقه- قائم وسيظل مستمرا".
كم كان ايزنهاور على حق. ولكن، حتي ايزنهاور نفسه لم يكن ليتصور التكلفة الباهظة التي تتحملها الأمة الأمريكية بسبب فشلها فى محاصرة واحتواء هذا المجمع.
والمعروف انه منذ الانقلاب الذي خططت له أمريكا ضد نظام الحكم فى اوكرانيا لإسقاط الحكومة الحليفة لروسيا لتحل محلها حكومة موالية للغرب… والولايات المتحدة توسع عمليات نشر قوات عسكرية على طول حدود روسيا مع اوربا الشرقية، ويوجد الآن 300 الف جندي من قوات حلف الاطلنطي على حدود دول البلطيق فى انتظار معركة مع روسيا.
وكانت هيلاري تتحدث باسم غلاة الصقور فى الولايات المتحدة، وتطالب بأن تكون واشنطن فى حالة تأهب للتصدي لنوايا بوتين، الذي لا يفهم- من وجهة نظرها- "سوي لغة القوة والحزم"!
حدث هذا فى الوقت الذي كان ترامب يتحدث فيه عن ضرورة إعادة التعاون مع روسيا.
يقول سيرجي جلازييف، مستشار الكرملين، أن انتخابات ترامب قد تؤدي، فى نهاية المطاف إلى تجنب اندلاع حرب عالمية ثالثة بين حلف الاطلنطي والاتحاد الروسي. واضاف أن ترامب يمكن أن يرمز إلى حدوث تغيير فى توجهات الولايات المتحدة حيث إن الكثيرين فى الحكومة الروسية ينظرون إلى هيلاري باعتبارها "رمزا للحرب"، وأن رفض الناخبين التصويت لها يعكس الرفض لهذا المستوي من العداء تجاه روسيا.
دور الإخوان
فى 13 يونيو 2012، تلقي المفتش العام لوزارة الخارجية الأمريكية رسالة موجهة من خمسة اعضاء فى الكونجرس الأمريكي، هم "مايكل باكمان" (مينيسوتا) و"ترنت فرانكس" (اريزونا) و"لوي جوميرت" (تكساس) و"توماس روني" (فلوريدا) و"لين وستمورلاند" (جورجيا).
وتكشف هذه الرسالة أن هناك ثلاثة أعضاء فى عائلة "هوما عابدين" – أهم وأقرب مساعدي ومستشاري هيلاري- هم والدها ووالدتها وشقيقها، على صلة بنشطاء من جماعة الاخوان المسلمين ومنظماتها.
وقال أعضاء الكونجرس الخمسة أن للسيدة "هوما عابدين" صلات وعلاقات عائلية مباشرة بمنظمات متطرفة أجنبية"، مما يحول دون توافر الشروط التي تسمح لها بالحصول على موافقة أمنية على توليها وظيفتها (ومع ذلك فهي تشغل الوظيفة!) وقد عملت "هوما عابدين" فى وظيفة مساعدة لرئيس تحرير فى صحيفة إسلامية متطرفة تعارض حقوق النساء وتعتبر أن الولايات المتحدة هي المسئولة عن اعتداءات 11 سبتمبر 2001، أما رئيسة تحرير تلك الصحيفة، فهي "صليحة محمود عابدين" والدة "هوما".
وهناك شريط فيديو يجري تداوله فى مواقع التواصل الاجتماعي فى الولايات المتحدة يظهر هوما عابدين وهيلاري كلينتون فى لقاء مع مجموعات وأشخاص يقومون بتمويل الأنشطة الإرهابية.
وكانت "هوما" هي نائبة رئيس هيئة العاملين بوزارة الخارجية الأمريكية فى عهد هيلاري، كما عملت فيما يسمي بمؤسسة كلينتون " الخيرية" التي تشكل غطاء لتلقي الاموال والتبرعات لعائلة كلينتون وحملاتها الانتخابية.
وكان البريد الالكتروني للسيدة "هوما" جزءًا من تحقيقات مكتب التحقيقات الفيدرالي لمحاولة معرفة ما إذا كانت رسائل ذلك البريد تحتوي على معلومات سرية.
والغريب فى الأمر أن مدبر مكتب التحقيقات الفيدرالي "جيمس كومي" طلب قبل أيام من انتخابات الرئاسة إعادة فتح باب التحقيق فى قضية البريد الالكتروني لهيلاري كلينتون بعد أن تم اكتشاف رسائل الكترونية فى جهاز كومبيوتر (لاب توب) بحوزة عضو الكونجرس السابق "انتوني وينر"، الزوج السابق للسيدة "هوما عابدين"، والذي يجري التحقيق معه بسبب رسائل جنسية بذيئة يتحرش بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع فتاة صغيرة فى الخامسة عشرة من عمرها!
أما وجه الغرابة، فإنه لم تمض ساعات على إعلان "جيمس كومي" عن إعادة التحقيق، حتي صرح بأنه لا يوجد ما يبرر تقديم أية اتهامات لهيلاري، حيث لم يثبت انها ارتكبت أي خطأ (!!) أو التسبب فى الكشف عن معلومات سرية!! وهذا يعني أن مكتب التحقيقات الفيدرالي استطاع أن يفحص محتوي 650 ألف رسالة خلال بضع ساعات!!
وكانت هناك شكوك حول احتمال وجود معلومات سرية فى بريد "هوما" الالكتروني حول الهجوم على مدينة بنغازي الليبية فى عام 2012 وإسقاط الدولة الليبية، وهو ما تعتبره هيلاري كلينتون أحد أهم "انجازاتها"!
خدمات مقابل تبرعات
وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن وزارة العدل الامريكية- تحت ادارة باراك اوباما- أعاقت جهود مكتب التحقيقات الفيدرالي للتحقيق حول ما إذا كانت وزارة الخارجية فى عهد هيلاري قد قدمت خدمات للمتبرعين ل "مؤسسة كلينتون الخيرية".
كما تأكد أن هيلاري سرقت أسئلة المناظرة الرئاسية على قناة "سي.ان.ان" التي جمعتها بمنافسها فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي "بيرني ساندرز". وذكر موقع اوبزرفر البريطاني أن تسجيلا صوتيا لهيلاري يكشف كيف انها كانت تري ضرورة تزوير الانتخابات البرلمانية الفلسطينية فى عام 2006، ويرجع تاريخ هذا التسجيل إلى الخامس من سبتمبر من ذلك العام.
ورغم كل السلبيات والعيوب والأخطاء والفساد فى سلوك هيلاري عبر السنوات الماضية، إلا أن المذهل هو هذا الاحتشاد الهائل والمخيف لمساندتها حتي تصبح رئيسة الولايات المتحدة.
مائة وخمسون من قادة الحزب الجمهوري المنافس أعلنوا تأييدهم لها، كذلك عمالقة التكنولوجيا الامريكية، وكل مواقع التواصل الاجتماعي، وكل الإعلام ووسائل الدعاية.
ولم تكن هيلاري تخفى انها المدافعة عن "وول ستريت"، وقالت :"إنني أحب أن أكون موضع تأييد ومساندة أصحاب المليارات الحقيقيين. أما دونالد – ترامب- فانه يطلق على أصحاب المليارات صفات رديئة"!
إحياء أمريكا
هكذا وجدنا انقلابا على المؤسسة الحاكمة فى الولايات المتحدة بعد أن عبر الناخبون الامريكيون عن شعورهم بالملل من الساسة التقليديين، واصبحوا يحتقرون السياسيين الانتهازيين الذين تكرر خداعهم للناخبين عشرات المرات.
لقد تحرر الشعب الامريكي من ضغوط مراكز الضغط ومحترفى العمل فى دوائر "اللوبي". وظهر اتجاه لإحياء أمريكا من الداخل. وقد تؤدي "صدمة" النتائج الانتخابية إلى تجديد الحياة السياسية فى الولايات المتحدة. وتأكد الآن انه لأول مرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية لم تعد لغة الصقور ونداءاتهم تجدي نفعا.
الجديد فى أمريكا
لقد هزم ترامب المرأة الأكثر سطوة فى الحياة السياسية الامريكية رغم الدعم الكلي للمؤسسة السياسية لترشيحها وانتخابها، كما هزم واحدة من أقوي وأقدم المنظومات الاعلامية فى العالم.. ويبدو أن هناك جديدا فى داخل الولايات المتحدة، والدليل على ذلك أن "بيرني ساندرز" – الذي رشح نفسه فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي- اعلن صراحة أنه يتبني أفكارا اشتراكية. وكانت النتيجة حصوله على شعبية كبيرة، مما يعد سابقة هي الأولي من نوعها فى الولايات المتحدة، وحدثا فريدا فى بلد يحارب بمختلف السبل كل ما له علاقة.. حتي بالاشتراكية الديمقراطية الاوربية. وكان ساندرز يقول إن حملته تستهدف تحريرالنظام السياسي من سيطرة "اصحاب الملايين والمليارات".
لقد اخترق ترامب- رغم تهوره وشطحاته واندفاعه واخطائه- جدار المنظومة السياسية، رغم انه لم يحصل على دعم حقيقي من حزبه، ورغم أن القاعدة السياسية والعسكرية والإعلامية الامريكية تبرأت منه واعتبرته "عدوا" و"مجنونا" يهدد المجتمع الأمريكي ومكانة ومستقبل الولايات المتحدة وعلاقاتها بحلفائها المقربين.
قواعد جديدة
ومما يلفت النظر أن ترامب جلب معه أغلبية للجمهوريين الساخطين على أدائه، والذين كانوا يبحثون عن بديل له لتقديمه كمرشح فى انتخابات الرئاسة.. جلب معه أغلبية لحزبه فى كل من مجلسي الشيوخ والنائب، وكذلك بين حكام الولايات (32 حاكما مقابل 14 حاكما للديمقراطيين!).
واستطاع هذا "الشعبوي" أن يفضح مدي ترهل المؤسسات الامريكية، وأن يحقق المستحيل فيما يشبه ثورة على الطبقة الحاكمة فى واشنطن وعلي القوي المهيمنة تقليديا.
الأكثر من ذلك أن مواقف ترامب المعلنة، حتي الآن، تتحدي أسس وقواعد النظام الدولي فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
والحاصل الآن أن المحميات الأمريكية ابتداء من شبه الجزيرة الكورية حتي دول البلطيق تشعر بالهلع، لأن النظام الذي اعتمدت عليه طوال اكثر من نصف قرن يوشك على الانهيار. وقد تزايد الفزع فى أوساط تلك المحميات بعد أن تعهد ترامب بأن يجعل حلفاء الولايات المتحدة يدفعون تكلفة حمايتهم، بل إن الرجل يتساءل علنا عن معني وجدوي استمرار وجود حلف الاطلنطي، وعما إذا كان من الافضل التفاهم مع روسيا ووضع قواعد جديدة لعلاقات امريكا مع العالم.
سقوط المنظومة
والحقيقة انه لم يخطر على بال هؤلاء، ولا على بال الطبقة السياسية الامريكية، والاكاديميين المتغطرسين، واعضاء بنوك الافكار، والمتعطشين للحروب.. أن رجلا مثل ترامب يمكن أن يضع قدمه داخل البيت الأبيض. وكانت كل التقديرات تشيرإلي أن كل القوي الرئيسية فى الولايات المتحدة قادرة على منع ترامب من الفوز.
وها هي المنظومة السياسية التقليدية تتفكك، والمفاهيم السياسية تتبدل، والقيم تتغير والاحزاب التقليدية تسقط، والشبكات التقليدية للدعاية تتحطم، وسطوة اللوبي (أو اللوبيات) تتراجع. وإذ بنا بإزاء أفكار خارجة على النسق السياسي العام، بل إننا نشهد ما يمكن أن يوصف ب "الانقلاب السياسي" على يد الرئيس الاكثر إثارة للجدل بين الرؤساء الخمسة والاربعين الذين توالوا على البيت الابيض.
قوي معادية
ولكن يبقي السؤال المهم:
هل يستطيع دونالد ترامب تغيير "المنظومة الامريكية الفاسدة" – على حد تعبيره- وهل هو قادر على تنفيذ السياسات التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، أم أنها مجرد وعود وشعارات أملتها الضرورات؟ وهل يمتلك ترامب ادوات تستطيع مواجهة جماعات الضغط والطبقة السياسية السائدة والتقليدية فى واشنطن؟
لقد ذكرنا من قبل أن ترامب يواجه معارضة قوية ليس فقط من الحزب الديمقراطي، وإنما من داخل حزبه الجمهوري والمحافظين الجدد والشركات الكبري واقطاب الصناعات الحربية والمؤسسة بكاملها The Establishment كما أن هناك معارضة شديدة لفكرة "أمريكا أولا" التي يعتنقها ترامب.
دعاة الحروب والتدخل الأمريكي فى الخارج وتجار السلاح و… و… سيفعلون أي شيء وكل شيء لمنع تحويل شعارات ووعود ترامب إلى سياسة رسمية للولايات المتحدة.
خصوم ترامب الاقوياء يريدون الإبقاء على الهيمنة الأمريكية المطلقة والمنفردة على العالم، كما يريدون الاحتفاظ ب "حقهم" فى شن الحروب فى أي قارة أو دولة، والتدخل فى الشئون الداخلية لأي بلد، وممارسة سياسة عدوانية فى أي وقت.. يريدون استمرار مئات القواعد العسكرية الأمريكية وحلف الاطلنطي، كذلك يريدون مواصلة استخدام المنظمات الإرهابية فى تدمير وتفتيت الدول الوطنية وتفكيك جيوشها، وخاصة فى العالم العربي، لكي لا تبقي سوي دولة واحدة قوية هي.. إسرائيل.
وتشبث هؤلاء بفرص دعاة التطرف الديني والإرهاب لكي يكونوا شركاء فى الحكم فى منطقتنا.
هل سيتنازل صناع الأسلحة الأمريكيون عن صفقات بيع أسلحة لإثنتي عشرة دولة من الاعضاء الجدد فى حلف الاطلنطي بمبلغ 17 مليار دولار كما فعلوا فى عام 2014 ؟
الآن يريد هؤلاء الصقور الاستيلاء على مواقع فى إدارة دونالد ترامب تجعلهم يتمتعون بالقدرة على قطع الطريق أمام محاولات تطبيق سياسة جديدة تختلف عن سياسات أمثال اوباما وكلينتون وجورج بوش، ويتمسكون بحقهم فى تغيير انظمة الحكم التي لا تخضع لارادتهم.
ويحشد هؤلاء الصقور كل اتباعهم فى مراكز صنع القرار فى الولايات المتحدة، وخاصة فى البنتاجون والمخابرات، لضمان استمرار أجواء الحرب الباردة وتصعيدها ومنع تنفيذ اي اتفاق امريكي- روسي بشأن سوريا. أنهم لا يريدون للعالم أن يعيش فى سلام، أو أن يتركز الاهتمام على تحسين الأحوال المعيشية للبشر، وتوفير حياة انسانية لائقة بعيدا عن التوترات وشبح الحروب.
محاولات تسلل
"الدولة العميقة" فى أمريكا تتحرك الآن لتغيير مسار قطار ترامب حتي لا ينفذ ما وعد به فى السياسة الخارجية.
الأخطر من كل ذلك أن المحافظين الجدد وغلاة المتطرفين يريدون التسلل الآن إلى مواقع ادارة ترامب الجديدة وتولي مناصب مهمة.
ومن بين هؤلاء اسماء كريهة مثل "جون بولتون" الذي يريد شغل منصب وزير الخارجية، ومثل "نيوت جنجريش" اليميني المتشدد.
ويبدو أن الأيام المقبلة سوف تشهد محاولات محمومة لتفريغ نتائج الانتخابات من مضمونها وإحباط "تمرد" الناخب الأمريكي، الذي أعلن بشكل قاطع رفضه للطبقة السياسية السائدة الفاسدة، التي ظلت تحكم لعشرات السنين لكي تجني أرباحا فاحشة بينما يعاني الشعب من تدهور مستوي معيشته بصورة دائمة ويجري استخدامه كطعام للمدافع فى حروب وغزوات ومغامرات لا تستفيد من ورائها سوي قلة ضئيلة تكتنز المليارات على حساب الضحايا التعساء.. المهم انه إذا استطاع ترامب تحقيق ما وعد به فى السياسة الخارجية، فإن العالم سيشهد تغييرات كبيرة وانفراجة عظمي. أما إذا استطاعت "المؤسسة" الاخطبوطية إعاقة تنفيذ تلك الوعود.. فإنه لن يحدث جديد فى العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.