إنه الشيخ إمام محمد أحمد عيسي (2 يوليو 1918 – 7 يونيو 1995) المغني الحلم الذي مازال الجميع يستلهم الثورة من كلماته التي كان يرددها بمصاحبة العود «صديقه». ذلك الرجل مواليد قرية أبوالنمرس بالجيزة والذي أصيب في أول عمره بالرمد الحُبيبي وفقد بصره.. وهو صاحب الصوت المميز الذي شاركه الغناء أحمد فؤاد نجم الذي كتب معظم أغنياته والفنانة عزة بلبع في فترة مهمة من حياة مصر، الشيخ إمام صاحب الأغنيات التي أشعلت ميدان التحرير في ثورة يناير «اصحي يا مصر قومي يا مصر هزي هلالك هاتي النصر»، «حاحة»، «اتجمعوا العشاق»، «شيد قصورك»، «هما مين واحنا مين»، «رجعوا التلامذة»، الرجل المحظور دخوله جامعة القاهرة في فترة والمحظورة أغنياته في التليفزيون والراديو لفترة أكبر، ليعود بعد كل هذه السنين من خلال ثورة شعبية استعانت بأغنياته لتعيد اكتشافه بعد وفاته وتعيد له حقه في الوجود… الشيخ إمام في إحدي زياراته بحي الغورية أقام مع مجموعة وأسهم معهم في بداية حياته في الإنشاد وتلاوة القرآن الكريم، علمه الموسيقي بعدها «درويش الحريري» أحد كبار علماء الموسيقي، واصطحبه معه في جلسات الإنشاد والطرق فذاع صيته وتعرف علي الموسيقار زكريا أحمد والذي علمه إمام حفظ الألحان الجديدة واكتشاف نقط الضعف فيها ثم تعلم العود علي يد الشيخ كامل الحمصاني ليبدأ التفكير في التلحين والغناء، ليتحول مجري حياته عندما يلتقي مع الشاعر أحمد فؤاد نجم ويظلان يتعاونان لفترة طويلة وينتجان عددا كبيرا من الأغنياته العاطفية والوطنية منها «أنا أتوب عن حبك، ساعة العصاري، عشق الصبايا»، في حين أنه تعاون مع مؤلفين آخرين منهم سيد حجاب، نجيب سرور، زين العابدين فؤاد، فؤاد قاعود». ولأن تميز الشيخ أمام والذي ستظل تشهد عليه الأجيال القادمة والراحلة جاء في الأغنيات السياسية كانت هزيمة 1967 تمثل نقطة التحول في أعماله حيث غلبت نغمة السخرية في أغنياته ليعلن في إحدي الأغنيات «الحمد لله خبطنا تحت بطاطنا يا محلي رجعة ظباطنا من خط النار» في إشارة للهزيمة، وأيضا زادت حدته في الأغنيات بعد الأحكام التي برأت المسئولين عن نكسة 67 ثم ألقي القبض علي الشيخ إمام وأحمد فؤاد نجم ليحاكما بتهمة تعاطي الحشيش سنة 1969، وكانت فرقته وقتها مكونة منه ونجم بالإضافة إلي عازف الإيقاع «محمد علي».. وهو أيضا فنان تشكيلي بخطوط شعبية رحل بدوره عن عالمنا قبل سنوات. لم يلقي الشيخ إمام ما يليق بفنه المختلف والجديد في ذلك الوقت في حين أنه سافر لعدة دول أجنبية احتفت به جيدا وأقام هناك الكثير من الحفلات الغنائية أيضا تحدث في حوارات إذاعية لإذاعات مختلفة منها إذاعة مدينة «كولون» بألمانيا سنة 1986 وعندما سألوه من أين جئت بكل هذه الألحان القريبة من الناس ومزجتها مع هذه الكلمات البسيطة رد الشيخ إمام قائلا: «ما يحس بالنار إلا من يمسكها» وأنا انحزت للشعب لأنه هو الباقي.. رحل عن عالمنا الشيخ إمام «الثائر أبوالمفهومية» في 7 يونيو عام 1995 بعد عزلة طويلة فضل فيها المشاهدة فقط لا المشاركة بعد أن غني لنيسكون بابا بتاع الوتر جيت، ولعم حمزة – بائع الفول أمام سجن القلعة، وللتلامذة، وبعد أن رسم لنا ملامح فترة تاريخية هامة عبر فيها عن نبض الكادحين بصراحة ودون خوف.. رحل عن عالمنا لتمر ذكراه السابعة عشرة وهو مازال يقول لنا كيف نري المشهد من جديد.