1⁄4 تسأل سهير أحمد ربيع من القاهرة: هل تحتلم المرأة مثل الرجل؟ وماذا تصنع إذا احتلمت؟ 1⁄41⁄4 اتفق الجمهور علي مساواة المرأة الرجل في الاحتلام لحديث أم سلمة الثابت انها قالت: "يا رسول الله المرأة تري في المنام مثل ما يري الرجل هل عليها غُسل؟ قال: نعم إذا رأت الماء". وعن عائشة قالت: "سئل النبي صلي الله عليه وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاماً. قال: يغتسل. وعن الرجل يري انه قد احتلم ولا يجد بللاً قال: لا غسل عليه. فقالت أم سليم: المرأة تري ذلك أعليها غسل؟ قال: نعم. إنما النساء شقائق الرجال". وفي الموطأ ان أم سليم قالت له عليه الصلاة والسلام: "المرأة تري في المنام ما يري الرجل. أتغتسل؟ فقال لها عليه الصلاة والسلام: "نعم فلتغتسل" فقالت عائشة رضي الله عنها: وهل تري ذلك المرأة؟ فقال لها عليه الصلاة والسلام: تربت يداك.ومن أين يكون الشبه؟". فهذه الروايات متضافرة تدل علي أن المرأة تنزل المني وانه يجب الغسل بإنزال المرأة الماء ويكون الدليل علي وجوبه علي الرجل قوله: "إنما الماء من الماء" وسألت عن حالة المرأة لمسيس حاجتها إلي ذلك. ويحتمل أن تكون سمعته ولكنها سألت عن حال المرأة لقيام مانع فيها يوهم خروجها عن ذلك العموم وهو نزول الماء منها. وفيها دليل علي أن إنزال الماء في حالة النوم موجب للغسل كإنزاله في اليقظة. وقوله صلي الله عليه وسلم: "إذا رأت الماء" قد يرد به علي من يزعم أن ماء لا يبرز. وإنما تعرف إنزالها بشهوتها لقوله صلي الله عليه وسلم: "إذا رأت الماء" والرؤية العلم هنا أي علمت نزول الماء. قوله صلي الله عليه وسلم: "من أين يكون الشبه" قال عليه السلام في الصحيحين: إذا ماء الرجل ماء المرأة أذكر وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل أنث". ولا يشترط في إنزال المرأة خروج مائها. لأن عادته أن يندفع إلي داخل الرحم ليخلق منه الولد. وربما لدفعه الرحم إلي خارج وليس عليها انتظار خروجه لكمال الجنابة باندفاعه إلي الرحم. فإن خرج قبل الصلاة وبعد الغسل غسلت فرجها وتوضأت. وإن صلت قبل خروجه صحت صلاتها وتغسل فرجها وتتوضأ لما يستقبل. ويدل علي ذلك قوله صلي الله عليه وسلم: "إنما الماء من الماء" وتقديره: إنما يجب الغسل بالماء الطهور من إنزال الماء الدافق. وإنما دار الحكم علي العلل دون الرؤيا. لأن الرؤيا تكون تارة حديث نفس ولا تأثير له. وتارة تكون قضاء شهوة. ولا تكون بغير بلل فلا يصلح لإدارة الحكم إلا البلل. وأيضاً فإن البلل شيء ظاهر يصلح للانضباط أما الرؤيا فإنها كثيراً ما تنسي. وإذا احتلمت المرأة ثم أدركها الحيض فإن شاءت اغتسلت وإن شاءت أخرت حتي تطهر من الحيض. لأن الاغتسال للتطهير حتي تتمكن به من أداء الصلاة. وهذا لا يتحقق من الحائض مثل انقطاع الدم. وإن شاءت اغتسلت لأن استعمال الماء يعين كل دور الدم. وفي بيان الحكمة من الاغتسال من المني دون البول يقول ابن القيم في "إعلام الموقعين": "أوجب الشارع صلي الله عليه وسلم الغسل من المني دون البول. وهذا أعظم محاسن الشريعة وما اشتملت عليه من الرحمة والحكمة والمصلحة.. فإن المني يخرج من جميع البدن ولهذا سماه الله سبحانه وتعالي "سلالة" لأنه يسيل من جميع البدن. وأما البول فإنما هو فضلة الطعام والشراب المستحيلة في المعدة والمثانة. فتأثر البدن بخروج المني أعظم من تأثره بخروج البول. وأيضا: فإن الاغتسال من خروج المني من أنفع شئ للبدن والقلب والروح بل جميع الأرواح القائمة بالبدن فإنها تقوي بالاغتسال. والغسل يخلف عليه ما تحلل منه بخروج المني وهذا أمر يعرف بالحس. وأيضا فإن الجنابة توجب ثقلاً وكسلاً والغسل يحدث له نشاطاً وخفة. وبالجملة فهذا أمر يدركه كل ذي حس سليم وفطرة صحيحة. ويعلم أن الاغتسال يجري مجري المصالح التي تلحق بالضرويات للبدن والقلب مع ما تحدثه الجنابة من بعد القلب والروح عن الأرواح الطيبة فإذا اغتسال زال ذلك البعد. ثم إن الشارع لو شرع الاغتسال من البول لكان في ذلك أعظم حرج ومشقة علي الأمة تمنعه حكمة الله ورحمته وإحسانه إلي خلقه.