تابعت باهتمام شديد ما أثاره تصريح المستشار محفوظ صابر وزير العدل السابق من عدم إلحاق أبناء ¢الزبالين¢ في القضاء. وتابعت ردود فعل الناس الغاضبة والتي أغضبتني أيضا. والتي اعتبرها الوزير زلة لسان. كما تابعت رد فعل الحكومة السريع بعد أن أجبر رئيس الوزراء المهندس محلب وزير العدل علي تقديم استقالته التي وصفها البعض بالطبقية. الكل ألقي باللوم علي الوزير معتبرين أن تصريحاته مخالفة للدستور وغير مقبولة من أي مسئول بالدولة. ولكن الحقيقة التي أريد التأكيد عليها أن وزير العدل لم يخطيء في تصريحاته. لأنه أعلن الحقيقة التي لا نريد أن نسمعها ولن تتغير. وكل المشكلة أن الرجل كان صادقا في كلامه ولم يكذب. لم ولن يلتحق أبن الزبال بهذه المهنة السيادية في الدولة. أعتقد أن السبب الحقيقي الذي جعل الحكومة تطلب من الوزير المحترم الاستقالة هو قوله الحقيقة بأن وزارة العدل لن تمتثل للدستور. ولن يدخلها إلا أبناء المستشاريين وعلية القوم وأصحاب "الوسايط". ولن يدخلها أبناء الغلابة وأصحاب المهن العادية. وقس علي ذلك باقي المهن السيادية في الدولة. والتي أغلقت أبوابها علي فئات معينة. الوزير عري وفضح نية الوزارة في عدم إلحاق الخريجين الجدد من أبناء عامة الشعب. فلن يتغير هذا الفكر حتي بعد الثورة التي قامت من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس. بدليل ما قاله المستشار رفعت السيد. رئيس محكمة جنايات القاهرة الأسبق. تعليقا علي استقالة وزير العدل حيث قال : ¢إذا أردتم المساواة فسيتعين أبن الإرهابي والعاهرة بالقضاء لأن القانون لا يقول إن ابن المجرم أو العاهرة ما يتعينش وابن الزبال يتعين الاتنين ما لهمش ذنب في وظيفة أو سلوك أو عمل والديهم¢. تذكرت وانا اتابع هذه المهزلة قصة الشاب الذي تخرج من كلية الإقتصاد والعلوم السياسية منذ عدة سنوات بتقدير امتياز وكان أول دفعته وبعد تخرجه تقدم لوزارة الخارجية للتعيين بها واجتاز كل الاختبارات بنجاح ولكن الوزارة رفضت تعيينه بسبب أن والده كان يعمل فلاحا بسيطا. فصدم الشاب المسكين وتوجه لنهر النيل المقابل للوزارة وألقي بنفسه منتحرا فمات ومات والده حزنا عليه. فإذا كانت الحكومة تحترم كل شرائح المجتمع. وتقدر الأيدي العاملة. علي وجه الخصوص. وتوقن أنهم هم من يشاركون في صنع مستقبل هذا الوطن. وتؤمن بالعدالة الإجتماعية. فليثبت لنا رئيس الوزراء ذلك عمليا ويعين أبناء المهن العادية المتفوقين في القضاء. وليكن الاختيار بناءا علي الكفاءة ونحن في الانتظار.