لله رجال اختصهم بموهبة متميزة.. ووضع في حناجرهم أنغام السماء فانسابت فنا جميلا بالتواشيح والابتهالات والأناشيد العزبة التي تنزل علي قلوبنا بردا وسلاما.. خاصة في شهر رمضان المبارك والذي يكون لهذه الأنغام طعم خاص.. ويكون لأصحابها حضورا أقوي بيننا.. تعالوا لنتعرف علي مسيرة حياة وحلاوة فن هؤلاء النجوم.. نجوم الإنشاد والتواشيح والابتهالات والمدائح. أحد رواد فنون التواشيح والإنشاد الديني والابتهالات هو المنشد العبقري.. المقريء الفنان.. الشيخ علي محمود مؤسس فن الإنشاد في الربع الأول من القرن العشرين والذي أجمع علي كل الذين عاصروه من أهل الدين والفن والجمهور والنقاد بأنه من أعظم منشدي وملحني القصائد والمدائح والتواشيح.. وصوته كصوت الشيخ محمد رفعت من روائح شهر رمضان المبارك.. ويرجع إليه الفضل في وضع أسس هذا الفن.. وهو شيخ طريقة.. وصاحب مدرسة التحق بها عباقرة الموسيقي في مصر مثل الشيخ سيد درويش والموسيقار محمد عبدالوهاب والشيخ زكريا أحمد والشيخ كامل يوسف البهتيمي والشيخ طه الفشني وغيرهم. والشيخ علي محمود من مواليد درب الحجازي بحي الجمالية بالقاهرة وبالتحديد بجوار مسجد سيدنا الحسين عام 1878م. نشأ وسط أسرة ميسورة الحال.. ولأنه كفيف البصر فقد ألحقته الأسرة "بالكتاب" لكي يحفظ القرآن الكريم.. وبالفعل استطاع حفظ القرآن وعمره 15 سنة علي يد الشيخ أبي هاشم الشبراوي بمسجد أم الغلام كما تمكن من تجويد القرآن علي يد الشيخ مبروك حسنين في الأزهر الشريف.. بعدها بدأ مشواره كقاريء للقرآن الكريم. لم يكتف الشيخ علي محمود بذلك فاتجه إلي تعلم أصول الغناء من عبده الحامولي ثم تعلم علم النغمات ومعرفة المقامات علي يد الشيخ علي المغربي من علماء الأزهر.. وتفرغ لحفظ مئات الموشحات بمساعدة الشيخ عبدالرحيم المسلوب أحد أئمة التلحين قبل عبده الحامولي. لمع اسمه عندما كان يؤذن للفجر ويمتع جمهور المصلين بصوته العذب في المسجد الحسيني.. وازدادت شهرته لمشاركته في الأمسيات.. ومن بينها التي كان يقيمها الموسيقي المعروف أمين المهدي في منزله.. وأيضا في منزل الشيخ أحمد ندا أحد أبرز رواد التلاوة ووالد المطربة شريفة فاضل. كانت تصاحب الشيخ علي محمود مجموعة كان يطلق عليها بطانة مكونة من منشدين لهم وزنهم الفني.. بينهم: الشيخ زكريا أحمد في بداية حياته والشيخ طه الفشني والشيخ محمد الفيومي وواصل مسيرته إلي أن أصبح.. وبلا منافس.. أو منازع.. إمام المنشدين.. في تاريخنا المعاصر. ومن أشهر إنشاداته: - يا نسيم الصبا تحمل سلامي - بربك يا من جهلت الغرام - السعد أقبل بابتسام - أنا منك ذو.. وله.. - كم أطال الوداد الوداد - جدد الوصل - سل يا أخا البدر - لم من هواك وغيرها من الأعمال التي تركها وتعتبر تراثا وثروة فنية عظيمة. استطاع الشيخ علي محمود أن يكون مع زملائه المشايخ: محمد رفعت. عبدالفتاح الشعشاعي. محمد الصيفي.. وغيرهم.. "رابطة لقراء القرآن الكريم" وأختير ليكون أول رئيس لهذه الرابطة عام 1926م.. وفي يوم 21 ديسمبر عام 1942 لبي الشيخ علي محمود نداء ربه بعد أن بدد ثروته في مساعدة المحتاجين والفقراء وصغار المقرئين والمنشدين.