إن التدافع بين الحق والباطل سنة من سنن الله الكونية ولن تجد لسنة الله تحويلا ولا تبديلا. لقد تعرض التراث الإسلامي لحالات من الهدم والإبادة قديماً وحديثاً. ولسيل عارم من الافتراءات من أعدائه. ولكن الله ناصر دينه. وبقي التراث الإسلامي شامخاً. وذهب الهدامون والطاعنون إلي مزابل التاريخ. ويشتد هذا التيار المعادي للتراث الإسلامي كلما زاد الإسلام وانتشر في مواطن أعدائه. فهو دين بطبيعته النماء وله جنود تحرسه وإن لم نرها. وكان هذا النماء يقض مضاجع أعدائه حتي أطلقوا عليه "الإسلاموفوبيا". فقام كثير من المنصرين والمستشرقين وخاصة اليهود بدور كبير في وضع الافتراءات والتشكيك في الثوابت الدينية ومحاولة زعزعة الأعمدة التي قام عليها البنيان الشامخ لهذا الدين الحنيف وهما "الكتاب والسنة". وعموماً ليس التراث الإسلامي هو الإنتاج العقلي لعلماء الإسلام في الفقه والتفسير والشروح للسنة والأدب وعلم الكلام والفلسفة فحسب بل هذا يطلق عليه "الفكر الإسلامي" أما التراث الإسلامي هو عبارة عن كل موروث للأمة الإسلامية من "قرآن وسنة وإجماع وفكر وحضارة ... وغيره". فما يقوم به الآن أذناب العلمانيين والملاحدة والمأجورون من الناطقين بالضاد - كإسلام بحيري وإبراهيم عيس والشيخ الكاذب المدعو ميذو وغيرهم - بالطعن والتشكيك في التراث الإسلامي بناءً علي توجهات أسيادهم. وبأنهم يستطيعون هدم التراث الإسلامي بخيالهم المريض ليس بجديد؟ فأسلافهم قاموا علي رؤوسهم وزحفوا علي إستهم وسخروا كل إمكانياتهم» وجيشوا الجيوش وحشدوا كل طالب دنيا ويبغي الشهرة من الناطقين بالضاد ولمعوه ووقفوا خلفه صفاً واحداً. فما استطاعوا زحزحة حجر واحد من بنيانه الشامخ. بل بَاءوا بفشل زريع وبِسَخْطي مِّنَ اللّهِ ومن الناس. وهم يتوارثون الحقد علي الإسلام من أسيادهم الحاقدون. ويحملون الراية الخبيثة تحت مسمي البحث العلمي. والتجديد العصري للخطاب أو الفكر الديني. والواقع وما يقومون به أثبت عكس ذلك. وهذا هو تاريخهم الأسود: ففي عام 1924م قام سيدهم المستشرق البريطاني اليهودي "ديفيد صمويل مرجليوث" بكتابة بحث بعنوان "أصول الشعر العربي". ونشره في المجلة الآسيوية التي كان يرأس تحريرها. وكان يشكك في صحة الشعر الجاهلي والإسلامي. وزعم أنه كتب واختلق في عهد الدولة الأموية وما تلاها. وكان يقول: لو افترضنا جدلاً أن هذا الشعر صحيح فكيف وصل إلينا؟ ولمز القرآن والرسول والصحابة والتابعين. وكان ممن تأثر به ونهج علي نهجه وغزل بنفس مغزله الدكتور طه حسين وكان واضح ذلك كالشمس في كتابه "الشعر الجاهلي" الذي صدر عام 1926م. قال عنه الأستاذ محمود محمد شاكر: "إن طه حسين نقل منه كتاب الأدب الجاهلي وأحري به أن يسميه: حاشية طه حسين علي بحث مرجليوث". حمل راية التشكيك والطعن في الدين بلا حرج. فقال عن القرآن الكريم: "ليس القرآن إلا كتاباً ككل الكتب الخاضعة للنقد. والعلم يحتم عليكم أن تصرفوا النظر نهائياً عن قداسته التي تتصورونها". وقال: "لو وقف الدين الإسلامي حاجزاً بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه". وما قاله في كتابه الشيخان الذي درسنها في الثانوية العامة طامة كبري» فهو يطعن في الصحابة ويلغ في أعراضهم ويشكك في الأحاديث الصحيحة المروية في البخاري ومسلم ويقول دائماً قبل كل حديث: "ويزعم الرواة". كما أنه وصف عمر بن الخطاب بالبطش والقسوة وأنه لم يمت حتي ملته قريش. ثم يلمز أبو هريرة وسعد بن أبي وقاص وعمر بن العاص والأشعث بن قيس. ويوغل في عرض خالد بن الوليد سيف الله المسلول. وكل هذا وغيره ذكره في كتابه "الفتنة الكبري" "طه حسين لأنور الجندي ص15". وواضح بلا تعليق أن كل ما كتبه مجموعة من الأحقاد ووصايا المستشرقين وتوجهات المنصرين موجهة ومدروسة يضعها في شكل بحث علمي ودراسة نقدية والهدف منها الحرب علي الثوابت الدينية وإثارة الشكوك حول الصحابة الكرام. وهم من نقلوا إلينا الكتاب والسنة. والطعن في الناقل طعن في المنقول. والطعن في المنقول طعن في من قاله وحدث به. وكما قال علمائنا الأجلاء: "إن القدح بالحامل يفضي إلي القدح بما يحمله من الشرع والدين". وقال العلامة: بكر أبو زيد رحمه الله: "وإذا جرح شهود الشرع جرح المشهود به" "حرمة أهل العلم ص324". ثم حمل الراية من بعده الدكتور زكي نجيب محمود فقال في ندوة بجامعة الأزهر علي الملأ: "إن القرآن لابد أن يعرض علي العقل. وإنه لا يوجد شيء اسمه حضارة إسلامية. وإن النصوص الدينية نصوص تاريخية قابلة للتغيير. وإن الإيمان بالبعث والدار الآخرة والجنة والنار ليس عليها دليل". فرد عليه الشيخ الشعراوي "رحمه الله" في اللواء الإسلامي فأخرسه وقطع دابر حجته في العدد "493" الصادرة في 22من ذي الحجة 1411ه. وقال الأستاذ أحمد زين "رحمه الله" رئيس التحرير آنذاك: "إن الدكتور زكي نجيب محمود لم ينف أنه قال هذا الكلام ولم يكذبه. ولو نفي أو كذب هذا الكلام لكنا أول من ننشره له". كما أنه يصر علي إنكار الغيب في كتابه "خرافة الميتافيزيقا". ثم حمل الراية من بعده الدكتور أحمد أمين عميد كلية الآداب بالجامعة المصرية. فقام بالتشكيك في أحاديث البخاري ومسلم وكتب الحديث الصحيحة في كتبه: "فجر الإسلام. وضحي الإسلام" والتي تطبعها وزارة الثقافة كل عام وشكك في عدالة الصحابة. ثم وجه الطعن لأبي هريرة مجاراة للمستشرقين وأعداء الدين. فاعتمد علي "جولد زيهر اليهودي" في تجريح أبي هريرة واتهامه بالكذب. ونحن لا نفتري الكذب علي أحد فهذا ما قاله فيه الدكتور زكي مبارك: "إن أحمد أمين لا يهمه أن يرد الحقوق لأربابها"