يقول ابن منظور صاحب كتاب لسان العرب: "اليتيم في الناس من فقد أباه. واليتيم في الحيوانات والطيور من فقد أمه¢.. وهذه دقيقة لغوية لها مغزي ولها معني. وأصل اليتم في اللغة: ¢الغفلة¢ وبه سُمي اليتيم يتيماً لأنه يتغافل عنه بعد موت أبيه. وأصل اليتم في اللغة أيضاً: ¢الانفراد¢. فكل شيء مفرد لا نظير له فهو يتيم .. يقال درة يتيمه .. أي لا نظير لها. ويقال: بيت يتيم .. أي مفرد لا نظير له. ويوم الجمعة الأولي من شهر أبريل كل عام يحتفل العالم بيوم اليتيم. وقد بدأت هذه الفكرة عام 2003. حين اقترح أحد المتطوعين بجمعية ¢الأورمان¢ كبري الجمعيات العاملة في مجال رعاية الأيتام في مصر. بأن تنظم الجمعية حفلاً كبيرًا لعدد من الأطفال الأيتام التابعين لها أو لمؤسسات خيرية أخري للترفيه عنهم. وتطورت الفكرة حتي تحول الأمر إلي دعوة عامة لرعاية اليتيم. فبدأ الاحتفال مصريًا ودعمت الجمعية جهودها ليصبح عربيًا. ثم عالميًا. وذلك بعد أن وقف خمسة آلاف طفل مصري تحت سفح الهرم. حاملين أعلام مصر في يوم اليتيم. وبهذه الوقفة الرمزية دخلوا موسوعة جينيس للأرقام القياسية وأصبح بعدها الاحتفال بيوم اليتيم عالميًا. وأثمرت احتفالات يوم اليتيم - حسب آخر إحصاء - عن رعاية 2.5 مليون طفل يتيم في منازلهم وأمهاتهم الأرامل في مختلف محافظات مصر. وضمان انتظامهم في التعليم. بعدما تم توفير مشروع إنتاجي صغير. يضمن للأم ولأولادها حياة كريمة. فضلا عن نشر فكرة الأسرة البديلة ونجاح تسليم 4500 طفل يتيم لأسر بديلة. وبعدما تم المطالبة بتطبيق معايير الجودة علي دور رعاية الأيتام والأيتام المعاقين تحقق ولأول مرة هذا الهدف. حيث خرجت للنور مؤسسة تحت رعاية وزارة التضامن مهمتها مراقبة تنفيذ معايير الجودة في دور الأيتام. وجميل جداً أن نحتفل باليتيم في يوم محدد من السنة. لكن الأجمل أن نحتفل باليتيم في كل يوم. فمكانة اليتيم في القرآن والسُنة عظيمة. ولقد شاء الله تعالي أن ينشأ نبينا محمد - صلي الله عليه وسلم - يتيماً ليكون يتمه تشريفاً لكل يتيم علي وجه الأرض. وقد جاء التوجيه الرباني لحبيبه ومصطفاه بقوله:¢فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ¢ "9" الضحي. وإكرام اليتيم ليس أمراً خاصاً بسيد المرسلين. بل هو ميثاق من المواثيق الجامعة الذي أمر الله بها الأمم قبلنا وأمر بذلك بني إسرائيل فقال جل جلاله: ¢وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَي وَالْيَتَامَي وَالْمَسَاكِينِ ..¢ "83" البقرة. فالأمر بالإحسان إلي اليتيم ليس في يوم من أيام العام. بل هو في كل يوم .. طاعة منا لربنا عز وجل. ولنبينا صلي الله عليه وسلم. وتأتي السنة ليكرم صاحبها صلي الله عليه وسلم اليتيم تكريماً عظيماً. ولتعتني السنة به عناية بالغة من الناحية النفسية والتربوية والمادية علي السواء. فقد روي الإمام أحمد من حديث أبي أمامه أنه صلي الله عليه وسلم قال: ¢من مسح رأس يتيم لا يبتغي بذلك إلا وجه الله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلي يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطي "صلي الله عليه وسلم". فالثواب حاصل سواء كان اليتيم من أبناء أسرتك وأقاربك ورحمك أو كان اليتيم من غير أهلك وأقاربك. وقد نقل الحافظ ابن حجر عن ابن بطال رحمه الله قوله: ¢حق علي كل من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلي الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك¢ فهل مسحت علي رأس يتيم؟ .. ما أيسر العمل وما أعظم الثواب. ولا حرج علي فضل الله.