دخل الرسول صلي الله عليه وسلم مكة مكبرا مهلا فاتحا علي رأس عشرة آلاف من المسلمين واستقر في المسجد الحرام الذي زحمته قريش بعدد أيام السنة من الأصنام. ويردد المسلمون : من اليوم لا عزي.. ولا لات.. ولا هبل.. لن يحني الانسان بعد اليوم هامته لحجر. ولا وثن. ولن يعبد الناس الا الله الذي ليس كمثله شيء الواحد الأحد الفرد الصمد الكبير المتعال. وبينما هم كذلك إذ يدخل الرسول صلوات الله وسلامه عليه الكعبة مصطحبا معه بلال بن رباح. ولا يكاد يدخلها حتي يواجه تمثالا منحوتا يمثل ابراهيم عليه السلام وهو يستقسم بالأزلام فيغضب الرسول ويقول:¢قاتلهم الله.. ما كان شيخنا يستقسم بالأزلام.. "مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" سورة آل عمران . الآية 67 . ويأمر بلال أن يعلو سطح المسجد ويؤذن» فيؤذن بلال بصوته الشجي فترتج مكة فيالروعة الزمان والمكان والمناسبة.! فكفَّت الحياة في مكة عن الحركة . ووقفت الألوف المسلمة كالنسمة الساكنة تردد في خشوع كلمات الآذان وراء بلال . والمشركون في بيوتهم لايكادون يصدقون من هول ما أصابهم. إذن الرسوم المسيئة لم تكن مقصورة علي خير خلق الله . وإنما لصقت بأبيه إبراهيم عليه السلام حقدا وزورا وبهتانا سولته لهم أنفسهم بغير علم ولاهدي . وكيف أن الرسول صلي الله عليه وسلم استنكر هذا الصنيع واكتفي المسلمون جميعا بهذا الموقف لأن ذلك لم يؤثر فيهم ولم يهز لهم شعرة لأنهم كانوا في موقف القوي . إنه الخطاب العدائي للإسلام ورسول الاسلام وهو خطاب ممتد منذ ظهور هذا الدين بدءا من العداء المعنوي والنفسي مرورا بالعداء المادي حتي العداء العسكري. ¢ "وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ" سورة فصلت . الآية 26. "وإذا مروا بهم يتغامزون" 30 "وإذا انقلبوا إلي أهلهم انقلبوا فكهين" 31 "وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون" سورة المطففين. الآية 30-23. وكذلك التصعيد المادي متمثلا في حصار الرسول صلي الله عليه وسلم وقومه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا في شعاب مكة . واستمر العداء للإسلام والمسلمين ورسولهم إلي يومنا هذا وسيظل ما بقيت الدنيا مع اختلاف الطرق والأساليب باختلاف الزمان والمكان والأجيال. ويليتهم توقفوا عند هذا الحد بل تروي بعض كتب التاريخ أنهم حاولوا سرقة جثمان الرسول صلي الله عليه وسلم ونبش قبر سيدنا أبوبكر وعمر رضي الله عنهما : المحاوله الأولي: في عهد أحد الحكام . حيث أشار عليه أحد الزنادقة بإحضار جسد الرسول إلي مصر لجذب الناس إليها بدلا من المدينة . وقاتلهم أهلها وفي اليوم التالي أرسل الله ريحا للمدينة تكاد الأرض تزلزل من قوتها مما منع البغاة من مقصدهم . المحاولة الثانية: في عهد هذا الحاكم نفسه أيضا . حيث أرسل من يسكنون بدار بجوار الحرم النبوي الشريف ويحفر نفقاً من الدار إلي القبر . وسمع أهل المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم ينبش . ففتشوا الناس فوجدوهم وقتلوهم . وكان هذا الحاكم قد ادعي الألوهية سنة 408 ه . المحاولة الثالثة: مخطط من بعض الملوك وتم تنفيذه بواسطة اثنان . وحمي الله جسد نبيه . بأن رأي القائد نور الدين زنكي النبي صلي الله عليه وسلم في منامه وهو يشير إلي رجلين أشقرين ويقول أنجدني . أنقذني من هذين الرجلين . ففزع القائد من منامه . وجمع القضاة وأشاروا عليه بالتوجه للمدينة المنورة . ووصل إليها حاملاً الأموال إلي أهلها وجمع الناس وأعطاهم الهدايا بعد أن دونت أسماؤهم ولم ير الرجلين وعندما سأل : هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة؟ قالوا لا . قال: تفكروا وتأملوا . فقالوا لم يبق أحد إلا رجلان وهما صالحان غنيّان يكثران من الصدقة . فانشرح صدره وأمر بهما . فرآهما نفس الرجلين الذين في منامه وسألهما ¢ من أين أنتما ؟ ¢ قالا حجاج من بلاد كذا ¢ . قال أصدقاني القول . فصمما علي ذلك فسأل عن منزلهما وعندما ذهب إلي هناك لم يجد سوي أموال وكتباً في الرقائق . وعندما رفع الحصير وجد نفقا موصلا إلي الحجرة الشريفة . فارتاعت الناس وبعد ضربهما اعترفا بالمخطط الإجرامي . وأنهما قبل بلوغهما القبر . حصلت رجفة في الأرض . فقتلا عند الحجرة الشريفة .وأمر نور الدين زنكي ببناء سور متين حول القبور الشريفة حتي لا يجرأ أحد علي استخدام هذا الأسلوب . المحاولة الرابعة: جماعة كونوا عصابة وسرقوا ونهبوا قوافل الحجيج . وعزموا علي نبش القبر وتحدثوا وجهروا بنياتهم وركبوا البحر واتجهوا للمدينة . فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية تبعوهم وأخذوهم عن أخرهم . وأسروا ووزعوا في بلاد المسلمين . المحاولة الخامسة: وكانت بنية نبش قبر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. وذلك في منتصف القرن السابع من الهجرة . وحدث أن وصل أربعون رجلا لنبش القبر ليلا فانشقت الأرض وابتلعتهم وأبلغ بهذا خادم الحرم النبوي آن ذاك وهو صواب الشمس الملطي . ورغم كل هذه المحاولات إلا أن الله حفظ رسوله حيا وميتا وتكفل بحفظ دينه إلي يوم يبعثون "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ" سورة الحجر . الآية 9. لذلك ما كان لنا أن ننزعج من نحوتاتهم ورسوماتهم ومؤامراتهم لأنها تنشر الاسلام في أرجاء المعمورة وياليت المسلمون يراجعون الاقبال علي الدين والقرءان ودراسة سيرة النبي وشخصيته من غير المسلمين وفي عقر دارهم بل والدخول في دين الله عقب نشر مثل هذه الاساءات . وبذلك فاليفرح المسلمون.