لو أمسكت بخريطة الدنيا وفردتها علي طول ذراعيك. ستكتشف بسهولة أن غالبية الدول الإسلامية متخلفة. فقيرة. أمية. ترفض الحضارة العصرية وتُصِر علي أنها تعيش في حالة سلفية. هم باسم السلفية يتمسكون بما كان يجري أيام رسول الله وصحابته. يدُسُّون المخدر الديني في قالب سكر يُغرِي بتناوله. فيتسلل ذلك المخدر إلي العروق والعقول يسيطر عليها. يصيبها بالغيبوبة. وفي الغيبوبة نرفض التكنولوجيا الحديثة في القتال ونتمسك بالسيف والدرع والطوب والمقلاع بينما أعداؤنا يستخدمون الطائرات المقاتلة النفاثة الأسرع من الصوت. وفي الغيبوبة نحرم وسائل الاتصالات المتطورة. السيارة. الطائرة. الفاكس. الإنترنت. ونُصر علي الجمل والناقة والبغال والحمير. إن الحقنة السلفية السائدة. مثل الحقنة الشرجية العتيقة في زمن الطب بالليزر. لقد وجدنا جموعاً غفيرة من شبابنا تُمزِّق الشهادة الجامعية في تخصصات الطب والهندسة والصيدلة والاقتصاد والبورصة وترفض العمل في مؤسسات الحكومة الكافرة وراحوا يبيعون العسلية والسواك والبخور متصورين أنهم يُنَقُّون أموالهم من فلوس الحكومة الحرام. رغم أنهم يعيشون علي طريق مهدته الحكومة. ويستخدمون شبكات كهرباء أمدتها الحكومة. ويشربون من مياه طهرتها الحكومة. ويقضون حاجاتهم في نظام صحي مولته الحكومة. إنهم في الحقيقة عالة علي الحكومة. وعالة علي المجتمع الذي يعمل نيابة عنهم. ويدفع الضرائب نيابة عنهم. ويُموِّل الخدمات التي يستخدمونها نيابة عنهم. وفي أفضل الأحوال يُفسِّرون الحديث النبوي الشريف: ¢ يسروا ولا تعسروا ¢ علي أن الأمر بالتيسير يقتصر علي الفتوي والأمور الدينية فقط. إن الأمر بالتيسير يجب أن يمتد إلي كافة نواحي الحياة العملية والشخصية. لو كانت هناك عملية حسابية تستغرق ساعة بالعقل البشري المجرد ودقيقة بالكمبيوتر فإن الأمر النبوي بالتيسير يفرض علينا استخدام الكمبيوتر. لو كان الحج بالمشي يستغرق سنوات والحج بالجمال يستغرق شهوراً فإن التيسير الذي أمرنا به أن نحج بالطائرات التي لا تستغرق سوي ساعات. إن معني ¢ يسروا ¢ هنا : " اخترعوا. تقدموا. تطوروا " سهلوا الحياة. ولا يعتد بتقليد الحياة في عصر النبوة والصحابة. وفي زمن السلف الصالح. لو كانت الطائرة في زمن رسول الله لأمرنا بالقتال بها. ولو كانت البورصة في عصره صلي الله عليه وسلم لترك التجارة وتفرغ لها. ولو كان في زمن الصحابة فنادق خمس نجوم لزوجوا أبناءهم فيها. ولو كان التليفزيون معروفاً في زمن الرعيل الأول من المسلمين لاستخدموه في الدعوة. وللحديث بقية.