أكد الشيخ علي الهاشمي مستشار رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة للشئون الدينية والقضائية مواجهة الجماعات الإرهابية من امثال داعش وأخواتها يتطلب مواجهة الظلم في كل المجتمعات الإنسانية وعندما تتخلص تلك المجتمعات من الظلم فإن الإرهاب سيختفي علي الفور وقال في حواره ل "عقيدتي" : أن غياب دور المؤسسات الدينية وفتح الباب علي مصراعيه للحديث في الشأن الديني لكل من هب ودب كان له ابلغ الاثر في انتشار الفكر التكفيري لهذا فلابد من تفعيل دور المؤسسات الدينية ومواجهة ادعياء العلم ... تفاصيل الحوار في السطور التالية : * حيا المجتمعون في مؤتمر الازهر في مواجهة الإرهاب تجربة الإمارات في مواجهة الغلو والتطرف فما سر نجاح الدولة في تلك التجربة ؟ * * ابحث عن العدل والتسامح فمنذ حكم المغفور له بإذن الله تعالي الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله وفي ظل الحكم الرشيد للشيخ خليفة بن زايد أمير البلاد حفظه الله يحرص حكام الغمرات علي نشر قيم العدل والتسامح والرحمة بين الناس وهو ما أدي إلي بناء مجتمع مستقر وآمن يشهد له القاصي والداني والحمد لله فإن المجتمع الإماراتي مجتمع خالي من الغلو والتطرف وذلك كما قلت لأن القائمين علي حكمه نشروا قيم التسامح والعدل ونبذوا الظلم ورفضوه فأنت حينما تقيم العدل في اي مكان فإن النتيجة ستكون مجتمع مستقر خالي من العنف والإرهاب يعيش فيه الناس بسلام لهذا فالمطلوب من كل حكام العالم أن يسعوا إلي تقليد الإمارات في الإبتعاد عن الظلم إذا أرادوا مواجهة التطرف والغلو سواء في الدين أو في غير الدين وليتذكروا جميعا موقف رسول كسري عندما بحث عن عمر بن الخطاب فوجده نائما في ظل شجرة فقال له القول الخالد : حكمت فعدلت فامنت فنمت يا عمر ¢ فالعدل أساس الملك وإذا أخذ كل إنسان حقه فلن يتطرف ولن يغالي . * نود معرفة رأي سماحتكم في المؤتمر الذي عقده الازهر مؤخرا تحت عنوان الازهر في مواجهة الإرهاب ؟ * * الأزهر ومنذ انشائه وهو يتولي الدعوة ويسعي للحفاظ علي الدعوة الإسلامية وكل ما يتعلق بها وعندما ظهر الإرهاب كان يجب أن يتصدي له علماء الدين ولأن الأزهر هو المؤسسة الدينية الأكبر في العالم الإسلامي كان عليه التصدي لمواجهة الإرهاب ولهذا دعا إلي الإجتماع في هذا المؤتمر في تلك الظروف التي يمر بها العالم وكان هدف الازهر هو وضع تعريف دقيق للإرهاب وتبرئة الديانات السماوية من تلك الآفة التي ترتب عليها نتائج مأساوية وهنا لابد من الإشارة إلي أننا فيما سمعنا ودرسنا فإن منشأ الإرهاب هو الظلم الذي يقع علي الناس وغياب العدل وغياب الرحمة بين الناس رغم أن النبي صلي الله عليه وسلم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين جاءوا لإقرار الرحمة والعدل بين الناس ورسولنا صلي الله عليه وسلم جاء كرحمة مهداة وسراجا منيرا والله تعالي يقول في كتابه العزيز : ¢وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ¢ كذلك يقول النبي صلي الله عليه وسلم :¢ الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ¢ومن هذا المنطلق فإذا أراد العالم أن يواجه ظاهرة الإرهاب فعلا لا قولا فعليه أن يدرك أهمية ارساء قيم العدل والرحمة والعفو عند المقدرة بين الناس جميعا حتي علي مستوي الدول لابد أن تسود تلك القيم إذا أردنا أن نواجه الإرهاب . * تقولون ان الظلم هو سبب الإرهاب فلماذا يلصقون ذلك الإتهام بالإسلام من وجهة نظركم ؟ * * هم يلصقون الإرهاب بالإسلام والمسلمين لأننا لا نوضح لهم الحقيقة وفي غياب الحقيقة تسود الاكاذيب والحقيقة فإن مبتلي الناس في كل زمان ومكان هو الظلم فحين يظلم الإنسان اخيه الإنسان يتولد العنف والعنف المضاد والله تعالي في كتابه الكريم طالب الناس بالتعارف وليس بالتظالم حيث يقول تعالي : إنا خلقناكم من شعوبا وقبائل لتعارفوا ¢ ومن هنا فلابد ان يعي الإنسان أهمية أن يفكر ألف مرة قبل ان يظلم فخير له ان يبات مظلوما من أن يبات ظالما لأن الظلم شؤم علي صاحبه والله تعالي يقول في حديثه القدسي : ¢ يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ¢ والظلم ظلمات يوم القيامة والظلم هو الذي ينشيء العداوات أما التسامح والتحلي بالقيم الرفيعة هو الذي يعمل علي بناء مجتمع يخلو من الجرائم . * وكيف تسود قيم العدل والرحمة من وجهة نظركم ؟ * * لابد أن نلتزم بما جاء في القرآن الكريم فوقتها فقط سنحافظ علي المجتمع آمنا مستقرا وإذا كان الناس يلتزمون عندما يشترون أحد المنتجات باتباع تعليمات التشغيل الواردة في الكتيب المرافق للمنتج والمعروف باسم الكتالوج فلماذا لا يتبع المسلمون كتاب التشغيل الخاص بالحياة الدنيا وهو الكتاب الذي اوجده الله تعالي وهو القرآن الكريم ولابد ان يعي الناس جميعا أن تدبر القرآن ليس مقتصرا علي العلماء. فالقرآن لم يُنزل ليفهمه العلماء أو جهابذة اللغة فقط إنما هو لكل المسلمين علي اختلاف مستوياتهم بل هو للناس كافة. مسلمين وغير مسلمين. وإلا لما كان حجة علي الناس جميعا فكل انسان يستطيع أن يغرف من بحر القرآن حسب علمه وفهمه واجتهاده. وفرق بين تأمل القرآن وتدبره وهذا ماهو مطلوب من المسلمين جميعا. وبين استنباط الأحكام الشرعية والفقهية وهذا عمل العلماء والفقهاء. * نجحت الجماعات التكفيرية والإرهابية في خداع الكثير من الشباب المسلم بأفكارها المسمومة فكيف نحصن شبابنا في مواجهة تلك الافكار؟ * * بداية لابد من التأكيد علي ثقتي وثقة علماء الإسلام في شباب الأمة فهؤلاء الشباب فيهم من الخير الكثير فقط علينا أن نهتم بالقيم الإنسانية والدينية مثل قيم العدل والكرامة وعلينا أن ننشر بين الشباب أهمية الالتزام بالعبادات مثل الصيام والصلاة وغيرها فالإنسان الملتزم بالعبادات والقيم الدينية التي جاء بها الإسلام لن يتطرف أبدا أما عندما ينفلت الإنسان فسوف يكون عرضة للخداع باسم الدين وأنا شخصيا أؤمن بأن شباب الأمة يتعرضون بالفعل لهجمة تستهدف تغريبهم ويكفيهم ذلك الإختراع المسموم المعروف باسم الإنترنت الذي تم استخدامه للأسف الشديد أسوأ استخدام في عالمنا العربي حيث ساهم في تغريب الشباب عن قضايا امتهم وعن هويتهم الدينية والثقافية لهذا فلابد أن تتضافر جهود المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية لمواجهة حملات التغريب التي يتعرض له شبابنا . * بمناسبة طرحكم لقضية تغريب الشباب كيف تري دور الأسرة العربية في حماية أطفالنا وشبابنا في مواجهة حملات التغريب والتذويب الثقافي ؟ * * بلا شك فإن للأسرة دور كبير في تحصين الشباب المسلم فجيب ألا تلهي الماديات الأب والأم ويظنان أن مجرد توفير احتياجات أبنائهم المادية يعني أن كلا من الاب والام قاما بدورهما في التربية والتحصين والحماية العقلية والبدنية فالمربات لا تحصن عقلا ولا تبني جسدا بل قد تساعد الماديات في الإفساد التام ومن هنا فلابد أن نعي جميعا أن المال خير وفيه جانب شر وان الفقر خير وفيه جانب شر فالفقير الصابر نعمة من الله والغني الشاكر نعمة من الله من هنا فعلي الاسرة أن تعلم الفرد تقوية الروح وإصلاح النفس وأن الطريق إلي ذلك هو العبادة كتلاوة القرآن عن أناة وتدبر وخشوع والصلاة القويمة المستكملة شروط الصحة وحضور الذهن وغير ذلك من ألوان العبادة والرياضة الروحية. مدربًّا نفسه علي القيام بهذه الطاعات بحيث تصبح دنياه وعاداته وسجاياه التي لا مكان لها ولا انفصام منها ويجب أن تكون التربية الأسرية مبنيا علي الوسطية والاعتدال حتي لا يقع الفرد ضحية لتلك الجماعات الإرهابية التي تستند إلي فهم قاصر لذلك المعني وتحاول أن تضر بالمسلمين وغيرهم اعتقادًا منهم أن ذلك هو طريق الصواب وتكون المرجعية عند من يعتقدون بأن لديهم القدرة علي الفتوي الشرعية. ولكن هنا يبرز دور التربية الأسرية التي توضح للأبناء نهج القرآن الكريم والسنة النبوية التي تعتمد في أساليب الدعوة علي الحكمة والموعظة الحسنة ومخاطبة الناس بالأسلوب المناسب لهم تنفيذا للتوجيه الرباني. * يري البعض ان هناك مؤامرة غربية يتعرض لها الإسلام والمسلمون وأن ظهور جماعات العنف المسلح مثل داعش وغيرها جاء في غطار المؤامرة علينا بهدف تشويه الدين الإسلامي فهل تؤيد أصحاب تلك النظرية؟ * * أتفق أن هناك اعداء لنا بالمرصاد يهدفون إلي تقويض كل جهودنا للتقدم والتطور ولكن لابد ان نشير علي الجانب الآخر أن ظهور داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية التي نعرفها والتي لا نعرفها هو انعكاس لخيبة الأجهزة والمؤسسات الدينية والثقافية في مجتمعاتنا العربية والإسلامية وعدم تمكن تلك المؤسسات من أداء دورها الصحيح فحين يفتقد الناس العلم الشرعي من مصادره الحقيقية يضطرون إلي الحصول عليه من اي جهة ومن اي مكان ولهذا فعندما غابت المؤسسات الدينية لجأ الشباب لمواقع التواصل الإجتماعي وغيرها من المنتديات التابعة للجماعات التكفيرية الإرهابية فحرمان الشباب من العلم الديني الصحيح هو ما ادي إلي تعرضهم للخداع باسم الدين من جانب داعش واخواتها والمؤسف أن الحكومات والدول تتابع المنتجات الغذائية وغيرها وتحرص علي عدم تعرضها للغش بل وتسجن كل من يجرؤ علي غش أي منتج في الوقت الذي تتجاهل فيه غش اللعم الشرعي فكل من هب ودب يتحدث في العلوم الشرعية ويفتي للناس ويتحدث دون ضابط وأصبح كل شخص له لحية يظهر علي الشاشة ليفتي للناس بعلم أحيانا وبدون علم أحيانا كثيرة وكل هذا دون ان يمنعه احد . * هل هذا يعني أننا في حاجة لضبط أمور الفتوي والشأن الديني بقوانين رادعة ؟ * * لا أري حاجة ماسة لقوانين جديدة فالقرآن الكريم أوضح للناس كيف يواجهون أدعياء العلم وكيف يحصلون عليا لفتوي من مكانها الصحيح وكيف يواجهون ادعياء الفتوي وهنا لابد أن أشير إلي أن دور العلماء هو الإصلاح وليس حبس الناس او مقاتلتهم فهذا ليس عمل المصلحين ولكن علي الجناب الأخر فلابد ان تقوم الحكومات بدورها في التصدي لأدعياء الفتوي وأدعياء العلم الذين يخدعون الناس ويسيطرون علي عقولهم بفتاوي مسمومة ما أنزل الله بها من سلطان . * وماذا عن دور الإعلام في نشر الفكر الإسلامي الصحيح ؟ * * ليسمح لي السادة الإعلاميين فإن الإعلام العربي إعلام خائب وقد يحجم الكثيرين عن ان يقولوا هذا خوفا من وسائل الإعلام ولكن هذه هي الحقيقة وأنا أقولها لك واستغفر الله فنحن ليس لدينا إعلام بل لدينا نقل أوصاف حالات ليس أكثر ومن هنا فنحن نحتاج لإعلام ملتزم يحترم قيم وتعاليم الدين الإسلامي فما يحدث علي شاشات الفضائيات العربية من عرض أفلام ومسرحيات وبرامج تحتوي علي مشاهد ما أنزل الله بها من سلطان يؤكد لنا أن الإعلام العربي ليس بخير علي الإطلاق فالإعلام يقدم تعاليم وتقاليد لا نعرفها بل استوردها القائمون علي الإعلام العربي ويريدون ترويجها بين العرب والمسلمين دون أن يدري هؤلاء أنهم يفسدون أبناءنا وشبابنا بل حتي الخدم في بيوتنا تم إفسادهم بتلك الطريقة وأنا من خلال هذا المنبر الاعلامي ادعو بالهداية للقائمين علي الإعلام العربي . * يهاجم الغرب قوانينا خاصة المستمدة من الشريعة الإسلامية مثل عقوبة الإعدام فكيف نواجه تلك الإتهامات ؟ * * دعنا نعترف أننا الذين نسمح للغرب بالتدخل في شئوننا فعلي سبيل المثال كان أحد رؤساء فرنسا السابقين لديه صديقة وقام بزيارة معظم الدول العربية بتلك الصديقة رغم مخالفة ذلك لقيمنا وتعاليم ديننا وحتي تقاليدنا ورغم ذلك لم تمنعه دولة واحدة من دخول أراضيها أما حين حاول زيارة الهند بصحبة تلك الصديقة فقد واجهه المسئولون الهنود بالمنع قائلين له أن تقاليدنا تمنع دخول رؤساء البلاد إلا بصحبة زوجاتهم أما الصديقات فلا وجود لهن علي أراضينا فأين هم المسلمون الذي يدافعون عن قيمنا وتعاليم ديننا من هؤلاء الهنود.