ذكرنا من قبل أن سنن الفطرة لم تكن محصورة في عشر. بل نجد أن الفقهاء والمجتهدين من أهل العلم ذكروا أموراً أخري كثيرة تتعلق بذات الإنسان خلقاً وخلقة وعدوها ملحقات الفطرة. نذكر بعضها إن شاء الله تعالي بإيجاز تتمة للفائدة وكمالاً للمراد. فهي لها أثر في الأخلاق لأنها تتعلق بزينة المرء عملاً بقوله تعالي: "ياني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين" "الأعراف:31". فهذه أمور وأفعال يثاب علي فعلها المسلم إذا عملها طاعة لله تعالي. وفيها من الفوائد الطبية والصحية ما يعود علي الإنسان بالنفع. * ملحقات الفطرة: النهي عن نتف الشيب دليل النهي: ذهب جمهود الفقهاء إلي كراهة نتف الشيب مستدلين بما رواه أحمد وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "لا تنتفوا الشيب فإنه نور المسلم. ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة ورفعه بها درجة وحط عنه بها خطيئة". وذهب بعض الفقهاء إلي تحريم نتف الشيب. واستدلوا علي ذلك بما أخرجه البزار والطبراني عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة فقال رجل عند ذلك: فإن رجالاً ينتفون الشيب. فقال صلي الله عليه وسلم من شاء فلينتف نوره. وأقول: إن النتف للشيب من أي شعر بالجسم لا فرق بين نتفه من اللحية أو الرأس أو الشارب أو الحاجب.. إلخ. وكذلك لا فرق بين الرجل والمرأة فهما سواء في الحكم والنهي. فالعاقل الذي يتبع سنة الحبيب صلي الله عليه وسلم وما أحوجنا لهذا النور الذي يسعي به المؤمن بين الناس يوم القيامة! فالشيب علامة من علامات الكرامة للمؤمن أن يشيخ وهو ثابت علي الإيمان. والخلاصة: نتف الشيب مكروه عند جماعة ومحرم عند آخرين والنصيحة عدم الاقتراب منه. وإن كان لابد من تغيير اللون الأبيض إلي أي لون ماعدا الأسود فسوف نذكر إن شاء الله هذا فيما بعد. * آلية تحول الشعر الأسود إلي أبيض "الشيب": الشيب: هو بياض الشعر ومنشؤه عصبي فالكريات البيض تتسلل إلي الشعرة فتأكل صبغها الأسود. فقد توصل باحثون من ألمانيا وبريطانيا إلي زيادة إنتاج سائل بيروكسيد الهيدروجين "H2O2) وهذا السائل يعد من أبرز الأسباب التي تقف وراء الإصابة بالشيب مع تقدم العمر وهناك أسباب أخري تتعلق بعوامل نفسية ووراثية. فهذا السائل شفاف أثقل من الماء يؤثر علي الجلد فيحرقه وهو سائل يشتعل بشدة إذا تعرض للحرارة ويستخدم هذا السائل بتركيز 3% من أجل صباغة الشعر وكمطهر طبي ويستخدم أيضاً كوقود للصواريخ "لأنه مصدر للأكسجين من أجل سهولة الاشتعال" فهو مادة قابلة للانفجار والاشتعال. وهذه المادة يزداد تركيزها مع تقدم السن وبالتالي تحدث تفاعلات كيميائية تؤدي إلي ظهور شيب الشعر مع ضعف جسم الإنسان وتراجع كفاءة جسمه بشكل يؤدي إلي صعوبة تحويل هذه المادة السائلة إلي ماءة وأكسجين وهو ما يؤدي بدوره إلي منع تكون مادة الميلانين التي تنتجها الخلايا الصبغية يرجع ذلك أيضاً إلي نقص حاد في تركيز أنزيم "كاتالاز" داخل الخلايا وهو الإنزيم المسئول عن عملية تحويل بيروكسيد الهيدروجين إلي ماء وأكسجين. ومن المعلوم أن هذه المادة "الميلانين" تشكل مصدر ألوان الشعر والعين والجلد فسواء كان الشعر أشقر أو داكناً يرجع إلي الميلانين المنتجة وطريقة توزيعها. وللعلم فهناك شعر أحمر لأنه يحتوي علي صبغة إضافية غنية بالحديد. وأضافت الأبحاث العلمية أن العامل النفسي يمكن أن يؤثر علي الشيب فالخوف الشديد يمكن أن يؤدي إلي تعطيل تكوين مادة الميلانين بسبب انخفاض كفاءة الخلايا بالتفاعلات الحيوية اللازمة.