* عنف الزوج ضد زوجته سلوك أقرب لسلوك البهائم. لا يقره عرف أو دين فالضرب المبرح.. والاهانة واستمرار التعامل بتلك الأفعال أمور رفضها ومنعها الإسلام كما ترفضها الفطرة الإنسانية السوية.. قضية ضرب الزوجة.. فجرتها القارئة عفاف أ. م. ربة منزل في رسالتها والتي قالت فيها: تزوجت عن حب كبير بدأ منذ المرحلة الثانوية وأنجبنا ولدين وبنتاً ونعيش كأي أسرة مصرية تسعي علي توفير احتياجات أولادها ولكن زوجي يعاملني بقسوة شديدة تصل إلي الضرب بالسياط والأمر الأشد قسوة ان هذا يحدث أمام أولادي. وذات مرة أصابني بعاهة مستديمة ولكنه لم يرتدع فما حكم الإسلام في ضرب الأزواج لزوجاتهن؟. وفي نهاية رسالتها ناشدت المسئولين بوضع قانون يعاقب الزوج الذي يهين زوجته بالضرب أو بالسب أو بالجلد بالحبس أو الغرامة. ** يقول الشيخ سيد عمارة محمد أبو عمارة مدير إدارة أوقاف شمال شرق القاهرة ان الله سبحانه وتعالي نظم العلاقة بين الزوجين داخل الأسرة في قوله تعالي: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف" وهي ما تسمي بقاعدة التبادل بين الحقوق والواجبات داخل الأسرة. ثم خص الرجال بدرجة الرئاسة للأسرة وتنظيم شئونها. والمسئولية في الانفاق عليها وذلك في قوله تعالي: "وللرجال عليهن درجة". وهي ما تسمي بدرجة القوامة أو الرئاسة داخل الأسرة. وقد فسرت هذه الدرجة في سورة النساء بقوله تعالي: "الرجال قوامون علي النساء بما فضل الله بعضهم علي بعض وبما أنفقوا من أموالهم". مفهوم القوامة فهي درجة تكليف ومسئولية لا تكريم ولا تشريف وهي معللة بعلتين: العلة الأولي: بما فضل الله به الرجال علي النساء تفضيل مسئولية لا تفضيل جنس علي جنس وذلك ان هناك أحكاماً قد أوجبها الله علي الرجال وأسقطها عن النساء تخفيفاً ورحمة لا إنقاصاً ولا إذلالاً كوجوب القتال علي الرجال وصلاة الجماعة والجمعة والإمامة والولاية وغير ذلك. والعلة الثانية: هي أن واجب الانفاق علي الأسرة للرجل لا للمرأة.. وقد بين الله سبحانه وتعالي ان النساء أمام درجة القوامة صنفان: الصنف الأول في قوله تعالي: "فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله". فالزوجة المطيعة لربها ولزوجها فيما لا معصية لله ولماله ولنفسها في غيابه. أما الصنف الآخر في قوله تعالي: "واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا". وأضاف: لقد أساء بعض الأزواج فهم آية القوامة واعتبروا ان للرجل الحق مطلقاً في تأديب زوجته سواء أكانت مطيعة أم ناشزاً. واستخدموا عقوبة الضرب دون التقيد بالترتيب الواجب في الآية. وهذا يسيء إلي الشريعة الإسلامية. والواقع ان الله سبحانه وتعالي حينما شرع عقوبة الضرب للأزواج تجاه زوجاتهم فهي مقيدة بنوع الزوجة التي تستخدم معها هذه العقوبة وبالوقت والمكان الذي تجري فيه هذه العقوبة.. فعقوبة الضرب للزوجة الناشز التي تنقاد للشيطان العاصية لأوامر ربها. وأوامر زوجها. والتي فشلت معها مخاطبة العقل والعاطفة فلم يفد معها وعظ ولا إرشاد. ولا حكمة ولا تبصير. ولم يفد معها هجر في الفراش واستمرت في غيها وفي نشوزها ونسيت مصير أبنائها وأسرتها فماذا يفعل زوجها؟ هل يطلقها ويهدم أسرته. ويشرد أبناءه؟! أم يضربها ضرباً خفيفاً غير مبرح. ولا يقبح الوجه. ولا يتلف عضواً من أعضائها؟ كما بين الرسول عليه الصلاة والسلام بسواك خفيف بعيداً عن الوجه. وعن مواطن المحاسن. إذن هذه العقوبة لعلاج نشوز الزوجة موكلة للزوج داخل الأسرة ومرتبة بحيث لا يجوز أن ينتقل من درجة إلي أخري إلا عند فشل الأولي.. ومع تشريعها فإنها أخف ضرراً من التفريق بالطلاق. ومع تشريعها فإنها مقيدة بالضرب الخفيف.. ومع ذلك فإن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول: "ولن يضرب خياركم" ويقول عليه الصلاة والسلام: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي". حُسن المعاشرة * ويؤكد الشيخ أحمد سامي إمام وخطيب مسجد الأندلس بالشروق. ان شريعة الإسلام بينت حدود وضوابط العلاقة بين الزوجين. وجعلت لكل منهما حقوقاً خاصة قبل الطرف الآخر.. كما بينت ان للزوجين حقوقاً مشتركة لكل منهما نفس هذه الحقوق المشتركة حُسن العشرة فواجب علي الزوج أن يحسن عشرة زوجته كما يجب علي الزوجة أيضاً أن تحسن العشرة مع زوجها قال تعالي: "وعاشروهن بالمعروف" وقد ثبت ان الرسول صلي الله عليه وسلم أوصي الرجال بالنساء خيراً ودعاهم إلي الاحتمال لهن والصبر علي ما قد يضايق الأزواج من أخلاقهن. فقال عليه الصلاة والسلام: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره. واستوصوا بالنساء خيراً" ونهي عليه الصلاة والسلام الزوج إذا اضطر إلي تأديب زوجته أن يضرب وجهها. أو أن يسمعها ما تكرهه من الكلام القبيح.. فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام انه سئل ما حق زوج أحدنا عليه؟ فأجاب: "تطعمها إذا أكلت. وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت". نشوز الزوج وكما ان النشوز يمكن أن يحدث من الزوجة. فكذلك النشوز يمكن أن يحدث من الزوج بإيذاء زوجته بالضرب أو غيره بلا سبب. وقد بين علماء الشافعية انه إذا أخل الزوج بواجباته نحو زوجته. وأساء إليها وأذاها بالضرب أو غيره بلا سبب حدث من جهتها فإن من حق الزوجة أن ترفع أمرها إلي القاضي فإذا ثبت ما ادعته الزوجة علي زوجها عند القاضي نهاه القاضي عما يحدث منه من إيذاء لزوجته. ولا يعاقبه أول مرة. فإذا عاد إلي حدث منه من إيذاء لها. وطلبت من القاضي عقوبته. عاقبه القاضي بالعقوبة التي تليق بأمثاله. وهذه العقوبة داخلة في مجال التعزيز أي العقوبة التي لم يحددها الشرع وانما يحدد الحاكم أو المجتمع.. فإذا اشتد الخلاف بين الزوجين فإن علي القاضي أن يبعث حكمين ليصلحا بينهما.