توقفنا في العدد السابق عند ذكر وقوع النسخ في الشرائع السابقة. ونكمل فنقول وبالله التوفيق: والمفاجأة لكلا الفريقين "اليهود والنصاري" أن النسخ ليس قاصراً علي الشريعة الإسلامية. وإنما وقع- أيضاً- في الشرائع السابقة علي شريعة الإسلام بكل نوعيه: أي في شريعة لاحقة لشريعة سابقة. وفي الشريعة الواحدة نفسها. وأمثلة ذلك كثيرة. نقتصر منها علي بعض ما ورد في العهد القديم "التوراة" والعهد الجديد "الإنجيل" حتي يكون ذلك حجة علي ما ندعيه. النسخ في شريعة لاحقة لشريعة سابقة. المثال الأول: الزواج من الأخت. تزوجت الإخوة بالأخوات في عهد آدم-. و"سارة" زوجة "إبراهيم" - كانت أختاً علانية له كما يفهم من قوله في حقها. المندرج في الآية الثانية عشرة من الباب العشرين في سفر التكوين ترجمة عربية سنة 1625 وسنة 1648م: "إنها أختي بالحقيقة ابنة أبي وليست ابنة أمي وقد تزوجت بها". والنكاح بالأخت حرام مطلقا في الشريعة الموسوية علانية كانت الأخت أو خفية ومساو للزنا. والناكح ملعون وقتل الزوجين واجب. الآية السابعة عشرة من الباب العشرين سفر اللاويين هكذا: "أي رجل تزوج أخته ابنة أبيه أو أخته ابنة أمه ورأي عورتها ورأت عورته فهما عار شديد فيقتلان أمام شعبهما". المثال الثاني: تحليل جميع الحيوانات. قول الله في خطاب نوح وأولاده في الآية الثالثة من الباب التاسع من سفر التكوين هكذا ترجمة عربية سنة 1625 وسنة 1648م: "وكل ما يتحرك علي الأرض وهو حي يكون لكم مأكولا كالبقل الأخضر" فكان جميع الحيوانات حلالا في شريعة نوح كالبقولات. وحرمت في الشريعة الموسوية الحيوانات الكثيرة. منها: الخنزير. كما هو مصرح في الباب الحادي عشر من سفر اللاويين. والباب الرابع عشر من سفر التثنية. المثال الثالث: الجمع بين الأختين. جمع يعقوب بين الأختين ليا وراحيل ابنتي خاله كما هو مصرح به في الباب التاسع والعشرين من سفر التكوين. وهذا الجمع حرام في الشريعة الموسوية الآية الثامنة عشرة من الباب الثامن عشر في سفر اللاويين هكذا: "ولا تتزوج أخت امرأتك في حياتها فتحزنها. ولا تكشف عورتهما جميعا فتحزنهما" فلو لم يكن الجمع بين الأختين جائزاً في شريعة يعقوب يلزم أن يكون أولادهما أولاد الزنا والعياذ بالله. وأكثر الأنبياء الإسرائيليين في أولادهما. وللحديث بقية.