اهتم الإسلام بالأخوة في العقيدة والدين اهتماماً كبيراً. وأنزلها منزلة الأخوة في النسب فقال تعالي:" إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم..." الحجرات 10. فجاء التعبير ب "إخوة" التي هي جمع "أخ" من النسب عن أخوة الإسلام تنزيلاً لأخوة الإسلام منزلة أخوة النسب في الحقوق والواجبات. قال أبوالبقاء الكفوي: الأخ: من جمعك وإياه صلب أو بطن ويستعار لكل مشارك لغيرك في القبيلة أو في الدين أو في الصنعة ص52 الكليات. وليست أخوة الإسلام علي درجة واحدة بل هي علي درجات ثلاث: أدني هذه الدرجات الثلاث سلامة الصدر من الأحقاد بين الإخوة فلا يحقد الأخ علي أخيه ولا يحسده علي نعمة أعطاها الله إياه. قال تعالي:" ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا.." الحشر 9 والتي تليها وقال تعالي:"...ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا...". وأوسط هذه الدرجات الثلاث: أن يحب المسلم لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه وأن يبغض له ما يبغض لنفسه. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:"لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه ما يحب لنفسه" رواه البخاري ومسلم وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم:" لا يخطب الرجل علي خطبة أخيه حتي يترك الخاطب قبله أو يأذن" رواه البخاري ومسلم. وأعلي هذه الدرجات الثلاث وأكملها: أن يسود خلق الإيثار بين إخوه الإسلام فيؤثر المسلم أخاه المسلم علي نفسه ويقدم مصلحته علي مصلحته. وقد امتدح الله تعالي الأنصار علي هذا الخلق فقال تعالي:"والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون أنفسم ويؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.." الحشر .9 وإن تعجب أخي القاريء الكريم من صنيع سعد بن الربيع الأنصاري حينما نزل عليه عبدالرحمن بن عوف المهاجري حيث عرض الأول منهما علي الثاني أن يشاطره ماله فيأخذ نصفه وأن يتنازل له عن إحدي زوجاته يختارها هو فيطلقها سعد فإذا انتهت عدتها منه تزوجها عبدالرحمن. فأنت أشد عجباً من تعفف عبدالرحمن وعدم قبوله لهذا العرض من أخيه سعد وطلب من أن يدله علي السوق ليعمل فيأكل من عرق جبينه وكد يمينه. وبالفعل تاجر عبدالرحمن فربح حتي صار أكثر أهل المدينة مالاً. أين هذا الخلق الكريم في دنيا الناس اليوم؟!.