يعاني المجتمع المصري من أمراض نفسية وعصبية بالجملة خاصة بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيه حيث اهتزعت منظومة القيم والأخلاق وضاعت الجدعنة وتراجع الإحساس براحة البال بعد أن انتشرت الفوضي وهذا يطرح تساؤلات: ماذا حدث للمجتمع المصري. هذا السؤال وتفريعاته المختلفة يجيب عليها الدكتور سيد صبحي أستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس. * ما هي الصحة النفسية وهل يعاني المجتمع من أزمات أو اضطرابات نفسية مثل الأفراد؟ الصحة النفسية تعرف بتوافق الفرد مع نفسه أولاً وينعكس هذا التوافق في التعامل مع الآخرين ويقاس تقدم المجتمع ونموه من خلال سلوكيات أفراده والأخلاقيات التي يتعامل بها بعضهم مع البعض من واقع إحساسهم بالمسئولية والالتزام بالقيم الدينية وهو ما يؤدي إلي تقدم الأفراد والمجتمعات. * كيف يمكن أن يؤثر المرض النفسي علي سلوك الإنسان وعلاقاته بالآخرين؟ يؤثر المرض النفسي علي سلوك الإنسان بدرجاته فهناك أنواع من الأمراض النفسية مؤقتة أو عابرة وهناك أمراض نفسية ترتبط بأمراض عضوية وهذا الارتباط يجعلها مستهدفة أي أن المرض النفسي يمكن أن يستمر لوقت طويل إذا صاحبه مجموعة من الأمراض العضوية وهو ما يسمي بالأمراض "النفسجمية" خاصة مرض الاكتئاب الذي يعتمد علي مجموعة من الأمراض العضوية ويحتاج إلي تجهيزات نفسية عديدة للتعامل معه. * هل يمكن احتواء المرض النفسي؟ المرض النفسي يؤثر بلاشك علي الفرد وانتمائه وإحساسه بالمسئولية وعلي سلوكه وهو يمثل خطورة إذا أهمل ويعتبر من الأمراض العادية إذا تمت متابعته وتقويمه وؤإيجاد حلول مناسبة للتعامل معه. * هل المرض النفسي جنون كما يعتقد بعض الناس وكيف تميز بين الاثنين؟ فرق شاسع بين المرض النفسي والجنون حسب التعبير الشعبي فالمرض النفسي يدخل فيه البعد الاجتماعي وله مؤثرات معنية أما المرض العقلي العصبي وهو ما يطلق عليه البعض جنون فيعتمد علي تدمير بعض خلايا المخ ويصيب هذا التدمير صاحبه بهلاوس معنية وتصرفات يبدو عليها الاضطراب. * هل هناك علاقة بين الأزمات العامة والصحة النفسية مثل الأحداث التي تمر بها البلاد منذ الثورة وحتي الآن؟ عندما يعاني المجتمع مثلاً من اضطرابات لها علاقة بالبعد الاقتصادي أو الحضاري أو الثقافي أو التنويري أو البعد الذي يتعلق بمصالح الأفراد نجدهم يضيقون بما يحيط بهم من مشكلات ويظهر المرض النفسي علي سبيل المثال انقطاع الكهرباء هو الشغل الشاغل للأفراد الآن هذا الانقطاع إذا لم توضع له حلول معنية قد يؤدي هذا إلي أمراض نفسية وأخري عصبية وسلوكيات غير محسوبة وغير مواتية ونجد أن نفس الجماهير التي تجمعت ونادت بالثورة هي نفسها التي سوف تتجمع وسوف يضعون عبارات جديدة تعبر عن ما يعانيه المجتمع من مشكلات أدت إلي ظهور الأمراض والاضطرابات النفسية. * هل خلط في ثفافة المجتمع بين المرض النفسي والجنون.. ما الفرق بينهما؟ المرض النفسي تأخر صيته لأنه كان يلصق به فكرة الجنون أو الاختلال أما المجتمعات المتحضرة المثقفة الواعية نمت ونهضت لأنها راعت الإرشاد النفسي والمتابعة النفسية للأفراد في المدرسة وفي الجامعة وفي العمل نجد أن هناك وحدة نفسية لكل مؤسسة من هؤلاء هدفها متابعة أي اضطرابات من الممكن أن يعاني منها الأفراد حتي يستطيعوا التخلص منها وبالتالي تحقيق التقدم والإنجاز أما في مصر فكل تلميذ لديه بطاقة صحية اجتماعية تظل فارغة حتي التخرج من المدرسة. من هنا نوصي بضرورة إنشاء جهاز إرشاد نفسي اجتاعي صحي لحل مشاكل الطالب الصحية والاجتماعية والنفسية كذا العاملين في كل مؤسسات الدولة وهو ما يضمن السلامة البدنية والنفسية وهو ما يضمن أيضاً أن ينتمي الأفراد لهذه المؤسسات التي تشاركهم مناسباتهم وتشيع جو من البهجة بين أفرادها. زيادة الانتحار * لماذا تشتد حالات الانتحار في مصر؟ لا يوجد انتحار في مصر وما حدث هي حالات فردية بدافع من الضغوط النفسية والاقتصادية وضعف الوازع الديني واهتزاز القيم يجعل بعض الأفراد لا يقبلون علي الحياة ولا يشعرون بأنها نعمة وفضل من الله إن أعطانا الفكر والقدرة علي التعبير. الشبع النفسي * هل يساهم الاتساق النفسي في تكوين ما يسمي بالشبع النفسي؟ الشبع النفسي يأتي عندما يؤدي الإنسان دوره بطريقة سليمة مهذبة ويحترم مشاعر الآخرين ويحرص علي الإنجاز والعمل والبعد عن الحرام والاتجاه دائماً إلي كل ما هو حلال في كل شيء. أما الجوع النفسي فيأتي من الطمع والتطلعات الزائدة وهو ما يجعل النفس الجائعة تعتدي علي حقوق الآخرين وتفكر في نفسها بصرف النظر عن الآخرين وتلك هي المشكلة التي نعاني منها الآن وتجعل كل إنسان يقول "وأنا مالي أنا متعلق من عرقوبي" فلا يكترث لمن يتعرض للأذي كما أن الجائع غير مستعد للتضحية من أجل الآخر هذه المقارنة الفظيعة أبعدت فكرة الشبع النفسي علي أرض الواقع. حالة الفوضي * حالة التمرد والفوضي التي يعيشها الشعب المصري حالياً هل هناك أمل في انتهائها وعودة الحياة لطبيعتها؟ تتوقف الفوضي عندما تتوقف التصرفات العشوائية في السلوك ويبدأ المشرع في وضع قوانين تنظم حركة الأفراد أي أن الفوضي تظهر وتنتهي وفق القوانين والنظم وإمكانية تطبيقها. غياب الجدعنة * يقولون إن الجدعنة هي عنوان الشعب المصري فهل ينطبق هذا الكلام علي المصريين اليوم؟ غابت أخلاق الفرسان التي تتمثل في الأريحية والعطاء والفروسية لأن الفارس لا يتطلع إلي ما في يد غيره ودائماً يفكر في قدراته وإمكانياته ويتصرف وفق هذه الإمكانيات وتلك القدرات وسلوكيات الفارس معبرة عن الحب والعشرة الطيبة والأمانة والمواطنة. أما الآن فقد غابت هذه الأخلاق عندما بدأت التطلعات تفوق الإمكانيات والقدرات وغابت عن أصحاب النفوس الضعيفة التي استجابت لضغوط الحياة الاقتصادية وأصبح كل فرد الآن يعتقد أنه ياما هنا وياما هناك دون أن يفكر أو يعمل. راحة البال * مع كثرة الضغوط يعاني الكثيرون من قلة راحة البال فما أسبابها؟ الخوف من الفشل الذي يأتي من واقع الظروف التي تواجهنا يقلل راحة البال أيضاً الكراهية لا تحقق لصاحبها راحة البال فهي تؤدي بصاحبها إلي التمزق والانعززال وتحيي صاحبها داخل شرفته من الأحساسي الضغطة فيصاعب بالتوتر والقلق والخوف أيضاً فإن حب التملك آفة تقضي علي الراحة النفسية. * كيف نحصل علي راحة البال؟ التسامح يمثل صورة من صور راحة البال لأن الصفح الجميل يجعل صاحبة في صورة مشرفة لأنه يعطي ولا يتوقع الأخذ ويجب ولا يتوقع المبادلة الحرص علي احترام الآخر مظهر من مظاهر النشاط الفكري والسلوكي الراقي الشاب الواعي الذي يتميز بسلوك الفرسان يستطيع أن يحصد راحة البال. روشتة السعادة * في النهاية نريد روشتة سحرية للسعادة؟ السعادة في الحرص علي العمل الجاد وتهذيب القلب وكسر الأقفال التي توصد طريق الرحمة السعادة تتمثل في التواضع والبعد عن ارياء الصديق الوفي مفتاح السعادة حيث تساعد الصداقة علي اجتياز العقبات التي تواجه الإنسان في حياته والوصول إلي الصديق الحقيقي يحتاج إلي جهاد وكفاح وانتقاء. أن نحرص علي الابتسامة وأن نتجه إلي الناس بروح المحبة والمودة.