أكد فضيلة الدكتور صبري عبدالرءوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر. والذي أسند له مؤخراً رئاسة لجنة تطوير مناهج الفقه الشافعي ان منظومة التعليم الأزهري تشهد حالياً تطويراً شاملاً ستظهر نتائجه في القريب العاجل. مشيراً إلي أن التطوير يراعي مواكبة العصر مع الحفاظ علي التراث. أرجع الهروب الكبير لطلاب التعليم الأزهري إلي التعليم العام بسبب شعورهم بالازدواجية في دراسة وتلقي العلوم الشرعية والدنيوية. مؤكداً ان الفترة المقبلة ستشهد عودة مضادة. أشار إلي أن الأزهر الشريف منارة العلم وقبلة العلماء الذين يحملون الوسطية والاعتدال. وان عمليات التخريب والإرهاب التي نشهدها مؤخراً ترتكبها "قلة مندسة". وفيما يلي نص الحوار الذي أجري معه في إطار حملة "عقيدتي" حول ملف تطوير التعليم الأزهري: * ما هي اللجنة التي تشرف برئاستها؟ وما هي طبيعة عملها وأهدافها؟ * * اللجنة التي كلفني بها فضيلة الامام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر هي لجنة الفقه الشافعي. وهناك رؤساء لجان للمذاهب الأخري بالإضافة إلي سائر المواد الشرعية واللغوية. وقد كلفنا فضيلته بتيسيرهذه المواد ليتمكن طلاب المعاهد الأزهرية من فهم هذه المواد بما يتمشي مع أسلوب العصر الحديث بشرط الحفاظ علي التراث. وهذا معناه ان فضيلة الإمام أراد من وراء هذا تطوير الأزهر مع الحفاظ علي التراث الأزهري والابتعاد عن التعقيد اللفظي أو الألفاظ التي لا تتمشي مع العصر الذي نعيشه. الواقع الأزهري * كيف تري واقع التعليم الأزهري حالياً؟ وكيف نرتقي به؟ * * التعليم الأزهري هو الذي ينشر وسطية الإسلام التي هي صالحة لكل زمان ومكان. وفي نفس الوقت. الأزهر هو قبلة العلم في العالم ولابد لهذه القبلة أن تواكب العصور بما لا يتعارض مع النصوص الشرعية. فالتعليم الأزهري له جذور ثابتة لا يمكن للإنسان أن يستغني عنها في أي زمان أو مكان. ولهذا كان للتراث الإسلامي أثره في بناء الأمة. وإن كان يحتاج إلي تبسيط ألفاظه وتيسير فهمه لجميع الدارسين. الارتقاء بالمناهج * وما هي الوسائل التي تراها لتحقيق هذا الارتقاء؟ * * الطالب الأزهري مثقل بعلوم متعددة. فهو يدرس جميع الكتب المقررة علي طلاب التربية والتعليم بالإضافة إلي انه يتحمل دراسة المواد الأزهرية من علوم شرعية ولغوية. وهذا يثقل الطالب الأزهري. ومع هذا فإننا نري الطالب الأزهري يأخذ هذه العلوم بجدية ونشاط. ونراه دائماً في المقدمة في شتي العلوم بمختلف أنواعها. وهنا يأتي دور المسئولين في هذا الزمن للتيسير علي الطلاب بما لا يخل بالتعليم الأزهري الأصيل. وهذا ما سوف تدرسه اللجنة المشكلة برئاسة فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر. وفضيلة الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر. الهروب الكبير * كشفت الإحصاءات عن هروب حوالي 80 ألف طالب أزهري إلي التعليم العام.. فما هي الأسباب وراء ذلك؟ * * قصة الهروب مرجعها إلي شعور بعض الطلاب بازدواجية التعليم. فوسائل الإعلام كلها تهتم بطلاب التربية والتعليم خاصة الثانوية العامة. لكن طالب الأزهر لا يسأل عنه أحد ولا يهتم به سوي القليل النادر. هذا بالإضافة إلي أن بعض وسائل الإعلام تحاول أن تظهر للطلاب ان الدراسة في الأزهر معقدة وصعبة مما يترتب عليه الهروب. ولكن في القريب العاجل إن شاء الله سنري الأمر يتغير بفضل الله عز وجل ثم بفضل الجهود التي يبذلها المتخصصون برئاسة ورعاية فضيلة الدكتور شيخ الأزهر. هذه الأمور سوف تكشف قريباً لان ما يتم اتخاذ القرار بخصوصه لا يجوز لنا أن نتعرض له الآن إلا بعد الدراسة. منارة العالم * عرفت المؤسسة الدينية علي مدي تاريخها بالاعتدال والوسطية وتخريجها طلاباً بعيدين كل البعد عن الإرهاب والتطرف. وللأسف تغير الوضع في السنوات الأخيرة.. فما هو السبب؟ * * الأزهر منارة للعالم وقبلة للعلماء يقصده القاصي والداني. وخير دليل علي ذلك طلاب البعوث الإسلامية الذين يأتون من كل فج عميق للدراسة في الأزهر. ولكن شأن الأزهر كشأن سائر المؤسسات الأخري مما جعل بعض أصحاب الفكر المعين يدسون أبناءهم بين طلاب الأزهر من أجل الوصول إلي غرض معين مما ترتب علي ذلك ان بعض هؤلاء الطلاب تخرجوا من جامعة الأزهر بفكرهم الذي لا يتمشي مع وسطية الأزهر والتي هي أساس في نهضته ورفعة شأنه وتردد العالم كله علي الأزهر. جامعاً وجامعة. من أجل الدراسة العلمية الأصيلة. لكن كل قاعدة لها شواذ. فالذين يخربون ويدمرون ليسوا من أبناء الأزهر الحقيقيين بل هم فئة مندسة علي الأزهر لتشويه صورته. ولكن "ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" وسترتفع راية الإسلام مادام الأزهر رافعاً رايته نحو الوسطية وتحقيق الأمل المنشود ونسأل الله التوفيق والسداد. نصيحة غالية * ما النصيحة التي تقدمها لزملائك وأبنائك الطلاب؟ * * أقول لزملائي وإخواني الأزهريين: الأزهر أمانة في أيديكم ونحن لن نبقي علي مدي الحياة وإنما سيظل الأزهر إن شاء الله باقياً ما بقيت الحياة. فجدوا واجتهدوا واعملوا من أجل الله ولوطنكم. وأقول لأبنائي الطلاب والطالبات: أنتم شباب الأمة وأملها المنشود وسوف تحملون راية الأزهر من بعدنا. وهو الآن أمانة في أيديكم. فارفعوا راية الأزهر لتحققوا الأمن والأمان. وليعلم العالم ان أبناء الأزهر رجال يتقون الله ويتعلمون العلم لينشروا وسطية الإسلام في شتي بقاع الأرض. فالله معكم ومؤيدكم إن شاء الله. عشتم وعاشت مصر الأزهر.