* يسأل خالد لطفي من القاهرة: ما هي الحكمة من عدم تحديد ليلة القدر في يوم معين؟ وهل لها صفات وعلامات يمكن أن نتعرف عليها من خلالها؟ * * يقول د. محمود امبابي وكيل الأزهر الاسبق: من فضائل شهر رمضان ومزاياه اشتماله علي ليلة القدر التي مدحها الله "تعالي" في قوله: إنا أنزلناه في ليلة البدر "1" وما أدرايك ما ليلة القدر"2" ليلة القدر خير من ألف شهر"3" تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر "4" سلام هي حتي مطلع الفجر" والضمير المنصوب في قوله تعالي :"أنرلناه" يعود إلي القرآن الكريم . وفي الإتيان بهذا الضمير للقرآن - مع أنه لم يجر له ذكر - تنويه بشأنه . وإبذان بشهرة أمره . حتي إنه ليستغني عن التصريح به لحضوره في أذهان المسلمين. والمراد بإنزاله : ابتداء نزوله علي النبي "صلي الله عليه وسلم" لأنه من المعروف أن القرآن الكريم قد نزل علي النبي "صلي الله عليه وسلم" منجماً في مدة ثلاث وعشرين سنة تقريباً. ويصح أن يكون المراد ب"أنزلناه" أي : أنزلناه جملة من اللوح المحفوظ إلي سماء الدنيا . ثم نزل بعد ذلك منجماً علي النبي "صلي الله عليه وسلم". قال الإمام ابن كثير : قال ابن عباس "أنزل الله "تعالي" القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلي بيت العزة من السماء الدنيا . ثم نزل مفصلاً بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة علي رسول الله "صلي الله عليه وسلم". والقدر الذي أضيفت إليه الليلة . بمعني : الشرف والعظمة . مأخوذ من قولهم :لفلان قدر عند فلان . أي : له منزلة رفيعة . وشرف عظيم . فسميت هذه الليلة بذلك : لعظم قدرها . وسمو شرفها . إذ هي الليلة التي نزل فيها قرآن ذو قدر . بواسطة ملك ذي قدر . علي رسول ذي قدر . لأجل إكرام أمة ذات قدر. هذه الأمة يزداد قدرها وثوابتها عند الله "تعالي" إذا ما أحيت تلك الليلة بالعبادات والطاعات - أي : إنا ابتدأنا بقدرتنا وحكمتنا إنزال هذا القرآن العظيم . علي رسولنا محمد "صلي الله عليه وسلم" في ليلة القدر - التي لها مالها عندنا من قدر وشرف عظيم لأ للطاعة فيها قدراً كبيراً . وثواباً جزيلاً. وليلة القدر هذه . هي الليلة التي قال الله "تعالي" في شأنها في سورة الدخان : "إنا أنزلناه في ليله مباركة إنا كنا منذرين "3" فيها يفرق كل أمر حكيم" وهذه الليلة هي من ليالي شهر رمضان . بدليل قوله "تعالي" : "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان." وقوله سبحانه : "وما أدرايك ما ليلة القدر" تنويه آخر بشرف هذه الليلة . وتفخيم لشأنها . حتي لكأن عظمتها أكبر من أن تحيط بها الكلمات والألفاظ. أي : وما يدريك بمقدار عظمتها . وعلو قدرها ؟ إن الذي يعلم ذلك هو الله "تعالي" ثم بين "سبحانة" جانباً من مظاهر فضلها فقال : "ليلة القدر خير من ألف شهر" أي : هذه الليلة أفضل من ألف شهر . بسبب ما أنزل فيها من قرآن كريم . وبسبب أن العبادة فيها أكثر ثواباً . وأعظم قبولاً من العبادة في أشهر كثيرة ليس فيها ليلة القدر والعمل القليل قد يفضل العمل الكثير . باعتبار الزمان والمكان . وإخلاص النية . وحسن الأداء . والله "تعالي" أن يخص بعض الأزمنة والأمكنة والأشخاص بفضائل متميزة. والتحديد بألف شهر يمكن أن يكون مقصوداً . ويمكن أن يراد منه التكثير . وأن المراد أن أقل عدد تفضله هذه الليلة علي غيرها هو هذا العدد.