كثيرة هي تلك الاقوال المأثورة في التراث الاسلامي التي نرددها ونحفظها عن ظهر قلب لكن كثيرا من تفاصيل تلك القصص التي كان من نتاجها هذه الاقوال المأثورة تغيب عن كثيرين منا .. نقف في هذا الباب عند قصص لأقوال مأثورة واليوم نقف عند ¢ يَعْبدُ الله علي حرف ¢ . قَدِمَ رجالى إلي المدينة. فكان الواحد منهم يُسْلِمُ. فإن ولدت امرأته غلامًا. ونتجت خَيْلُه. قال: إن الإسلام دين صالح.وإن لم تلد له امرأته ذكرًا. ولم تنتج خيله ذَمَّ دين الإسلام. وقال: هذا دين سوء» فأنزل الله تعالي قوله: "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَي حَرْفي فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرى اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةى انْقَلَبَ عَلَي وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" "الحج/11". يري الدكتور محمد داود استاذ الدراسات الاسلامية و الداعية الاسلامي المعروف أن هذا موقف تشتد إليه الحاجة في واقعنا المعاصر الذي طغت فيه قيم المادة والاستهلاك علي حساب قيم الإيمان والأخلاق. والموقف يظهر حقيقة غالية. هي أن الدين لا يوزن بموازين الناس والقيم المادية. الدين ليس صفقة» الدين أسمي من كل هذه القيم المادية. إنه من الله تعالي الخالق الحكيم. وموازينه سبحانه وتعالي »تختلف عن موازين البشر. فما كان من ميزان الناس بلاء ومحنة. بالصبر عليه والرضا بقضاء الله وقدره يكون محنة وعطاء في ميزان الله. فما من شوكة تصيب المؤمن ولا هَمّ ولا غَمّ إلا كفّر الله بها من سيئاته. وغفر له بها من ذنوبه. أضاف : إن أمر المؤمن كله له خير. وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن» إن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له.وموازين الإيمان تُظْهِرُ أن ابتلاء الله للعبد إنما هو من رحمة الله ولطفه. وليس البلاء دليل هوان المبتلي علي الله تعالي. بل إن النبي صلي الله عليه وسلم لما سئل: أي الناس أشد بلاء. قال: "الأنبياء.ثم الصالحون. ثم الأمثل فالأمثل من الناس. يبتلي الرجل علي حسب دينه. فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه. وإن كان في دينه رقة أي هوان وضعف خفف عنه. وما يزال البلاء بالعبد حتي يمشي علي ظهر الأرض ليس عليه خطيئة". موضحا أن الذين يأخذون الدين علي أنه صفقة فإنهم ضلوا السبيل.وكثيرًا ما يقع بعض الناس في هذا المفهوم الذي يعالجه الموقف. حيث نسمع من أحدهم: لما صليت فُقد حذائي. أو ساعتي أو نقودي. ويُلبس عليه الشيطان. ويوسوس له بأن ينصرف عن الصلاة والطاعة.. سبحان الله!! هل يمتحن العبدُ ربَّه؟! هل الدين منفعة مادية؟!.. مبرزا أن كل هذه المعاني الساقطة تفضحها الآية الكريمة وتكشفها:"وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَي حَرْفي فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرى اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةى انْقَلَبَ عَلَي وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ" "الحج/11". وبين أن هذا الطبع يكون في النفوس التي لم يتمكن منها الإيمان. النفوس التي تُركت لهواها. ويكشف الله هذا الطبع ويحذر منه. قال الله تعالي:"إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا" "المعارج/21:19".ثم استثني ربنا أهل الإيمان الصادق والطاعة الخالصة» فقال تعالي:"إِلَّا الْمُصَلِّينَ" "المعارج/22" . وأن القرآن الكريم يوضح وجهًا من وجوه هذا الطبع قال الله تعالي: "فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ" "الفجر/16:15". قال : وهكذا تهجم علي الإنسان طبائع السوء في غيبة الإيمان. ويُفتن في هذا الخطأ الفكري» حيث يجعل الدين وسيلة للدنيا. لتحقيق أهوائه ورغباته.والدين غاية. وعبادة الله حق علي الإنسان. قال تعالي:"وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ" "الذاريات/56".