أن استقبل كل خبر سار بفرح وسرور.. وأن أعقد النية علي أن أشرك غيري في هذا الفرح. لتعمنا جميعاً السعادة. ولقد تعلمت ذلك من رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي قال لنا: "لا يؤمن أحدكم حتي يحب لأخيه مايحب لنفسه" وشهر رمضان شهر خير وبركة.. علينا أن ننشر فيه الخير. وأن نوسع فيه علي الناس. وأن نحافظ علي صلاة التراويح في المسجد كمظهر اجتماعي تنظيمي رائد. وأن نكثر من تلاوة القرآن بتدبر وأن نستعد لاستقبال هذا الشهر بحفاوة عظيمة اقتداء بنبينا سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. حيث كان يخطب في المسلمين في آخر يوم في شهر شعبان فيقول لهم: "أيها الناس.. قد أظلكم شهر "عظيم" مبارك. شهر فيه ليلة خير من ألف شهر. شهر جعل الله صيامه فريضة. وقيام ليله تطوعاً. من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير. كان كمن أدي فريضة فيما سواه. وهو شهر الصبر. والصبر ثوابه الجنة. وهو شهر المساواة. وشهر يزاد فيه رزق المؤمن. وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة. وآخره عتق من النار. من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه. وعتقاً لرقبته من النار. وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء.. قالوا: "يا رسول الله.. ليس كلنا بيد ما يفطر به الصائم".. قال صلي الله عليه وسلم: "يعطي الله هذا الثواب لمن فطر فيه صائماً علي مزقة لبن. أو تمرة. أو شربة ماء. ومن أشبع فيه صائماً كان له مغفرة لذنوبه. وسقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها أبداً. وكان له مثل أجر الصائم من غير أن ينقص من أجره شيء. ومن خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار". انه جدير بكل مسلم أن يهيئ نفسه لاستقبال هذا الشهر: فكما يشتري لبيته تمراً. يشتري مصحفاً. وكما يستعد للفوازير. يجعل له مع إذاعة القرآن الكريم نصيباً. ويجعل للمسجد كذلك نصيبا. لأن هذا الشهر هو شهر القرآن. هو شهر المساجد نعمرها بالصلاة وتلاوة القرآن.. لأن الدين علمنا: أن شهر رمضان موسم للطاعات فهو روضة روحية ينعم فيها المؤمن بمعية الله. ويستعد لاستقبال شهر رمضان بالتوبة الصادقة. وعقد النية علي اجتناب المعاصي وعدم ارتكاب الذنوب والمسارعة إلي صلة الرحم. وإزالة الخصومات. ورد الحقوق إلي أصحابها. والتمسك بفعل الخيرات ومواساة الفقراء. ومساعدة المحتاجين. وإدخال السرور علي الناس جميعاً: بالكلمة الطيبة. والمودة والإحسان. مع تجديد التوبة.. وكثرة الاستغفار والصلاة علي سيدنا محمد وآله وصحبه. أن الصيام فيه خير لنفسي وسعادة لها. لأن شهر رمضان وهو من "الرمض" أي شدة الحر. لهذا فهو يرفض الذنوب أي أن الإنسان الصائم يحرق سيئاته بصيامه وعمله الصالح. وشهر رمضان يأتي بعد شهر شعبان. وكان الناس يتشعبون فيه في الوديان حيث يكثر الخير أمامهم. فيسرحون بأغنامهم. وقد فرض الله علينا صيام هذا الشهر. كما فرض الصيام علي الأمم السابقة. يقول الحسن البصري: "لقد كتب الله الصيام علي كل أمة كما كتبه علينا شهراً كاملاً وأياماً معدودات". قال تعالي "يأيها الذين آمنوا كتبوا عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياماً معدودات". ولقد تعلمنا من ديننا: أن الصيام له حكم كثيرة وفوائد عظيمة تعود علي الصائم بسعادة النفس وطمأنينة القلب. وراحة البال. وشفاء الجسم من العلل والأمراض. لذلك وصفه الرسول عليه الصلاة والسلام بعلاج واقي يعصم الإنسان من الوقوع في الخطأ الذي يجر إلي الندم. ولهذا نبه الرسول صلي الله عليه وسلم الشباب خاصة لما يتمتعون به من فورة دم وحماس الشباب واندفاعه وعدم معرفته بالنتائج لذلك نبههم بصفة خاصة. أن يسدوا منافذ الشيطان ويحصنوا أنفسهم بالصيام فقال لهم: "يا معشر الشباب: من استطاع منكم الباءة فليتزوج. فإنه أغض للبصر. وأحصن للفرج. ومن لم يستطع عليه بالصوم فإنه له وجاء". فالصيام اذن مدرسة يتعلم فيها الإنسان ضبط النفس وقوة الإرادة. وحسن العلاقة بالله. لهذا ينبهنا الرسول صلي الله عليه وسلم أن الصائم: لا يجهل مع الجاهلين. ولا يساير السفهاء. لأن الصيام جنة. أي وقاية. فالصائم لا يصخب ولا يؤذي غيره. ولا يتحدث بالنميمة. وإن شتمه إنسان صبر لأن الصبر ضياء. وقد قال ربنا فيه: "ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم الأمور". فالصيام تهذيب للنفس. وشحنها بكم هائل من الطهارة والنقاء والصفاء. ذلك لأن الصيام سر بين العبد وربه. يتجلي فيه الاخلاص وينهض به برضا أصحاب الهمم العالية والنفوس القوية. ولقد كان المسلمون يدربون أولادهم منذ نعومة أظافرهم علي الصيام. كانت المرأة تقول لوليدها صم حتي تصلي الظهر. وفي اليوم التالي حتي تصلي العصر. وكان الطفل إذا بكي من شدة الجوع تلهيه باللعب ليتلهي بها عن طلب الطعام. فهل لنا أن نعود لندرب شبابنا وأطفالنا علي الصيام حتي يشبوا وعندهم عزيمة قوية وضمير يقظ. وحسن مراقبة الله الواحد ليكون أولادنا قرة عين لنا في الدنيا والآخرة. علماً بأن الصيام يدربهم علي صفاء النفس والذكاء والكياسة والحس المرهف والضمير الحي.