ولم يدخل مصطلح إعجاز القرآن ساحة الفكر الإسلامي في عهد النبي ولا التابعين. وكانت كلمة آية تقوم مقام الإعجاز. وحول مسألة الإعجاز العلمي للقرآن نجد فريقين: فريق يري أن القرآن معجزة ببيانه فحسب. وفريق يري تعدُّد وجوه إعجاز القرآن. ومع إلمامي بالشيء غير اليسير حول قضية المؤيدين والمعارضين للإعجاز العلمي للقرآن. إلا أني أري أنها قضية جدلية تجاوزتها حاجة الدعوة. خاصة ونحن ندعو إلي تجديد الخطاب الديني من أجل الحوار مع أنفسنا. ومع الآخر من غير المسلمين. ولا يمكن لعاقل أن يعرض عن العلم في القرآن بدعوي التمسك بعدم المساس بقدسية النص. فالعلم القرآني الثابت يضفي علي النص القرآني قدسيته وجلاله. ومِن ثَمَّ فلن أخوض في تلك القضية. ويكفي أن أحيل القارئ إلي رسال الدكتوراه التي أعدها الدكتور أحمد عمر أبو حجر. والتي عنوانها: ¢التفسير العلمي في الميزان¢. ومع أن أروع وجه للإعجاز القرآني هو بيانه. إلا أنني أُنبه إلي أن الإعجاز البياني وهو يشمل كل القرآن. جاء أيضًا معبرًا عن مضمون وفكر. وكما قال العلماء: لفظ جامع. وفكر شامل وقبل السباحة في بحور الإعجاز العلمي في القرآن الكريم الزاخر بالدرر واللآلئ. أشير إلي التحدي الذي وقف أمامه العرب والعجم موقف العاجز. فلم ولن يستطيعوا معارضته. قد مر التحدي بمراحل خمسة. وتلك هي: المرحلة لأولي: الإتيان بمثل القرآن: "أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لَا يُؤْمِنُونَ * فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثي مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ" "الطور: 33. 34". عجزوا عن ذلك. المرحلة الثانية: الإتيان بعشر سور مثل القرآن: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَري مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتي وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" "هود: 13". عجزوا عن ذلك. المرحلة الثالثة: الإتيان بسورة مثل القرآن: "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةي مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" "يونس: 38". المرحلة الرابعة: الإتيان بسورة تشبه القرآن: "وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبي مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَي عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةي مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ" "البقرة: 23. 24". وهذا التحدي موجه إلي الناس جميعًا. ويثبت القرآن هنا العجز المطلق للناس عن الإتيان بذلك الأمر. المرحلة الخامسة: مرحلة التحدي المطلق للإنس والجن: "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَي أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضي ظَهِيرًا" "الإسراء: 88". ومَن يتابع شبكة المعلومات "الإنترنت". يشعر بالرثاء قبل الغثيان من الحاقدين علي الإسلام والقرآن. رثاء علي أغبياء يحاولون تأليف ما أسموه سور محاكين القرآن. وهيهات هيهات. فكلامهم جاء ركيكًا. والمعان جاءت ضحلة تافهة. ومن الأسف كل الإسف أن يسعي أعداء الإسلام إلي تأليف ¢فرقان أمريكي¢ حسب زعمهم. يتكون من 120 جزءًا. ونسي هولاء الأغبياء الماكرين أن الله مخزيهم. ويصدق فيهم قول الحق تبارك وتعالي: "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَي جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَي بَعْضي فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّي لَا تَكُونَ فِتْنَةى وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرى * وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلَي وَنِعْمَ النَّصِيرُ" "الأنفال: 36 - 40".