الحالة الابداعية حائرة.. تائهة.. تأن من الام الهبوط.. تبحث عن رجالها. عن مبدعين ليرفعوها لمكانتها المعهودة. فقد اعتلاها هواة من مدعي الثقافة.. انصاف مثقفين. بعد ان كان رجالها قم شامخة عمالقة رفعوها لعنان السماء. الابداع الان انهكه الظمأ متعطش لمن يرويه بماء نقي بعد ان سأم الماء العفن.. اصبح في أمس الحاجة لأديب بارع.. كاتب مبدع.. مفكر خلوق وسيناريست ملهم. الروايات السينمائية الان تكتب خلال جلسة شيشه او مجموعة يجلسون.. يتصفحون صفحات الحوادث لينتقوا حادثة.. يجسدونها بمشاهد رقص ومجون ويقدمونها علي انها الابداع. يعبر عن هذه الحالة المنتج محمد السبكي منتج فيلم الفضيحة "حلاوة روح" في لغة صادقة او كلمة صادقة خرجت من فيه: زمان كان في مصر قمة المبدعين الساحة كانت مليئة بالروايات الابداعية. أما الان فإننا نعاني كل العناء كي نبحث عن نص جيد يمكن ان نقدمه.. وهذه مشكلة المشاكل لدي المنتجين الساحة ليس فيه ابداع مثل زمان. هذه الجملة هي توصيف صادق للحالة الابداعية الان واعتراف من احد رموز العمل السينمائي ولذلك انتشرت علي السنة العامة والخاصة مقولة "الزمن الجميل" تعبير عن ابداع الزمن الماضي. أعمال القمم شهد القرن الماضي اعمالا ادبية وفنية قمة في الابداع والرقي اللغوي. والسمو العقلي تخاطب الفكر والاخلاق. ابدع لنا القرن الماضي. او الزمن الماضي قمم شاهقة.. وبساتين يافعة بأزهار مبهجة من الادب والفن. اخرج لنا الزمن الماضي روائع الاديب العظيم مصطفي لطفي المنفلوطي.. روائعه السامية الخالدة "النظرات" "العبرات" "مجدولين" كلها تخاطب الوجدان.. المشاعر وتستحلي بقيمة الانسان رجل التاريخية لعلي احمد باكثير قدم المبدع يحيي حقي روايته قنديل ام هاشم وعبدالرحمن الشرقاوي قدم مبدعته "الارض" والذي اظهر فيها بقلم الاديب البارع عورات القرية المصرية في زمن الاستبداد وطاف بالقاري بالثوابت التي تحكم المجتمع المصري علي مدار التاريخ وقام المبدع نجيب محفوظ بتشريح الحارة المصرية الشعبية في الثلاثية قصر الشوق وبين القصرين والسكرية وقدم في سرد رائع نموذج من الازدواجية التي تحكم الرجل المصري. ولاينسي التاريخ رائعة المبدع ثروت اباظه "شئ من الخوف الذي اظهر صورة رائعة للقرية المصرية خلال اربعينيات القرن الماضي.. واكد فيها علي انهيار القوة الباغية علي الضعيف المتمسك بقيمة المصر عليها واعلي من قيمة علماء الاسلام في الوقوف ضد الظلم. روائع اذاعية حفلت الاذاعة المصرية منذ زمن بروائع الأدباء المثقفين امثال المبدع المثقف طاهر ابوفاشا في رائعته الخالدة "الف ليلة وليلة" التي مازالت تتهاوي مع اسماعنا نور الافطار في شهر رمضان. اضافة الي ابداع عباس الاسواني وذكريا الحجاوي واسامة انور عكاشة ومحمد صفاء عامر ووحيد حامد. اين اللغة والان يكشف الكتاب عن ثقافتهم وقيمتهم في حلاوة روح وبون سواريه وغيرها.. فهل نضبت الساحة من المبدعين؟ يقول الدكتور محمد سلمان مدير النشر بالهيئة العامة المصرية للكتاب من الظلم ان نقول "الابداع نضب معينة" فالابداع بصفة عامة والادبي بصفة خاصة يفيض دائما لايصيبه ظمأ.. او جفاف.. وانما المشكلة فيمن يدلي بدلوه. التاريخ المصري يحوي العديد من عصور الازدهار وعصور الاضمحلال يظهر احيانا عصر القمم في كل شئ ويجنوا احيانا فيظهر فيه الموقوذه والمتردية والنطيحة في فترة الخمسينات والستينات ترجع الابداع المصري علي القمة واخرج قمماً ادبية خلاقة ومبدعه. وكذلك في الفن الغنائي حتي في محيط علماء الاسلام. تتزامن وجود امثال نجيب محفوظ واحسان عبدالقدوس ويحيي حقي. مع وجود السيدة أم كلثوم وعبدالوهاب. والسنباطي واحمد رامي وابراهيم ناجي. اما الان فنحن في زمن الاضمحلال.. تربع علي الساحة انصاف الفكر.. الذين لايعرفون الا مخاطبة جسد المرأة فقط وهذا يعود الي بعد جيل الشباب المنوط به العمل الادبي أو الابداعي عن الكتاب.. خاصة كتب التراث التي تثقل الاديب بالقيم والمعلومة وتفتح ذهنه الي افاق رحبة للابداع. ويضيف الدكتور سلمان : الاداة الاولي لاي اديب هي اللغة فهي المجال الذي يغوص فيه المبدع ليستخرج منها كنوز الادب هذه الاداة الاولي تصبح لدي الجيل الجديد.. شيئاً هامشاً فكيف يبدع؟ فاقد الشئ لايعطيه. فمعظم من علي الساحة استهل اللغة العامية في كتاباته للخروج من مأذق اللغة العربية الذي يجهلها. ولذلك اذا لم يصقل الشباب انفسهم بالاطلاع ومصادقة كتب التراث. ودراسة اللغة العربية بعظمتها فسوف نأن ويأن الادب العربي تحط وطأة الاسفاف واللغة الشعبية وسوف نظل نحرث في البحر ونعيش عصر الابداع السينمائي الهابط. صعود وهبوط يضيف المبدع محمد سيد مؤلف مسلسل طلعت حرب وقاسم امين الحالة الابداعية لاتنفصل عن صعود وهبوط المجتمع ككل. فالادباء هم شريحة من المجتمع الذين يعيشون فيه. فإذا نظرنا للمجتمع المصري في الزمن السابق او الاسبق. والامن الان ففي السابق كان باع اقل فرد في مصر.. حفظ القرآن الكريم فقط. وهو الجوهر الذي ولد المبدعين والصف المبدع والملهم أما الان فانظر لثقافة المجتمع التي خربت بفعل فاعل او منع عنها الماء فاوشكت علي الذبول هذه البيئة هي التي افرزت مبدعي اليوم او هي التي ساعدت علي نظرة المبدعين الاشداء الاقوياأ الممتكئين من لغة ابداعة رغم ان وسائل الجيل الجديد اكبر وايسر بكثير مما سبق. ويضيف التاريخ العربي وعلي وجه الخصوص يفيض بالاعمال الدرامية المبهجة وكل ذلك يحتاج لادباد ومبدعين وكتاب قصة وسيناريو كي يستخرجوا من هذا التراث ما يعلي من قيمة الانسان ويرسخ فضيلة العزة لدي الشعوب.