تعد تجربة الجمعية الشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة المحمدية في تحفيظ القرآن الكريم فريدة من نوعها وقد أسهمت في تخريج مئات الآلاف من حفظة ومحفظي القرآن عبر عمرها المديد الذي يزيد عن المائة عام . هذا التحقيق يعرض للتجربة وأسباب نجاحها وركائزها والياتها لعلها تكون نموذجا يحتذي به لدي كل محبي القرآن .. يوضح الدكتور محمد المختار المهدي . الرئيس العام للجمعية . أن تحفيظ القرآن مرتبط بالجمعية منذ نشأتها قبل أكثر من مائة و ثلاث سنوات . وقد تطور وتضاعف عدد مكاتبه لتبلغ حاليا 1906 مكاتب وتقيم الجمعية الشرعية حفلا سنويا ويتم الاختبار حفظا وتلاوة وأحكاما وتجويدا ويحصل الفائزون علي جوائز مادية وهدايا عينية بتكلفة تصل إلي 250 ألف جنيه سنويا. أوضح أن الجمعية تقدم رعاية خاصة لكل حفظة ومحفظي القرآن ويزداد هذا الاهتمام ويتضاعف مع الأيتام من حفظة القرآن الكريم وأمهاتهم حيث يتم توفير كل أوجه الرعاية المادية والمعنوية والطبية لأنهم مسجلين في مشروع الطفل اليتم الذي يضم قرابة الثلاثة أرباع المليون. تشجيع متواصل أوضح الشيخ مصطفي إسماعيل . الأمين العام للجمعية بأنه يتم تشجيع حفظة ومحفظي القرآن الكريم من خلال مسابقة سنوية يتم الإعلان عنها علي مستوي الجمهورية ويتم إعلان أماكن التقديم والاختبار بالمحافظات من خلال مقر الفرع المركزي للجمعية الشرعية بكل محافظة. وأشار إلي أن هناك عدة مستويات للمسابقة أولها مستوي حفظ القرآن الكريم كاملاًپ حتي سن 15 سنة . أما المستوي الثاني20 فهو حفظ 20 جزءا حتي سن 15 سنة أما المستوي الثالث فهو حفظ عشرة أجزاء حتي سن 12 سنة أما المستوي الرابع فهو حفظ خمسة أجزاء حتي سن 10 سنوات. وعن الفئات المشاركة لدخول المسابقة قال الشيخ مصطفي إسماعيل : هم أبناء الجمعية من الأيتام وطلاب العلم وأبناء عموم المسلمين من غير الأيتام المسجلين بمكاتب التحفيظ التابعة لفروع الجمعية الشرعية بالجمهورية وذلك بعد أن يتم استيفاء شروط المسابقة وأهمها : أن يقوم مشرف القرآن الكريم بالمحافظة بتقديم كشف بأسماء المتسابقين المرشحين بجميع المستويات في موعد أقصاه اجتماع مشرفي القرآن الكريم غرة جمادي الآخرة 1435ه الموافق 1 أبريل 2014م. ولا يجوز للمتسابق الترشح للمسابقة أكثر من مرة طالما كُرم في الأعوام الماضية بالجمعية الشرعية الرئيسية أو المحافظة. وبالنسبة للمستوي الأول يقوم مشرف القرآن الكريم بمتابعة وحضور التصفيات الأولية باختبار المتقدمين وتصفيتهم حتي يتقدم إلي الاختبار المستوي المتميز فقط.وبالنسبة للمستوي الثاني والثالث والرابع تتم التصفيات الأولية داخل المحافظة ويتم ترشيح ثلاث متسابقين من كل مستوي علي أن يتم اختبارهم وتحديد المركز الأول بكل مستوي بمعرفة لجنة اختبار الجمعية الشرعية الرئيسية في اليوم المحدد للتصفيات النهائية بالمحافظة. وأنهي كلامه بالتأكيد علي انه سيتم عمل حفل لتكريم الفائزين علي مستوي الجمهورية بالمقر الرئيسي للجمعية الشرعية الرئيسية بمسجد الرحمة المهداة في الجمعة الثانية من شهر رمضان في حضور قيادات الجمعية برئاسة الدكتور محمد المختار المهدي . آلية متميزة يؤكد الشيخ حسن أبو صُليب- رائد المشروعات بالجمعية الشرعية الرئيسية أن القرآن الكريم هو المنهج الذي ارتضاه الله لعباده. وأمرهم بتلاوته والعمل به والدعوة إليه. وأن فيه ما ينفع الناس في الدنيا والآخرة ويبين أن الله عز وجل أثني علي التالين لكتابه الكريم فقال: ¢إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورى شَكُورى¢ وأوضح أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه هو أكثر كمالاً لأنه مكمِّل لنفسه ولغيره. جامع بين النفع القاصر علي نفسه والنفع المتعدي إلي غيره ولذلك قال صلي الله عليه وسلم ¢خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه¢ ولهذا فقد يسّر الله سبحانه وتعالي تلاوة القرآن وحفظه لعباده فقال تعالي: ¢ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُّدَّكِر¢ ولهذا نجد الطفل الصغير والأعجمي وغيرهما يقبل علي حفظ القرآن لتيسير الله له ذلك رغم أنه لا يعرف من العربية ولا الكتابة شيئًا ولهذا حث الإسلام علي حفظ شيء من القرآن ولو كان يسيرًا وأن يجتهد في الزيادة عليه. ويوضح الشيخ ¢أبو صليب¢ أن الجمعية الشرعية من هذا المنطلق. عملت ومنذ نشأتها قبل ما يزيد علي مائة عام علي العناية بكتاب الله تلاوة وفهمًا وحفظًا وتدبرًا فقامت بإنشاء كتاتيب لتحفيظ القرآن الكريم بالمجان وهذه الكتاتيب تنتشر علي مستوي محافظات الجمهورية. وللعلم فإن محافظة الفيوم تأتي في المرتبة الأولي من حيث عدد المكاتب وإتقان الحفظ. وبها 225 مكتبًا. ثم محافظة سوهاج وبها 127 مكتبًا. وللعلم فإن مرتبة الثالثة فتأتي فيها محافظتا المنيا وقنا بواقع 118 مكتبًا بكل منهما. وعن الهيكل الإداري لمشروع تحفيظ القرآن بالجمعية يشير الي أنه يقوم علي مشرف عام المحافظة فهو يضع الخطط مع مشرف عام المشروع النوعي في المحافظة لتطبيق هذا المشروع ودعمه حتي يكون هو المشروع القومي في المحافظة. ومن خلال الخطط تضع الفروع رؤية ورسالة المشروع في النهوض بالأمة من كبوتها وإعداد جيل من أبناء المسلمين يكونون قادة المستقبل. ويتعاون معه مشرف القرآن الكريم بالمحافظة ويراعي في اختياره أن يكون حافظًا لكتاب الله. لين الطبع. هادئاً في مناقشاته مع إخوانه وتتلخص مهامه فيما يلي: - قيادة المشروع بالمحافظة بحكمة واقتدار. پ- توصيل منهج الجمعية الشرعية في النهوض بالمشروع وتطبيقه كما ينبغي. - القيام بتنفيذ تكليفات الجمعية الرئيسية في المشروع بكل دقة. - إعداد القيادات والمساعدين من المشرفين علي جميع الأصعدة. - المشاركة في تطوير المشروع بضوابط التطوير التي تعدها الجمعية الشرعية. - رفع المبادرة في العمل بالمشروع واستحضار روح الدعوة والفهم الصحيح والاستيعاب الدقيق لمنهج الجمعية الشرعية الرئيسية. - حضور اجتماع الجمعية الرئيسية واجتماع المحافظة واجتماعات القطاعات لمتابعة المشروع. - الزيارات المستمرة لمكاتب التحفيظ. - عقد اجتماع شهري للمشروع يحضره معلمو القرآن الكريم والمشرفون المحتسبون في الفروع. كما أن لدينا مشرف القرآن الكريم بالقطاع:يؤخذ في مواصفاته ومهامِّه ما يخص مشرف المشروع بالمحافظة. ويزاد عليها: - زيارة مكاتب التحفيظ وكتابة التقارير اللازمة عن الزيارات. - حصر كامل للقطاع ليتعرف من خلاله علي مواطن القوة والضعف. - حصر الأيتام وطلاب العلم داخل المكاتب والعمل علي زيادة أعدادهم. - توجيه المكاتب إلي ضوابط العمل بالجمعية الشرعية. - اختبار المحفظين الجدد. ويفضل أن يكونوا من خريجي الأزهر ومعاهد القراءات. - تقديم تقارير الزيارات لمشرف المشروع بالمحافظة. ركائز النجاح عن ركائز المشروع يوضح الشيخ أشرف مصطفي- مشرف عام القرآن الكريم علي مستوي الجمهورية- أن مشروع القرآن الكريم يقوم علي ست ركائز هي : - الأولي: المكان: فمن الوسائل والطرق التي تساعد علي الإبداع في حلقات تحفيظ القرآن الكريم توفير المكان المناسب» ولا يوجد مكان أفضل من المسجد أو مكان ملحق بالمسجد حتي يلتزم الطلاب بالآداب العامة في المعاملات والأخلاق. ويتعلموا المحافظة علي الصلوات في المساجد. - الثانية: المعلم: هو المحرك الأساسي لهذا المشروع. والمهمة الأولي عليه تأسيس الطالب الذي يأخذ عنه القرآن ولذا يجب الاهتمام به من الناحية العلمية وذلك عن طريق اختبار المعلم من لجنة القرآن الكريم بالجمعية الشرعية الرئيسية وإعداد المعلم بعد اجتيازه من خلال دورات تدريبية يحاضر فيها أساتذة تربويون متخصصون في مجالات علوم القرآن وفي التنمية البشرية حتي يستطيع المعلم أن يتواصل مع طلابه جيدًا ومنح المعلم المكافأة التي تليق به ومتابعة كفاءة المعلمين وتقييم مهاراتهم.إخلاص النية لله عز وجل والصدق فيها فهذا الشرط هو العمود الفقري لنجاح أي مشروع. الثالثة: المشرف المحتسب: ويكون أحد أعضاء مجلس إدارة الفرع أو المكتب وله دور حيوي حيث إنه المسئول الأول عن تنظيم مكتب تحفيظ القرآن الكريم لذا يجب أن يتوافر فيه بعض الشروط: - أن يكون حافظًا قدرًا كافيًا من القرآن الكريم "نصف القرآن". - أن يكون عالمًا بسنة النبي صلي الله عليه وسلم عاملاً بها مظهرًا ومخبرًا. - الكفاءة والفاعلية في النهوض بمكتب تحفيظ القرآن الكريم. - الاتصال الجيد مع أولياء الأمور وربطهم بالمشروع. - الاتصال الجيد مع أهل الفضل وذلك لتوفير الدعم المادي اللازم للمشروع. عن مهام المشرف المحتسب قال الشيخ أشرف مصطفي : له العديد من المهام تتلخص فيما يلي: - متابعة أداء المعلم في مكتب التحفيظ من حيث الانتظام بالمواعيد المقررة وكيفية تربية الطلاب. والتواصل معهم. ومتابعة مدي التزام المعلم الأخلاقي والاجتماعي مع الطلاب. - عمل الاجتماعات اللازمة لأولياء الأمور وربطهم بالمشروع. - حضور اجتماع القرآن بالقطاع والمحافظة. - عمل دفاتر الحضور والانصراف لانتظام الطلاب داخل المكاتب. - الركيزة الرابعة : الطلاب : وهم مادة البناء في المشروع إن اكتملت نجح المشروع وازدهر وآتي ثماره. وعليه يجب الاهتمام بهم اهتمامًا خاصًا. وقد حددت الجمعية الشرعية أعداد الطلاب داخل المكاتب 25 طالبًا لا غير حتي يتسني للمعلم التواصل والمتابعة الجيدة لهم داخل الحلقات ومكاتب تحفيظ القرآن الكريم تقوم أولاً علي أبنائها المقيدين بمشروعَيْ ¢الطفل اليتيم¢ و¢طالب العلم¢ ولا حرج أن يلتحق بالمكاتب أبناء المسلمين بعد الفترة المخصصة للأيتام وطلاب العلم ولقد كان التركيز الشديد علي أبنائنا الأيتام في مكاتب تحفيظ القرآن الكريم لأنهم أمانة في أعناقنا فوجب علينا تربيتهم والاهتمام بهم لأن المحك الأساسي في مشروع ¢الطفل اليتيم¢ هو التربية والإعداد وهذا ما أكد عليه القرآن الكريم في قوله تعالي: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَي قُلْ إِصْلاحى لَهُمْ خَيْرى". - الخامسة : الأسرة: الاهتمام بها ضروري لأنه هو المحضن الذي يقدم مادة بناء المشروع. فيتم العمل علي توعية أمهات الأيتام بضرورة الاهتمام بتربية الأطفال علي القرآن الكريم وأن تعرف الأمهات أن قدر الواحدة منهن عند الله عز وجل يكون بتربية أولادها تربية صالحة علي كتاب الله وهذا التواصل يتحقق من خلال مشروع ¢رعاية أمهات الأيتام¢ عن طريق الأخوات العاملات في هذا المشروع فتتواصل الأخت المشرفة مع الأم لمتابعة أولادها في الانضمام لمكتب تحفيظ القرآن الكريم. - السادسة : المنهج: وهو ما يحقق الهدف من مشروع القرآن الكريم هو تخريج جيل مسلم يحمل هم الدين لذا ينبغي أن لا يقتصر دور المكاتب علي تحفيظ القرآن لأننا لا نريد أن نخرِّج للأمة حفاظا يقرأون القرآن في المآتم وعلي القبور ولذلك كان لابد من وضع منهج للقرآن الكريم تسير عليه المكاتب علي مستوي الجمهورية. والمنهج الذي وضعته الجمعية الشرعية الرئيسية يقوم علي محاور هي: 1- تحفيظ القرآن الكريم في فترة خمس سنوات من خلال وضع جدول زمني للحفظ يراعي فيه حفظ الجديد ومراجعة الماضي مراجعة مستمرة حتي يكون القرآن حاضرًا لدي الطلاب في أي وقت. كما يراعي أيضًا الفروق الفردية واختلاف نسبة الذكاء والاستيعاب بين الطلاب. 2- دراسة معاني القرآن الكريم. 3- حفظ بعض أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم علي مدار السنوات الخمس حديث كل سنة. 4- دراسة الأخلاق والمعاملات بصورة مبسطة حتي يخرج للأمة من يحفظون القرآن حفظًا صحيحًا فيكونون كما جاء في وصف النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان ¢قرآنًا يمشي علي الأرض¢.