أواصل حديثي معكم عن معني الإيمان فما سبق أن ذكرناه هو ما أراد أن يؤصله لنا الإمام البخاري -رحمه الله- بأن كل الأعمال تدخل ضمن مسمي الإيمان وكلام السلف في هذه المسألة طويل جدا ومشهور من الله عليهم بالفهم الصحيح للقرآن والسنة لأنهم رأوا النبي وعاصروا النبي وسمعوا منه حتي ابن مسعود يقول: ¢ما من آية في كتاب الله نزلت إلا وأنا أعلم أين نزلت ومتي نزلت وفيما نزلت ولو أعلم أحدا تدركه المطايا أعلم مني بكتاب الله لركبت إليه¢ هذا فقيه الأمة المعلم من قبل الله بدعوة رسول الله ¢اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل¢پ توقف عند هؤلاء الأطهارپوهؤلاء العمالقة. يقول الإمام ابن القيم ¢وهل أوقع القدرية والمرجئة والخوارج والمعتزلة والروافض وسائر طوائف أهل البدع فيما وقعوا فيه إلا سوء الفهم عن الله ورسوله؟¢ ما سبب المصائب إلا سوء الفهم عن الله ورسوله؟ فلابد من الفهم الصحيح عن الله وعن رسول الله وكيف تحصل هذا الفهم الصحيح؟ أن تقف مع فهم أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم-. الحالة الثانية للإيمان. وهي أن يذكر الإيمان مقترنا بالإسلام وفي هذه الحالة يراد بالإيمان أعمال الباطن والإسلام يراد به أعمال الظاهر. إذن فإذا ذكر الإسلام مقترنا بالإيمان. فإنه يراد بالإيمان أعمال الباطن ويراد بالإسلام أعمال الظاهر. تدبروا معي الأدلة علي هذه الحالة أيضا ورد في الحديث الذي رواه أحمد وأبو يعلا والبزار وابن أبي شيبة في مصنفه وقال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح. لكن للأمانة العلمية. لما توقفت مع الحديث رأيت في سند هذا الحديث علي ابن مسعدة ووثقه ابن حبان وضعفه آخرون من أهل الجرح والتعديل عن أنس بن مالك -رضي الله عنهما قال: ¢الإسلام علانية والإيمان في القلب¢. خذ هذا الحديث الآخر: قول النبي -صلي الله عليه وسلم- في دعاء الجنازةپ ¢اللهم من أحييته منا فأحيه علي الإسلام ومن توفيته منا فتوفه علي الإيمان¢ وذلك لأن الأعمال بالجوارح يتمكن منها المرء في الحياة. يحيي علي أعمال الجوارح يعني علي أعمال الإسلام. لكن لما يدخل القبر يكون علي أعمال القلب الذي هو الإيمان والحديث رواه أبو داوود والترمذي وابن ماجة وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحافظ في مستدركه وقال صحيح علي شرط الشيخين وأقره الذهبي وهو كذلك. وبالجملة فإن الإسلام والإيمان لفظتان إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا. إذا اجتمعا افترقا فأصبح للإسلام معني وللإيمان معني وإذا افترقا اجتمعا. فأصبح معني الإسلام هو معني الإيمان. المسألة الثالثة أن الإيمان يزيد وينقص وهذه أيضا من المسائل الهامة جدا وهي قاعدة من قواعد معتقد السلف أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد بالطاعات وأن الإيمان ينقص بالمعاصي والزلات تدبر الأدلة معي علي هذا الأصل تدبر معي قول الله عز وجل: {لِيَزْدَادُوَا إِيْمَانا مَّعَ إِيْمَانِهِمْ} [الفتح: 4] فأثبت لهم الإيمان وأثبت لهم الزيادة وأثبت لهم زيادة علي أصل الإيمان. وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الجميل الذي رواه مسلم من حديث حنظلة الأسيدي -رضي الله عنه- وكان حنظلة من كُتاب الوحي تدبر هذا كان حنظله من كتاب الوحي وهؤلاء لهم مرتبة عالية جدا يعني رجل يستأمن علي قرآن الملك. الرسول كان أميا لا يقرأ ولا يكتب فاستأمن رجالا يملي عليهم ما يمليه جبريل فيكتبون عن النبي البشير النذير. عن جبريل. عن رب العالمين أعلي رتبة. فحنظله رضوان الله عليه. والحديث في صحيح مسلم مشهور لقيه أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- فقال: كيف أنت يا حنظلة؟ فقال حنظلة: نافق حنظلة يا أبا بكر. فقال الصديق -رضي الله عنه-: سبحان الله. ما تقول؟!پ قال حنظلة: قلت نكون عند رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يذكرنا بالجنة والنار حتي كأنا رأي عين "كأننا نري الجنة والنار رأي العين "فإذا خرجنا من عند رسول الله -صلي الله عليه وسلم- عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ونسينا كثيرا. هذه طبيعة البشر وهذه كانت طبيعة أفضل الخلق بعد الرسل. وهم أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام. فقال أبو بكر رضوان الله عليه: فو الله إنا لنلقي مثل هذا يا حنظلة" أنا كذلك معك في هذه المسألة. الصديق رضوان الله عليه!!. فيقول: فانطلقت أنا وأبو بكر حتي دخلنا علي المصطفي فقلت: نافق حنظله يا رسول اللهپ فقال: وما ذاك؟ قلت: يا رسول الله. نكون عندك تذكرنا بالجنة والنار حتي كأنا رأي عين. فإذا خرجنا من عندك عافسناپالأزواج والأولاد والضيعات. ونسينا كثيرا. فقال المصطفي -صلي الله عليه وسلم-: ¢والذي نفسي بيده. لو تدومون علي ما تكونون عليه عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة علي فرشكم وفي الطرقات ولكن يا حنظلة. ساعة وساعة¢پ قالها النبي 3 مرات. طبعا هناك من الناس من يفهم الحديث الآن ب ¢ساعة لقلبك وساعة لربك¢پ وهذا باطل لكن تدبر الحديث لتعلم معني كلام النبي: عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات أي نلعب مع أزواجنا وأولادنا وباشرنا تجارتنا والأموال والأرباح ونسينا كثيرا مفهوم الحديث واضح جدا: ليس هناك مانع أن تبكي وأنت عند النبي وتخضل لحيتك من البكاء إذا ما ذكرت بالجنة والنار. والساعة الثانية. حين تعود . العب مع الزوجات والأولاد وانشغل بالتجارة. من هذا الحديث نستنتج أن الإيمان يزيد بالطاعات وينقص بالبعد عن بيئة الإيمان أنظر لما كانوا عند النبي علي أي حال كانوا. البكاء والخشوع والرقة. لكن لما بعدوا عن هذه البيئة. بيئة الإيمان والطاعة. يقل الإيمان في القلب. وللحديث بقية أن شاء االله