رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتفقد إحدى الوحدات الفنية التابعة للمدرعات    شائعات التشكيل الوزارى!    "الأعلى للإعلام": حجب جميع المنصات التي تعمل بدون ترخيص خلال 3 أشهر    إطلاق صندوق استثمار شفاء الأورمان الخيرى بصعيد مصر    وزير المالية: اتخذنا خطوات فعَّالة لتحسين بيئة الأعمال في مصر وتحفيز الاستثمار    وزير التجارة يبحث مع نظيره الإندونيسي فرص تعزيز التعاون بين البلدين    بريطانيا: ارتفاع مفاجئ في معدل البطالة يصيب سوق الوظائف بالوهن مجددا    المنتدى الدولي للفن التشكيلي من أجل التنمية ينٌظم معرضا فنيا للأعمال المعاد تدويرها بقصر السلطانة ملك    الرئيس يؤكد على مساندة السلطة الفلسطينية للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني    روسيا: تدمير مقاتلتين أوكرانيتين من طراز سو-27 و سو-25 في مطاراتها    «الدفاع الروسية» تكشف أسباب تحطم طائرة "سو-34" خلال طلعة تدريبية    سيغيب عن أول مباراة في يورو 2024.. منتخب بولندا يكشف تفاصيل إصابة ليفاندوفسكي    يلا كورة يكشف.. الأهلي ينتظر اختيارات ميكالي لتحديد موقفه في الدوري    إنييستا: تعاقد برشلونة مع صلاح كان ليكون مميزا    قائمة منتخب سلوفاكيا النهائية في يورو 2024 قبل انطلاق البطولة    رغم أزمة المنشطات، بيراميدز يجدد عقد رمضان صبحي 5 سنوات    ما شروط وتفاصيل التقديم لمدرسة السويدي للتكنولوجيا التطبيقية؟    تأييد السجن المشدد للمتهم بقضية أحداث شغب السلام    قبل أيام من عيد الأضحى.. تفتيش 81 منشأة غذائية وضبط 22 جهة تعمل بدون ترخيص في الإسكندرية (صور)    عيد الأضحى في المغرب.. عادات وتقاليد    "هو اللي جه سلم عليا".. أول تعليق من ليلى علوي بعد تعرضها لموقف محرج من عمرو دياب    نشوى عزام ل"البوابة نيوز": المعرض العام 44 حدثا تشكيليا يليق بالفن المصرى    5 أعمال ثوابها يعادل أجر الحج والعمرة.. تعرف عليها    رئيس هيئة الدواء يكشف: لا توجد زيادة موحدة لأسعار الأدوية.. 95% من إنتاج مصر للقطاع الخاص، ويحذر من التلاعب بالتسعير الجبري وهامش ربح الصيدليات    الصحة: إدراج 45 مستشفى بالبرنامج القومي لمكافحة المقاومة لمضادات الميكروبات    ننفرد بنشر الصور الأولى لشقيق لاعب الأهلي محمود كهربا بعد القبض عليه    «وليال عشر» قصيدة للشاعر صبري الصبري    بدائل الثانوية العامة.. شروط الالتحاق بمدرسة الضبعة النووية بعد الإعدادية (رابط مباشر للتقديم)    «220 درجة».. محافظ أسوان يعتمد تنسيق القبول بالثانوي العام والفني 2024 /2025    هيئة الرعاية بالأقصر تكرم 111 فردا من قيادات الصف الثاني بالمنشآت التابعة لها    أهم النصائح والإرشادات للحاج للمحافظة علي صحته خلال تأدية المناسك    رئيس الضرائب: المصلحة تذلل العقبات أمام المستثمرين السنغافوريين    الأسماك النافقة تغطي سطح بحيرة في المكسيك بسبب الجفاف وموجة الحر    تطوير وصيانة وإنتاج خرائط.. وزير الري يكشف عن مجهودات توزيع المياه في مصر    إصابة 12 في حادث إنقلاب سيارة بطريق أسيوط الغربي بالفيوم    نجم الزمالك السابق يفتح النار على حسام حسن.. «إنت جاي تعلمنا الأدب»    حكم كثرة التثاؤب أثناء الصلاة وقراءة القرآن.. أمين الفتوى يوضح    تطوير مستشفى مطروح العام بتكلفة مليار جنيه وإنشاء أخرى للصحة النفسية    للمرة الأولى بالحج..السعودية تدشّن مركز التحكم والمراقبة لمتابعة حركة مركبات بمكة المكرمة    رئيس جامعة بني سويف يرأس عددا من الاجتماعات    تفعيل الأنشطة الصيفية بمدارس القاهرة للعام الدراسي 2024    مجد القاسم يطرح ألبوم "بشواتي" في عيد الأضحى    ما هو يوم الحج الأكبر ولماذا سمي بهذا الاسم؟.. الإفتاء تُجيب    رضا البحراوي يُحرر محضرًا ضد شقيق كهرباء بقسم المعادي    إيلون ماسك: سأحظر أجهزة آيفون في شركاتي    محاولات للبحث عن الخلود في "شجرة الحياة" لقومية الأقصر    وزير النقل يوجه تعليمات لطوائف التشغيل بالمنطقة الجنوبية للسكك الحديدية    محمد أبو هاشم: العشر الأوائل من ذى الحجة أقسم الله بها في سورة الفجر (فيديو)    بن غفير: صباح صعب مع الإعلان عن مقتل 4 من أبنائنا برفح    الدولار يقترب من أعلى مستوياته في شهر أمام اليورو    طائرته اختفت كأنها سراب.. من هو نائب رئيس مالاوي؟    وفاة المؤلف الموسيقي أمير جادو بعد معاناة مع المرض    عصام السيد: وزير الثقافة في عهد الإخوان لم يكن يعرفه أحد    موعد ومكان تشييع جنازة وعزاء الفنانة مها عطية    فلسطين.. إضراب شامل في محافظة رام الله والبيرة حدادا على أرواح الشهداء    مختار مختار: غينيا بيساو فريق متواضع.. وحسام حسن معذور    سيد معوض يتساءل: ماذا سيفعل حسام حسن ومنتخب مصر في كأس العالم؟    فلسطين.. شهداء وجرحى جراء قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما بكي رسول الله

يظن البعض أن البكاء لا يصدر إلا من ضعيف. وأن البكاء من خصال وصفات النساء. وأن الرجل القوي الشجاع لا يبكي. وكل هذا غير صحيح.
فاسمعوا شيئاً عن البكاء. قال الله تعالي مادحاً بعض عباده المؤمنين وهم أولئك الذين يتأثرون إذا تليت عليهم آيات الرحمن. فبكوا من خشية الله: "قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُواْ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَي عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا" "107-109" "سورة الإسراء".
وقال -عز وجل-: "أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحي وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَي عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا" "58" سورة مريم".
ولقد كان أقوي الناس وأشجع الناس رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يبكي في بعض المواطن. وكانت عيناه تهملان بالدموع أحياناً. ويسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل.
فكان أحياناً يبكي في الصلاة. كما في سنن أبي داود بسند صحيح عن عبد الله بن الشَّخيّر -رضي الله عنه- قال: "أتيت رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء". وتارة كان يبكي رحمة للميت. عن عائشة -رضي الله عنها-: "أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قبَّل عثمان بن مظعون وهو ميت وهو يبكي وعيناه تهرقان".
ولما مات ولده إبراهيم دمعت عيناه وبكي رحمة له وقال: "تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون".
وتارة كان بكاؤه -عليه الصلاه و السلام- خوفاً علي أمته وشفقة عليها. كما في الصحيح أنه انكسفت الشمس فقام رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وصلي صلاة الكسوف وجعل يبكي في صلاته وينفُخ ويقول: "رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم رب ألم تعدني ألا تعذبهم وهم يستغفرون. ونحن نستغفرك".
وتارة كان بكاؤه إذا سمع القرآن. وذلك لما طلب من عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه القرآن. فقال له عبد الله اقرأ عليك وعليك أنزل. قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري". يقول عبد الله بن مسعود: فقرأت عليه سورة النساء حتي بلغت قوله تعالي: "فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةي بِشَهِيدي وَجِئْنَا بِكَ عَلَي هَؤُلاء شَهِيدًا" "41" سورة النساء. قال: فرأيت عيني رسول الله تهملان.
فليس بصحيح أن البكاء يدل علي ضعف الرجل وخوره. وأنه من الصفات الخاصة بالنساء. وقد عُرف عن صديق هذه الأمة أنه كان رجلاً بكاءً لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن. بل قد يبكي الرجل في موطن يكون فيه هو أذكي الناس. كما بكي أبو بكر -رضي الله عنه- عندما خطب رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وقال في خطبته: "بأن الله خير عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عند الله". يقول راوي الحديث: فعجبنا لبكائه. فالصِديق لم تخرج دموعه هنا إلا عندما استشعر حقيقة فقدان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وأنه قد قرُب أجله. فخرجت تلك الدمعة الصادقة تعبر عن نفسها وكان لسان حاله يقول:
ولو شئت ان ابكي دماً لبكيته ** عليهِ ولكن ساحه الصبر أوسعُ
روي الترمذي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم - : "لا يلج النار رجل بكي من خشية الله تعالي حتي يعود اللبن في الضرع ولا يجتمع علي عبد غبار في سبيل الله تعالي ودخان جهنم".
يقول الإمام العلامة. شمس الدين ابن القيم -رحمه الله- والبكاء أنواع:
الأول: بكاء الرحمة والرقة.
والثاني: بكاء الخوف والخشية.
والثالث: بكاء المحبة والشوق.
والرابع: بكاء الفرح والسرور.
والخامس: بكاء الجزع من ورود المؤلم وعدم احتماله.
والسادس: بكاء الحزن.
والفرق بينه وبين بكاء الخوف أن بكاء الحزن يكون علي ما مضي من حصول مكروه أو فوات محبوب. وبكاء الخوف يكون لما يتوقع من المستقبل من ذلك. والفرق بين بكاء السرور والفرح وبكاء الحزن: أن دمعة السرور باردة والقلب فرحان. ودمعة الحزن حارة والقلب حزين.
والسابع: بكاء الخور والضعف. والثامن: بكاء النفاق. وهو أن تدمع العين والقلب قاسي . فيظهر صاحبه الخشوع وهو من أقسي الناس قلباً.
والتاسع: البكاء المستعار والمستأجر عليه. كبكاء النائحة بالأجرة. فإنها كما قال عمر بن الخطاب: ¢تبيع عبرتها وتبكي شكو غيرها¢.
والعاشر: بكاء الموافقة. وهو أن يري الرجل الناس يبكون لأمر ورد عليهم فيبكي معهم. ولا يدري لأي شيء يبكون. ولكن يراهم يبكون فيبكي.
وما كان منه مستدعيً متكلفاً فهو التباكي. وهو نوعان: محمود ومذموم. فالمحمود أن يستجلب لرقة القلب ولخشية الله. لا للرياء والسمعة. والمذموم: أن يجتلب لأجل الخلق.
وقال عمر للنبي -صلي الله عليه وسلم- وقد رآه يبكي هو وأبو بكر في شأن أساري بدر:"أخبرني ما يبكيك يا رسول الله. فإن وجدت بكاءً بكيت. وإن لم أجد تباكيت لبكائهما" ولم ينكر عليه -صلي الله عليه وسلم- ذلك. وقد قال بعض السلف: ¢ابكوا من خشية الله فإن لم تبكوا فتباكوا¢.
ان بكاء الشخص أحياناً لا يكون دليلاً علي صدق حاله أو مقاله. ويدل علي ذلك قوله تعالي في سورة يوسف: "وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ" "16" سورة يوسف. فإن أخوة يوسف تصنعوا البكاء ليصدقهم أبوهم مع أنهم كانوا كاذبين فيما يقولون.
يذكر بأنه كان هناك رجل يصطاد العصافير والطيور. ثم يمسكها ويكسر أرجلها وأجنحتها ثم يتركها. وكان هذا عمله دائماً. وفي إحدي المرات اصطاد مجموعة من هذه العصافير وكان يوماً بارداً. ومن شدة البرودة وشدة الرياح كانت عيناه تدمعان وهو يكسر الأرجل والأجنحة. فتقول إحدي العصافير لزميلتها وهما ينتظران دورهما في الكسر: انظري إلي رحمة هذا الرجل ورقة قلبه علينا. وكيف أنه يبكي وعيناه تدمعان. فتجيب الأخري: لا تنظري إلي دمعة عيناه. ولكن انظري إلي ما تفعل يداه.
قال الله تعالي: "وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ".
وعن عدي بن حاتم -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: "اتقوا النار" قال: وأشاح ثم قال: "اتقوا النار" ثم أعرض وأشاح ثلاثاً حتي ظننا أنه ينظر إليها. ثم قال: "اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة". "أخرجه البخاري ومسلم". وروي مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. عن النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: "مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهَا جَعَلَ الْفَرَاشُ وَهَذِهِ الدَّوَابُّ الَّتِي فِي النَّارِ يَقَعْنَ فِيهَا وَجَعَلَ يَحْجُزُهُنَّ وَيَغْلِبْنَهُ فَيَتَقَحَّمْنَ فِيهَا قَالَ فَذَلِكُمْ مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ أَنَا آخِذى بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ هَلُمَّ عَنْ النَّارِ هَلُمَّ عَنْ النَّارِ فَتَغْلِبُونِي تَقَحَّمُونَ فِيهَا".
ومقصود هذا الحديث كما ذكره النووي -رحمه الله- ¢أنه -صلي الله عليه وسلم- شبّه تساقط الجاهلين والمخالفين لأمر الله بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم علي الوقوع في ذلك من منعه إياهم وقبضه علي مواضع المنع منهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وكلاهما حريص علي هلاك نفسه ساع في ذلك بجهله
تأمل يا عبد الله إذا جيء بجهنم إلي الموقف. تقاد بسبعين ألف زمام. مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها قال الله تعالي: "وَجِيءَ يَوْمَئِذي بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذي يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّي لَهُ الذِّكْرَي * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي * فَيَوْمَئِذي لَّا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدى * وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدى" "23-26" سورة الفجر عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "يؤتي بجهنم لها سبعون ألف زمام. مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها" "رواه مسلم".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.