منذ فترة طويلة وأصوات الكثيرين تنادي بضرورة استقلال الأزهر وتحرره من قيود السلطة بحيث يؤدي وظيفته داخل المسجد بحرية تامة تبيح له تثقيف الناس دينيا دون خوف وطالب أصحاب هذا الرأيپپبضرورة استقلال الأزهر والعودة به إلي عهوده الزاهرة كخط دفاع عن الاسلام والمسلمين وتحصينهم ضد الآفات الإجتماعية والسياسية التي تضرب المجتمع بين الحين والآخر. "عقيدتي" ترصد من خلال التحقيق التالي أهم سبل تحرير الأزهرپمن خلال أراء العلماء: يقول د.عبد المقصود باشا أستاذ ورئيس قسم التاريخ الاسلامي بجامعة الأزهر إن استقلال الداعية لابد أن يبدأ من الأزهر لأن استقلال الأزهر يعني ببساطة استقلال كل ما يرتبط بالدعوةپوالدعوة إلي استقلال الأزهر عن الدولة مطلوبة جداً لأنها ستحوله إلي مؤسسة مستقلة وستعيد إليه صفة العالمية ومصداقية كبري لدي العالم الإسلامي. وهذا الاستقلال سوف يؤدي بالأزهر أن يقوم بدوره بكل حرية دون تدخل من جهات أخري. وستؤدي لعودة المصداقية إلي الأزهر كمؤسسة وسطية معتدلة تؤثر في العالم الإسلامي. وسوف يكون قادراً علي حل الخلافات الإسلامية علي مستوي العالم الإسلامي من خلال الوعظ والإرشاد. وحتي نضمن له الاستقلالية في إبداء الرأي يجب أن يكون مستقلاً وليس تابعاً. فالأزهر كان وما زال وسيظل قبلة العلم للمسلمين في العالم والحارس الأمين علي الإسلام وتعاليمه. وهنا يجب التنبيه علي أن تطوير التعليم الأزهري بكافة مراحله بما فيها المرحلة الجامعية أمر مطلوب ويتم القيام به في إطاره الموضوع له. دون الإخلال بالرسالة العامة للأزهر جامعاً وجامعة. الوصاية المرفوضة يطالب د.باشا بضرورة عدم التدخل في عمل الأزهر سواء بطريق مباشر أو غير مباشر من الداخل أو الخارج لأن ذلك الأمر سيسئ إلي الدعوة الذي لم تعرف مصر كقبلة للعلم الديني في العالم الإسلامي خاصة والعالم عامة إلا به . ولذلك يجب أن تنأي الحكومة بنفسها عن ذلك وتترك الأزهر وجامعته للأزهريين ولها حق الإشراف العام بما لا يضر بالمصلحة العليا للأزهر ودون اللجوء لقرارات سيادية بشأن الأزهر جامعاً وجامعة . فهو جهة دينية وعلمية وليس وزارة حكومية تدار بقرارات سيادية. فالوصايا علي الأزهر أمر مرفوض لأنها تعمل علي تقويض دور الأزهر وحجب لرسالته ودوره العالمي في نشر الإسلام وتخريج علماء ومفكرين وأطباء ومهندسين متسلحين بالعلم الديني النافع إلي جانب العلم الدنيوي. وإن الأزهر الشريف في تاريخه يشارك القاهرة في تاريخها عاش مع العاصمة القاهرة أحداث تاريخها ازدهاراً وانكساراً. وشاركها النضال والكفاح من أجل الحفاظ علي الهوية الإسلامية ومن أجل الحفاظ علي الدين الإسلامي واللغة العربية والحضارة الإسلامية. ولقد كان ولا يزال موئلاً وملاذاً للأمة. تلجأ إليه وقت الشدائد فتجده الركن الحصين والحصن الركين يأخذ بيدها ويقيلها من عثرتها. كما تلجأ إليه في وقت الرخاء تنهل من علومه وفكره وثقافته وتجد عند رجاله الرأي والمشورة والفتوي والوسطية. ولقد حافظت مصر في أيامنا هذه علي قدر الأزهر وقدرت مكانته بالنسبة لها وبالنسبة للأمة الإسلامية. ليقوم بدوره الرائد دفاعاً عن الإسلام والمسلمين فالعالم الإسلامي كله يتطلع للأزهر يستمد من علمه وعلمائه الرأي والمشورة. ويهوي إليه الطلاب والباحثون من كل أنحاء العالم ينهلون من علومه ويتفيئون ظلال الفكر الرشيد والكلمة الطيبة ليعودوا إلي بلادهم سفراء لأزهرهم وأزهرنا. لينشروا العلم والخير والسماحة والاعتدال. تغيير الواقع الأزهري من جانبه يقول الشيخ محمود عاشور وكيل الأزهر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية إنه من الخطأ النظر إلي الأزهر ومؤسساته باعتبارها مؤسسات دينية مصرية بل هي مؤسسة عالمية ذات رسالة وقيادة فقد كان شيخ الأزهر في وقت من الأوقات ¢تونسياً مسلماً¢. هو الشيخ ¢الخضر حسين¢ كما أن مجمع البحوث الإسلامية يفترض فيه أن يضم 10% من نسبة أعضائه من علماء العالم الإسلامي. من هنا. فمن الضروري العودة إلي المناهج الإسلامية القديمة. بل إلي جامعة الأزهر القديمة التي كانت تضم كليات الشريعة والقانون. واللغة العربية. وأصول الدين. مع ضم كليتي الدعوة والدراسات الإسلامية إليها لتخريج داعية قادرا علي تبليغ الرسالة وأداء الأمانة. وفقاً لسماحة الإسلام واعتداله ووسطيته. أما الكليات العلمية الحديثة فلا مانع من تجميعها في كيان واحد تحت إشراف الأزهر الشريف. إن الأزهر قديماً وعلي مر العصور كان رمزاً للاعتدال والوسطية. وكان الجميع يرجعون إليه في كل أمورهم الدينية والدنيوية. ولكنه في الوقت الحاضر لم يعد له هذه المكانة. وهذا يدعونا جميعاً - علماء ومتلقي علم - إلي وقفة جادة لاستعادة تلك المكانة وذلك الدور المفقود. يضيف الشيخ عاشور أن إصلاح الأزهر الحقيقي يجب أن ينطلق في كافة الاتجاهات خاصة التعليم الجامعي من ناحية ومجمع البحوث الإسلامية من ناحية أخري.وهنا يجب الاعتراف بأن الأزهر جامعة وجامعاً - يعاني حالياً مشكلات خطيرة نتيجة عشوائية إنشاء بعض كلياته. فضلاً عن تراجع مستوي خريجه وتدني ثقافته الدينية. وهذا الأمر لا يمكن قبوله أو التهاون فيه فالأزهر هو حصن الإسلام وقلبه النابض الذي يخفق بالوسطية والاعتدال منذ إنشائه.وهو الأمر الذي يفطن إليه فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب شيخ الأزهر جيداً ويحاول تغيير الواقع الأزهري الحالي بتنفيذ حزمة من الإصلاحات تعود بالأزهر إلي سابق عهده وتعيد هيبته العالمية وعلي الجميع مساعدته في ذلك بدلاً من الهجوم عليه. وعلي مستوي مجمع البحوث لايستطيع أحد إنكار أن شيخ الأزهر يحاول جاهداً إعادة عالميته والتغلب علي صبغة المحلية التي لازمته فترة طويلة . وذلك من خلال مشاركة العلماء من دول العالم الإسلامي بما يضمن له الريادة في العالم الإسلامي. وهناك محاولات جادة للعمل علي إعادة المجمع لمكانته العالمية. واستعادة دوره المفقود. وتبوّء الصدارة في حياة الأمة الإسلامية. ذلك أن المجمع هو روح الأزهر وعموده الفقري. ولا ينبغي أن يتوقف دوره عند مهمة فحص الكتب وبيان الرأي فيها.. فتلك جزئية صغيرة جداً من بين مهمامه الجسام التي تشمل ضمن ما تشمل متابعة مناهج الدراسات الإسلامية بمعاهد الأزهر وجامعته. والعمل علي استمرار تطويرها لضمان تخريج أجيال جديدة من الدعاة تُحسن فهم الإسلام وتقدمه للناس في صورته الحقيقية السمحة المعتدلة الاستقلال المادي يؤكد د.جعفر عبد السلام الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية أن قوة الأزهر ليس في مبناه كمؤسسة علي أرض مصر. وإنما في انتشار خريجيهپ في جميع أنحاء العالم. ودورهم الديني والسياسي. حيث أن بعضهم وصل إلي مناصب كبيرة.پ ويشاركون بفاعلية في صناعة القرار السياسي. وإن العمل علي تكملة مسيرة الإصلاح التي يقودها شيخ الأزهر وتحقيق الاستقلال الكامل للأزهر تبدأ من استقلاله المادي عن الدولة فعندما كانت الأوقاف الخاصة بالأزهر ملكا له كان له كلمة مسموعة لأنه كان مستقلا ماديا. وكان يعتبر المؤسسة الأم للمجتمع. أما عندما فقد الأزهر استقلاله المادي صار مؤسسة حكومية. وعندما كانت الأوقاف بعيدة عن سلطان الدولة. وكان للأزهر سلطان علي أوقافه. عظمت الأمة. وحجمت الدولة. ولكن جاء محمد علي ليعظم الدولة علي الأمة. فصادر الأوقاف. وجعل الإنفاق علي المساجد من الدولة.ولذلك فإنه يجب العمل علي استعادة أوقاف الأزهر كخطوة أساسية في استقلال المؤسسة الأزهرية. لأن سيطرة الأزهر علي أوقافه سيطرة كاملة ستسمح له بالاستقلال المادي وستؤثر بشكل إيجابي علي أداء الأزهر ودوره كاملا. خاصة مع الطلاب الوافدين من مختلف بلدان العالم.فأوقاف الأزهر كانت تتكفل بالإنفاق علي طلابه. دون حاجة إلي إنفاق حكومي كما هو الحال الآن. واستعادة هذه الأوقاف سيؤدي إلي إصلاح مؤسسة الأزهر بشكلي عام لأنها لن تهتم إلا بإصلاح العلماء. والدليل علي ذلك أن الأزهر كان له الريادة علي مستوي العالم في العصور الماضية عندما كان العلماء يتقاضون رواتبهم من أموال الوقف. وعندما كانت المؤسسات الدعوية كلها يُنفق عليها من تلك الأموال. ولكن عندما أصبح الأزهر وعلماؤه يتبعان الحكومة انقلبت الأوضاع وتأخَّر الأزهر. ولذلك نحن ندعو إلي ضرورة استقلال علماء الأزهر. ويجب العمل علي ضرورة استرداد الأزهر لجميع أوقافه الموجودة لدي وزارات المالية والأوقاف والإصلاح الزراعي. بحيث يكون الأزهر حر التصرف فيها. ويجب التأكيد علي أن التدهور العلمي والتراجع العملي لوظائف الأزهر الشريف في المجتمع المصري والعالم الإسلامي بأسره يؤكد الحاجة الماسة إلي إصلاح الأزهر بكافة قطاعاته إصلاحًا جذريًا. وتحقيق استقلاله استقلالا حقيقياً.