هنعرف أمتى الحكومة السرية الجديدة، ساويرس يتساءل عن موعد إعلان التشكيل الوزاري    تشكيل الحكومة الجديدة.. تدخل برلماني لتحديد معايير اختيار الوزراء والمحافظين الجدد    «التضامن» تقرر توفيق أوضاع 3 جمعيات ب 3 محافظات    إلغاء الأدبي والعلمي.. تفاصيل نظام الثانوية الجديد وموعد تطبيقه    اليوم.. "إسكان الشيوخ" تعقد 7 اجتماعات بشأن مشروعات طرق    مدبولي: خطة زمنية تتم متابعتها أسبوعيا لأعمال الإخلاء والتعويضات بجزيرة الوراق    وزيرة البيئة: إطلاق مركز التميز الأفريقي للمرونة والتكيف بالقاهرة خلال 2024    الإسكان: خزان استراتيجي لتحسين ضغط المياه شرق مدينة الشروق    تعرف على توصيات «الشيوخ» بشأن الذكاء الأصطناعي وفرص العمل    عرض حلول تحديد الهوية بمؤتمر الأمن السيبراني .. تفاصيل    رحلات بيئية لوادي الجمال وجبل علبة للتوعية بأهمية المحميات الطبيعية    الشركة القابضة المصرية الكويتية تعلن عودة الغاز إلى مصانع الأسمدة التابعة    عاشور: الانتهاء من تصميم سيارة كهربائية بالكامل.. وبدء عمليات التصنيع الفعلي    مفتي الجمهورية: الكيان الإسرائيلي يرتكب إبادة جماعية مكتملة الأركان على مرأى ومسمع من العالم    مجلس التعاون الخليجي: الهجوم الإسرائيلي على مخيم النصيرات جريمة نكراء استهدفت الأبرياء العزل في غزة    أوقفوا الدعم العسكرى لإسرائيل.. آلاف المتظاهرين فى محيط البيت الأبيض يدعمون فلسطين بحمل لافتات تصف بايدن بالكذاب    عضو ب«النواب»: قصف الاحتلال الإسرائيلي مخيم النصيرات انتهاك صارخ لكل القوانين    حزب الله يستهدف موقع الرمثا الإسرائيلي في تلال كفر شوبا اللبنانية المحتلة    «البحرية البريطانية» تعلن وقوع حادث على بعد 70 ميلا جنوب غربي عدن اليمنية    مقررة أممية: إسرائيل استغلت قضية الأسرى لإضفاء شرعية على قتل الفلسطينيين    الذكاء الاصطناعي يفجر مفاجأة حول الفائز بلقب يورو 2024    عدلي القيعي يكشف شعبية الأهلي في مصر ب إحصائية رقمية    مواجهات أفريقية قوية.. مواعيد مباريات اليوم الأحد    دي لا فوينتي: أستخدم بيدري بشكل مختلف عن برشلونة    استخراج جثة شاب من «هويس أبو علي» بسمنود بعد يومين من غرقه بالغربية    تبدأ خلال ساعات.. انخفاض الحرارة على هذه المحافظات الأيام المقبلة    لمدة أسبوعين.. موعد بدء تلقي تظلمات الشهادة الإعدادية في مطروح    1824 طالبا يؤدون امتحانات الثانوية العامة ب10 لجان في الوادي الجديد    نيابة بورسعيد تُصدر قرارًا هامًا بشأن «سفاح التجمع»    «الداخلية»: ضبط 552 مخالفة عدم ارتداء الخوذة وسحب 1334 رخصة خلال 24 ساعة    محافظ شمال سيناء يودع حجاج قرعة الجمعيات الأهلية    بقيمة 20 مليون جنيه..ضبط أسلحة نارية ومخدرات بحوزة بؤرة إجرامية بالبحيرة    أول بلاغ للنائب العام ضد عمرو دياب بعد صفع معجب بالقلم    فيلم اللعب مع العيال، القصة والأبطال وموعد طرحه في السينمات بموسم عيد الأضحى    حنان ترك تتصدر التريند بسبب ابنتها.. ما القصة؟    الموت يفجع الفنان محمد نجاتي    «مع بدء طرح أفلام العيد».. 4 أفلام مهددة بالسحب من السينمات    عالم أزهري يوضح فضل الأيام العشر الأوائل من ذي الحجة وكيفية اغتنامها    3 طرق صحيحة لأداء مناسك الحج.. اعرف الفرق بين الإفراد والقِران والتمتع    «الإفتاء» توضح أعمال يوم النحر للحاج وغير الحاج.. «حتى تكتمل الشعائر»    أستاذ صحة عامة: التعرض لأشعة الشمس هذه الأيام خطر    الصحة توقع خطاب نوايا مع استيلاس فارما لرفع الوعي بالكشف المبكر عن الأورام السرطانية    "معلومات الوزراء":مشروع الجينوم المصري في مرحلة المهد وسيحدث طفرة بكافة المجالات    تأثير ارتفاع درجة حرارة الجو على الإنسان.. تؤدي إلى مضاعفات خطيرة    هذه الأبراج يُوصف رجالها بأنهم الأكثر نكدية: ابتعدي عنهم قدر الإمكان    نجم الزمالك السابق يرد.. هل أخطأ حسام حسن بمشاركة الشناوي؟    اليوم.. جمعية الفيلم تقيم تأبينًا ل صلاح السعدني وعصام الشماع ونادر عدلي    من تعليق المعاهدات إلى حرب «البالونات» الأزمة الكورية تتخذ منعطفًا خطيرًا    أمير هشام: كولر يعطل صفقة يوسف أيمن رغم اتفاقه مع الأهلي ويتمسك بضم العسقلاني    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    ماذا قالت سيدة التوقعات مع عمرو أديب عن العوضي وياسمين عبد العزيز وأمل ماهر وشيرين؟ (فيديو)    النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام والفاشية
نشر في عقيدتي يوم 19 - 11 - 2013

جلس الشاب المصري القادم من ألمانيا للحديث عن الفاشية الإسلامية - بكل عنجهية وغرور - أمام كاميرات التليفزيون يستعرض ما لديه من معلومات عن الإسلام استقاها من فكر معاد متعصب. لا يري إلا معتقده ولا يؤمن إلا بما حشر في رأسه من أفكار. جلس ذلك الفتي ناسياً مصريته وناسياً معتقداته التي ما حاول أن يدعمها بالقراءة حتي يعرف ما ينبغي أن يتحدث عنه. قال الشاب إن الإسلام دين الفاشية يجبر الناس علي اعتناقه ويطرد غير المؤمنين به ولا يتعامل مع الآخر إلا من موقع السلطة والهيمنة. هذا الحديث ليس بجديد إنما هو لغة منتشرة في الغرب الآن علي لسان بعض مفكريه وحكامه بهدف تخويف شعوبهم من الإسلام وخشية انتشاره. واتساع حلقة المؤمنين به. وتنبيهاً لما قد يظنون بالمسلمين من اتجاههم إلي عداء وكراهية غيرهم من أصحاب الديانات الأخري.
في أغسطس 2006 صرح الرئيس بوش بأن الفاشية الإسلامية لا تتواني عن استخدام أي وسيلة للإضرار بالأمريكيين المحبين للحرية فانتشر هذا المصطلح انتشاراً واسعاً وأضاف في قوله خشيته تحول الفاشية الإسلامية إلي أيديولوجية ثابتة قد تهدد بالاستحواذ علي الشرق الأوسط وأوجب لذلك محاربتها.
وبمناسبة تلك الأقوال نشير باختصار سريع إلي معني الفاشية ونشأتها وسلوكها قبل تنفيذ تلك الأقوال.
نشأت الفاشية في العصر الحديث علي يد موسوليني في إيطاليا سنة 1922 وتلتها ألمانيا علي يد هتلر سنة 1933 وشاع استخدام اللفظ كاصطلاح يهدف إلي الإساءة السياسية للخصوم السياسيين واتهامهم بالديكتاتورية وكراهية الديمقراطية.
والحقيقة أن كلمة الفاشي والديكتاتور مترادفان يدلان علي كل من يخرج عن الآراء الليبرالية وما تمثله مؤسساتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية واعتنق موسوليني مؤسس الفاشية في القرن العشرين فكرة أن القوة هي الوسيلة الوحيدة لنظام الحكم. ولا قيمة لإرادة الشعب في ذلك والسلطة التنفيذية هي صاحبة المقام الأول والأهم علي كافة السلطات والانحياز إلي نظام حكم العسكر واضطهاد الأقليات سلوك شائع ومنتشر في الفكر الفاشي.. هذه بعض مظاهر الفاشية والذي يزعم الفتي المتحدث ومن سار علي دربهم أنها ذات منهج الإسلام والمسلمين وأن الإسلام هو باعث الفاشية والديكتاتورية والقضاء علي الأقليات.
فات هؤلاء جميعاً أنه يجب التفرقة بين الإسلام المصفي الإسلام الذي أنزله الله علي نبيه محمد صلي الله عليه وسلم في كتابه الكريم وبين ما عليه المسلمون الآن من ظلم حكامهم وتسلطهم علي شعوبهم وجهل أبنائهم.
ويحضرنا في ذلك قول الأستاذ المعلم جمال الدين الأفغاني حين جلس في حضرة السلطان العثماني ممسكاً بمسبحته يحركها بين أصابعه. فأوغر بعض الجالسين قلب السلطان نحو الأستاذ فخاطبه قائلاً: أتعبث بمسبحتك في مجلسي. فرد عليه جمال الدين: أنت تعبث بقلوب ثلاثين مليوناً من المسلمين. وتستنكر عليّ أن أعبث بثلاثين حبة من مسبحتي. فغضب السلطان وتوجه إليه قائلاً أذهب إلي بلاد الفرنجة لتبشرهم بالإسلام وكان الرد الشافي الكافي من الأستاذ الجليل بأي إسلام أبشر. أبالإسلام الذي أنزله الله علي محمد لقالوا لي أنتم أولي بتطبيقه. أم بالإسلام الذي عليه المسلمون الآن لقالوا لي نحن في غني عنه. نعم نحن أولي بتطبيق الإسلام الذي أنزله الله علي محمد حتي نكون جديرين بأن ننتسب إليه وذلك فإن أحوال المسلمين وسلوك حكامهم لا صلة لها بالإسلام ولا علاقة لها به. ومن هنا جاء اتهام الغربيين ومن يواليهم للإسلام بأنه دين فاشي لأنهم لم يعرفوا أن الإسلام دين الإنسانية جاء للرقي بها والنهوض بالإنسان ودفعه إلي تحقيق خلافة الله في الأرض الواردة في قوله تعالي: "إني جاعل في الأرض خليفة". وخلافة الله لا تكون بالاستبداد والقهر وبث روح القطيع في نفوس البشر. إنما الخلافة تكون بتحقيق العدل ونشر الحب وبإعمال العقل والتفكير ومن ثم فلا مجال لسيطرة فئة علي فئة وتمييزها عن غيرها من الفئات الأخري. إنما الناس متساوون كأسنان المشط. لا فضل لعربي علي اعجمي إلا بالتقوي وفقاً لأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي وضع أسس نظام الحكم القائم علي الشوري وتداول الأمر وفقاً للآيات المحكمات "وشاورهم في الأمر" "وأمرهم شوري بينهم" وكان صلي الله عليه وسلم يأخذ رأي الناس في شئون حياتهم وفيما لم يتصل بأمور العقيدة. وترك الأمر من بعده للمسلمين يختارون من يحكمهم ولم يحدد واحداً من أصحابه وبهذا فإن تنصيب الحاكم منوط باختيار الأمة غير خاضع لقوة أو لمن له السيطرة. فقد كان الأنصار أكثر عدداً ومالاً من المهاجرين والغرباء عن المدينة والآخرون هم أصحاب الدار والديار إلا أن جمهور المسلمين اختاروا أبا بكر المهاجر حاكماً لهم وهو ما اتفق عليه الأنصار والمهاجرون. ومن ثم فلا مكان للقوة وإن كانت مسلحة إنما الحق والحق وحده هو القوة التي يستند إليها الحكم في النظام الإسلامي.
وفي الإسلام الناس سواسية كأسنان المشط يذكرهم النبي صلي الله عليه وسلم دائماً بأنهم كلهم لآدم وآدم من تراب كما يقرر القرآن الكريم في آيات كثيرة أن البشرية من أصل واحد "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء" سورة النساء "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير" سورة الحجرات.. فلا تمييز لأحد من البشر علي آخر فأين هذه المبادئ مما قامت عليه الفاشية. ويقولون إن الفاشية بها اضطهاد للأقليات ولا يمكن القول بأن الإسلام فيه مثل ذلك قال تعالي: "قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون" سورة آل عمران.. هذه دعوة مهذبة رقيقة من المسلمين إلي غير المسلمين فإن اتفق الفريقان فلا فراق ولا قتال ولا بغضاء. ولكن يشهد الفريق الآخر بأن هؤلاء مسلمون. وقوله "ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن" سورة العنكبوت. فأين الاضطهاد في ذلك. والمبدأ الإنساني الراقي الذي قرره الرسول القائد في قوله "من آذي ذمياً فقد أذاني" والذمي هو من له عهد يتعين الوفاء به في ذمة الأمة الإسلامية. وفي حديث آخر عن غير المسلمين قال صلي الله عليه وسلم لهم ما لنا وعليهم ما علينا. أرايتهم مثل هذا العدل القائم علي حفظ حق الإنسان أيا كان معتقده ودينه.
إن التاريخ يحدثنا أن غير المسلمين من أهل الكتاب لم يروا في تاريخهم حكاماً أعدل من المسلمين ولا أوافق في مراعاتهم والمساواة بينهم. والمسلمون لم يجبروا أحداً من هؤلاء علي الانخراط في جيوشهم للمحاربة معهم وإنما كان المسلمون هم الذين يتحملون عبء الدفاع عن المسيحيين واليهود علي مدي تاريخ الدولة الإسلامية. واضطهاد الرومان الكاثوليك للأقباط الأرثوذكس عمل شائن عان منه المصريين لاختلافهم في المذهب الذي عليه الرومان. والدولة في الإسلام تدار بالمحبة والسلام والرحمة وبعث فضائل الخير والحق في المجتمع. وخاطب الله رسوله في ذلك منبهاً للمسلمين من بعده في قوله تعالي: "فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين" سورة آل عمران.. ولا مجال في الدولة الإسلامية لإكراه الناس عن الإيمان بالإسلام "ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً فأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين" سورة يونس.. هل يوجد في هذه القواعد اضطهاد للأقليات وفرض السيطرة علي عقولهم وأفكارهم. هل في ذلك عداء مستحكم للآخر وكراهية تؤدي للقضاء عليه..!! ليس في الإسلام شيء من ذلك. إنما هو وهم الحقد في عقول وأفكار بعض الغربيين ومن والاهم من الشرقيين المسلمين سببه عدم القراءة المتجردة من كل تحيز أو كراهية. إن بعضاً منهم يرغب في شهرة ينالها بالهجوم علي الأديان وإلصاق الافتراءات والأكاذيب لتسمع أصواتهم وتنتشر أفكارهم فيشبعون رغبة تنتابهم في حب الظهور والخيلاء. وبعض آخر أعمته الكراهية لشعوب يرغب في السيطرة عليها واستغلالها واستمرار بغيه وطغيانه عليها فلا يجد أمامه سوي الهجوم علي الإسلام بغرض تحقير المسلمين ويجعل عداءه للشعوب الإسلامية سبباً في عدائه للإسلام البريء من أفعال المسلمين والضحية لأعدائه. فهل يمكن أن يفيئ المقلدون المسلمون إلي ما في دينهم من قواعد التقدم والتحضر فيكونون نداً لهم.
وهناك فئة لا تفكر بعقولها قدر ما تفكر بآذانها تسمع الانتقادات فترددها دون وعي أو إدراك ولا تميز بين الغث والسمين ومنهم ذلك المتحدث في القنوات التي فتحت له بخبث ومكر ليخرج ما في جوفه دون أن تستضيف تلك القنوات من يمكنه توضيح الأمر للمشاهد أو علي الأقل لعرض الرأي والرأي الآخر ليقف الباحثون عن الحقيقة علي ما في الإسلام من قواعد التقدم والتحضر والنهوض بالإنسان وتكريمه تحقيقاً لقول الله تعالي: "لقد كرمنا بني آدم". هذه كلمة أردنا أن نرد بها علي بعض كارهي الحق ومحبي الفتنة والسائرين في دروب الشهرة علي حساب الحقيقة ولو كانت واضحة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.