أواصل معكم الحديث عن المهاجرين الاوائل وأتوقف أمام كون معظمنا بكل أسف غير صادق النية ابن هلال ابن عبد الله ابن عمر ابن مخزوم.وكانت هجرته إلي المدينة قبل بيعة العقبة بسنة. في هذه الرواية. حين آذته قريش مرجعه من الحبشة."أي أنه هاجر إلي الحبشة. ثم عاد إلي مكة. فآذته قريش. فعزم علي الرجوع إلي الحبشة. ثم بلغه أن بالمدينة لهم إخوانا. فعزم إليها. وخرج إلي المدينة مهاجرا. الحديث صحيح بمعناه. لأن الإمام مسلم رحمه الله تعالي روي في صحيحه حديثا عن أم سلمة أم المؤمنين. زوج سيد النبيين صلي الله عليه وعلي آله وسلم فيه: قالت أم سلمة. لما مات أبو سلمة:وأي المسلمين خير من أبي سلمة. عندما قال لها النبي وهو يعلمها: اتق الله واصبري. وقولي: إنا لله وإنا إليه راجعون. اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها. فتقول أم سلمة: وأي المسلمين خير من أبي سلمة! ثم قالت رضوان الله عليها. أول بيت هاجر إلي رسول الله. انظر إلي الخيرية عندنا. لم تقل: وأي المسلمين خير من أبي سلمة.. لأنه أغني المسلمين مالا. أو لأنه أكثر المسلمين مالا. أو لأنه أشد قوة. أو لأنه أعظم المسلمين حسبا ونسبا.. لا.. لا. وإنما الخيرية عند أم سلمة تمثلت في أن أبا سلمة أول من هاجر إلي رسول الله! هجرة.. من أعظم الأعمال وأشرف القربات. وأريدك أن تتصور الأمر. لكي لا تعيش معي مجرد معيشة نظرية. بل أريدك أن تتخيل الآن أنك تترك بيتك الذي تسكنه. وتترك امرأتك. وتترك ابنك ثمرة فؤادك وقرة عينك. وتترك مالك. تصور وعش الموقف. لكي تعرف كم ضحي هؤلاء الناس. وكل ما يعنيهم فقط. هو أن تقر عينه برؤية رسول الله. وأن يهاجر إلي رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم. الموضوع كبير جدا. وليس سهلا كما نتصور أنا وأنت. بل نحن اليوم لو قيل لنا تبرعوا. كل أخ فينا إلا من رحم الله. ينظر هل يخرج الخمسة جنيهات أم العشرة. إذا كانت العشرة يقول لا.. لا..أدخلي لا زال وقتك لم يأت. سبحان الله. هؤلاء تركوا المال. كل المال. والزوجة؟ في طريق الهجرة. لا.. تبقي الزوجة.. والأبن؟.. يبقي الابن!.. ولا يترك الدين. بل اقولها صراحة ¢معظمنا بكاش¢ إنما لو صدقت ونظرت إلي حالنا وأحوال هؤلاء الصادقين. لرأيت بونا شاسعا. وأين نور السهي من شمس الضحي وأين الثري من الثريا.. وأين الأرض من كواكب الجوزاء. هؤلاء قمم في سماء البذل. نجوم في سماء التضحية. كواكب تتلألأ في سماء العطاء. أصحاب رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم.. تقول أم سلمة: يقول لها رسول الله: استرجعي. أي قولي إنا لله وإنا إليه راجعون. وتضرعي إلي الله أن يعوضك خيرا من أبي سلمة. قالت: وأي المسلمين خير من أبي سلمة! تقول: غير أني قلت ما أمرني به رسول الله. فعوضها الله خيرا من أبي سلمة. رزقها رسول الله. لم يخطر ببالها إطلاقا أن تصبح يوما زوجا لخير رجل عرفته الأرض ولأطهر بشر مشي بين البشر صلي الله عليه وعلي آله وسلم بل ما خطر ببالها أن تكون زوجا لدرة تاج الجنس البشري كله صلي الله عليه وعلي آله وسلم پتقول: أي المسلمين خير من ابي سلمة. أول بيت هاجر إلي رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وسلم قال ابن إسحاق: حدثني ابي عن سلمة إبن عبد الله ابن عمر ابن أبي سلمة عن جدته أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم پ "والصواب والله أعلم. وقفة مع السند بسرعة جدا. ابن إسحاق يقول حدثني ابي عن سلمة ابن عبد الله ابن عمر ابن ابي سلمة. والصواب: حدثني أبي عن سلمة ابن عمر. بدون ¢عبدالله ابن عمر¢.. فالراجح أن عمر ابن ابي سلمة ليس في بنيه ذكر لعبد الله. وسلمة معدود في الطبقة الثالثة. ولو كانت أم سلمة رضي الله عنها جدة لأبيه. لعد في أتباع التابعين وما عد في الطبقة الثالثة. فالراجح: حدثني أبي عن سلمة إبن عمر ابن ابي سلمة رضي الله عنهم جميعا پوسلمة وثقه ابن حبان. وروي عنه جماعة من الثقات. لذا فالأثر أثر حسن الإسناد. يقول ابن إسحاق: حدثني ابي عن سلمة ابن عمر ابن ابي سلمة عن جدته أم سلمة زوج النبي صلي الله عليه وعلي آله وسلم قالت: لما أجمع أبو سلمة الخروج إلي المدينة. رحل لي بعيرة... أي أعد الرحل علي البعير. "وهذه قصة من أعذب القصص في الهجرة. شيء عجيب".. ثم حملني عليه. وجعل معي إبني سلمة ابن ابي سلمة في حجري. ثم خرج "أبو سلمة" يقود بي بعيره. فلما رأته رجال بني المغيرة "وهم رجال أم سلمة"... قاموا إليه. فقالوا: هذه نفسك غلبتنا عليها. "أي أنك صممت علي الإسلام وعلي أن تتبع محمدا صلي الله عليه وعلي آله وسلم وعلي أن تهاجر مرة إلي الحبشة والأخري الي المدينة. فأنت وشانك. أنت حر" أرأيت صاحبتنا هذه "اي ابنتنا هذه أم سلمة" علام نتركك تسير بها في البلاد؟ قالت: فنزعوا خطام البعير من يده وأخذوني منه. قالت: فغضب عند ذلك بنو الأسد "قوم ابي سلمة".. رهط ابي سلمة. فقالوا: والله لا نترك ابننا عندها أبدا."يقصدون حفيدهم سلمة".إذ نزعتموها من صاحبنا. قالت: فتجادبوا بني سلمة. قالت: حتي خلعوا ذراعه. وانطلق به بنو عبد الأسد. وحبسني بنو المغيرة عندهم. "أبوسلمة. إبنك قطعت ذراعه. وزوجتك حبست. هلاپ بقيت معهم حتي تحل المشكلة!.. لا.. لا. الهجرة إلي رسول الله. الهجرة!" ابنه خلعت يده!... لا دينه أغلا. ممكن أن يستكثر بعض الإخوان هذا الآن... فيقول لنفسه: هؤلاء الصحابة كانوا يبالغون... لماذا تقول ذلك ؟.. لأنك لم تذق طعم الإيمان الذي ذاق طعمه أصحاب النبي!.... هذه هي القضية.