¢في صبيحة يوم السادس من أكتوبر من كل عام تصر أمي التي بلغت السبعين عاما من عمرها علي جمعنا كلنا حيث تتأملنا قبل أن تأخذ في البكاء وهي تتذكر الحرب التي شنها علينا المصريون وتسببت في بث الذعر في قلب كل اسرائيلي ¢ هكذا كتبت المهندسة الإسرائيلية طالي وهي تعلق علي تقرير نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت بمناسبة مرور 40 عاما علي حرب اكتوبر. وفي تقرير هو الأول من نوعه حول حرب اكتوبر قالت صحيفة يديعوت أحرونوت أن شهادة رئيسة الوزراء جولدا مائير في لجنة اجرانت كشفت عن حجم البلبلة التي سادت الإجتماعات الإسرائيلية عقب الضربة المصرية السورية لاسرائيل لدرجة أن الإجتماعات الأولية التي تم عقدها لتقييم الموقف شهدت صرخات ودموع الكثير من القادة والسياسيين الإسرائيليين الذين عجزوا عن كبح جماح ذعرهم وخوفهم من تداعيات الحرب المصرية السورية علي اسرائيل. وأضاف التقرير أن رئيس الموساد وقتها تسيفي زاعيرا سافر ليلة السادس من أكتوبر للقاء أحد الجواسيس المهمين - أشرف مروان - والذي أبلغه أن مصر ستحارب خلال ساعات قلائل وبالفعل أبلغ رئيس الموساد رؤساء الأجهزة الأمنية بالمعلومة ولكن جولدا مائير وبسبب موقفها المسبق ضد الجاسوس المصري وشعورها بأنه يخدعهم رفضت تصديق تلك المعلومة ... وفي التحقيقات التي أجرتها لجنة أجرانت اتهمت مائير رئيس الموساد بأنه خدعها ولم يصر علي كون المعلومات التي وصلته من عميله صحيحة وإلا لكانت اسرائيل قد استعدت جيدا. وفي مبادرة هي الإولي من نوعها طرح موقع واللا الإليكتروني سؤالا علي عدد من قيادات الشعب الإسرائيلي مفادها : ما حال اسرائيل اليوم لو لم تقم حرب اكتوبر ولم تتعرض اسرائيل لتلك الهزيمة القاسية؟ وفي رده علي السؤال قال ابراهام بورج رئيس الكنيست السابق أن الشعب الإسرائيلي كان سيحيا حياة بدون ألم سنوي فالكل يعلم أن ذكري حرب أكتوبر تصيب كل اسرائيلي بحالة من الهلع التي لا يستطيع أحد إنكارها ولو لم تهزم اسرائيل لكنا اليوم نحيا حياة لاهية دون مصائب ولابد أن نعترف أن اسرائيل أيضا فقدت بسبب حرب اكتوبر المشروع الأهم في تاريخها وهو مشروع الحلم الصهيوني الكبير وفور نجاح القوات المصرية في اجتياح خط بارليف فإن الحلم الصهيوني اختفي من الخطط الإستراتيجية الإسرائيلية إلي الأبد ولو لم تقم الحرب لكانت اسرائيل اليوم تحيا هذا الحلم خاصة في ظل التطورات العالمية التي شهدها العالم في التسعينيات واختفاء الإتحاد السوفيتي وكون أمريكاپپحليفتنا الأقرب هي القوة العظمي الوحيدة في العالم. أطرف ما كتبه الإسرائيليون بمناسبة ذكري حرب اكتوبر ما كتبه المحلل السياسي بصحيفة هآرتس تسيفي مازئيل والذي طالب حكومة نتنياهو بالضغط علي مصر للتقليل من إطلاق اسم أكتوبر علي الشوارع والميادين في مصر حيث قال أن كل مكان في مصر أصبح يذكر الإسرائيليين بحرب اكتوبر فهناك مدينة كاملة باسم اكتوبر بل وأحياء وأندية وشوارع ومدارس ومطاعم بل حتي علي مستوي الحارات الصغيرة هناك حارات باسم اكتوبر ليس هذا فحسب بل إن وصف العبور - بحسب مازئيل - يطلق علي كثير من الأماكن في مصر فهناك مدينة العبور وهناك عمارات العبور وهكذا رغم أن هناك اتفاقية سلام تربط بين مصر واسرائيل ولهذا لابد من تقليل استخدام تلك الأسماء ولابد من تدخل الحكومة الإسرائيلية والضغط علي مصر من أجل هذا الأمر. نشرت صحيفة ¢يديعوت أحرنوت¢ الإسرائيلية تقريرا عن الذكريات المؤلمة التي عاشها وزراء الحكومة وعلي رأسهم رئيس الوزراء ¢بنيامين نتنياهو¢ مع حرب أكتوبر 1973. وكيف عاشوا تلك الأوقات العصيبة. وبدأ التقرير برئيس الوزراء ¢نتنياهو¢ وكان عمره وقت الحرب 24 عاما. وكان عائدا من دراسته في الولاياتالمتحدة. وانضم وقتها لوحدة ¢سياريت متكال¢ والتي اتجهت مباشرة لقتال الجيش المصري في سيناء. وقامت ببعض العمليات الخاصة ضد الجيش المصري. ومن خلال الصعوبات القاسية التي واجهها نتنياهو فقد أيقن حقيقة واضحة دائما ما يرددها. وهي ¢قوة إسرائيل هي المفتاح الرئيسي لاستمرار وجودها¢. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي ¢موشية يعالون¢ جندي احتياط يبلغ من العمر 23 عاما وقت حرب أكتوبر. وقال كنت في المنزل عندما سمعت رسالة استدعاء الاحتياط عبر الراديو. ولم أصدق أن الحرب ستقوم. لكن بعد ذلك تحول الأمر إلي كابوس بالنسبة لي. ويكشف وزير الدفاع الإسرائيلي أنه لم يكن يتوقع أبدا أن يكون ضابطا بالجيش ولم يكن يحب الحياة العسكرية. وكان يضع خططاً أخري لنفسه. وشعرت وقتها بحالة خوف غريبة مثل تلك التي انتابت جميع الإسرائيليين الذي فوجئوا بما حدث من الجيشين المصري والسوري. حيث كان الجميع بعد حرب الأيام الستة "نكسة يونيو 1967" يعتقد أن اسرائيل أصبحت في أمان. لكن الموقف تغير وشعر الجميع بعجز وقلة حيلة. أما وزير التعليم ¢شاي بيرون¢ فكان عمره وقت الحرب 8 سنوات ويدرس في مدرسة ابتدائية. ويقول إنه يتذكر كل شئ عنها. وشعرت وقتها بخوف شديد وأيقنت أننا في خطر من حديث أمي عما يجري. ورأيتها تصرخ وتبكي بعد أن سمعت في الراديو أن المصريين يشنون حربا ضد إسرائيل. ويضيف بيرون أنه تذكر وقتها النكات التي كان يطلقها التليفزيون علي مصر وإسرائيل والسخرية من الجيوش العربية. والتي كان يصدقها ويرددها الأطفال. لكن وقت الحرب اختلف الموقف تماما. أما وزيرة العدل ¢تسيفي ليفني¢ فكان عمرها 15 عاما إبان حرب أكتوبر 1973 ومازالت طالبة في الثانوية. وتقول إنها كانت خارج المنزل وسمعت إحدي صديقاتها تخبرها أن ¢الحرب بدأت¢ والمصريون هاجموا سيناء. فاعتقدت في البداية أنها إشاعة. لكن عندما عادت إلي المنزل ووجدت جميع الجيران في حالة انهيار وذهول مما يجري. وعندها تأكدت أن الحرب ليست إشاعة ولكنها حقيقة. وأضافت ليفني أنها توجهت إلي الراديو مذعورة. وسمعت الأخبار التي تؤكد نجاح المصريين والسوريين في الهجوم. كما رأت الحزن علي وجوه أسرتها. وكانت نظرات الرعب والخوف تطل من عيون الجميع. ومنذ ذلك الوقت قررت تسيفي ليفني أن تعمل علي مساعدة اسرائيل لعدم حدوث حرب أخري وأن تري الخوف والهلع في عيون الجميع مجددا. فقررت الانضمام إلي المخابرات الإسرائيلية. والعمل بكل قوة علي حماية إسرائيل. ولم تكن ¢ليمور ليفنت¢ وزيرة الرياضة والثقافة بأفضل حالا من ليفني في حالة الهلع والخوف التي انتابتها يوم 6 أكتوبر 73. ورغم أنها كانت أكبر سنا 23عاما وكانت تعيش بالخارج وقتها إلا أنها لم تتجنب القلق. وتشير إلي أنها كانت تعمل بإحدي السفارات الإسرائيلية بالخارج. وفي هذا اليوم كنت أتناول الغداء مع بعض الزملاء وجاءنا أحد مسئولي المخابرات ليخبرنا بضرورة توخي الحذر لأن هناك احتمالاً أن تقوم حرب. ولم يمنحنا أية تفاصيل. ويبدو أنهم لم يكونوا يدركوا الموقف بالكامل لأن الحرب قامت بالفعل. وأصبح الموقف مؤلما جدا . وتؤكد الوزيرة الإسرائيلية أن لا أحد في السفارة أو الخارجية كان يستطيع أن يتخيل أو حتي يفكر في احتمال نشوب حرب مع مصر وسوريا في هذا الوقت. وكانت تقديرات الجميع خاطئة. وفوجئنا بالحرب وعشنا أوقاتا صعبة وكنا دائما في رعب وخوف هائلين مشيرة إلي أن حرب أكتوبر كان أسوأ موقف مر عليها في حياتها. بل وأسوأ وقت في تاريخ اسرائيل.