الداعية الإسلامية الشهيرة الدكتورة عبلة الكحلاوي العميدة السابقة لكلية الدراسات الإسلامية والشهيرة لدي جماهير الفضائيات ب"ماما عبلة" من المجاهدات بحق في سبيل الدعوة ولهذا حرصت وهي "أم الثلاث بنات" أن تعدهن للدعوة حتي وإن لم يكن أزهريات لأنها تري أنهن ثروتها وسندها في الحياة بعد الله ودار بيننا وبينها وبين بناتها هذا الحوار: * هل حرصت علي أن تسلك إحدي بناتك مجال الدعوة مثلك؟ ** قالت الدكتورة عبلة: العمل في مجال الدعوة الإسلامية شرف لمن أراد الله بها خيرا ويكفيها شرفا في الدنيا والآخرة أن تكون من ورثة الأنبياء لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: "إن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم. فمن أخذ به أخذ بحظ وافر". وقالت: تحمل هذه الرسالة العظيمة والسامية ليست قاصرة علي الأزهريات وإنما يمكن أن تثقف الواحدة نفسها في العلوم الشرعية والعربية وتلتحق بالعمل الدعوي وأذكر أن هذا ما تم معي حيث لم أكن أزهرية أصلا وإنما حصلت علي شهادة الثانوية العامة بل دخلت كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة حيث كانت أمنيتي الأولي أن أمثل مصر في الخارج من خلال العمل في السلك الدبلوماسي ولم يكن يخطر ببالي أن أكون داعية إسلامية رغم أننا كنا نمارس العمل الخيري عمليا من خلال والدي الفنان محمد الكحلاوي الذيكان عاشقا للفقراءوالمساكين وكان محبا للدعوة الإسلامية لهذا طلب مني التحويل من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة إلي كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر وقد استجبت لرغبة والدي وإصراره علي التحاقي بالأزهر غيرت مجري حياتي فكان كرم الله وفضله علي عظيما لدرجة لا يتصورها أحد فقد من الله علي بالتفوق وانشراح الصدر وطلاقة اللسان وفصاحته حتي أنني أصبحت مسئولة اتحاد الطالبات وكنت أدعي لإلقاء المحاضرات في الداخل والخارج وأنا مازلت طالبة أزهرية لم يمر علي دراستي للعلوم الدينية لأول مرة سوي سنوات معدودات. * ما هي المباديء التي حرصت علي تربية بناتك عليها؟ ** أنا ديمقراطية جدا ولهذا اتفقت مع زوجي الراحل اللواء مهندس محمد ياسين بسيوني أن نعطي الفرصة لبناتنا الثلاثة "مروة وردينا وهبة الله" في اختيار ما يحبون دراسته ولهذا لم أجبر بناتي علي هذا الاتجاه وإن كانت ابنتي الوسطي "رودينا" قد ورثت هذا الدور بلا قصد منها حيث وجدت نفسها تلقائيا تقوم بهذا الدور الدعوي بحكم موقعها في المجتمعات غير الإسلامية لأنها زوجة الدبلوماسي خالد عمران الذي مثل مصر في العديد من الدول غير الإسلامية وخاصة في أفريقيا وكان الله أراد أن يعوضني أنا شخصيا عما كانت أرغب في تحقيقه من الالتحاق بالسلك الدبلوماسي أيام كنت في الجامعة وحرصت في تربية بناتي علي حرية الرأي والاختيار مع تحمل المسئولية عن هذه الحرية وهذا الاختيار وأن يتحلين بالصبر فهو أنجح سلاح في الحياة وكذلك حرصت علي جذبهم عمليا وبشكل مباشر إلي حب العمل الخيري الذي تربيت عليه لإيماني الشديد بقول الرسول صلي الله عليه وسلم "خير الناس أنفعهم للناس" وقوله صلي الله عليه وسلم: أحب الأعمال إلي الله عز وجل سرور تدخله علي مسلم أوتكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا. ولئن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد شهر وكذلك إيماني الشديد بمقولة "ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط" وقد ترجمت ذلك عمليا من خلال تأسيسي لجمعية "الباقيات الصالحات" التي تعد منارة خيرية ودعوية في منطقة المقطم وتشترك مع بنك الطعام في مساعدة الفقراء وخاصة في العشوائيات وأحرص علي اصطحاب بناتي معي. اقتصادية تمارس الدعوة التقطت خيط الحديث من الدكتورة عبلة ابنتها "رودينا" الحاصلة علي ماجستير في الاقتصاد وموضوع رسالتها عن "الحلول المقترحة لحل مشكلة مياه النيل مع الدول الأفريقية" وعلي وشك الانتهاء من الدكتوراه وقالت: أنا أعشق العمل الدعوي بالممارسة بالإضافة إلي الدراسة الحرة وليس الأكاديمية حيث تخصصت في دراسة الاقتصاد مع هذا فأنا أمارس الدعوة من خلال شهرة والدتي وكلما أذهب إلي أي مكان وتعرف الحاضرات أنني ابنة الدكتورة عبلة يأتون إلي ويسألونني عن بعض الأحكام الشرعية العامة والتي أعرفها من خلال الاستماع إلي والدتي بشكل مباشر في البيت أو الدروس الدينية في وسائل الإعلام أو المساجد وخاصة مسجد جمعية "الباقيات الصالحات" التي قامت بتأسيسها. وأضافت رودينا: الحمد لله أن سخرني لخدمة الدعوة الإسلامية حتي لو لم أكن أزهرية وإنما أنا خريجة تجارة قسم إدارة أعمال وتسويق ولكن تربيتي في حضن الدكتورة عبلة جعلني داعية بالممارسة وقد استفدت من ذلك أثناء عمل زوجي في سفارات مصر بالخارج وخاصة في تنزانيا والمكسيك وقد شاءت إرادة الله أن أوضح حقيقة الإسلام لغير المسلمات وقد اسلمت بعضهن وقد شجعني ذلك للاتجاه لمجال الدعوة الإسلامية التي حصلت فيها علي درجة الماجستير أيضا من الجامعة الإسلامية الأمريكية المفتوحة وأعد لنيل درجة الدكتوراه وهكذا وجدت نفسي قد دخلت المجال دون توجيه مني بل إنها إرادة الله تعالي ولا راد لمشيئته. أستاذة الإعلام انتقل الحديث إلي الابنة الكبري الدكتورة "مروة" التي قالت: أنا لم أدرس بالأزهر وإنما دخلت التعليم العام وحصلت علي بكالوريوس ثم ماجستير ودكتوراه في الإعلام وأقوم بالتدريس بالجامعة في هذا التخصص وقد عشت فترة في الخارج وخاصة في لندن مع زوجي وأبنائي وكانت النساء أحيانا تسألنني في بعض الأمور البسيطة في الدين وكنت أجيبهم بما أعرفهم والأسئلة التي لا أعرفها كنت اتصل بوالدتي الدكتورة عبلة لمعرفة الإجابة ثم أبلغها لهن. وأوضحت الدكتورة مروة أنها ورثت من أمها حب العمل الخيري ومساعدة الناس من خلال القوافل الإغاثية التي أشارك فيها ونزور المناطق الفقيرة ونقدم لهم ما أنعم الله به علينا بالإضافة إلي اندماجي مع والدتي في جمعية الباقيات الصالحات التي بها ثلاث دور خيرية الأولي للأيتام واسمها "ضناي" والثانية للمسنات واسمهات "أمي" والثالثة للمسنين واسمها "أبي". أما آخر العنقود "هبة الله" فقد درست أيضا في التعليم العام ولم تلتحق الأزهر وتحرص علي ملازمة والدتها في كل محاضراتها ودروسها العلمية لتكوين ثقافة إسلامية لتفيد نفسها وغيرها مستقبلا. وفي النهاية سألنا الدكتورة عبلة مدي رضاها عن مسار بناتها رغم أنهن لم يلتحقن بالأزهر فقالت: الحمد لله أنا راضية جدا حيث شعرت أنهن درسن ما يرغبنه من العلوم العصرية أما الدين من المنظور الوسطي الأزهري فقد جئت به إليهن في البيت وتعرفن عليه من خلالي وأنا لم أبخل عليهن بالمارسة العملية في النشاط الخيري وليس الدعوي فقط لهذا فهن الحمد لله محظوظات حتي وإن لم يرتدن عباءتي الأزهرية.